وكيفَ تَضِلُّ القَصْدَ والحَقُّ واضحٌ ... وللحَقّ، بينَ الصَّالحينَ، سَبيلُ (١)
وفَرّقَ عن بَيْتَيْكَ سعدَ بنَ مالكٍ ... وعَوفًا، وعَمرًا، ما تَشي وتقولُ (٢)
فأنتَ، على الأدنى، شَمالٌ عَرِيّةٌ ... شَآميّةٌ، تَزْوي الوُجوهَ، بَلِيلُ (٣)
وأنتَ على الأقصى صبًا غيرُ قَرَّة ٍ ... تَذاءَبَ منها مُرْزِغٌ ومُسيلُ (٤)
وأنتَ امرُؤٌ منّا، ولَستَ بخَيرِنا ... جَوَادًَا على الَأقصى، وأنتَ بخيلُ
فأصْبَحْتَ فَقْعًا نابتًا بقَرارَةٍ ... تَصَوَّحُ عنهُ، والذَّليلُ ذليلْ (٥)
وأعلمُ عِلمًا ليسَ بالظنِّ أنَّهُ ... إذا ذَلّ مَولى المَرْءِ فهْوَ ذَليلُ (٦)
وإنّ لِسانَ المَرْء ما لم تَكُنْ لَهُ ... حَصاةٌ، على عَوْراتِهِ لَدَلِيلُ (٧)
وإنّ امرأً لم يعْفُ، يوْمًا، فُكاهةً ... لمَنْ لمْ يُرِدْ سُوءًا بها، لَجَهُولُ (٨)
تَعَارَفُ أرواحُ الرّجالِ إذا التَقَوا ... فَمنْهُمْ عدُوٌّ يُتّقَى وخليلُ (٩)
_________
(١) تضل الحق: تبتعد عنه. السبيل: المورد والطريق.
(٢) سعد وعوف وعمر: من أعمام وخؤولة الشاعر.
(٣) الأدنى: القريب. الشمال العرية: ريح الشمال الباردة. الشآمية: الريح الآتية من جهة الشام. تزري الوجوه: تغضبها. البليل: الرياح التي تصطحب معها الماء والندى. وقد قصد بالقريب نفسه.
(٤) الأقصى: البعيد. وقصد به عمرو بن هند. الصبا: الرياح الشرقية الخفيفة. القرة: البارة. تذاءب: أتى من كل صوب. المرزغ: المطر. المسيل: المطر القوي الذي يبعث السيل.
(٥) الفقع: الكمأة. وهو نبات يظهر إذا اشتد البرق والرعد في الصحراء. القرارة: الأرض المنبسطة. تصوّح: تتصوح وتتشقق.
(٦) مولى المرء: قريبه.
(٧) الحصاة: العقل.
(٨) الفكاهة: الملاحة والظرف.
(٩) تعارف: تتعارف. الخليل: الأخ.
1 / 67