قفا نبك
الشاعر محمد توفيق علي
منازل الأحباب
مصر وفيضان النيل
مهاة الرمل
آلام الأمة وآمالها
جروبي
الطيف الهاجر
مجد العرب
محطة الرمل
اذكر الله
عذراء ترقص
بواكير الربيع
أنفاس الصيف أو حر وحب
جنات مصر
شمي نسيمك
أم الدهر
تلك الحلاوة
وصيتي
لا تسل
ديوان الملاحة
الحب هذبني
ليلة البدر
نأى بوجنته
موقف صدق
حتى الرسائل
على رضاك
استغفري
تنعمت بالسهاد
قمر
دموع الجليد
الرسم المعشوق
حسبي وصالا
مصيف الرمل
الحب في الحب
لوريت
قلب معذب
ماطله
باريسية
ذات الخال
تكلمي
عشق فان
حمى الطبيات
صاحبة العزة
الصورة المعشوقة
وقال ملغزا
يا آسري
الخلود والحب
مهذبة
مهاة الواديين
حملوا وارتحلوا
يا ريم
غادة الشرق
كان هلالا
لولا الحياء
لا مرحبا
دع يدي
يحلو ويملح
وسعت صبابتي
الرسم الفاتن
هل تذكرون
عربد ولا تحتشم
اعشقوه!
شامية
أنت الغريبة!
يتمنى
الصفح
حائل من الأدب
السكن
الكأس الدهاق أو آلام الأمة وآمالها
لبنانية
حجازية
الروحانية في الحب
في المحكمة أو القاتل البريء
أصغي إلى الأطيار
سحر الهوى
بغدادية
مرحبا بالمعجزات
الحنين إلى مصر
مصر العروس
هواجس فلاح
الحسناء المتأدبة
من الهديل إلى المطوقة
في مهب الزعازع
شكوى النوى
النيل السعيد
مصر وغروب الشمس
بهجة الدنيا
مصر الدستورية
تسجيل لبعض حوادث بلاد النيل في يونية 1930
انفراج أزمة وزارية
أسيرة الاستعمار
ذكرى بعض الحوادث
حظي أو مثال من حظ الأديب في الشرق
الله والوطن
مصر بين الماء والنسيم
كعبة الدنيا
ظلام الحادثات
خير عتاد
مراح الصبا
أيام الحبيب
عظة لمن عشق
معان راقصات
عشقنا علما
شفاء أديبة
عهدك المبروك
فاقت الخنساء
خذوا بيدي
أعين وقلوب
لو تحل الخمر
آمنت بالله
هذا الغزال
معشوقتي
تسبيح الأطيار
السر المهيب
الباب الأول: في مدح المختار
الميمية النبوية
في القطار
يتيمة الحكماء
رياض المنى
خاتم المرسلين
دين الفطرة
لبيك
ملجأ الجاني
كن لي شفيعا
الطريق ليثرب
أين المسيح
نجيلة
الصديق
الباب الثاني: في الحكم والعظات
ظل الثلاثين
العشق غي
البغاء
ملهى الرمل
من للعاديات؟
خلعت الهوى
سياحة في السماء
الميسر
تب إلى الله
لا تجزعي
أم الكبائر
أين القاضي
الماء والخمر
الباب الثالث: مقطوعات في الزهد
اصبر
كواكب نحس
أصحابي
كم جميل
غرائب
كيف أهوى
الصلاة
رتبة أم وسام
سأشكر
همم طوال
أيها الرسم
عسى
عظيم الثراء
أحلام رقود
المقابر
الدفين
تبت إليك
آدم
عزم خطير
اهجريني
أكرم الطلاب
ودع شبابك
ما لي وللناس
نور المشيب
عفت الغيد
بعدا
القنوع المستريح
قدم لنفسك
الباب الرابع: مقطوعات في العظات والحكم
الفجر
أين كانت
بين خيلين
عصر الظلام
عظة البدر
الله فرد
كيد الشيطان
الموت لجة
في غفوة
قلب المؤمن
أضعنا الدين
ظن بائد
نور المشيب
الصلاة يا أفندي
الزهرة وسهيل
يا طبيبي
فؤادي في يديك
أنت أسعدتني
سلم وصل
لا أرضيك
أقدم
هذا جميلك
العز في الإيمان
لك الحمد
عبد إحسانك
جنة عدن
دليل الفجر
لا تكسني ذلة
نشر وطي
غفرانك
مضى يشتكيني
رياء
أرحت فؤادي
ديني التوحيد
صبا للمهى
طائر الإسلام
التنازع
كريم
أيها الزائر
شكر المنعم
لك الحمد
فضل الله
صنع الله
مماطلة الأماني
الهمذية النبوية
الروضة الفيحاء
تقديم
الباب الأول: في الرثاء
في رثاء والدته
في رثاء والده
شاعر النيل
رثاء شوقي وحافظ
تلك البتول
يا درة
قد أصابت
أم خير مملك
نذرتك للعلوم
مولود سعيد
أماني كواذب
أغمضوا أعينكم
مأتم بعد عرس
ريحانة المكرمات
أحمد
خذوا حذركم
اقض يا رب
غاب سميره
تيتانيك أو غرق باخرة
في رثاء ظبية
في رثاء كروانة
الباب الثاني: في الوصف
في السيماتوجراف
الإكسبريس
غروب الشمس
وصف القمر
الليل والكواكب
وصف الشعر
ظللي يا سحب
أيها المبدع
زبلن
فلان
مهرجان الغروب
عبير الغروب
الخرطوم
في السباق
يا بلبل
شفاء الزعيم
عبق الربيع
الباب الثالث: في الفخر والحماس
أولئك آبائي
يأسي أمل
مجدي في المعامع
ذو المرهفين
على قائم الردى
اشرب بسمعك
للجود روحي
عسكري همتي
السبق عادتنا
عريان يلمع
في ذروة المجد
رهج الصدام
عزم ثاقب
غنينا بأخلاق
وطنيتي
البرمنجهامي
أستاذي
يا مرجان
الظبا والمحابر
الباب الرابع: في الغزل
الحسن والطهر
إلى المطهى يا عاذلة
صورة الحبيب الشمسية
لا يضيرها
يا رب
ذللت لحظي
بروج الشهب
لولا الخيال
نور فوق نور
حببتك
هذب طبعي
أشهى الأماني
حسبي
لا ألوم الحبيب
رضع الحسن
لي آية
اسمحي
غالية المعاني
جلت صفاته
إيهام
أعد يا وصل
أغراني المشيب
رسالة دمع
الراقصات
حي البخيلة
صيغة من الدر
عوفيت
لا براح
لا تذرف الدمع
الدنيا مجاملة
الحب شرفني
عهد ذميم
التقي المستهام
أعطيت صبرا
متى
لا تصدق
سجية النفس
مجمع المحاسن
ذكرى إحسان
لا تعذلوه
يا لهفي
تشاطرك الهوى
ترنيم الأوتار
تقديم
الباب الأول: في الغزل
أسفري
لجج الأنوار
سامحت دهري
تعالى الله
مغلوبة لا تكابر
ذكرى الصبا
ظن خيرا
اصبري يا نفس
وقال في ألثغ
كتاب الحبيب
كوثر ممنوع
يا مليكي
معبد الطهر
الولاء
حتى الرسائل
متى
الحياة حياتي
محنة الأدب
تعالى الصانع
عقوبة الحجاب
بعد الغياب
عهد ذميم
يا مليكي
لولا الجلال
عهد الصبا
يتيمة حسن
تاجر الكتب
النحيلة
الأسيرة
غلب الهوى
شقاء
أدرها
يعيش المئزر
يدا بيد
خير صاحب
تلاعب بالنفوس
تعال
وا رحمتاه
وصل مؤبد
التهديد في العشق
البعد والصد
وجه الصبابة
أسعديه
خير جليس
لا ثغر ولا قد
بين الإنسان والملك
دار الحبيب
الباب الثاني: في الشكوى والعتب
استقبال صدقي باشا
الطلبة المفصولون
الفلاحون والأزمة وضرائب الأطيان
إلى الساسة الإنكليز
صاحب الجهاد
السيف والقلم المحراث
لا أسامحه
شكوى الضباط
في المعرض
طال عتابي
خطو مقيد
الأزمة ورواتب الموظفين
هل يرجعون
شاعر الحمية
كان شقيا
لست أرضى
الحب الكريم
حظ عاثر
علا وجلال
طريق العيش
جمرة عتب
نوائب تتحكم
جرائم الطيران
كساد القطن
يا مصر
خفت أغضب
كنت غرا
اصبر قليلا
المتحكمون
صريع اليأس
شيخ الظالمين
قسط الوقف
ودعاني
يا إلهي
عهود خوادع
إنه لخصام
كم تجافي
المحب العاتب
أعضل الداء
شجر القطيعة
إلى الله أشكو
يكلفني الشكوى
جيش النوب
خاب ظني
طرف العناية
لبست الأسى
نبأ رائع
ساعة اللهو
الباب الثالث: في الإخوانيات
لست منهم
أستاذي الأديب
آية الجدوى
يا أيها الخل
الدنيا طريق
بنت الحكيم
هبوا لي بيانكم
البيان المعوذ
سيف مستعار
ذكرى خدمة أخوية
أين اليراع؟
أهلا وسهلا
إمرة الشعر
الجاش
شقيقي
طربت إليك
أوتيت سؤلك
ذاكر دروسك
الباب الرابع: في أغراض مختلفة
أنفس الأعلاق
جنة وحرير
آمال كبار
لعل لنا سعدا
إبلال الزعيم
يا كريم الجدود
فضائح التمدين
الله حسبك
تهنئة بنصر
إلى الترك والعرب
للملك رب عادل
أيها الشاعر
قدرك أعظم
نهضة مصر
اليوم عيدك
راية الدين
هاتها
حباك القريض
الحب غير الحب
هذا الجلال
الطرد المتأخر
قفا نبك
الشاعر محمد توفيق علي
منازل الأحباب
مصر وفيضان النيل
مهاة الرمل
آلام الأمة وآمالها
جروبي
الطيف الهاجر
مجد العرب
محطة الرمل
اذكر الله
عذراء ترقص
بواكير الربيع
أنفاس الصيف أو حر وحب
جنات مصر
شمي نسيمك
أم الدهر
تلك الحلاوة
وصيتي
لا تسل
ديوان الملاحة
الحب هذبني
ليلة البدر
نأى بوجنته
موقف صدق
حتى الرسائل
على رضاك
استغفري
تنعمت بالسهاد
قمر
دموع الجليد
الرسم المعشوق
حسبي وصالا
مصيف الرمل
الحب في الحب
لوريت
قلب معذب
ماطله
باريسية
ذات الخال
تكلمي
عشق فان
حمى الطبيات
صاحبة العزة
الصورة المعشوقة
وقال ملغزا
يا آسري
الخلود والحب
مهذبة
مهاة الواديين
حملوا وارتحلوا
يا ريم
غادة الشرق
كان هلالا
لولا الحياء
لا مرحبا
دع يدي
يحلو ويملح
وسعت صبابتي
الرسم الفاتن
هل تذكرون
عربد ولا تحتشم
اعشقوه!
شامية
أنت الغريبة!
يتمنى
الصفح
حائل من الأدب
السكن
الكأس الدهاق أو آلام الأمة وآمالها
لبنانية
حجازية
الروحانية في الحب
في المحكمة أو القاتل البريء
أصغي إلى الأطيار
سحر الهوى
بغدادية
مرحبا بالمعجزات
الحنين إلى مصر
مصر العروس
هواجس فلاح
الحسناء المتأدبة
من الهديل إلى المطوقة
في مهب الزعازع
شكوى النوى
النيل السعيد
مصر وغروب الشمس
بهجة الدنيا
مصر الدستورية
تسجيل لبعض حوادث بلاد النيل في يونية 1930
انفراج أزمة وزارية
أسيرة الاستعمار
ذكرى بعض الحوادث
حظي أو مثال من حظ الأديب في الشرق
الله والوطن
مصر بين الماء والنسيم
كعبة الدنيا
ظلام الحادثات
خير عتاد
مراح الصبا
أيام الحبيب
عظة لمن عشق
معان راقصات
عشقنا علما
شفاء أديبة
عهدك المبروك
فاقت الخنساء
خذوا بيدي
أعين وقلوب
لو تحل الخمر
آمنت بالله
هذا الغزال
معشوقتي
تسبيح الأطيار
السر المهيب
الباب الأول: في مدح المختار
الميمية النبوية
في القطار
يتيمة الحكماء
رياض المنى
خاتم المرسلين
دين الفطرة
لبيك
ملجأ الجاني
كن لي شفيعا
الطريق ليثرب
أين المسيح
نجيلة
الصديق
الباب الثاني: في الحكم والعظات
ظل الثلاثين
العشق غي
البغاء
ملهى الرمل
من للعاديات؟
خلعت الهوى
سياحة في السماء
الميسر
تب إلى الله
لا تجزعي
أم الكبائر
أين القاضي
الماء والخمر
الباب الثالث: مقطوعات في الزهد
اصبر
كواكب نحس
أصحابي
كم جميل
غرائب
كيف أهوى
الصلاة
رتبة أم وسام
سأشكر
همم طوال
أيها الرسم
عسى
عظيم الثراء
أحلام رقود
المقابر
الدفين
تبت إليك
آدم
عزم خطير
اهجريني
أكرم الطلاب
ودع شبابك
ما لي وللناس
نور المشيب
عفت الغيد
بعدا
القنوع المستريح
قدم لنفسك
الباب الرابع: مقطوعات في العظات والحكم
الفجر
أين كانت
بين خيلين
عصر الظلام
عظة البدر
الله فرد
كيد الشيطان
الموت لجة
في غفوة
قلب المؤمن
أضعنا الدين
ظن بائد
نور المشيب
الصلاة يا أفندي
الزهرة وسهيل
يا طبيبي
فؤادي في يديك
أنت أسعدتني
سلم وصل
لا أرضيك
أقدم
هذا جميلك
العز في الإيمان
لك الحمد
عبد إحسانك
جنة عدن
دليل الفجر
لا تكسني ذلة
نشر وطي
غفرانك
مضى يشتكيني
رياء
أرحت فؤادي
ديني التوحيد
صبا للمهى
طائر الإسلام
التنازع
كريم
أيها الزائر
شكر المنعم
لك الحمد
فضل الله
صنع الله
مماطلة الأماني
الهمذية النبوية
الروضة الفيحاء
تقديم
الباب الأول: في الرثاء
في رثاء والدته
في رثاء والده
شاعر النيل
رثاء شوقي وحافظ
تلك البتول
يا درة
قد أصابت
أم خير مملك
نذرتك للعلوم
مولود سعيد
أماني كواذب
أغمضوا أعينكم
مأتم بعد عرس
ريحانة المكرمات
أحمد
خذوا حذركم
اقض يا رب
غاب سميره
تيتانيك أو غرق باخرة
في رثاء ظبية
في رثاء كروانة
الباب الثاني : في الوصف
في السيماتوجراف
الإكسبريس
غروب الشمس
وصف القمر
الليل والكواكب
وصف الشعر
ظللي يا سحب
أيها المبدع
زبلن
فلان
مهرجان الغروب
عبير الغروب
الخرطوم
في السباق
يا بلبل
شفاء الزعيم
عبق الربيع
الباب الثالث: في الفخر والحماس
أولئك آبائي
يأسي أمل
مجدي في المعامع
ذو المرهفين
على قائم الردى
اشرب بسمعك
للجود روحي
عسكري همتي
السبق عادتنا
عريان يلمع
في ذروة المجد
رهج الصدام
عزم ثاقب
غنينا بأخلاق
وطنيتي
البرمنجهامي
أستاذي
يا مرجان
الظبا والمحابر
الباب الرابع: في الغزل
الحسن والطهر
إلى المطهى يا عاذلة
صورة الحبيب الشمسية
لا يضيرها
يا رب
ذللت لحظي
بروج الشهب
لولا الخيال
نور فوق نور
حببتك
هذب طبعي
أشهى الأماني
حسبي
لا ألوم الحبيب
رضع الحسن
لي آية
اسمحي
غالية المعاني
جلت صفاته
إيهام
أعد يا وصل
أغراني المشيب
رسالة دمع
الراقصات
حي البخيلة
صيغة من الدر
عوفيت
لا براح
لا تذرف الدمع
الدنيا مجاملة
الحب شرفني
عهد ذميم
التقي المستهام
أعطيت صبرا
متى
لا تصدق
سجية النفس
مجمع المحاسن
ذكرى إحسان
لا تعذلوه
يا لهفي
تشاطرك الهوى
ترنيم الأوتار
تقديم
الباب الأول: في الغزل
أسفري
لجج الأنوار
سامحت دهري
تعالى الله
مغلوبة لا تكابر
ذكرى الصبا
ظن خيرا
اصبري يا نفس
وقال في ألثغ
كتاب الحبيب
كوثر ممنوع
يا مليكي
معبد الطهر
الولاء
حتى الرسائل
متى
الحياة حياتي
محنة الأدب
تعالى الصانع
عقوبة الحجاب
بعد الغياب
عهد ذميم
يا مليكي
لولا الجلال
عهد الصبا
يتيمة حسن
تاجر الكتب
النحيلة
الأسيرة
غلب الهوى
شقاء
أدرها
يعيش المئزر
يدا بيد
خير صاحب
تلاعب بالنفوس
تعال
وا رحمتاه
وصل مؤبد
التهديد في العشق
البعد والصد
وجه الصبابة
أسعديه
خير جليس
لا ثغر ولا قد
بين الإنسان والملك
دار الحبيب
الباب الثاني: في الشكوى والعتب
استقبال صدقي باشا
الطلبة المفصولون
الفلاحون والأزمة وضرائب الأطيان
إلى الساسة الإنكليز
صاحب الجهاد
السيف والقلم المحراث
لا أسامحه
شكوى الضباط
في المعرض
طال عتابي
خطو مقيد
الأزمة ورواتب الموظفين
هل يرجعون
شاعر الحمية
كان شقيا
لست أرضى
الحب الكريم
حظ عاثر
علا وجلال
طريق العيش
جمرة عتب
نوائب تتحكم
جرائم الطيران
كساد القطن
يا مصر
خفت أغضب
كنت غرا
اصبر قليلا
المتحكمون
صريع اليأس
شيخ الظالمين
قسط الوقف
ودعاني
يا إلهي
عهود خوادع
إنه لخصام
كم تجافي
المحب العاتب
أعضل الداء
شجر القطيعة
إلى الله أشكو
يكلفني الشكوى
جيش النوب
خاب ظني
طرف العناية
لبست الأسى
نبأ رائع
ساعة اللهو
الباب الثالث: في الإخوانيات
لست منهم
أستاذي الأديب
آية الجدوى
يا أيها الخل
الدنيا طريق
بنت الحكيم
هبوا لي بيانكم
البيان المعوذ
سيف مستعار
ذكرى خدمة أخوية
أين اليراع؟
أهلا وسهلا
إمرة الشعر
الجاش
شقيقي
طربت إليك
أوتيت سؤلك
ذاكر دروسك
الباب الرابع: في أغراض مختلفة
أنفس الأعلاق
جنة وحرير
آمال كبار
لعل لنا سعدا
إبلال الزعيم
يا كريم الجدود
فضائح التمدين
الله حسبك
تهنئة بنصر
إلى الترك والعرب
للملك رب عادل
أيها الشاعر
قدرك أعظم
نهضة مصر
اليوم عيدك
راية الدين
هاتها
حباك القريض
الحب غير الحب
هذا الجلال
الطرد المتأخر
ديوان توفيق
ديوان توفيق
تأليف
محمد توفيق علي
قفا نبك
في ذكرى الحبيب والمنزل
الشاعر محمد توفيق علي
الشاعر في مستهل شبابه ضابطا بالجيش المصري بالسودان
الشاعر في الأربعين من عمره
منازل الأحباب
أمنازل الأحباب طالعك الحيا
وتدفقت برياضك الأنهار
وجرى عليك من النسيم سلافة
تحيي الرميم كئوسها الأزهار
وتحلت الأغصان أقراط الندى
واخضلت الآصال والأسحار
ورنت بجنتك المها وتلفتت
فيها الظباء وغنت الأطيار
مصر وفيضان النيل
على النيل أم في جنة الخلد أنزل؟!
وفي مصر أم في غادة أتغزل!
تدفق في الوادي وجاشت غروبه
وأقبل في أبراده الحمر يرفل
وقد يزدهيني الورد أحمر زاهيا
كما يستبيني خد عذراء تخجل
ترى الذهب الوهاج مازج فضة
بل النيل محمر السبيكة أجمل
تبيت الدراري من صفاء سمائه
على لجة من أوجها تتنزل •••
وكم من غدير مازج الخمر ماؤه
ترشف شهدا من ثناياه جدول
وراح يناغي في ثرى مصر جنة
ترنح من أعطافها اللدن شمأل
ترد المنى خضرا على كل شاعر
كريم الخطى في ظلها يتنقل •••
وقد أغتدي والشرق يلقي شعاعه
على قمم النخل البهيج ويرسل
إلى كل مرج حين يبصر حسنه
جوادي يطغى في العنان ويصهل
وقد نضدت فيه الحقول فمجمل
من الحسن في أرجائه ومفصل
وهل أرض مصر غير أفواف بردة
يزركشها نوارها ويجمل
ويملك سمعي بين حين وآخر
أغاريد مصقول الجناح يرتل
فأوقف مهري تارة متخشعا
وحينا تراني هيبة أترجل
ومن عن يميني أو يساري ترعة
بدت كفرند السيف جلاه صيقل
وفوقي سماء رق مس نسيمها
فلا أتقي بردا ولا أتظلل
فيا أهل مصر لو ترون كما أرى
محاسنها بل تجهلون وأجهل •••
ألا أنصتوا إني سمعت شكاية
يرتلها في شدوه العذب بلبل
يقول أنا بين الرياض منعم
بما أشتهي من يانع أتعلل
فمن رطب في النخل حلو مذاقه
إلى عنب يسقى رحيقا ويؤكل
إلى مشمش شهد وخوخ مورد
أشم الشذا من خده وأقبل
إلى النيل أستجليه صبحا ومغربا
أسبح ربي حوله وأهلل
خلا أنني أشتاق إلفا تهذبت
تؤانس قلبي عندما أتجول
وذلك نقص في علا النيل شائن
ولولاه كان السعد في مصر يكمل
مهاة الرمل
يا مهاة الرمل مرعاك القلوب
نظرة، لا تزهدي، ثم نتوب
كبر الهجران ذنبا إن تكن
نظرات منك تحيينا ذنوب
رخص الله لنا في مثلها
منذ شفت عن محياك الغيوب
حققي في لطفك الظن اسفري
رب راج منك لطفا لا يخيب
ولعمري لا أرى في بسمة
إن تصدقت علينا ما يريب •••
من عذيري في تباريح الجوى
ما انثنى غصن من الدر رطيب
وعذارى هن أقمار الدجى
طالعات ما يدانيها غروب
يا ظباء الرمل إني شاعر
أكبر الحسن ومضنى وغريب
فتجنبن سبيلي بالذي
وقف الحسن عليكن الرقيب
يا حسان الغرب شرقي أنا
هائم الروح ومصري طروب
فاتقين الله في نفسي فقد
تلفت وجدا وغالتها شعوب
رب ناد تضحك الدنيا به
ساحتاه للمها مرعى خصيب
فجرت من أدمعي أوتاره
وورت قلبي به خود لعوب
أقبلت في موكب من حسنها
لأح نور قبله بل فاح طيب
منظر ما أشرقت عن مثله
أختها الشمس، ولا راع الغروب
جلست مني قريبا كي أرى
وجهها وهو من البعد يذيب
وثقت من حسنها فاعتقدت
أن حسنا غير ما فيها معيب
فإذا سهوا رمقنا غيرها
نم عن عتب لنا منها قطوب
وتقارضنا على القرب جوى
يصهر الدمع ويضني ويشيب
ويراني، كهلها، أرنو لها
ويراها، فهو مزور، كئيب
ما كفاه أنه يمضي بها
وأنا أمضي وفي صدري ندوب
إن من يمنع عيني أن ترى
صنعة الله لمخلوق عجيب •••
أنا في حفظك يا رب إذا
لجت الفتنة واشتدت كروب
تحسب الغادة أني عبدها
وأنا عبد لمولاي منيب
كل حسن صاغه الله له
من هوى نفسي وأشجاني نصيب
آلام الأمة وآمالها
سبحت مبدع الوجود الطيور
حين ناغاه سحرة عصفور
هب والفجر قاب قوسين يتلو
معجزات كأنهن الزبور
ذو فنون شجا الرياض صدوح
هازج فوق غصنه مخمور
يتغنى بمجد رب البرايا
ودموع الحمام راح تدور •••
مبدع مطرب بديع طروب
يسكر الروح شدوه والصفير
ليس بالبلبل الأحم ولكن
ملك يذكر الإله صغير
أو شعاع من وجنة الفجر زاه
يتغنى حينا وحينا يطير
كلما الروض خبأته تجلى
ساطع الطوق في الظلام ينير
شاكرا من براه حرا طليقا
وقليل لمن براه الشكور •••
صاح من يعص حاكما يلق شرا
ونكالا، بله الإله القدير
قم تطهر وصل فرضك واذكر
إن أجدى صلاتك التبكير
وارقب الشرق، فالدياجي اقتفاها
من يد الفجر صارم مشهور
بادر الوقت بالتركع واخشع
تحرز الفضل، والعسير يسير •••
هل تذكرت من ذنوبي فاستغ
فرت ربي وهو اللطيف الغفور
يعتني بي ولست غير تراب
وأجازيه جفوة وهو نور!
مؤمن طاهر جميل ودود
محسن قادر حليم صبور
وقليل ذلي له وخشوعي
ودموعي، نظيمها والنثير •••
أيها الهاتف المرتل ذكر
فعسى منك ينفع التذكير
قل لأبناء مصر أنتم ضللتم
وتفرنجتم فساء المصير
فاتقوا ربكم وصوموا وصلوا
واستظلوا بجاهه واستجيروا
واستعينوه ما هممتم برشد
فهو (نعم المولى ونعم النصير) •••
لاح بعد الدجى لمصر النور
واغتدى التاج مشرقا والسرير
وتولى أمورنا (برلمان)
واستوى فوق عرشه دستور
طاب في روضة الأماني جناه
لو سقاها من الوفاق نمير
وأساسا رسا وطال عمادا
فوقها للعلى تشاد القصور
إيه نوابنا وكل أبي
قد وثقنا به وكل غيور
نفسوا كربة تهد الرواسي
عن (أبي الهول) إنه مصدور
وانهضوا للعلى فإنا نهضنا
لا نهاب السرى وأنتم بدور
حقنا الصبح رونقا والتماعا
فعلى واضح المحجة سيروا
لا تروعنكم مواض ذكور
مشرعات، أنتم مواض ذكور
واعشقوا مصر إن فيها جمالا
خالدا يجتلي سناه الضرير
خلد أسلافكم نعيم ذراري
كم مقاصير حوركم والخدور
والوثير الذي عليه درجتم
والصبا الغض والشباب النضير
فاشكروا الله ما نظرتم إليها
فهي نعمى والنيل فضل كبير •••
قد تولت حكومة الضعف عنا
إذ تولت حكومة لا تخور
واستقالت وزارة الجور كرها
حين قامت وزارة لا تجور
همها أمها الحزينة (مصر)
والمعالي لبابها لا القشور
لا تبالي مراتبا زينوها
مثلما زين البغي الحرير
لا تخاف المحذور يأتي لأنا
قد أتانا من خوفنا المحذور (طعمت) من دهائهم فهي يقظى
يتحامى أعصابها التخدير
ما تراءت في ألفة ووئام
يخذل الليث نابه والزئير
يا بني مصر لن تراعوا (فعدلي)
أيد، وهو للزعيم ظهير
واحذروا اليأس إن سعدا فتانا
في سماء الرجاء بدر منير
واهتفوا يعدل المليك ويحيا
ويسود الدنيا العزيز الصغير •••
رب إنا نضج من ظلم قوم
ملأ الأرض ظلمهم والشرور
فأجرنا منهم فإن لم تجرنا
فبمن غير ربنا نستجير
كم مواعيد بالجلاء وعدنا
فأتى البعث قبله والنشور
لو على (الطور) بعض ما حملونا
من أذى حكمهم لدك الطور
نصف قرن أهرامنا فيه شاخت
وهي بكر لم تفترعها العصور
سرقوا النيل هل رأيت طغاة
بعض ما يسرقون نهر شهير؟
يا أبا الهول لا تنم وتحرك
فرصة اللص أن ينام الخفير •••
أيها القاسطون صولوا وطولوا
ليس يرجى فينا لرأي (قصير)
لم يصل (يعرب) ولا طال (خوفو)
قد تمشى على علانا الدثور
إنكم تخطئون في طلب الح
ب جزاء الأذى، فذاك عسير
خطأ الغيد رمن منا شعورا
يتلظى، وما لهن (شعور) •••
أين أموالنا وأين غنى مص
ر وأين المخزون والموفور
بل وأين الإصلاح - إن كان إص
لاح - وأين التنظيم والتعمير
شكت الأرض والسماء إلى الله
وضجت له القرى والكفور
كم مشت وحشة الخراب عليها
كم تمطى بجوزه ديجور
أقماش أسمالنا أم جلود
أبيوت أكواخنا أم وكور؟!
نصفنا يشتكي صنوفا من الأم
راض تردي، والنصف عمي وعور
يعمل الزارع الحزين ويشقى
والجزاء الفتيل والقطمير •••
كم زرعنا وكم حصدنا حقولا
لم يصلنا من ريعهن نقير
وعلام الألوف من دمنا الأح
مر يجني منافق مأجور
ليس يرضيه من مخازيه إلا
أن يرقى ويدفن الجمهور
شر أعداء مصر من أهل مصر
وبنيها ويل لهم وثبور •••
مصر يرثي لما بها من يراها
فإلام الإسراف والتبذير
لست أدري ولا المنجم يدري
لم منا في كل ملك سفير
هل ملأنا الدنيا نشاطا وضاقت
بصناعاتنا هناك الثغور
أم لنا (المنشآت في البحر
كالأعلام) أقصى المستعمرات تزور
لن يبالوا ما ألجأونا لوهم
أننا دولة وملك كبير •••
بددوا ما لنا عطاء وبذلا
والحمى صارخ لفلس فقير
حكموا الجهل في رقاب بنينا
وتغنوا، في مصر للعلم دور
سخرونا للقطن ينهب بخسا
وهو في كل مصنع مشكور
أحرجونا، فليس للقمح سعر
إن زرعنا، وليس يغني الشعير
بادلونا، قنطار قطن (بيرد)
أو تعرى أبداننا ونبور •••
كل ذاك الغنى الذي بعثروه
لؤلؤ من جباهنا منثور
طالعونا، والشمس تغلي عراة
جلدنا من لعابها مصهور
نفلح الأرض بالمعازق حتى
قد تلوت أعناقنا فهي صور
وعلينا لوافح من هجير
وسوانا عليه ترخى ستور
والحظونا في الماء نسقي خفاة
ولإسناننا شتاء صرير
وبأعناقنا فراء صقيع
وبأعناق غيرنا السمور
كم تلوى بصدرنا (صندوق)
كم تغنى بكفنا (طنبور)
كم قضى بين قريتين بشر
دلو ماء غدا هو الأكسير
فلقد شحت المساقي علينا
وأتانا المحتم المقدور
واستقى، يقتل الشقيق أخاه
وهو في قتل نفسه معذور
وتقضت أعمارنا في شقاق
بين جاء القاضي وعاد المدير
وإذا لاح نائب أو طبيب
فلقد زار منكر أو نكير
كل تعليمهم لنا نصف قرن
أن يهاب الأمير والمأمور
ذاك تمديننا وتعمير مصر
كم يكون التخريب والتدمير! •••
إيه نوابنا، سلام علينا
وعليكم، وغبطة وحبور
قد أنبناكم، على أن تجيبوا
إن سألنا، أو استشرنا تشيروا
أصدقونا - خزان مكوار ذاكم -
صارم في يمينهم أم جفير؟
وهو السد من تراب ورمل
أم هو الصلب آزرته الصخور؟
وعلى زرعنا سلام وبرد
وعلى ضرعنا رخاء وخير؟
أم على الزرع صرصر وسموم
وعلى الضرع جاحم وسعير؟
وحقيق أن يحبس النيل عنا
إن أرادوا؟ لا لا فهذا كثير
أم بعيد أن يظمئونا فنردى
بين ذاوي الرياض فهي القبور
جندونا للنيل نحمي حمانا
دنسته الأعداء وهو طهور
وجهونا لسد مكوار هذا
تنظروا كيف يثأر الموتور
أوقفونا جيشا لجيش نرعهم
لا كما طارد الحمام الصقور
سلحوا قومكم تروهم فحولا
كل فحل شقاشق وهدير
كل ما رام أن يطير ولا شو
كة فيه تخطفته النسور •••
لهف نفسي على خميس لهام
ترجف الأرض منه حين يغير
يركع البغي لاثما قدميه
وتنجي الصدور منه الظهور
وأساطيل بالقذائف تغلي
كالبراكين في البحار تثور
إن من يسترق شعبا كريما
يستحق الجحيم وهي تفور
وأحق الورى بخزي وإذلا
ل، قوي على ضعيف يجور •••
ليت شعري، سوداننا كيف أمسى
ساخن العين بعدنا أم قرير؟
ناعم البال، عندهم، أم شقي؟
شاكر فضل عهدنا أم كفور؟ (جردونا) لفتحه ثم قالوا
بعدما تم (حجنا المبرور)!
أيها الجيش عد بخفي حنين
وهو جيش مظفر منصور
وانقضى (طوكر) و(تشكي) و(حلفا)
و(كريرى) و(فركة) و(الحفير)
وبحار من الدماء أريقت
بأسنا في كتابها مسطور
وعذارى من المنايا وعون
فخرنا في جيوبهن عبير
إن أرادوك بالمهانة يا جي
ش بلادي، وأنت ليث هصور
أقسمت تلكم المواقع أن اله
ون أولى به اللئيم الغدور •••
كم لقينا في فتحه من عناء
يعلم الغاب، يشهد العطمور
كم سرينا، فلم تعقنا الأفاعي
عن سرانا، إناثها والذكور
واقتحمنا فلم ترعنا الأعادي
والضواري، ليوثها والنمور
أحلال لهم، حرام علينا
مثلما حرمت علينا الخمور؟
لا، فإن الدنيا نعيم وبؤس
وصروف الزمان كأس تدور
كم ضياء يجيء بعد ظلام
ونجوم تعلو، وأخرى تغور
قبل أن يعرفوا الجلود ثيابا
عرفتنا سهوله والوعور •••
كيف ننساك يا مجر عوا
لينا، وفيك الأحلام والتفكير
ودماء الفرسان تكسوك وردا
في حنين لطاقة منه (جور)
وعظام الشجعان فيك تنا
دينا، وأرواحهم حواليك سور •••
هل لهذا في الأولين مثيل
أم لهذا في الآخرين نظير؟
أن جيش السودان تغذوه مصر
وله غير رب مصر أمير!
أن جيش السودان تكسوه مصر
وهي عريانة شواها الهجير!
ولماذا؟ لأن بندا لمصر
فوق قصر الخرطوم باك أسير!
أنزلوه فقد يديل له الله
ويدوي لرفعه التكبير •••
ذلك القصر قصرنا قد رفع
ناه بأسيافنا وأنتم حضور
ولنا وجهه المطل على (الأز
رق) والبهو والجناح الكسير
والمقاصير والقوارير والأس
تار والخز والوطاء الوثير
والسواء الذي يقدم فيه
والعناقيد، حبها والعصير
والنسيم الذي يهب عليه
ملك آبائنا، صبا أم دبور
والغمام الذي يسح عليه
والضياء الذي به يستنير •••
يا طريد السودان قبلي (يا حا
فظ) عذرا، إذا بدا التقصير
والتمس لي عفو الأمير و(مط
ران) فضعفي بكل عفو جدير
رب غم عن القريض لواني
وهموم ربي بهن البصير
قد رضينا بصلحهم واقتسمنا
ورضانا الأقل والميسور
لفؤاد سودان مصر ومصر
ولجورج الخراب والمعمور
جروبي
ما الذي أبقى (جروبي)
لي غير الحسرات
مطلع الأقمار ملهى ال
غيد مجلى الفاتنات
سائلوه عن فؤاد
ضاع تحت الشجرات
حيث يحلو العيش ما بي
ن ابتسام والتفات
وإذا تسمع هاك
رن في سمعك هات
وإذا قلت دنا ري
م نأى ريم وفات
فازدهتك المقبلات
واستبتك المدبرات
كرياض الزهر لكن
وردهن الوجنات
والدمى من لؤلؤ
يحسبن لولا الحركات
إن تحدثن تغن
ين ورنت ضحكات
وسل البلبل هل يع
رف تلك النغمات
تحسد الألفاظ في أف
واههن اللثمات
ذاك عيش قد تولى
والصبا ذو حسنات
سامح الله شبابي
كم تصبى الناعمات
ورعى الله عفافي
إنه كبرى الهبات
الطيف الهاجر
هل عند طيفك أنني مهجور
أم ما ثناه، وكان قبل يزور؟
أيام يطرقني فيؤنس وحدتي
ويسرني ولو ان ذاك غرور
تاه الخيال وقد أكون وزوري
بعد الهدوء كواكب وبدور
بيض السوالف كاعبات خرد
حمر المراشف ناعمات حور •••
إني كعهدك جام لهوى مترع
صفوا، وربعي بالنعيم مطير
وغصون روضي في الغرام ثمارها
درر وأوراق الغصون حرير
وأروح أخطر كالنسيم لطيتي
وأكاد من مرح الشباب أطير •••
ولقد يؤرقني الغزال، كناسه
قصر على تاج السماك يغير
في جنة مخضلة فينانة
فيها لقاصفة الطيور صفير
فأروح أعثر بالحتوف وصاحبي
دون الصحاب مشطب مأثور
أسري وأسراب المعاطب حوم
فوقي ويقظان القضاء يشير
فهتكت سجف الخز عن إنسية
سجد الجمال لوجهها والنور
وتفتحت أكمامها عن وردة
ذاكي النثا أرج لها وعبير
مصرية عربية ملكية
صافي السنى تاج لها وسرير
قبلت ذياك البساط تحية
بالناظرين، وإنه لطهور
بتنا وبالألحاظ كأس بيننا
تجري وجام بالحديث يدور
حتى إذا رفع الظلام ستوره
عنا ولاح من الصباح نذير
ودعت - مجروح الفؤاد - جوانحي
تدمى، وعرضي سالم موفور
وعسى أفيق ولن أفيق من الصبا
ألا وعنبر شعري الكافور •••
إني وإن أنفقت بعض شبيبتي
لهوا لشيخ في الشباب وقور
يا مصر كم من ليلة أحييتها
شجنا ودمعي في الوفاء غزير
وينام يا شرق الشيوخ ضراعة
وأبيت أنفاسي عليك سعير
مجد العرب
كفاك يا طير شدوا، هجت بي طربا
أما تراني حزين القلب مكتئبا
لو كنت مثلي مقصوص الجناح لما
شدوت، بل كنت تلقى الويل والحربا
فطر كما شئت من غصن إلى غصن
حرا ودعني أسيرا أشتكي النوبا
لم يعدل الدهر قسمينا فطوقني
من الحديد وحلى جيده ذهبا
هب لي جناحيك مأجورا أطر بهما
ينفس الجو عني هذه الكربا
أعرهما لي، أطر في الجو مرتفعا
حتى أعانق في أبراجها الشهبا
نفسي تتوق إلى العلياء إذ علمت
أني امرؤ ورثت أخلاقه العربا
إني لأعجب ممن يستخف بنا
أن لا يرى خطة استخفافه عجبا
سلوا القرون الخوالي عن مفاخرنا
سلوا الرماح سلوا الهندية القضبا
سلوا الزمان الذي كانت تتيه بنا
فيه المعالي، وكنا السادة النجبا
وكان فارسنا إن جال جولته
في نصرة الحق رد الجحفل اللجبا
إن صاح طبقت الآفاق صيحته
واهتزت الأرض والأفلاك إن ضربا
كتائب تترامى في حميتها
إلى الردى لا ترى جبنا ولا هربا
من كل لاحق روح راح يطلبها
بسيفه غير ملحوق إذا طلبا
كالسيف منصلتا والليث مفترسا
والسيل منحدرا والبحر مضطربا •••
فجاءنا زمن صرنا به خدما
لغيرنا، وغدت أرواحنا سلبا
وأصبح الشرق لا تحلو موارده
لأهله، ويراها غيرنا ضربا
لو أن للشرق روحا أو له كبدا
ترق بث أسى شكواه وانتحبا •••
يا ليت شعري، والأغلال في عنقي
والنحس يتبع حظي أينما انقلبا
أمانعي القوم أني أشتكي زمني
كلا، ولو مزقوني بينهم إربا
أنا امرؤ في صميم الذل مرتبتي
من مصر، لا نبطا قومي ولا جلبا
يا ويح للدهر يلهو بي ويلعب بي
أبعدما شاب يبغي اللهو واللعبا
محطة الرمل
محطة الرمل هذي
أم ذلك المعراج
للروح فيها حفيف
وللقلوب اختلاج
وفي الصدور انشراح
وبالعيون ابتهاج
وفي السماء انشقاق
وبالأديم ارتجاج
وذي بروج ترام
أم تلكم الأبراج!
تسمو فرادى بدور
فتهبط الأزواج
كواكب أم حسان
سالت بهن الفجاج؟
دمى مشت أم عذارى
سواعد أم عاج؟
وتلك وجنة خد
تجلو الدجى أم سراج؟
وقفت والقلب وجدا
قد طار لولا السياج
أرنو لهن بلحظ
ما هجته يهتاج
وأنسج اللفظ وشيا
يعنو له الديباج
قالت مليكة حسن
لها من النور تاج
يسبي فؤادك منها
دلالها والمزاج
أو غصنها المتثني
أو ذلك الرجراج
يا أنت لفظك خمر
لها النفوس مزاج
وكم بطرفك سهم
يخيب فيه العلاج
فانظر برفق إليه
للآنسات احتياج
هن الدمى ناعمات
قلوبهن الزجاج •••
آمنت بالله هذي
على الكفور احتجاج
أكل هذا تراب
أو نطفة أمشاج!
اذكر الله
ناغت الطير ربها سحرا
حين عن ذكره غفا البشر
قل لمن نام ليله سحرا
قد مضى الليل وانقضى السمر
فادكر فالطيور تدكر
سبح الفجر ربه وتلا
سورة النور وهو ينفجر
سل سيفا على الدجى وجلا
فتوارى النجوم والقمر
وتراءى الرياض والزهر
فاجتل النيل جل صانعه
يرتمي لؤلؤا وينحدر
تستخف النهى روائعه
نخله والشطوط والجزر
والسهول العواطر الخضر
واشهد الروض من شقائقها
صدرها بالغرام يستعر
زف آذار من خلائقها
لك بكرا، وشاحها عطر
طهرها في النسيم ينتشر
وإذا ما الشمال سال على
وجنة الفجر، ريقها الخصر
واغتدت مصر ترتدي خجلا
ورده زاهيا، وتأتزر
فهي عذراء زانها الخفر
فاغتنم ركعتين مقتديا
حين لله يركع الشجر
والنسيم العليل مشتفيا
يجذب الروض بلها السحر
بالندى، فهي سندس درر
واسأل الطير في منابرها
كيف توحى وتقرأ السور
ليس يغنيك من حناجرها
مزهر ناطق ولا وتر
حين تشدو فيرقص النهر
فاذكر الله إنه ملك
قادر من جنوده القدر
واغنم الوقت إنه فلك
دائر والحساب ينتظر
واللظى والحميم والشرر
وهناك النعيم والحور
والحلى والقصور والسرر
ثم يغنيك أنه نور
تنمحي في جماله الصور
فالأريب اللبيب يبتدر
عذراء ترقص
ضحك الأقاح وكل غصن مورق
والزهر فاح وذا بمارس يخلق
وأحل مهجة جنة مصرية
عذراء ترقص للنسيم وتعبق
أطيارها تتلو على أغصانها
سحرا يحل من الشجون ويعتق
في الجانب الغربي للوادي وها
ذا النهر يجري تحتها يتدفق
هل يخلق الرحمن كالجبلين وال
وادي ونهر النيل فيما يخلق! •••
ويح الخميلة قام يشدو فوقها
متدله في شدوه متحرق
يا بلبل الأغصان حالك في الهوى
حالي ولكن أنت فيه موفق
تبكي وإلفك في الغصون وأشتكي
وهواي في وطني الجميل مفرق (أسوان) ذو يحيي النفوس شتاؤه (وإسكندرية) صيفها المترفق
لا مغرب الدنيا يرصع تاجه
وطن كمصر ولا احتواها المشرق •••
يا مصر أكذب في التغزل بالمها
وعيونهن وفي جمالك أصدق
كم كنت أحلم في البعاد بقربها
وأرى خيال سمائها يتألق
فالآن ألمس ما تخيل خاطري
من حسن مصر ونيلها وأحقق
ما زلت يأخذني الجمال ولا أرى
نفسي ويطلقني الجلال وأطرق
حتى رويت من البهاء على صدى
ومضيت أسبح في الهناء وأغرق
ماذا أقول وما لمعنى حيلة
فيما أروم ولا للفظ رونق؟!
بواكير الربيع
أما رضاي بما يقول ويفعل
فهو الذي بي في الصبابة يجمل
وإذا قنعت من الدلال بأنني
أحيا مرارا في النهار وأقتل
فأنا الذي بدأ الهوى وأعاده
وعليه آيات الجوى تتنزل
أسلمت نفسي للهيام بما رووا
لي عن محاسنها وما أتخيل
وعشقت لم أرها ولكن شخصها
بالنار في كبدي الضعيف ممثل
بيضاء أنهلها الشباب وعلها
خمرا تضل لها العقول وتذهل
تندى العيون إذا تبلج نورها
طربا وينفتح الفؤاد المقفل
يا من ضربت حجاب كبرك بيننا
إن التعزز في الغرام تذلل
هذا الربيع أتى ليصلح بيننا
وبراحتيه بنفسج وقرنفل •••
ولقد دخلت الروض يعبق روحها
غناء تنفحها الصبا والشمأل
فإذا الربيع مشى بها متبخترا
يختال في حلل البهاء ويرفل
فوقفت أرمق طلعة ملكية
في حسنها يتحير المتأمل
وعلى السماء من الغمام مجاسد
تكسو النهار لمنكبيه وتفضل
ومن الغصون مفضض ومذهب
ومن الطيور مسبح ومرتل
ورأيت خوط البان مال بسمعه
يصغي لما يوحى إليه الجدول
فسرقت سر الحسن منه لأنني
مغرى بأسرار الجمال موكل
وضممت قامته الرشيقة ضمة
لو جندل راها لهام الجندل
وعصرت من حمر الشقائق في فمي
إن المشوق فؤاده يتعلل •••
وسمعت من أعلى الخميلة صائحا
غردا يفصل في الغرام ويجمل
يبكي ويضحك في بكاه توجعا
ويجد في شكوى جواه ويهزل
فرحمته، بل تلك دمعة عاشق
نطقت تمجد عاشقا وتبجل
إن الذي فطر القلوب أعارني
قلبا يذوب إذا ترنم بلبل •••
وسألت نفسي والجمال يحيط بي
وشدا الفؤاد يجيب عما أسأل
هل أنت أم زهر الربيع وطيبه
ومن الأخف على القلوب الأجمل؟
أنفاس الصيف أو حر وحب
معانيك يجلوها الهوى أم حدائق
وذكرك أم عرف من المسك عابق
كذلك يختال الجمال تدللا
علينا وتسمو في الكمال الخلائق
هل الحلو إلا منك ما أنا مشته؟
أو المر إلا فيك ما أنا ذائق؟
وإن كان ذنبي أنني لك عاشق
فأيسر عذري أنني بك واثق
وإن تكن الأيام أخلفن ظننا
وحالت صروف بيننا وعوائق
فقد نلت منها نظرة ما شفعتها
على عجل والبين حاد وسائق •••
ولام صاحبي أن هويت رشيقة
لها قلم في حلبة الفضل سابق
من الناثرات الدر أما ذكاؤها
فشيخ وأما سنها فمراهق
يطل علينا مجدنا من سمائها
وتلك الليالي الناعمات الرقائق
ليالي ثمار العشق في الشرق عفة
وأدواح روض الطهر نضر بواسق
وأيام للقيسين ليلى وفية
ولبنى ومي ذا الرمام تصادق
سلام على آدابنا وجدودنا
وأحسابنا ما فخم الضاد ناطق •••
تقسمني همي، فجفني مترع
وصدري بالضيف الذي حل ضائق
فللصيف مني ظاهري وملابسي
وللحب ما ضمت عليه البنائق
سفاه من الجو الذي لا تطيقه
يكون لها منه خدين ملاصق
وتبا لهذا الحر يرشف ثغرها
ويلثمها في خدها ويعانق
فيا صيف خفف من هجيرك رحمة
وإلا فأخزاك الحيا والصواعق
كفى بك ثقلا بيننا أن تقطعت
وبين الربيع النضر تلك العلائق
وإني على جهد الشقاء وإنها
لصادقة شكوى الغرام وصادق
أحن إليها كلما ذر شارق
وتذكرني ما صاح يا ليل عاشق
كلانا وإن طال البعاد وقطعت
حبال أمانينا مشوق وشائق
جنات مصر
هزت النفس روضة أنف
كل روح بروحها كلف
في ربى النيل ما انثنى عجبا
تنثني حوله وتنعطف
غادة زهرها محاسنها
وشذاها العفاف والشرف
ثوبها السندسي زركشه
بالنضار النعيم والترف
فمن الورد كل نادية
في أكف النسيم ترتجف •••
تاجها العسجدي رصعه
بالجمان الثراء والسرف
فمن الفل كل لؤلؤة
ما تشظى عن مثلها الصدف •••
خدرها من زبرجد وله
من دمقس مفوف سجف
فمن الياسمين متسق
ومن الأقحوان مؤتلف •••
يا عروسا تزف حالية
عرسها فوق وصف من يصف
حمر راياته شقائقها
خافقات والنرجس النجف
والمغنون في بلهنية
حولهم من ثمارها طرف
كل تخت من الزمرد مه
تز عليه مطرب يقف
دمعه خمرة يرقرقها
صوته والنسيم يرتشف •••
تلك جنات مصر لا برحت
أنعما تجتلي وتقتطف
أذكرتني بعهد ناعمة
كان لي في الصبا بها شغف
بين سطر من الحسان بدت
قدها من حروفه الألف
أجتليها ووجهها خجلا
يرتدي ورده ويلتحف
ودموعي لبرق مبسمها
فوق خدي عارض يكف
ثم ولى الصبا فوا أسفا
لو يرد الصبا لي الأسف
شمي نسيمك
أذاع غرامه فغدا شهيرا
وصاحب فيك قلبا مستطيرا
وما بالي أرى دمعي غزيرا
وكنت عهدته نزرا يسيرا
أذلني الغرام وكنت ليثا
ولست أزال وثابا هصورا
إذا الآساد يوم وغى رأته
على أعقابها ولت نفورا
خذيني بالدلال الحلو أحيا
به لأعاني الهم المريرا
ولا تتسلحي بالهجر إني
لبست لحده عمرا قصيرا
غدا شمي نسيمك واذكريني
بقلبك تذكري برا شكورا
لعين وفائه ما عاش لحظ
يظل إلى محاسنكم مشيرا
إذا روح الشمال سرى إليه
تنسم من شمائلكم عبيرا
ولا هبت لكم يوما جنوبا
فما حملت لكم إلا زفيرا •••
سلي زهر الرياض وناشقيه
وشاربها هناء والمديرا
أغير الحب أنشقه ذكيا
وغير الدمع أشربه طهورا •••
سقى تلك الغداة الدمع وبلا
يغادر عهد ذكراها نضيرا
وقفت لكي أراك وكان يوما
على كبدي التي ذابت عسيرا
تلفت إذ طلعت إليك قلبي
وحاول من ضلوعي أن يطيرا
ولولا أنن أمسكت دمعي
لأجري في محلتكم غديرا
وكانت نظرة قتلت جريحا
وشدت في سلاسلها أسيرا
وهاجت لوعة في صدر صب
وزادت نار ولهان سعيرا •••
وكم يوم عزمت على لقاء
أعين به على الشجو الضميرا
ولكن لا يطاوعني حيائي
وعزم كنت أحسبه طريرا
أتثبت بي على الأفلاك رجلي
هبي لي قبلها جلدا كبيرا •••
سقى أكناف دارك بابلي
من الأنواء ينبتها السرورا
وعاج على مغانيكم ولي
من النعماء يوطئك الحريرا
منازل شمسها تحيي فؤادي
ويملأ بدرها عيني نورا •••
متى نحيا ونسعد في حياة
إذا أعيادنا كانت فجورا
إذا شم النسيم دنا إلينا
نعد له المعازف والخمورا
وريحانا ندنسه بأيد
قد امتلأت من الدنيا غرورا
وكم شاهدت ذاك اليوم طفلا
وكنت عرفته شيخا وقورا
تسكع في العماية لم يوقر
مهذبة ولم يرحم صغيرا
وكم ضجت سفين بالمخازي
ويأبى النيل إلا أن تسيرا
وهل يصفو لهم في النيل ورد
وقد قتلوه كنياكا وبيرا
أرى آدابنا فسدت وأضحى
أرق حديثنا هجرا وزورا
أرانا في تواكلنا اتفقنا
وشابه فيه أحقرنا الخطيرا
يقصر صانع ويضل قاض
ويترك أرضه الفلاح بورا •••
وهل يبقى القليل لنا طويلا
ولم تحفظ أناملنا الكثيرا
ننام عن المفاخر والمساعي
ونبني من أمانينا قصورا
أم الدهر
قف على الأهرام وانظر ما ترى
هل يلوح النيل من تلك الذرى
لابسا من كل مرج حلة
ساحبا من كل روض مئزرا
هل رأت عيناك أبهى صورة
عمرك الله وأحلى منظرا
إن مصرا جنة من نيلها
فجر الله تعالى كوثرا
إن مصرا غادة مرآتها
نيلها، أعطافها فيه ترى
هرماها ذان ثديان لها
فهي بكر حسنها يسبي الورى
وهي أم الدهر من أحضانها
درج الدهر على وجه الثرى
أرضعته ناشئا حتى إذا
ما تربى باع فيها واشترى
تلك الحلاوة
كم غادة يا نيل فيك دفينة
تلك الحلاوة من ثنايا الغيد
أنا من جميع الناس أرفه منزلا
بجواره من سائد ومسود
جذلان موفور الحبور منعم
ألهو وأرتع في حمى التوحيد
في عسكر من وحدتي وبوارق
من نجدتي وصواهل وبنود
ولقد غنيت عن المدام بمشرع
من ثغره حلو الرضاب برود
وصيتي
كفنوني بالورد والريحان
وادفنوني في سرة البستان
واحملوني ما بين رقص وقصف
وأغان وبين عزف القيان
واقرءوا في جنازتي وعلى قب
ري وفي مأتمي كتاب الأغاني
واشربوا راحكم هنيئا على رمس
ي وصبوا عليه فضل الدنان
إنني كنت في حياتي غريبا
في بلادي (ملازم) الأحزان
لا تسل
لا تسل أفديك عن كمدي
وتمل العيش في رغد
إن ما بي لست تعرفه
نار شوق أنضجت كبدي
كل يوم منك لي عدة
لا تعذبني ولا تعد
أنت يا باخل تعبث بي
في هوى عينيك والغيد
أرسل الطيف وعلمه
كيف يلهو الظبي بالأسد
فدنا الطيف وهيمني
ثم خلاني ولم يعد
يا ضنى بالله تخبرني
ما الذي أبقيت من جسدي؟
ديوان الملاحة
ومعذر كالنمل دب بخده
يبغي إلى عسل الرضاب مساربا
قالوا نظرت إليه نظرة شاعر
ماذا قطفت لنا فقلت مداعبا
إني بخضرة شاربيه لمعجب
والله يخلق ما يشاء عجائبا
لما رأى درر الرصاب فرائدا
جعل الزمرد للعقيق مصاحبا
أنا بالصفات وبالمحاسن عالم
خذني لديوان الملاحة كاتبا
واجعل عطائي كل عام بسمة
تملأ لي الدنيا نعيما ذائبا
كم ميت ظمأ وأنت حميته
برد اللمى وسقيت هذا (الشاربا)!
الحب هذبني
قربت فسر جمالها نظري
ونأت فآنس ذكرها قلبي
من كان يشكو حب ناعمة
أنا شاكر في البعد والقرب
الحب هذبني وشرفني
والحسن قربني إلى ربي
ليلة البدر
يا ليلة البدر ما أبهاك في نظري
مع الحبيب كثير الدل والخفر
الروض من فوقنا بالطيب تنفحنا
والنيل من تحتنا يجري على قدر
وإن تغنت على غصن مطوقة
أجابها شدو ورقاء من البشر
الراح ريقتها والبدر غرتها
والعود من صوتها يجري على الأثر
آليت في جنة الفردوس مجلسنا
لو أن أثوابنا من سندس خضر!
نأى بوجنته
ظن القضاء يريحني من هجره
لما تلفت ضنى فعاد يودع
وسألته لما دنا من مضجعي
نيلا يزود راحلا لا يرجع
فنأى بوجنته وأعرض باسما
ومنيتي لبقيتي تتطلع
نفسي فداك أجود فيك بمهجتي
وإذا سألتك ما سألتك تمنع
قد كان لوم اللائمين نصيحة
لو كان يبصر عاشق أو يسمع
موقف صدق
وموقف صدق من حبيب وقفته
وقد قرب الطرف الأغر ليركبا
نصبت له الكرسي تحت ركابه
فخف إليه عازما متأهبا
وهم ليرقى سرجه فتزلزلت
قواه فأمسى واهنا متهيبا
ولم أر بدا من مساعفة له
مخافة أن يردى وأن يتعطبا
فيا ثقل ما حملت حين أعنته
بيمناي من نعمى بخيل تنقبا
فلو لم أخف ربي تمنيت حمله
إلى يوم ألقى الله في الحشر مذنبا
حتى الرسائل
حتى الرسائل لا تجود بها
يا شد ما لاقيت من دهري
إن كنت بالهجران قاتلتي
فالآن قبل تصرم العمر
لم يبق من جسدي جفاك سوى
قلب يذوب وعبرة تجري
على رضاك
يا من عصيتك جاهلا
ها قد نزلت على رضاك
وحميت سري في هواك
فلا يلم به سواك
أنا من جهلت ومن عرف
ت ومن أذابت مقلتاك
سهران أرنو للنجو
م نعمت ترتع في كراك
وأذقتني وأنا العزي
ز الهون فيك وما شفاك
لا القرب برد من غلي
ل حشاي فيك ولا نواك
الشمس في ذهب الأصي
ل هي الشفيع إلى سناك
والبدر في أوج الكما
ل هو السفير إلى علاك
ونسيم أزهار الريا
ض روى حديثا عن شذاك
والدر من عيني أل
ثم باكيا وأجل فاك
استغفري
لله ساحرة الجمال أديبة
لعبت معاني حسنها بأديب
غزت القلوب بلحظها ويراعها
وبمخجل نضر الغصون رطيب
مزجت حميا لفظها برضابها
بالدر من أنيابها بالطيب
وأحق ما أهدت ملائكة الهوى
للواله الظمآن ثغر حبيب •••
يا من تصرح إذ أعرض باسمها
آدابها، ويرق فيك نسيبي
أنا مخلص لك في المحبة واثق
بك في الغرام فأخلصي وثقي بي
ولقد يلذ لي الهيام وأشتكي
وهو الهوى يأتي بكل عجيب
أبلى فؤادي ما لقيت من الأسى
ودنا قضائي واستراح طبيبي (كان) الذي قتلت عيونك ناسكا
متعبدا، فاستغفري وأنيبي
تنعمت بالسهاد
قضيت على المعشوق بالوصل في الهوى
لعاشقه، لو أن أمر الهوى أمري
ولولا قلوب العاشقين رقيقة
لعذبت من يجزيهم الهجر بالجمر
فما العشق إلا منتهى الجود والهدى
وما الهجر إلا أكبر البخل والكفر
تنعمت حتى بالسهاد وبالضنى
ولذ الجوى فاشترت من ناقع الصبر
وأخلصتها في القرب ودى وفي النوى
وأصفيتها في السر حبي وفي الجهر
يحلق في جو الكمال بهاؤها
فيرقى له قلبي بأجنحة الفكر
وتطلع من صدري شموس جمالها
وإن بعدت عني وتغرب في صدري
قمر
قمر لا عيب فيه، باهر
في سنى خديه يحيا ويعاش
ما له تحرقني أنواره
مثلما يحرق في النار الفراش
ليس لي من جسد في حبه
ذلكم عظم وجلد وقماش
دموع الجليد
أكرم الحمد للكريم الحميد
وذرا المجد والعلا للمجيد
واسع الملك مستفيض العطايا
مانح الكائنات نعمى الوجود
كافل الرزق للبرايا سماحا
واهب الرشد ملهم التوحيد
جاعل الخصب والرخاء أليفا
وحليفا لنيل مصر السعيد
ومحلي الغصون بالثمر الحل
و وكاسي الرياض خضر البرود
ذو حبا مصر رونقا وبهاء
فهي تزهى بحسن عذراء رود
من سهول تموج بالقطن والس
كر والحب قائم وحصيد
لنخيل تهتز بالتبر والياقو
ت حلى زبرجدي الجريد
في سماء أرق من دين من با
ع الحمى للعدا بفان زهيد •••
مضحك الورد في خدود العذارى
مازج الشهد بالرضاب البرود
الغنيات بالطلى عن عقود
والبخيلات باللمى والنهود
مقرضات المهى اكتحال عيون
وغصون النقا اعتدال قدود
منزلاتي إلى سماء هيامي
من ذرا توبتي وعرش (العهود)
رافعاتي من غض طرفي زهدا
لمقام الرضا وأنس الشهود •••
خالق الهدب مرهما وسلاحا
لجراح القلوب والتضميد
ومبين الحلال في شرعه الحك
م وحامي الحمى مقيم الحدود •••
يا شقاء حمى حميا رداح
ونعيما مضى بريا خريد
إن تراءت فالبدر أوج السعود
أو تسامت فكوكب في صعود
أو تهادت فدعص تبر مهيل
تحت خوط من لؤلؤ أملود
أو تنادت فشجو ناي وعود
في تسابيح بلبل غريد
أوردتني ماء الحياة لذا ش
ق احتمال الصدور بعد الورود
ريق مزن في ماء ورد مزيجا
في جنى النحل في ابنة العنقود
أقصد الدهر مهجتي إذ رماها
فشفى صدره بسهم حديد
كل حي مفارق الإلف والدا
ر ولو عاش ضعف عمر لبيد
والردى غير فارق عندما ين
زل بين المقلي والمودود
لا يبالي دموع باك ولو جا
د بسمطين، لؤلؤ وفريد
ما أذالت من دمعها أم دفر
لا على والد ولا مولود
تطأ الرأس أشعثا أو دهينا
ضاع بين التصفيف والتجعيد
سهمها نافذ ولو نتقيه
بحديد مضاعف مسرود
نحن ركب إلى الفناء مغذ
من مسوق لحينه أو مقود
شد ما كنت تزعميني جليدا
فتعالي اشهدي دموع الجليد
صار حيا ميتا يروح ويغدو
فوق وجه الثرى بقلب وئيد
ذاك أمر الإله لو يسعف الصب
ر فتلك اللحود عقبى المهود •••
يا بلادي فداك كل عزيز
لا تذلي وجاهدي تستفيدي
نصف قرن من النضال قليل
في بناء الحياة والتجديد
فاعملي تدركي المنى واستمدي
من قوى الله عاجل التأييد
واتركي الخلف والشقاق وجدي
في اجتناب الهوى وطرح الحقود
والجئي للثبات والصبر يا مص
ر وحامي عن الذراري وذودي
وإن (الوفد) حاد عن شرعة البأ
س فعن خطة العلا لا تحيدي
راقبوا الله في بنيكم وخافوا
لعنة لا تجوزكم في اللحود
ليس بالهين الخلاص من الأس
ر وتحطيم محكمات القيود
إنهم يفترون حقا لدينا
ويريدونكم كزور الشهود •••
أمة همها مطاردة الإنس
ان في الأرض وابتلاع الوجود
شربتنا دما وباق عليها
أكلنا أعظما ولبس الجلود •••
فاعملي بالخداع يا دولة الشر
ومدي من الشباك وصيدي
وأعدي الفخاخ للإنسان والجن
وللبدر والسماكين كيدي
كم جريح بسيف بغيك في الأر
ض بريء وكم قتيل شهيد! •••
رب هذي ذنوبنا ولك الحج
ة فالطف بتعسها من جدود
تجعل النيل إن تشأ رافد ال
تاميز والمسلمين سبي اليهود
أنت لولا علاهم ما خلقت ال
ماء من دافق ولا من جليد
لا ولا يابسا دحوت ولا شي
دت طودا بالصخر والجلمود
رب هند لهم طريف بأفري
قا مطل على المحيط مديد
حده (الكاب) إن أردت جنوبا
والشمال الشرقي (مينا سعيد) •••
يا منجي البيت العتيق قديما
نج مصرا من ابنها (محمود)
هد منها ودك صرح علاها
بخراطيم أنفه المعقود
أرسل الطير من أبابيل بالسج
يل واحطم أعداءها بعمود
قلدوه العصا وقالوا تقدم
لا تبالي بعدة أو عديد
كيف نرضى ببرلمان وشورى
ولنا منك (موسليني) صعيدي
إنما ساق حزبه للمنايا
عندما ساقنا بسوط العميد
ليس حزب الأحرار من يحكم النا
س بسوط بل ذاك حزب العبيد
قد كذبتم على اسمكم بل أردتم
منه عكس المراد والمقصود
ليت شعري والنيل أصبح فوضى
واغتدى كل مفلس كالرشيد
ابن محمود ارتقى عرش مصر
بجبين أم قبضة من حديد؟
لست أدرى وكل شيء عجيب
في جديد البناء والتشييد
لم حزب الدستور يهدم دستو
را أقمناه بعد جهد جهيد
بدماء مهراقة ودموع
من رجال ومن عذارى وغيد
وانصداع الأكباد تهتف يا مص
ر استقلي واحيي ويا مصر سودي •••
رب قوم يروجون لمحمو
د ليسقوا من حوضه المورود
لم يكونوا منا وإن خالطونا
إنهم من سلالة النمرود
بئسما كافؤوا بلادا غذتهم
من سمين وألبست من جديد
أطعمتهم مصر الشهاد وكانوا
هم لعلك النوى ومضغ الهبيد
قاطعوا غادر الجرائد إذ لا
لا ولا تزجروا بهاد وهيد
تجعلوها كمائما لذويها
أو طعاما للنار ذات الوقود
واعزبوا أيها الثعالب عنا
مصر أدرى بكل باغ كنود
سوف لا تخطبون في كل خطب
يعترينا وأبشروا بالجمود
إن للشعب وطأة تطحن الصخ
ر وصوتا يلوي بقصف الرعود •••
لا تظنوا بي الظنون فإني
قانع لا أقول هل من مزيد
أنا فوق الأغراض أهتف والأح
زاب لا أستريح للتقييد
لست (حرا) ولا أتحدت ولا شا
يعت إلا قصائدي ونشيدي
لا أرى مصر غير حزب وإن كن
ت لسعد ومصطفى وفريد
وخليل وحافظ وأبي الآ
يات شوقي أمير كل مجيد
لا أبالي إذا صدقت وأخلص
ت وأصلحت ما يقول حسودي •••
شرف الغادرين نقض العهود
وعلا القاسطين ظلم الهنود
إنما الإنجليز من قد عرفنا
في أكاذيبهم وخلف الوعود
طمعوا في رقابكم فاقطعوها
واستريحوا من وصلهم والصدود •••
مكدونلد لبوصة في هواكم
من دهاء لا من سخاء وجود
ذاق عذل المحافظين من القو
م ومر الملام والتفنيد
لويد لم يزل لديهم مكينا
نافقا في الدهاء غير طريد
وهو عندي أبو شروط اقتراح
هو في العقل عقد بيع أكيد
ويل هندرسن له قلب الشك
ر ليغتر كل فدم بليد
وتراءت من يوم عزل العميد
مصر بين البكاء والتغريد
كفكفت من دموعها واستعدت
لنوال المنى وعيش رغيد
غاب جورجي وجاء برسي وهذا
من نحاس وذلكم من حديد
كلهم يختلي الرقاب ويمضي
في اختراق الحشا وقطع الوريد •••
يا وزير العمال كيدك مردو
د فهزوا لنا حسام الوعيد
إن حول الأهرام شعبا أبيا
لا يبيع الأوطان بالتهديد
ما الذي تصنعون إن لم نعاهد
كم على ما بطبعكم من برود
أغلقوا البرلمان لا خير فيه
فسيودي بطارف وتليد
ما رجعنا في عشقه وهواه
لرشاد ولا لرأي سديد
واجحدوا حقنا شقاقا وبغيا
لن تغضوا من حقنا بالجحود
واحكمونا بالدكتاتور وبالإر
هاق والعسف ننتبه من رقود
ويزل ملككم وننعم بشورى
وبنصر من ربنا موعود •••
إن ظلم اقتراحكم لقصيد
بيد أن السودان بيت القصيد
فهو موت لشعبنا أو حياة
ما لنا عن فجاجه من محيد
يوم عنا تضيق مصر ولا مه
جر إلا رباه أرض الجدود
بل تريدون جنة في صحا
رى التيه تهدى لكم ودار خلود
غير أن الإسراف حرمه الله
فمصر أولى بتلك النقود
كم قناة تحت (القناة) ترو
مون وكم روضة وقصر مشيد
ومن الصفر واللجين تريدو
ن بناء لكم أم القرميد؟ •••
ليس إلغاء الامتيازات غنما
لسواكم من واغل مستفيد
تجمع المال مصر من كل صوب
وعليها يشار بالتبديد
من رقيب إلى اليمين مقيم
وعتيد إلى الشمال قعيد
مستشاران منكر ونكير
للتقاضي وللعذاب الشديد •••
أي خير في بعثة بعد أخرى
منكم تستعار كل بريد
من صقور مظلة ونسور
وذئاب مطلة وفهود
بعثة للحلول في مدن القط
ر وأخرى لظالم التجنيد
قد عرفنا القليل (خمس سنين)
هل يكون الكثير يوم الوعيد
أفصحوا عن مرادكم وأبينوا
ما لكم تلجأون للتعقيد •••
بل أردتم تجنيدنا لحروب
طاغيات تعسا لنا من جنود
لو أطقنا حمل السلاح لأنزل
ناكم كارهين خلف الحدود
بظبا كل أبيض مصقول
في قفا كل أشقر رعديد
وبحمر الصدور سمر لدان
هزها كل أسمر صنديد •••
جردوا من صوارم ما تشا
ءون وصونوا سيوفنا في الغمود
أوقدوا جمرة الوغى بسوانا
وذرونا فجمرنا في خمود
لا لقحطان شعب مصر ولا فر
عون لا بابنه ولا بالحفيد
ملككم شامخ الذرى مترام
في سهول لا تنتهي ونجود
فاجمعوا منه من أشداء للأف
غان والصين بين بيض وسود
من (أشنتي) و(نيجر) و(سراليو
نا) ومن (إستراليا) و(الهنود)
وانفحوا البوق في جزائر (انتي
لا) وفي (غينيا) وأقصى الوجود
يتجمع لكم قدى الرمل جند
من عبدى ومن ملوك وصيد
ودعونا، فشعبنا غير طب
باقتحام الردى وغير جليد •••
إن في تاسع الشروط لواوا
قبل (في) فتحت عيون الهجود
لم تكن في محلها واو عمرو
بل لمعنى زيدت وخبث جديد
إن هندرسن له واو عطف
هي واو المحافظ المستزيد •••
ومن المدهش المحيذر لل
ب المعمى من الوفاق العتيد
أننا نبعث الموظف في الجي
ش لإنكلترا لدرس مفيد
دولة مستقلة من صفا شل
لال أسوانها لشط رشيد
ليس فيها من موقع صالح يب
نى لتدريس جيشها المعدود
كيف نبني من السويس قصورا
وحصونا لكم لبورت سعيد!
ليس ذا بالدليل منكم تقيمو
ن على رد حقنا المفقود! •••
يا بني خفرع وسيتي ورمس
يس ومينا وكل قرم عنود
وبني الفاتحين تركا وعربا
وبني أم كل شهم نجيد
من فراعينه قد افترع المج
د ومن عربه نيوب الأسود
ليس يرجى من عصبة الأمم الخي
ر لكم من شرور تلك العقود
فارفضوا صلحهم بكل إباء
إنهم يحسنون لعب القرود
صح ما قال دارون غير أنا
ما عهدنا القرود حمر الخدود •••
لا تخافوا في مصر عريا وجوعا
كل يوم يأتي برزق جديد
واعلموا إن صبرتم واتفقتم
أن يوم الجلاء غير بعيد
هل يعوز انتصارنا غير نزر
من جهاد وغير ضم الجهود
إنما المستحيل ما قال نابو
ليون وهم ما إن له من وجود •••
كم شعوب نجم السعود حداها
لم يسمر بتاجها المعقود
كل تاج إلى التفكك يوما
غير تاج المسيطر المعبود
من رقاب الملوك موطئ نعليه
ويافوخ كل طاغ مريد
واستوى عنده أفي يوم حزن
يهلك الظالمين أم يوم عيد
يملك الأرض والسماء ويقضي
بنحوس لخلقه أو سعود
حكمه العدل حين يمضيه لا يف
رق ما بين سائد ومسود
من عظيم مشفع أو مليك
أو حقير مدفع أو شريد
أمره في الجنود يخترق الص
ف ويمشي على القنا والبنود
عاهدوه ووحدوه ولا تس
تقبلوا غير وجهه بالسجود
الرسم المعشوق
أحببته رسما ولم أر شخصه
وكتمت عنه محبتي تبجيلا
يا رسمه أخلقت خدك لاثما
هل ذنبه أني أراه أسيلا
يا صورة ذاب الجمال معانيا
فيها وسال إذا أصاب مسيلا
أبصرتها عرضا ولم أك عاشقا
فغدوت عن نفسي بها مشغولا
ولو استطعت خبأتها ضنا بها
تحت الضلوع وما شفيت غليلا
أغدو إليها أو أروح بطاقة
فيحاء أنظمها لها إكليلا
ضنا برسمك أن يذال بهاؤه
عندي وأن أجد العزيز ذليلا
وبلطف قدك أن أرى لخياله
غير الأزاهر والرياض مقيلا
ما زلت أعتقد الجمال لرسمها
حتى أريت من المنام دليلا
شاهدت بدرا في الظلام معانقي
أحوى غضيض الناظرين كحيلا
أدنى الخيال إلي في سنة الكرى
فمه وجاد مقبلا تقبيلا
فنعمت من شفتيه بعض دقيقة
إحدى ثوانيها تطاول جيلا
أنا لا أخاف الموت بعد لأنني
رغم الشباب الغض عشت طويلا
أعطى الجزيل ولم تشأ آدابه
إلا اعتذارا في الكرى مقبولا
سامحته إن لم يصلني بعدها
إني أرى هجر الجميل جميلا
حسبي وصالا
مال الدلال بعطفها فثناها
وسمت إلى عرش الجمال فتاها
برزت تمجد من براها أنه
قد زين الأكوان حين براها
خطرت تحف بها ملائكة التقى
ويهز عرش الحب وقع خطاها
نابعتها مستجليا حتى إذا
أبلغت عيني في النعيم مناها
قالت لصاحبه لها أفديك من
هذا الكليم وإنني لفتاها
ما بالها قد أينعت جناتها
وتظل تجهل من يرود حماها
عجبا أتنكرني وتجهل موقفي
والوحي أول ما يجول نهاها
أرنو إليها والسهام تصيبني
ويدي على كبد تذوب حشاها
ولو أنها تعطي مشوقا نائلا
نزلت بدور التم تلثم فاها
لا شيء يشبه حسنها ولربما
حكت الربيع شمائلا وحكاها
ولعله ألقى عليها حليه
لما توهج واستعار حلاها
وإذا البلابل في الرياض ترنمت
فحديثها بل تلك موسيقاها
حسبي وصالا أن أعيش بذكرها
في غبطة أقصى النعيم مداها
وأنال في الدنيا الخلود بجنة
عبق الطروس اليانعات جناها
راقت مواردها ورق نسيمها
وشدت بلابلها وطاب شذاها
مصيف الرمل
رمل ولا كل الرمال
ومعاهد زهر حوال
عانقن أبكار الصبا
وفرعن عذراء الشمال
إسكندرية صيفها
مرح لمحزون وسال
والبحر صب جمالها
متغضب حلو الدلال
وافي يبل ذيولها
بدموعه بعد اختيال
ونزلن يسبحن المهى
فطفا على الموج اللآلي
وكأنما هبط الكوا
كب والبدور من الأعالي
فشرعن فيه مشارعا
أحلى من العذب الزلال
أوردتهن خواطري
فرضعن معسول الوصال •••
ويتيمة عصماء من
درر المقاصير الغوالي
برزت تعلل صيغها
بالراح في عز الجمال
في محفل متألق
بسنى الغزالة والغزال
وملاعب سحرية
من قبل ما خطرت ببال
يممتها وجلست قي
د الرمح من مرمى النبال
لا أن لي درعا تصو
ن، وإنما موتي حلالي
سكرت وأسكرت الكئو
س بظلمها وبسحر خال
فترنمت أقداحها
وترنحت بنت الدوالي •••
وقد التقينا في الترا
م ، وحالها شوقا كحالي
في مأزق متراقص
بالآنسات وبالرجال
من كل فتان الحلى
ذاكي الشذا سامي الخلال
والركب يدفعني لها
وأخاف يلمسها خيالي
ولها أخ كالسيف ير
قبنا، وتبسم لا تبالي
طربت من القدر الشفي
ق بنا، الحميم لنا، الموالي
وتيامنت لكناسها
ولبثت في أهل الشمال •••
وخريدة بالمكس من
غرر الرطيبات الطوال
تحسو الرحيق، ولحظها (سهمان) بيني والهلال
حتى انتشت فتمايلت
تخزي الغصون على التلال
وتعقبت أثري إلى
نشز من الرقباء خال (وشدت) تساومني الصبا (وي
oui ) بافتتان وابتهال
فنسيت (نو
non ) متغابيا
وعجزت عن رد السؤال
فتراجعت في حسرة
عني ويأس واشتعال
ولو انتحت بجمالها
ملكا لقال لها تعالي! •••
ما لي وغيد إسكندر
ية والغواية والضلال
وأنا الجريح أخو الضنى
وأنا الغريب أبو العيال
سأذود عرضي عن حيا
ض الجهل إن العرض غال
وأعود للحرث العتي
د وللسماد وللجمال
إسكندرية بعض مص
ر، ومصر كل للجلال
وأحل منها جنة
فيحاء وارفة الظلال
تجري لنا أنهارها
بالشهد والخمر الحلال
الحب في الحب
رقت شمائلها فما ذنبي
يا لائمي أن حبها قلبي؟
رشح دمي، فبه قد امتزجت
أو شق عنها بالمدى جنبي! (مشمول) عتبك لا يوافقني
فاشرب معي من دمعي العذب
ريانة الأعطاف من عجب
نفاثة بالسحر في الكتب
أصفيتها حبي وأحسبها
تصبو لعاشقها كما تصبي
فاستكبرت وعلت ولا عجب
لا تحفل الأقمار بالشهب
آليت لا أشكو لها ألما
من هجرها أشكو إلى ربي
لو أنصفتني في معاملة
لم تعط غير الحب في الحب
لوريت
نفس ممزقة النواحي
ترنو إليك من الجراح
وتبيت باسمك تستغي
ث من المساء إلى الصباح
لوريت صدرا فيه من
ك أحر من طعن الرماح
لوثقت أن هواك أو
في بي على القدر المتاح
قلب معذب
سلي، يشهد الوادي، أروته أدمعي
وقد أقصر النيل الوفي فأخصبا؟
وهل حملت أهرام مصر فلم تسخ
من الوجد ما حملت قلبا معذبا؟
أجل، ساعدتني شيمة عربية
فقلت لسقم زارني فيك مرحبا
وأطعمته لحمي وأسقيته دمي
وآنسته حتى أقام وطنبا
وجافيت عذالي وعاديت لومي
ولو كان أما فيك من لام أو أبا
ولو أن ليثا عض قلبي بنابه
ليذهل عن ذكراك (ثانية) أبى
ماطله
ماطلة مبسمها
من كنزه عقودها
لم يقض ديني فمها
وكم لواني جيدها (حاكمة بأمرها)
معذب عبيدها
روحي ومالي ملكت
فما عسى أزيدها
باريسية
وباريسية فتنت
وظاهر خدها العينا
لها لفظ حلاوته
جلت عن قلبي الرينا
لو ان النيل ناغته (لساح) ويمم (السينا)
فجئت بعذب مبسمها
يغرد راءه غينا
ويسألنا عن (السنتي
sante )
وأين نحسها، أينا
فلم نقدر على لفظ
يوفي لطفها الدينا
سوى أنا لمبدعها
ركعنا ثم صلينا
ذات الخال
ومليكة، ضحكت لنا ال
دنيا على تغريدها
وبكت ذوات الطوق تح
سدها على تجويدها (نقطتها) إنسان عي
ني فوق ورد خدودها
ومنحتها من أدمعي
منظوم در عقودها
ووهبتها (القلب) الذي
قد علقته بجيدها
تكلمي
يا من لها وتصد (خال)
وتغضبت بعد الوصال
الشمس تضحك في الضحى
والبدر يبسم في الكمال
وتكلمي فلقد ترن
م بلبل وثغا غزال
لأهيم في وادي الهوى
وأعوم في لجج الجمال
عشق فان
أيها الليل أتدري
كم صريع للغواني
طلت هل فجرك بعدا
خد معشوق جفاني
أجملي يا نفس صبرا
من على الدنيا يعاني
ربما لاقى الهدى الحي
يران أو نال الأماني •••
أين يا شاعرة الشر
ق ويا شمس الزمان
رسمك الغالي تناغي
ه رقيقات المعاني
ويحييه رياحي
ن ولثم وأغان
فلقد ظنت فتاة
شأنها تكبر شاني
أنني أفديك لا يح
زن مخلوق يراني
طاهر القلب جميل ال
روح معسول اللسان
هكذا قالت وما قل
ت ولا ذاك بياني
حيث زكاها عذارى
في اجتماع من حسان
يغفر الله لها إس
رافها في عشق فان
حمى الطبيات
أرمل إسكندرية هل أراكا
وأفرط عقد دمعي في ثراكا
وأهتف فيك بالأشعار حتى
يهز الشجو بانك والأراك
وأبكي فيك لذاتي وتبكي
معي الطير التي تأوي ذراكا
حمى الظبيات أحسبهن صيدا
فقطعن الحبائل والشباكا
ورحن وقد عطفن عليك نجلا
صبغن سهامهن دما حشاكا
فهل من وقفة لك فيه تأسو
جراحك أو تبرد من جواكا
صاحبة العزة
خطرت فلولا الروض تحسد حسنها
ردت (لعزتها) الزيارة واجبا
وتيممت خضر الخمائل ساحها
تسعى، وما لم يستطع سعيا حبا
كلتاهما روض ولكن هذه
يلفى جناها - لو تنول - أطيبا
لفتت لتلفت عابدا عن ربه
جيدا تفضض عاطلا وتذهبا
خالستها نظر المريب وإنني
عف السريرة في الفتاء وفي الصبا
عودي بوصلك لا أبا لقطيعة
تذر الغلام الصب كهلا أشيبا
الصورة المعشوقة
متى يشتفي من بات يعشق صورة
ويغدو إليها باكيا ويروح
فيا أيها الرسم الذي أنا لاثم
وعطر الهوى من وجنتيه يفوح
أراك صموتا لا تجيب مناديا
هل الموت عشقا من جفاك يريح
كلانا خيال يا مثال حبيبتي
ولكنني روح فليتك روح!
وقال ملغزا
أحب من الحروف (النون) أني
أرى قربى لها بك وانتسابا
فلاسمك مثلها (الخمسون) حظا
بمن (بالجمل) اعتمد الحسابا
وكنت ولا أسميك اعتزاما
فها أنا ذا فتحت علي بابا
وكم من قبلة لي من بعيد
لثمت بها ثناياك العذابا
فهذي قبلة لك من قريب
وإن تركت بني الدنيا غضابا
إلام هواك يثكلني شبابي
وأكتمه كفى قلبي عذابا
يا آسري
يا آسري بجماله
بالروح يفديك الأسير
وبآله وبماله
ويقل منه لك الكثير
إن غبت عن عيني غا
ب الأنس واحتجب السرور
وإذا دنوت دنا النعي
م وأعتب الجد العثور
يا مسكري بكئوس را
ح من لواحظه تدور
من لي بأن مزاجه
ن رضابك الشهد الطهور
الخلود والحب
أنا في هواك وإن قضيت موفق
أبلى أسى وهواي حي يرزق
يبقى أزاهر في الطروس ضواحكا
تندى على لحظ العيون وتعبق
يا من على عشق الحسان يلومني
أرأيت كيف يموت من لا يعشق!
مهذبة
مهذبة حسناء أما نسيمها
ففل، وأما لفظها فرحيق
وما شهدت عيناي إلا خيالها
وهذا هيامي بالجنون خليق
ترى إن بدت يوما وعاينت شخصها
أطيق احتمال الوجد؟ لست أطيق
ألا أيها الرسم الذي هو مؤنسي
وقلبي عليه واله وشفيق
أراك صموتا لا تجاوب سائلا
متى أنت من خمر الدلال مفيق؟
مهاة الواديين
لك يا مهاة الواديين فؤادي
مرعى هوى ومعين صفو وداد
فتألقي بدرا على فلك النهى
تندى أشعته على الأكباد
كم في ربوعك للمتيم وقفة
عبق الربيع بها ورن الوادي
تسقى منابت وردها وأقاحها
بروائح من عبرتي غوادي
لم يحتجب عني سناك فإنه
خاف لعيني في فؤادي بادي
والشمس يحمل لي ضياء جبينها
أنباء طيف جبينك الوقاد
والفل ترفع مسكرات عبيره
كأسا لأنفاس إليك صوادي
حملوا وارتحلوا
قل لجيران لنا
حملوا وارتحلوا
أصبح الولهان لا
يهتدي ما العمل
شاقه الظعن وهل
بعدهم يحتمل
عج على الرمل بنا
فهناك الأمل
وعلى سان استفان
حيث يحلو الغزل
ويك يا عاذلتي
لا يحيك العذل
في غزال أغيد
كشحه منجدل
قد غزانا قده
واستبانا الكحل •••
ويح قلبي في الهوى
ما الذي يقتبل
كلما قلت صحا
راجعته العلل
يا ريم
يا ريم إنك والذي يجلو الضحى
أولى الحسان بمدحه تختار
طهر الملائكة الكرام وطلعة
فتانة تعشو لها الأبصار
وذكاء شاعرة إذا هي غردت
رق البيان وسالت الأشعار
والشرق أقسم لا تضل حسانه
سبل الهدى ولهن منك منار
وشمائل غنت بها الأطيار
ومآثر عبقت بها الأخبار
ولقد رجوتك مرة مستجديا
سفر (الحياة) فجاءنى التذكار
واليوم رسمك أستميح وربما
نال الجوائز شاعر ثرثار
والله يعلم أنني لك شاكر
كلف بذكرك ما أضاء نهار
إن كنت لم أر شخص (ريم) فرسمها
فالشمس تعكس نورها الأقمار
غادة الشرق
من لي بصاحبة إذا حدثتها
عطفت علي بناضر بسام
ورنت إلي بناظر متوقد
يجري مجاري الوحي والإلهام
يا غادة الشرق العظيم ودرة ال
تاج الذي حطمت يد الأيام
أنت البقية من معالي أمة
درجت وإرث مملكين عظام
جددت عهد هوى تقادم عقده
ما بين مصر وبين ملك الشام
ووصلت رفعة هيكل متساقط
في بعلبك بعزة الأهرام
كان هلالا
كنت في ذلك المساء هلالا
حين ناغاك روحها المستنير
وهي من رقة تكاد تطير
لتلاقيك فوق عرش البهاء
وتساميك رفعة وجلالا (كنت في ذلك المساء هلالا)
حين سالت فجسمها الفل روح
وانتشت فهي بالغرام تبوح
في حديث كبارد الصهباء
زاد لطفا ورونقا حين طالا (كنت في ذلك المساء هلالا)
عندما شيدت قصور العقيق
وتغنت بكل معنى رقيق
زينة الشرق فتنة الشعراء
من غدت أفصح الحسان مقالا (كنت في ذلك المساء هلالا)
لولا الحياء
أنا لست من عشاقه
إن عشت بعد فراقه
قمر رأيت الشمس تطل
ع من عرى أطواقه
ريان من خمر الصبا
نشوان من أحداقه
يهتز في أبراده
كالغصن في أوراقه
لو كان يروي عاشقا
ما سال من آماقه
ما بات صب جماله
حران من أشواقه
لولا الحياء سجيتي
والتيه من أخلاقه
لأطلت يوم لقيته
من ضمه وعناقه
وأكلت من تفاحه
وشربت من درياقه
وهصرت غصن قوامه
وحللت عقد نطاقه!
لا مرحبا
ذات العيون النجل مهلا
أسرفت تجريحا وقتلا
أنا في الشباب فهل حسب
ت الصبح من ليلي تجلى؟
ولطالما اهتزت قدو
د الغيد لي عطفا ودلا
وعرضن لي فأبيت تفا
حا ورمانا وفلا
أطلقت سهما في حشا
ي وفي حشاك رشقت نصلا
فتذوقي كأس الغرا
م معي فقد أسأرت فضلا
يا طول وجدي بالشبا
ب ويا عنائي لو تولى
متطفل في الحب من
نزل المشيب به وحلا
دع يدي
آسي الحي احتسابا دع يدي
داو إن كنت عليما كبدي
ذلك الخيط الذي أوهنته
كل ما أبقى الهوى من جسدي
إن يكن لي من دواء ناجع
فهو ما بين ثنايا أغيد
أنا لا أبقى طويلا فاسترح
وليعش حلو اللمى في رغد
يحلو ويملح
أجدي أني لا أرى غير رسمها
على أنه يحلو بعيني ويملح
وما أنصفتني من عشقت خيالها
فإني أبلى وهي تلهو وتمرح
وقد قيل لي إن العرائس مثلها
إذا أهيدت حمر القلائد تفرح
فصغت إطارا من عقيق لرسمها
بدمع من العينين والقلب ينضح
فلو شهدت جفني يرش خيالها
رأت رجلا في هيكل الحسن يذبح (إذا غير النأي المحبين لم يكد
رسيس الهوى من حب عزة يبرح)
وسعت صبابتي
إني ودمعي شاهدي
أهوى بيانك والمعاني
وأحب ذاتك في الأوا
نس والعذارى والحسان
حبا على الساعات ير
بو والدقائق والثواني
فخذي هناءك وافرا
وذري الشقاء لمن يعاني
إني وسعت صبابتي
كرما وضاق بها زماني
الرسم الفاتن
يا حسن رسم من افتتنت بها
لولا فؤادي منه مجروح
لو أنني أرنو لصورتها
بلحاظها دبت بها الروح
تهتز بي الدنيا إذا ذكرت
ويضيق عن أنفاسي اللوح
هل تذكرون
ياغائبون وقلبي في تذكرهم
يسيل دمعا وهم يلهون سلوانا
هل تذكرون عهودا لست أذكرها
إلا زفرت وثار الوجد بركانا
أيام لا در إلا في مقبلكم
ولا عقيقا وياقوتا ومرجانا
وكنت أشتار شهدي من مراشقكم
وأجتني خدكم وردا وريحانا
كنا وكنتم وكان الصفو يجمعنا
فحظنا الآن من لذاتنا كانا
ليت الليالي التي جادت بقربكم
ما أعقبت جودها بخلا وحرمانا
عربد ولا تحتشم
كالخز إلا أنها ألين
كف فتاة لحظها يثخن
صافحتها والقلب يخفي لها
من لوعة ما ناظري يعلن
يا جنة تاهت بها جنتي
ولذت الأسماع والأعين
في قالب من فتنة أفرغت
قلبي بمن أبدعه مؤمن
طالعت منها طاقة غضة
لا الورد يحكيها ولا السوسن
يا هذه الأطيار لاتصدحي
وليصدح الطير الذي يشجن
يا هذه الأغصان لا تنثني
ولينثني الغصن الذي يفتن
يا لحظها عربد ولا تحتشم
ذنبك مغفور ومستحسن
اعشقوه!
إن عشقا في عفة وحياء
لهو تاج على رءوس الكرام
لا أرى غيرة عليه فما لي
في هواه من مأرب في حرام
هو كالشمس يبهر العين نورا
فليمتع به جميع الأنام
ولينر حسنه قلوب البرايا
وليعالج ما ضمنت من سقام
إن في تلكم الأشعة سرا
جربوه في كل داء عقام
من ثناياه فجر الله في الجن
ة للعاشقين نهر مدام
فاعشقوه ولا تخافوا عذابا
ليست النار غير نار الغرام!
شامية
شآمية، أما كثير دلالها
فنزر، وأما لفظها فطريف
وشاعرة، حر اليراع بكفها
يبيت بأقطار السماء يطيف
وما زهرات الياسمين نواديا
لها أرج يحيي القلوب لطيف
بأذكى وأبهى منظرا من بنانها
لهن على أوراقهن رفيف
أنت الغريبة!
روحي للابسة البياض وإن ورت
كبدي وغادرت الفؤاد ممزقا
لا يملك الرائي لبارق ثغرها
أن يسترد اللحظ حتى يصعقا
غرست هواها في الفؤاد فلم أزل
أسقيه من عيني حتى أورقا
أنت الغريبة في الحسان وطالب
طلب الهوى من ناظريك فأخفقا
يتمنى
تمنيت لو كنت الخلي ولم أكن
شربت بكأس الحب من خمره الصرف
ولو أنني لما رأيت لحاظها
تنازعني نفسي فررت من الزحف
فلم يبق مني الحب إلا صبابة
وعفة نفس سوف ألقى بها حتفي
الصفح
هل لمحجوب عن الحسن شفيع
أم للذات قضيناها رجوع؟
تلك خلسات نعيم أبرقت
وتوارت ذكرها مسك يضوع
غربت شمس هنائي بعدها
هل لها يوما من الدهر طلوع
أم يعود العيش مخضرا لها
مثله بالأمس والشمل جميع
إن أكن أذنبت في حبي لكم
جاهلا، فالصفح بر لا يضيع
وكفى ما ذقته في هجركم
فلقد حملت ما لا أستطيع
حائل من الأدب
عشت عنها الرقيب يبعدني
وأرجي وصلا وأرتقب
ثم لما ملكت خلوتها
حال بيني وبينها الأدب
السكن
بين جمال الحبيب وجلال الوطن
الكأس الدهاق أو آلام الأمة وآمالها
المجد مجدك والعوالم تخدم
والعز عزك والجلال الأقدم
ولك الذي في البحر يسبح والذي
فوق الثرى والطائرات تدوم
ولقد علمنا ما خلقت أقله
وكثيره السر الذي لا يعلم
تعيا النهى وتضل في ملكوته
ويذل من جبروته المتعظم •••
أنا عبد نعمتك التي أوليتها
قدما وهذا الكون محو مظلم
من عالم الذر ابتدأت وأنتهي
لشهود ذاتك لو تمن وتنعم
إن كنت لا تعفو وترحم مذنبا
فمن الذي يعفو سواك ويرحم؟ •••
أو كنت ترضاني لمجدك شاعرا
وأنا المقيم ببابك المتحرم
فمر السماء إذا دخلت بروجها
تعطف فلا تنأى ولا تتجهم
والنيرات إذا مددت لها يدي
تكن الفرائد للعقود وأنظم
فإذا أذنت فإن ناصية النهى
تلقي إلي زمامها وتسلم
والطير تسعد والنسيم يعينني
والوحي يملي واليراع يترجم
والكون يسفر عن بدائع كنهه
وروائع الأسرار لا تتكتم •••
يا معشر الشعراء غير مغادر
أحدا إلى ساحاتكم أتقدم
عنكم أخذت وفي سنا أقماركم
أسري وخطو فحولكم أترسم
وجميعكم قمر ينير وكلكم
فحل حمية أنفه لا تخزم
وكبيركم وصغيركم وقريبكم
وبعيدكم لي مرشد ومقوم
هل تأذنون لضابط متشاعر
أو شاعر مستفلح يتكلم
قعدت به عن شأوكم ولحاقكم
غاي تشط على العتاق وتفقم
يا سحر (مطران) وحكمة (حافظ)
لكما بياني خاضع مستسلم
فمتى نبوغهما يمر (بضيعتي)
وإذا عرضت عليه شعري يحلم
وأشر أطعك (أبا علي) إنما
أنا من جنودك فارس لا يحجم
هذا لواء الشعر يخفق في يدي
أبه إلى عرش السها أتقدم؟
وافخر فإن لك الفخار جميعه
لا تدعي شرفا ولا تتهجم
هذا وحيد زمانه وعظيمه
فمن الذي يعلو لديه ويعظم
جادت ضريحك ديمة هتانة
تبكي على عهد القريض وتبسم •••
يا صب مصر لم استهنت بصدها
أم بالصدود أخو الهوى يتنعم
هجرتك لم تعطف عليك بنظرة
وسكت لا تشكو ولا تتظلم
مهما تداري بالسكوت وبالرضا
والصبر تجرعه فأنت متيم
هيهات تسترك الثياب وتحتها
شخص العذاب محرق ومكلم
فارضع أفاويق العتاب فإنه
برد على جرح الصدور ومرهم
وافزع إلى شكوى الهوى - فمذاقها
عطر الشهاد - وطعم عيشك علقم •••
لله مصر وتيهها ودلالها
وعواذلي في حبها واللوم
خود دعت لوصالها بجمالها
وتمنعت تشفي القلوب وتسقم
سفرت لمبدع حسنها فأحبها
فإذا رنا لبهائها يتبسم
روض يغني النيل في ألفافها
نغما ترق على النفوس وتنعم
تجري الشمال بها رخاء شافيا
علل الصدور عليلها المتنسم
وصفت سماء النيل حتى خلتها
مرآة نور كنهه لا يعلم
أستاره ضافي السنا وحجابه
لجج الضياء وموجه المتضرم •••
وانظر إلى الأهرام - فهي عرائس
جليت - محاسنها تروع وتفخم
زفت (وعاد) في الغيوب فعمرها
وهي الكواعب بالظنون يرجم (خوفو ومنقرع) أبو عذراتها
وبنو حفائدها (ثمود وجرهم)
يزري بأحداث الزمان شبابها
ويشيب ناصية القرون ويهرم
خلعت على التاريخ وهو جنينها
ثوب الذكاء فشب وهو معلم
تتراجع الأجيال عن ساحاتها
كلمى تفر من الخلود وتهزم
ويلوح فيها الدهر يرضع ثديه
في مهده وهل ابن يوم يفطم؟ •••
يا كعبة للفن طاف بركنها
أرقى الشعوب تحجها وتعظم
يتمسح العرفان في سدفاتها
يقضي شعائر حبها ويتمم
فإذا الشتاء دنا رأيت وفودها
عدد الدبى ولكل نسك موسم
من كل مملكة حجيج هائم
وبكل بحر أمة تتجشم
وترى من الدنيا الجديدة وفدها
موج المحيط يفل منه ويثلم
لا فرق بين بعيدهم وقريبهم
كل الورى بالنيل صب مغرم
يتسامرون على ظهور سفينهم
بجماله ويرونه ما هوموا
إن الذي بخل العيان بحسنه
جاد النعاس به على من يحلم
حتى إذا اقتربت شواطئ ملكنا
وبدا منار اسكندرية أحرموا
خلعوا المعاطف والفراء (زهادة)
فتخالهم وهم النصارى أسلموا
ودنا أريج الخلد من أرواحهم
وبدا النعيم فحدقوا وتشمموا
ويرون (طينة) لا يتم بغيرها
نسك إذا نزلوا (بمنف) فخيموا
ويطوفون بها طواف وداعهم
ما أزمعوا عنها الرحيل وصمموا
فكأن (طينة) (طيبة) في طهرها
وكأن (منفيس) (الحطيم وزمزم)
آثار مجد باذخ وعجائب
أحجارها بفخارها تتكلم •••
وافخر بموسى والمسيح وأحمد
فالخير ما نصحوا الشعوب وعلموا
بهم اتقينا ربنا وبهديهم
للخلد في فردوسه نتقدم
لا الخمر نشربها فلسنا أهلها
من يستحل السم وهو محرم؟
عن خبثها زجر الكليم وصنوه
ونهى محمد والمسيح ومريم
عدوى من الإفرنج كانت وانقضت
فاليوم هم عنها ارعووا وتندموا
ومضوا إلى تلك الدنان فأهرقوا
وغدوا إلى ذاك الزجاج فحطموا
هي للزنا سبب وإن ربوعنا
مهد الهداية عفة تتجسم
ليست مواطننا بظئر للخنا
أم النبوة للخنا لا ترأم •••
وأرى الشبيبة أعرضت عن ربها
وأعقها المتفلسف المتعلم
ترك الصلاة فلا يصلي مكبرا
أن يسجد المتمدين المتقدم
ونسوا الصيام فحل في رمضانهم
ما لا يحل وساغ أن يتسمموا
لا يصبرون عن الطعام فما لهم
صبروا لحكم الأجنبي وسلموا
تعتز مصر على الإله فوجهها
بيد الأعادي كل يوم يلطم •••
وأرى المقاهي بالشباب أواهلا (قطانهن) مطربش ومعمم
ألفوا الجلوس على الطريق لغاية
نكراء يمقتها الحياء ويشتم
من كل تارك أهله في حسرة
يبكون من ضلوا الطريق ومن عموا
العمر لهو عنده متتابع
والوقت سيف في يديه مثلم
سله عن الألعاب تسأل عالما
بضروبها (سحبان) لا يتلعثم
في النرد، في البليرد، فيما تشتهي
من ميسر، إن كنت ممن يأثم
ما أهل أوربا لديه وفنهم
كم طار قبلهم (غراب أسحم)
وهو الأخف دما يظن ونكتة
منهم وهم لا يفهمون ويفهم
هذا الذي ترجو البلاد صلاحه
جهلا وفي استقلالها تتعشم •••
عجبا لنا نصطاف بين ربوعهم
والجهل داء سراتنا والمأثم
وهل الذئاب الضاريات إذا عدت
منهم على الشرق المعذب أشأم؟
إن لم يكونوا طالبين لنا الردى
فمن الذي نبني الحياة فيهدم
ما آب منهم باختراع سائح
منا ولا قنص الفريسة ضيغم
أبهي المصاريف ناعمات شطوطنا
لو كان يبصر منجد أو متهم
هصرت بأعطاف الشمال ونادمت
شادي الصبا، فاللهو فيها توأم
كنا بهذا المال ينفق بيننا
أولى فليس لنا لديهم مغنم
ماذا نخاف على فضول تراثنا
لو حازها من أهل مصر معدم
لكننا حتى بعقر ديارنا
نلهو وليس يشذ عنهم درهم
يتوثبون فتوة ومروءة
وجميعنا صرعى التواكل نوم
أصمت سهامهم التي لنضالنا
راشوا وطاشت للكنانة أسهم •••
يا دولة الأخلاق لا تتهيبي
قلمي، فقد يكوي الطبيب ويؤلم
ماذا أعدد من عيوب بني أبي
وأنا بما عددت منهم أوصم •••
لله منزلة المهندس بيننا
ماذا يحل من الأمور ويبرم
أموالنا في كفه ونفوسنا
فالله يحفظ من أذاه ويعصم
يثري رجال الري قبل رفاقهم
فكأن كرسي المهندس منجم
ومن العجائب أن تجف زروعنا
والنيل فياض الجوانب مفعم
لو تستطيع شربته وحبسته
مرضا ولا تردى ولا تتألم
واصعد إلى جو الغمام لصرفه
عن زرعنا لكن يعوزك سلم
من كان في يده اعوجاج ظاهر
ماذا يخط على الطروس ويرسم! •••
أف لمن يدعونهم خبراءنا
سلني ولا تسأل جهينة عنهم
فهم الكواسر والضواري وثبة
إلا الأقل ذوي الضمائر منهم
قدم له غير الدراهم يحتدم
إن السفيه لغيظه لا يكظم
من كان لحم الأبرياء طعامه
ماذا يرد من الطعام ويهضم •••
من ينصر المظلوم قل نصيره
إن قيل قاض يستبد ويظلم
تعنو الوجوه له وتحت وشاحه
لص يغير مع اللصوص ويقسم
أرجى وأسلم عضة من حاكم
متحيز صل تعض وأرقم
أحرى بقاض أن يخاف ضلالة
ولو انه يوحى إليه ويلهم
هذا مقام المرسلين ورتبة
شمخت وقصر عن علاها المرزم •••
كم في الشفاعة والرجاء من العمى
ومن التخبط في الإدارة ينجم
وترى الوضيع إذا تبوأ منصبا
كالذئب يعطش للدماء ويقرم
وينافقون وفي النفاق هلاكنا
يا ليت من تلد المنافق تعقم
ينوون في السر ارتكاب جريمة
ما أسرجوا لجريمة أو ألجموا
من كان يرجو في الشقاق مغانما
ماذا يفض من الشقاق ويحسم؟ •••
قل للطيب المستخف بدينه
عزريل في يدك الأثيمة يجثم
هل كان بقراط يغش مريضه
ويروح مضطغنا عليه وينقم
وإذا رأي يوما عليلا بائسا
أعلى (طهارة جيبه) يتهكم؟
الطب معجزة المسيح وفخره
طوبى لطب بالنزاهة يوسم
والطب من علم الإله ونوره
هيهات يفقهه فؤاد معتم •••
يا برلمان النيل شكوى أمة
ثغر الرجاء بها لرأسك يلثم
قد قمت بالأمر الجليل موفقا
ترمي بكلكلك الخطوب وتدهم
وتبارز الخطب الجسيم وتدعي
وتناجز الكرب العظيم وتحطم
ويكاد رأسك بالمجرة يلتقي
شرفا وركنك للكواكب يزحم
النيل في القطرين أضحى قسمة
وعليه خزان هناك وقيم
وبكل واد يستقى وبكل قف
ر يستبى وبكل سد يرطم
قد كان يأتي مصر وهو مزمجر
فالآن يأتي مصر وهو مهينم
قرت شقاشقه وريض فإنما
هو كالبعير يسير وهو مخطم
فلما نخاف على المزارع والقرى
غرقا تظل له الجسور ترمم
وعلام نخفره ونخشى شره
ونخاله لقصورنا يتسنم
وإلام نضرب كل عام بالعصا
ظلما ونوكف كالحمير ونحزم
أيحمل الفلاح كل مشقة
إن كان لا يشكو ولا يتبرم
أيظل يرسف في البلاء لأنه
أعمى يقاد إلى الفناء وأبكم
النيل تخفره الخزانة لا العصا
وأجور عمال ورزق يقسم
فالقصد من عرق الضعيف ودمعه
سحت على كرم الكنانة يحرم
أثر من العسف القديم مزخرف
بلوايح وأوامر ومدعم
والظلم فوضى في البلاد مقوض
بنيانها كالظلم وهو منطم
صرح العدالة قام إلا لبنة
أيتم في عز المليك ويختم؟
لبنانية
لمنيتي يا بنت لبنان
هاجرته وسكنت أوطاني
كم فيه عين إثرك انفجرت
تسقي نضير ربى ووديان
يا شام بستانا أراك وذي
في كل معنى ألف بستان
يا مصر فيك الخصب مزدوج
فالنيل من دمع الهوى اثنان
لبنان أهدانا يتيمته
ومضى يجر ذيول نشوان •••
يا ليت شعري والربيع أتى
يختال في زهر وأفنان
هل أجتلي وردا بوجنتها
تسقيه ماء السحر (عينان)
ويلاه قد طال البعاد وبي
ظمئي لطلعتها ونيراني
يا روح من أحببتها وأرى
أدنى المحبة عشق جثمان
عد مستهاما فيك مغتربا
عن نفسه والعالم الفاني
بين الكواكب باحثا تعسا
عن كوكب في لطف إنسان
يطأ البدور الغر مرتقيا
ويدوس تيها خد كيوان •••
هل أنت في الأبراج مختبئ
ما بين سنبلة وميزان
أم أنت في الفردوس مقتطف
أضغاث نسرين وريحان
أم في دموع فيك أنظمها
من لؤلؤ رطب ومرجان
لو شئت لاح السعد وابتسمت
للوصل روح مدله عاني
أو كانت الدنيا تفرقنا
فلنعتنق في العالم الثاني
حجازية
لله ظبي المنحنى من أغيد
يسبي النهى بمورد ومنضد
جذلان يرشف من ثنايا زمزم
شهدا ويرتع في رياض المسجد
شاهدته يرمي الجمار وقد بدا
لي خده رغم القناع الأسود
فعجبت للشيطان تبصر عينه
ذاك الجمال وقلبه لا يهتدي
لله أيام لنا (بالخيف) قد
أفنى عزائي ذكرها وتجلدي
مزج التقى في كأسها لي بالهوى
فأضعت رشدي عند ذاك المورد
إذ أوصدت دوني الكوى وفؤادها
متفتح خلف الكوى لم يوصد
وفزعت منها للصلاة فخانني
فيها ركوعي ساهيا وتشهدي •••
يا أهل مكة لا تزال رباعكم
مجلى الهدى ومثابة المتعبد
قد كنت أحسب لوعتي مصرية
فحججت أستشفي بظلكم الندى
فإذا بها عربية قرشية
ولدت ببكة قبل ساعة مولدي
وإذا الهوى بالمنحنى والرقمتي
ن وفي منى أبدا يروح ويغتدي
ها قد تركت لكم فؤادا هائما
لا ينتهي في الحب حتى يبتدي
إن تكرموه فإنه جار لكم
ولأنتم عرب كرام المحتد
الروحانية في الحب
من فضة الصبح أم من عسجد الشفق
هذا البهاء الذي في ثوبك العبق
يا روضة خطرت بين الرياض ضحى
ينافح المسك من أردانها خلقي
مالت بقامتها يابانة اعتدلي
شدت بأنغامها يا بلبل استرق
يا نرجس انظر لعينيها إذا نظرت
يا ياسمين لقد مرت بك انتشق
إني أغار من الأقلام في يدها
ينظمن أبهى نثار الشهب في نسق
لولا يراعتها تهوى أناملها
لم تبك في يدها عشقا على الورق •••
أي ظبية الشام قد أوقعت في شرك
ليثا بمصر حليف السقم والأرق
عيناك فجرتا عينيه فهو إذا
نجا من الوجد لا ينجو من الغرق
بي منك ما بطعين السيف من ألم
وما بملقى على النيران من حرق
لا تحسبي عهد قيس في الغرام خلا
وصدقيني فيما أشتكي وثقي
إن كان دينك أو ديني يفرقنا
ولست منك على حال بمفترق
فإن دين الهوى (يا ريم) يجمعنا
وليس كالحب من دين لمعتنق •••
من لي على غصص الدنيا وبي ظمأي
ألا يكون بعذب سائغ شرقي
فنعت منك بداء لا دواء له
وقد جفوت وقلب فيك منسحق
ما لي وللجسم يعييني تطلبه
ما دام في جوهر الأرواح مرتزقي
في المحكمة أو القاتل البريء
هذا سجل قضية مشهودة
بيني وبين عيون ذاك الشادن
قال القضاة له: علام قتلته
هل كان بينكما قديم ضغائن؟
فثنى الأراك تحية وأجابهم
بلسان معسول الثنايا فاتن
هذا الغريم رأى أديمي فضة
والدر والياقوت بعض محاسني
فرمي على شباك لحظ خائن
فقتلت أدفع عن ثمين خزائني
وجلا العقيق عن اللآلي قائلا
هذى شهودي فاحكموا وقرائني •••
قالوا سمعت دفاعه ونراك يا (مطعون) هجت سيوف لحظ الطاعن
أنا شاعر سني الشباب وصنعتي
عشق المحاسن والرياض مواطني
وخرجت أستجلي الأزاهر غدوة
فلمحت في خديه ورد جنائن
فوقفت تلعب بي مناظر حسنه
وتجد في تحريك داء ساكن
وأثرت بين لحاظه وجوانحي
حربا ضروسا فانجلت عن حائن
وعفوت عنه لحسنه لكنني
قد مت وجدا فليكن هو دافني
فرضوا به صلحا ورحت وضامني
جرحي ... وجاء من الدلال بضامن!
أصغي إلى الأطيار
حنت إليك مطالع الأقمار
وحلت عليك كواكب الأشعار
وتعطرت بأريج ذكرك خلوتي
وأضاء ليلي فيك فهو نهاري
فاصغي إلى الأطيار إن هي غردت
فبصبوتي نقرت على الأوتار
وتأملي بدر التمام فإنني
علقت فوق جبينه تذكاري
وكتبت سورة لوعتي وشرحتها
لك في صحيفة خده بنضار
وإذا تنفست الحدائق فاسألي
ريا مليك الزهر عن أسراري
وعلى مجالي النيل ليلا أشرفي
والبدر يلبسه نطاق شرار
فإليك قد أزجيت في أمواجه
دمعي وفي تياره أفكاري
لو تنظرين كما نظرت جماله
بين السهول الخضر والأشجار
لاهتز قلبك للنعيم تحية
وليانعات حدائق الأوطار
ياليتنا بضفافه نحيا معا
في نجوة عن طارق الأكدار
إني لأخلصك الغرام ولي تقى
ما في الغرام مع التقى من عار
وأراك أبهى منظرا من جنة
وأرق روحا من أريج عقار
فإذا بدا ينع الغروب وفتحت
أكمام ورد حدائق الأنوار
فدمي المراق وجمر صدري عاتبا
شفتيك واستعرت لخدك ناري
وتقبلي قبلا لفيك خبأتها
لك في جيوب نسائم الأسحار
سحر الهوى
ذاك سحر الهوى فهل من راق
أرشدوني يا معشر العشاق
لي حبيب أرق من خصره الوا
هي وأحلى من ثغره البراق
قد رماني بحسرة من تجني
ه غداة الوداع يوم الفراق
إذ مضى دون أن يشيع ميتا
في هواه بقبلة أو عناق
إنني عاتب وخديه إن عش
ت على تلكم السجايا الرقاق
ليس بدعا في العشق إنعام معش
وق بتقبيلة على مشتاق
كل صب يعلل النفس بالقب
لة يوم النوى ويوم التلاقي •••
قد تجرعت كأس كل شقاء
لم أجد كالفراق مر مذاق
وتجرحت بالسيوف ولكن
لا جراحات هذه الأحداق
لو تراني والوجد ينسف صدري
حين لاح القطار في الآفاق
عندما هم بالترحل عني
بعض نفسي وبعض نفسي باق
لرأيت العذاب شخصا تلوى
بين نار الحشا وماء المآقي •••
لا أطيق الرحيل عنك لعمري
ولو اني ركبت متن البراق
وسرى بي للخلد بعدك في الفر
دوس يطوي أقطار سبع طباق
ووقاني الخلود في النار ربي
لو يقيني أليم بعدك واقي
بغدادية
واها لدجلة والعراق
وظبائه السمر الرشاق
وسقي ثري بغداد مض
طرب الحشا ثر المآقي
ملق على ساحاتها
أرواقه سمح الخلاق
ووقى الجزيرة والمها
من كارثات الدهر واق
وبمهجتي القمر الذي
عيناه أحكمتا وثاقي
ودعته ورجعت مج
روح الحشا دون الرفاق
أطأ الثري وكأنما
أمشي على البيض الرقاق
وفدى له روحي التي
ودعتها ودمي المراق
وتقلبي فوق اللهي
ب على الحشايا واحتراقي
قد مت من كمد علي
ه ولوعة وجواي باق
مرحبا بالمعجزات
يعلو جمالك أن أقول عشقته
ويجل حسنك أن يرى مبذولا
حسن سجوف النور حجب جلاله
لا يملك العاني إليه سبيلا
إني أكذب في هواك مدامعي
وأردهن وقد شهدن عدولا
حسبي فخارا واعتزازا أن أرى
عبدا لذاتك ما حييت ذليلا
والروح ملككم فلو أهديتها
لقضيت حقا ما حبوت فتيلا
وإذا الشموس الساطعات عرضن لي
لم أرضها من إخمصيك بديلا
وافى أمينك بالكتاب فمرحبا
بالمعجزات وبالبشير رسولا
جلى قناع الشك عنك وأسكرت
آياته وسبت نهى وعقولا
ألصقته شغفا بحر جوانحي
وبللته بمدامعي تقبيلا
وأرحت للفردوس من نفحاته
عبقا شجا قلبا يئن عليلا
كحديقة الورد الذكي حروفه
ضحكت فداعبها النسيم بليلا
الحنين إلى مصر
لخير بلادي لا لنفسي أكتب
وفي الله لا في المال والجاه أرغب
ولست مبيحا للدنايا طويتي
فلا ينثني عزمي ولا أتقلب
أحب بلادي والعدا يعذلونني
وكل محب بالعواذل متعب
بلاد يروق الخلد خضر مروجها
تطل عليها حور عدن وتعجب
ويحسد نهر الكوثر العذب نيلها
وقد راح في أعطافها يتصبب
تراني للسودان من مصر عائدا
وروحي لها في أدمعي تتسرب
فيا نيل بلغها سلامي وقل لها
على العهد ذلك النازح المتغيب
فلو أن ماء النيل مازج أدمعي
لما كان يحلو في الشفاه ويعذب •••
ولم أنأ عنها راغبا عن جمالها
ولكنني في حسنها أتغرب
أذود العدا عنها وأقتحم الردى
وأطفو على موج المنايا وأرسب
إذا ذكرتها النفس في الروع أقدمت
على الموت لا تخشى ولا تتهيب •••
وكم مجلس لي بالجزيرة شائق
هو الخلد لو خلد على الأرض يطلب
تحف به الأزهار من كل جانب
وألوانها تملى علي وأكتب
شقائقه - يا قوتها وعقيقها
ونرجسه - فضيها والمذهب
يقطر أردان الأصيل أريجها
وتوحي مجاليها إلى الشمس تغرب •••
إذ الأرض طرف دمعه النيل جاريا
على أنه بالزرع حال مهدب
وللروح معنى في النسيم مخبأ
إذا مس ميتا قام يسعى ويدأب
معاهد ترتد العيون حسيرة
لديها ويسبى الرشد فيها ويسلب •••
ويوم لدى الأهرام قصرت طوله
بريم له ملهى بقلبي وملعب
تظل حميا لفظه ودلاله
لرقته بالأذن والعين تشرب
لدى عجب من صنعة الجن شاهق
تطاوله باللحظ عيني فتتعب
بدائع فرعون وآثاره التي
تروق على كر الليالي وتعجب •••
فيا ليت شعري والزمان معاند
هل الدهر يصفو أم هل الجد يعتب
وهل ركب مصر للحياة طريقه
فأشدو أم حظي أنوح وأندب
فيا مصر لا تبغي سوى العلم آسيا
فبلسمه في كل داء مجرب
فبالعلم لا بالجهل نقوى فإنما
عتاد المعالي قوة وتغلب
وإن نحن أرضينا الإله أعاننا
وإن نحن أسخطناه يا قوم يغضب
وكل بناء في يد الله ركنه
فليس له في العالمين مخرب
مصر العروس
غدر العدى ووفى لمصر النيل
لهم الردى ولها الحياة تطول
ذات الحلى مصر العروس ونيلها
محيي النفوس رضابها المعسول
رقت شمائلها فصفو سمائها
ضحك ونفح نسيمها تقبيل
جلست على عرش البهاء مليكة
سلطانها عرض السنا والطول
تيجانها كثبانها وبساطها
جناتها والصولجان نخيل
ولواؤها بيد الثريا خافق
وسريرها فوق السها محمول
وبكل موقع نظرة من وجهها
خد يذوب وعارض مصقول
وبكل مطلع بهجة من شرقها
ذهب على خضر المروج يسيل
والترب تبر والخمائل مخمل
والنور نور والشمال شمول
ومن الشطوط زبرجد ومن السهو
ل زمرد ومن النضار حقول
واعجب لفردوس ربيع عامها
والعام في كل الرياض فصول
أبدا أزاهرها تضوع وورقها
تشدو ومثمرة الغصون تميل
وكأنما من كل غصني دوحة
يتعانقان (بثينة وجميل)
وقف على مصر الجمال فعشقها
فضل وعشق الغانيات فضول
والله طهر نيل مصر فحبه
دين ووصف جلاله تهليل
كملت محاسنها وعظم شأنها ال
فرقان والتوراة والإنجيل
وأجاد حتى ليس يلحق حافظ
فيها وأعجز أحمد وخليل
وأتيت بعدهم أحاول وصفها
فسطا الجمال فحرت كيف أقول
هواجس فلاح
تنكرت الدنيا لنا وتنمرت
صروف الليالي وارتمت ثورة الخطب
إذا سد مكوار أقيمت متونه
وفاض على أقصى الجزيرة بالخصب
فبشر بني مصر بخطب يروعهم
ومحل على محل وكرب على كرب
تحكم فينا القاسطون ولم نزل
على جهلنا حزبا يغير على حزب
أعدوا لماء النيل عن كل قطرة
لهم درهما أو فاهجروا مصر للقطب
كأني بالوادي وقد جزت عرضه
على قدمي أبكي من الشرق للغرب
كأني بلون الورد حال وأسلمت
نسائمه شم المعاطس للترب
لئن غاض ماء النيل في مصر أصبحت
كجسم بلا روح وصدر بلا قلب
لقد فارق السودان جيش بلادنا
وتلك قصارى شركة السخل للذئب
وقد صار للسودان جيش بمالنا
وذاك لعمري أول الصلح والعتب
وهل نحن في (استغلالنا) غير دولة
خزائنها وقف على السلب والنهب
وأيسر ما في خطبنا أن أمة
بمصر من القبط الأماثل والعرب
تقوم بعبء لا تقوم ببعضه
متون (همالايا) وقاعدة (الألب)
لنا قنصل في كل أرض غريبة
ونحن عبيد في الكنانة للغرب
وليس لنا جيش يذود عن الحمى
ويدفع عنا عادي الطعن والضرب
فلو أنما أبكي على عهد موطن
له شبه في الأرض في حسنه المصبي
لخفت همومي وارعوى فيض عبرتي
ولكن على الفردوس والكوثر العذب
الحسناء المتأدبة
به منك ما أجرى الدموع وما شفا
فتى عاد روحا جسمه في الهوى ضعفا
يظل رزين الحلم كالطود راسيا
فإن لاح برق أو زقا طائر خفا
إذا ناح أنساك الحمام وإن شدا
بذكراك أخزي الناي والعود والدفا
سقى جفنه في البعد أمحل دارة
فأنبتها الزهر الجني وما جفا
يعذبه بعد الحبيب فإن دنا
به وطر يزري بشيمته عفا
يخاف على عينيك من سهر الدجى
وأن تفتحي سفرا وأن تكتبي حرفا
فما خلقت عيناك للعلم وحده
ولكن لسر عن ذكائك لا يخفى
كفاك عرفنا أن في الشرق غادة
إذا كتبت سالت على طرسها ظرفا
مزجت لنا كأس الجمال بحكمة
وعلم وشعر فاحتسينا الهوى صرفا
وحلقت في جو البهاء فلم نعد
نرى منك إلا كوكبا يحسر الطرفا
إذا زار أقطار السماء تهللت
لرؤيته الأقمار وانتظمت صفا
وأقبل وفد من ملائكة العلا
يطيف به حبا ويرنو له عطفا
ورحن له حور الخلود سوافرا
فأوجعنه ضما وأظمأنه رشفا
وحياه رب العالمين بنوره
فزاد السنا إذ كان تممه ضعفا •••
بنفسي من لا يثمر الحب عندها
ولا ترتضي إلا محاسنها إلفا
وما ذكرتني لحظة في حياتها
وأذكرها في لحظة تنقضي ألفا
يهيج شجوني نفحة من دلالها
وتعصف بي أرواح هجرانها عصفا
ويلوي بعودي في الشبيبة بعدها
ويعصرني عصرا ويقصفني قصفا
تحملني وحدي دمى في غرامها
ولولا الهوى حملتها من دمي النصفا
فإن جمال الروض يدعو لنفسه
إذا ملأ الأرجاء عاطره عرفا •••
ألا ليت شعري هل أعيش معذبا
وقد حف بي من ناعم العيش ما حفا
فحولي جوق صادح من بلابل
وألوان ورد ضاحك بالندى رفا
وللروض نفح بالعبير ومنظر
يروق من استجلى ويشفي من استشفى
وهل جو مصر غير صفو مخيم
وإن كان قلبي منه في هجركم أصفى
وما النيل إلا النيل في كل مشرع
سوى أن دمعي منه في بعدكم أوفى
هنا الجو صاف للعناق هنا الهوى
سلاف هنا ما حسنه يعجز الوصفا
من الهديل إلى المطوقة
قل للمطوقة اسجعي وارتادي
قد ضاق عنك وعن هواك الوادي
تمسين والهة الفؤاد جوية
حرى الدموع شجية الإنشاد
فإذا تجاوبت الحمائم سحرة
كل يبوح بوجده وينادي
أخرست منطقها بنفثة قينة
عزافة سحرية الأعواد
لو كنت مصغية إلى ذي لوعة
يشكو نواك سمعت خفق فؤادي
وسلي البدور فقد عرفن تشوفي
والنيرات فقد بلون جهادي
إن الذي تحمينه برد المنى
وهواك حران الجوانح صاد
خلت السنون وما سمعت شكايتي
ومضي الزمان وما عرفت ودادي
قد كنت أخفي الحب عنك تجملا
فاليوم أخفى ما بنفسي بادي
إن كنت همت بكم ولم أركم فما
يبدو الإله لأعين العباد
وأنا الذي أحببت صورة غادة
زارت خلال صحيفة ومداد
شاهدت فيها الحسن باح بسره
والفضل - حي على الفلاح - ينادي
تلك اللحاظ الله راش نصالها
شقت - سلمت - مرائر الأكباد •••
ما لي يروعني الخيال وإنني
حمال ألوية وقطب جلاد
ويذيبني لحظ الحسان وإنما
قد كنت قلت شبيبتي لبلادي
عجبا لهذا الحب سر كنهه
أمسى يحرك ثابت الأطواد
يا ليت شعري والحياة لغاية
ما تصنع الآرام بالآساد •••
لله بالفسطاط صادح روضة
متنقل فوق المنابر شادي
أنسي (الغريض) و(معبدا) ترجيعه
وأذال من (عثمان) و(العقاد)
ما كنت أعرف قبله مترنما
بين الحمائم ناطقا بالضاد •••
أنا في الغرام وما نشرت بنوده
إلا على قمر يزين النادي
نشوان إلف جوى سمير لواعج
ولهان نضو ضنى طريح وساد
وأنا الفداء من السهاد لطرفها
ومن الدموع وأعين الحساد •••
قل للأولى يرجون فضل تعقلي
ويؤملون هدايتي ورشادي
قد بات مفتونا بطيف أديبة
من كان يعرف قبل في الزهاد
في مهب الزعازع
على ذكرها دارت حميا مدامعي
وحن من الأشواق عود الأضالع
سأذكر بالسودان ما لاح كوكب
سنى كوكب في مصر ليس بطالع
إذا ضمني ليلي ضممت خياله
فأمسى على رغم البعاد مضاجعي
وأصبحت مسرورا بما ليس شافيا
على أن هذا الوهم ليس بنافعي •••
هل القصر من غربي حلوان عائد
لنا بشتاء ضاحك الأفق لامع
أم الملعب الشرقي بالرمل راجع
إلينا بصيف جامع الشمل بارع
وهل قمري من ظلمة النأي طالع
فأسري في نور المنى والمطامع
جرى بي الهوى جري الرياح بزورق
على البحر يسري في مهب الزعازع
تدفعه الأنواء حينا فيمتطي
ذرا النجم في هول من اللج واسع
وتهوي به الأمواج من شرفاتها
إلى هوة من قاع أجوف جائع
فلا أنا من حب الحياة بيائس
ولا أنا من فوت النجاة بطامع
شكوى النوى
هل على مثلي من شكوى النوى
في غزال أوحد في جيله
صاغه المبدع من لؤلؤة
في صفا الحسن وفي تكليله
وعلى قدرته سبحانه
إن يرد خيرا على تعجيله
كحل الحور معا في لحظة
وقضى شهرين في تكحيله
ثم لما طالعت ريشته
جنة الإبداع من تجميله
وبدا خلقا سويا كاملا
تعجز الأطواق عن تكميله
طوف الأفلاك تشريفا به
آذنا للبدر في تقبيله
ودعا الطير فلقاها اسمه
فهي لا تفتر عن ترتيله •••
بأبي من إن تجلى سافرا
ضاق ذرع الشعر عن تمثيله
بالبديع الجزل من تشبيهه
والمنيع السهل من تخييله
هاجر يقتل مني شاعرا
نظرة أقصى رضى تأميله
يلبس الأشعار من إيحائها
حلة الإعجاز في تبجيله
طاهر الآداب لا عن فعله
تصدر الصغرى ولا عن قيله
أنفق العمر على تحبيبه
وأبيع الروح في تدليله
ليس في القرآن قتلي جائزا
لا ولا في الطهر من إنجيله •••
ثغره ما السعد من بسمته؟
ما رحيق الخلد من معسوله؟
سحره (ما الراد) من سرعته
في امتلاك اللب أو تضليله؟
ظله ما الأرض من نعمته
ما ظلال السلم من تظليله؟
ما (سجين الحسن) من عفته
في تأبيه وفي تنويله
ما (عزيز النيل) من عزته
في حواشيه وفي إكليله
ما خلا عز (فؤاد) إنه
عز محمود الندى مأموله
هل سرى اليسر سوى من مصره
أو جرى التبر سوي في نيله؟
أو كإبراهيم في إقدامه
أو سماحا هل كإسماعيله؟
أو كنابليون إلا جده
في ابتناء المجد أو تأثيله؟
يا أبا الفاروق والشكوى لمن
مجلس النواب من تشكيله
برلمان النيل أمسى عاطلا
يعجب الفاروق من تعطيله
قد شكا الفاروق من تقييده
وبكى الفاروق من تأجيله
إن في الشورى لنظما صالحا
قامت (الشورى) على تفضيله
ذلك القانون ما خطبي به
هل يعود الربح من تعديله؟
إنما النيل لكم سدته
وعليكم منتهى تعويله
يستحق الشعب منكم نظرة
تدفع القاتل عن مقتوله
إذ كفى ما قد جرى من دمنا
في هوى الحق وفي تحصيله
غير (عرفي) غدا دستورنا
قد دفعنا الرسم عن تسجيله
ليدي (عنترة) من جيشنا
تقطر النجدة من مصقوله
النيل السعيد
صفت مرآته وجلاه جال
فلاح كأنه ذوب اللآلي
وغازلت الحدائق شاطئيه
وألقت فوقه خضر الظلال
فناحية برمان تحلت
وناحية أظلت بالدوالي
ونخل باسقات كالعذارى
تثنى في غدائرها الطوال
خلعن الحسن منعكسا عليه
فآنسن الحقيقة بالخيال
وكم غصن قد ارتسمت حلاه
عليه يهزه روح الشمال
كما ارتسمت على المرآة خود
يرنح عطفها خمر الدلال
وحلى ألسن الأطيار منه
وقال لها اذكري باري جمالي
فجن الطير باسم الله حتى
تدلى الله والسبع العوالي
فآمن بالبديع الصنع قلبي
وفاض الطرف بالدرر الغوالي •••
وسار النيل يطلب وصل مصر
وهل يرضي المحب سوى الوصال
تضاحكه الغزالة في ضحاها
وبدر التم في أوج الكمال
عذارى الغرب قد سحتن شرقا
وغربا للجنوب وللشمال
أغير النيل شاهدتن نهرا
تفرد بالمحاسن والجلال
لئن كان الألى عبدوه ضلوا
فرب هداية تحت الضلال •••
أحب النيل حب أبي وأمي
وأهوى مصر فوق دمي ومالي
وبي عن كل مشروب حرام
غنى برضابه العذب الحلال
بلادي لا أروم بها بديلا
ولو أسكنت فردوس المآل
وما فكرت في الأهرام إلا
بكيت مفاخر الحجج الخوالي
فلولا يمسك التوحيد ركني
سجدت لتلكم الرمم البوالي •••
ألا أمل يجول بنفس حر
له صدر جحيم اليأس صال
أيمضي الدهر لا ميت فأنسى
ولا أشفى من الداء العضال
وما بالي أهم بما أرجي
فتقعد بي على نضو رحالي
بمن يا نيل أرمي من رمانا
وقد خلت الكنانة من نبال؟
مصر وغروب الشمس
قد صفا الوقت، قم فحي الأصيلا
ليس يصفو الزمان إلا قليلا
واشهد الشمس مزقت حجب الغي
م وأبدت لنا محيا جميلا
أتراها وقد تهادت إلى الغر
ب على موعد توافي خليلا
إنها في سمائها تعشق البد
ر وتبغي إلى اللقاء سبيلا
فهي تحمر في الصباح حياء
وهي تصفر في المساء ذبولا •••
ما أعدت لليل تلك النجو
م الغر لولا الغرام سهدا طويلا!
لا ولم تكسف الغزالة والبد
ر ولا راعك الهلال نحولا
كل شيء له فؤاد محب
وبصدري قلب يحب النيلا •••
يا ثغور الملاح يمججن خمرا
يطفئ الوجد بردها والغليلا
ليس في خمركن من نيل مصر
ما يجاري رضابه المعسولا
يا عيون الحسان ينفثن سحرا
ويضللن أنفسا وعقولا
ليس في سحركن من حسن مصر
ما يحاكي مروجها والسهولا
يا بلادي، وأنت أخصب أر
ض الله، ما لي أراك مرعى وبيلا
كتب الذل والشقاء علينا
أفدح الرزء أن تعيش ذليلا •••
كيف يا نيل هنت في أهل مصر
بعد قوم ظنوك ربا جليلا
كنت يا نيل فخر فرعون ذي العر
ش وتيه الملوك جيلا فجيلا
فغدونا وما له غير ود
أنا بالله عائذ أن يزولا
كره الموت أهل مصر لدعوى
قد أقاموا لهم عليها دليلا
أنهم يسكنون جنة رض
وان ولا يبتغون عنها رحيلا
بهجة الدنيا
يا بهجة الدنيا وتاج جلالها
أيامنا بك أسعد الأعياد
فارقت مصر ومهجتي لفراقها
تدمى وعدت لها وقلبي صادي
فرجعت للفردوس بعد فراقه
وبعثت حيا قبل يوم معادي •••
أخطرت في تلك المروج عواطرا
وملأت قلبك من جلال الوادي
والجو رحمان الفؤاد كما حنت
أم جوانحها على أولاد
وانظر إلى الهرمين معتبرا تجد
أثرا يشير إلى العلا وينادي
عصفت به غير القرون فردها
مدحورة طود من الأطواد
ولقد أخذت لكل معنى حقه
من لذتي وصبابتي وسهادي
ودخلت روض الأزبكية والهوى
يزجي لبهجتها كريم ودادي
فإذا الخمائل مثل عهدي نضرة
أبدا تراوحها الصبا وتغادي
والزهر مبتسم الثغور تحية
لأماثل الزوار والرواد
والدوح ملتف الغصون كما التقى
إلفان بعد تدله وبعاد
وصقلت في مصر الجديدة خاطري
بين الرياض وكل خد نادي
متنقلا بين القصور مغردا
من ذلك النادي لهذا النادي
وبجيزة الفسطاط روض زرتها
تاهت بحليتها على الأنداد
فالأسد تزأر والظباء كوانس
والطير هاتفة على الأعواد
من كل شاردة مثال رائع
لله قدرة ذلك الصياد
وإذا رأيت رأيت ثم بدائعا
لا تنتهي وبلغت كل مراد •••
يا مصر والأحداث في غلوائها
والكارثات وقفن بالمرصاد
لن يفرعوك ودون خدرك أمة
وهبت عزيز حياتها لجهاد
لن يسلبوك العلم فهو شعارنا
والدهر بين مراضع ومهاد
لن يمنعوك المجد إنا أهله
أبناء أم السادة الأمجاد
من يمنع الغيث استهل عميمه
بصواعق الإبراق والإرعاد
من يدفع السيل استمد جنونه
متحدرا من عاليات نجاد
تغلي على النار القدور ولاكما
تغلي الصدور على لظى الأحقاد
مصر الدستورية
من عذب ماء النيل صف شرابي
ومن الرحيق أدر على أصحابي
فرضاب هذا النهر أحلى في فمي
من ذائب التفاح والأعناب
تاهت على حمر الكئوس وصفرها
درية اللمحات بنت سحاب
غذت الغزالة بالضياء جنينها
ذرا تقلب في بطون رباب
طربت لها المزن الرواء تقلها
حيث الدنان جثمن غير طراب
فالرعد قهقهة الغمام وبرقه
بسماتها من غبطة ولعاب
تومي ببسمتها السحاب وضحكها
لمقطبين من الدنان غضاب •••
بنت الطبيعة در تاج جمالها
أم الحياة عمار كل يباب
يجري علي النيل من معسولها
روحا يضيء لها دمي وإهابي
فاشرب هديت السلسبيل مطهرا
ترد النعيم وردت غير سراب
وانزل على حكم الزمان وشرعه
إن كنت غير مصدق بكتاب
هذي الممالك حرمتها وانقضى
شر الكئوس ومحنة الأكواب
إبليس تاب عن المدام لرجسها
أنظل نحن ولات حين متاب؟! •••
يا مصر بين يديك نشء صالح
سامي المطالب ماجد الأنساب
نفض الغبار وهب من أحلامه
ليثا يروع زئيره في الغاب
نادى بأعلى صوته نوابه
يملي إرادته على النواب
النيل منبعه لنا ومصبه
قبل الجدال وقبل كل خطاب
لا تقبلوا في الحق حجة قاسط
قامت دعامتها على الإرهاب
فوراءكم شعب يبيع حياته
في حب مصر كريمة الأحساب
سارت وراء المجلسين صفوفه
تشتد ذات تدفق وعباب
وتوحد العزم الشتيت وأجمعت
آراء مصر على هدى وصواب
شعب بصائره تباشير النهى
وعلاه بكر مفاخر الأحقاب
وكنوزه تيه الفنون حديثها
راح النفوس ونزهة الألباب
أهدى له (توتنخ) دنيا عرشه
درية التيجان والأثواب
طوفوا بسدته وحيوا عرشه
وأرنوا ه بالحب والإعجاب
وبعابدين الملك أشرق وازدهي
عالي الدعائم ثابت الأطناب
أسدى (فؤادا) عز تاج (محمد)
ولسدة (الفاروق) سوف يحابي
ملك على النهرين والبحرين والش
عبين منبسط رحيب جناب
ملك توحده الطبيعة أمه
توحيدها للقادر الوهاب
يا أمة (التاميز) جد أثيمة
فيما أخذت به من الأسباب
تبنين مجدك من شطوط بلادنا
بالترهات إلى شطوط (الكاب)
لكننا قوم نحب ديارنا
ونهيم في دم نيلنا الجذاب
ولقد بلغنا رشدنا فحقوقنا
تأبى وصاية خائن كذاب
عدنا حديدا لا يلين لماضغ
وسراب قاع بعد برد شراب
وبقاؤك استعصى لدى أهرامنا
فتأهبي من غربة لإياب (فالبرد) فينا لا يطول كأرضكم
ثلجت حصى وتلفعت بضباب •••
للمجلسين أزف خير تحية
وأخص (سعدا) بعد بعض عتاب
فالحق أني لا أسامح إن هفا
رجلا من العظماء والأقطاب
خطأ الصغير إلى التغاضي إنما
خطأ الكبير إلى عسير حساب
ومن العدا ألم الجراح أخف من
آلامهن يجئن من أحباب
أزجيت أوراقي إليه شهادة
أني من الشعراء والكتاب
وأرادني أسعى إليه مؤيدا
بشهادة الجهلاء والأوشاب
فأبت علي النفس موقف ساعة
تلقي الرءوس بها إلى الأذناب
ما حيلتي ويد الزمان تصدني
عن غايتي بأسنة وحراب
أمشي وفي رجلي القيود تعوقني
وجهنم الفردوس جنب عذابي
قلمي وإن أرضى البيان محطم
سيفي وإن رد الكتائب نابني
واليأس حظي والزمان معاندي
والهم زادي والدموع شرابي •••
راحوا بها لا غالبين مزاحما
لكنهم شهدوا وطال غيابي
قالوا تنازل آثمين وأرجفوا
بين القرى بخديعة وكذاب
أنا لا أنوح علي النيابة إنما
حظي الذي أشكوه فهو مصابي
لا بارك الله القضاء فإنه
أعمى استحل وما جنيت عقابي
حابى بمالي الوقف غير موفق
فقضى بغرم فادح وخراب
فليهنهم مال هديت بوعظهم
في جمعه ولتغنهم أسلابي
كم واعظ يهدي الورى ويؤمهم
وحياته ثقل على المحراب
كم من وزير في مطارف خزه
نفس الخفير وهمة البواب •••
إن لم أكن في الموسرين فإنني
في الفائزين غدا بخير ثواب
في الصابرين ولا كحلة صابر
زانته في الدنيا ويوم مآب •••
حسبي من الأقسام أني شاعر
ألقى النشور وباليمين كتابي
للشعر قيمته وحكمته التي
شهد الرسول لها وليس بعاب
جهل الذي زعم الإله يذيمنا
بعد امتداح نبيه الأواب
لم يهجنا الله اللطيف مفاكها
إلا رضاء لا لمحض سباب
أو ما تراه له الثناء اختصنا
بمواهب شمخت على الطلاب
حجب الجمال وسره عن غيرنا
وبدا الجمال لنا بغير حجاب •••
ما للقوافي لا ترق لعاشق
من صفوة العشاق والخطاب
تدنو فأطلبها فتنأى منعة
يا طول وجدي يا أليم عذابي
إن كان في شرع المحبة ما أرى
عدلا فإني في الغرام لما بي •••
يا مصر تحلو فيك كل مرارة
ولديك جامي فامزجيه بصاب
من عسجد قد صاغك الله الذي
خلق الممالك من حصى وتراب
كم قد رشفت رضاب نيلك سلسلا
كلمى الحبيبة علني برضاب
ولمحت ضوء الشمس فيك مودعا
كيد المليحة أومأت بخضاب
كم فيك من عنب ومن أرطاب
كأنامل الغيد الحسان رطاب
يا مصر تفديك الجآذر والمها
بعيونهن فداؤهن شبابي •••
بي من ظباء النيل ذات خليقة
لذكائها شيم الربيع صوابي
مصرية سورية الأنساب
شرقية غربية الجلباب
خلعت لآلئها على أترابها
وازينت بالعلم والآداب
لومي مع اللوام صبك إنني
لك قد غفرت ذنوب كل كعاب
ماذا لقيت من العناء وذقته
من محنقين علي فيك غضاب
لا يا حمامة أيكتي لا أنتهي
عن عشق ذاتك أو يطير غرابي
بل إن أهاب بي النذير عصيته
فهواك طهر لا يسيغ متابي
وإذا قضيت هتفت باسمك شاديا
في الخلد بين كواعب أتراب
تسجيل لبعض حوادث بلاد النيل في يونية 1930
أصبح الجد شعار العاملين
ومضى الهزل وعهد اللاعبين
وحطمنا عنوة أغلالنا
بقوى الحق وسلطان اليقين
دار شورانا بنا آهلة
رغم أعداء البلاد القاسطين
وطفيليين من أذنابهم
يشتهون الحكم حينا بعد حين
سفهت أحلامهم حتى غدوا
ضحكة اللاهي وهزء الساخرين
كل يوم يصطفيها سارق
هو بالقيد وبالسجن قمين
صنم لا روح في أجلاده
غير أن البو هم الحالبين
أيها الأصنام من توحيدنا
حطمكم في الله رب العالمين •••
يا ذليل الجيش يا رعديده
يا حليف الذل والداء اللعين
عندما كنت صبيا خنتنا
واشيا مستسلما للفاسقين
وانبريت اليوم تشفي غيظهم
من زعيم النيل تاج المخلصين
فبخزي بؤ وعار خالد
وتبوأ منصبا في الأرذلين
سمعة السوء أماني خامل
لم ينوه باسمه في النابهين
ويله، أحذر نتنا إن أفه
باسمه يجشي نفوس السامعين
أين ذاك البأس لما نفروا
نفرة العير رأي ليث العرين
أسلموا السودان جبنا وأتوا
يقتلون الأوفياء الباسلين •••
جرح سينوت وقى فادي الحمى
بحياة كحياة المرسلين
هكذا الإخلاص يا سينوت ما
بعد هذا مفخر للفاخرين
فرية التفريق هذا حدها
فلنقبح أوجه المستعمرين
إن حب النيل أضحى ديننا
وقديما كان حب النيل دين •••
إيه يا مكرم يا ويصا ويا
كل من يخلص للنيل الحزين
ما الذي تنتجه أحلامكم
من حكيم الرأي والنصح الثمين
وذكاء تزدهي الدنيا به
فهو تاج الدهر بل حلي القرون
خلدت آثاره في هرم
ينطح الأفلاك أو كنز دفين •••
شهداء الحق لاقوا ربهم
وزكت أرواحهم في الطاهرين
قربوا وازين الحور لهم
وزهت دار الرضا بالأكرمين
كم قتيل لذ في مصر الردى
ود لو نقتل فيها أجمعين
أو جريح برحت آلامه
فاستطاب الدمع فيها والأنين
نحن لا نطلب إلا حقنا
من أشداء علينا معتدين
جل هذا الحق أن يعطى لنا
منحة فلننتزعه غاصبين
وليعش من عاش منا سيدا
وليمت حرا من استوفى السنين •••
أيهذا المصطفى في قومه
بعد سعد والمفدى والأمين
عندما فاوضتهم أعجبنا
منك إخلاص يسوء الخائنين
وإباء بوركت آلاؤه
هو للحر على الضر معين
مصطفى الترك بناها دولة
تفرع النجم وتعشي الناظرين
بظبا كل حسام مرهف
يفلق الهام ويمضي للوتين
وابنها أنت لنا سعدية
سيفها الحق يقد الدارعين
رب جيش كتب الظفر له
أعزل إلا من الحق المبين •••
إيه يا نحاس كن نحسا على
دولة الفرد وحكم الجائرين
أو نحاسا تتشظى فوقه
مرهفات في أكف الغادرين
لا تعاونهم وقاطعهم تفز
بثواب المرشدين المهتدين
واترك الدنيا لمن يرضى بها
وابن في التاريخ صرح الخالدين
مر فما في مصر إلا طاعة
لرئيس الوفد فخر الآمرين
كل شرع سنه الوفد لنا
هو دين القبط قبل المسلمين
انفراج أزمة وزارية
مصر تمضي للأمام
إذ تقضى الانقسام
وبنو النيل ملوك
وبنو مصر عظام
إن رمى القوس أبي
أخذ القوس همام (ثروت) في البأس (عدلي)
إن تعرفت الكرام
أي فرق ليت شعري
بين سيف وحسام •••
قل لأحداث الليالي
والملمات الجسام
يممي أرضا سوى مص
ر تفوزي بالمرام
إننا نحن وفاق
واتحاد ووئام
فاقصدي شعبا سوانا
وذرينا في سلام
قد تعاقدنا على الح
ب وطلقنا الخصام
نحن لا نضمر للأوطا
ن إلا الاحترام
كلنا يرنو إلى المج
د بعين لا تنام
كلنا بالنيل صب
وبمصر مستهام •••
إيه يا (ثروت) والمج
د مضاء واعتزام
وأخوك البدر لا يس
طع إلا في الظلام
ونهاك البرق لا يل
مع إلا في الغمام
ما الذي حدثك الغي
ث فبالوادي أوام
خلفك الأمة صف
للإله الحق قام
وارتضيناك إماما
قم وأذن يا إمام
مصر والسودان والبا
غي له الموت الزؤام
ليس في الحق حياء
ليس في الدين احتشام •••
هل رأيت البيت في مص
ر عليه المجد حام
بيتنا أو بيت (سعد)
كم عليه من زحام
كم لديه من وفود
كم قعود كم قيام
هكذا الإخلاص للأو
طان دين واعتصام
كم ركاب طائرات
مثل أسراب الحمام
كم وزير كم أمير
كم سفير كم همام
هكذا التقدير للأبطا
ل عشق والتزام
بين هذا البيت والكع
بة عهد أو ذمام
طف به في كل يوم
أو بها في كل عام •••
يا زعيما ما شكا إلا
وبالشعب سقام
قم فبالنيل تبا
ريح وبالوادي هيام
واحي عمر النسر يا سع
د ويا بدر التمام
أسيرة الاستعمار
قطعوا هذه السلاسل عني
إنني لا أطيق ثقل الحديد
معصمي ناعم ونحري لطيف
آه لا تقطعوه حبل وريدي •••
حاربونا في العلم كيف الخلاص
ذاك يدمي قلوبنا لا الرصاص
ربنا عدلك القصاص القصاص
إنهم شاركوك في التوحيد •••
قد أذلوا عبادك الضعفاء
وارتدوا ثوب مجدك الكبرياء
شئت يا رب أنت لا ما شاء
عاهل الإنجليز رب الهنود •••
فيم أغلقت مكتبي يا مدير
حسبي الله فهو نعم النصير
أيها القائمون بالأمر جوروا
إن يوم الجزاء غير بعيد •••
قل لأبناء مصر خلوا الفخارا
لا أرى في ربوعنا أحرارا
إنما الحر من يجير العذارى
من أذى كل مستبد عنود •••
مزقوا دفتري هراقوا مدادي
أحرقوا مهجتي أذابوا فؤادي
حاربوا ملتي أهانوا بلادي
أرصدوني للهم والتسهيد •••
ذلك الغصن ناعما ما لواه
ذلك الزهر عاطرا ما دهاه
آه من أول الحماية آه
لهي أحمى من نار يوم الوعيد •••
سعد يا سعد أين أنت الآنا
عد ولا عاد خائبا من رعانا
ولتعش سالما ويهلك عدانا
إننا في انتظار يوم سعيد •••
نيل يا نيل جاريا مختالا
مصر يا مصر جنة تتعالى
عذ بينا تمنعا ودلالا
نحن ملك لحسنك المعبود •••
أهل مصر وأنتم أهل فهم
كلما هدم العدا صرح علم
شيدوا غيره ببأس وعزم
إن حني الرقاب شأن العبيد
ذكرى بعض الحوادث
على دين سعد في محبة أوطاني
أموت ويحيا سعد للعلم العاني
وللنيل يرعى سرحه بمواهب
تضيء على القاصي وتحنو على الداني
وللبرلمان الطفل يغذوه حكمة
ويرضعه ثديي جهاد وإيمان
وهل كان لولا الوفد في مصر جنة
تقيها سهاما سددتها يد الجاني
رجال تعالوا عن مذمة حاسد
وعن تهم تعزى إليهم وبهتان
لقوا ما لقوا في حب مصر ونيلها
وسنوا المساعي للمجد وللواني
على الأزهريين السلام فإنهم
وإن آسفونا أهل تقوى وقرآن
هم أهل دين الحق لا العرف ضائع
لديهم ولا الدنيا بجنة رضوان
وما ظنهم بالبرلمان أهدمه!
وهم رفعوا أحجاره ليد الباني
ولم كرهوا الشورى وجاء بفضلها
عن الله جبريل لسيد عدنان
أرى جهلاء الناس لا يمقتونها
فكيف وأنتم أهل فضل وعرفان
أنعذلكم يا أزهريون بعدما
أقمتم على إخلاصكم ألف برهان
ولا بد من بذل المساعي لخيركم
وأزهركم رغم المحرض والشاني
ورغم شيوخ أضربوا لقضية
أرث دليلا من قضية (شيطان)
ويا ذلك الشيطان واقع جهنما
جزاء بما وسوست يا أخبث الجان
فليس لشيطان سبيل نخافها
إلى ملك من ساطع النور روحاني
وقد جاء شهر الصوم فاخسأ مقيدا
وصم إنما أفطر على سوط سجان •••
ذروا ذلك النشء الصغير لعله
يعود فتيا في كفالة (لقمان)
وعوجوا نرى (جغبوب) عادت فمثلت (فسيناء) يرميها بنظرته زان
رزان لصهيون تراد خليلة
كما قبلها قيدت حصان لطليان
وهل مصر إلا سلعة لمساوم
يراودها عن نفسها بعد سودان
ويهصر من أعطافها كل فاجر
مذل (لخوفو) مستخف (بقحطان)!
حظي أو مثال من حظ الأديب في الشرق
طالب العزم بحق مقبل
وبدنيا باطل لا تحفل
واصبري يا نفس إن رمت العلا
أو فطيري عن ضلوعي وارحلي
واصرفي الهم ففي إدمانه
ذبحة الصدر وحز المفصل
ما الذي صار وجدي فاضل
أن جدي عاثر لم يفضل ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
شعراء العصر تيهوا بأب
كلنا منه حسين أو علي •••
يا عذارى الوحي من فردوسها
لسماء النيل تهتز انزلي
وارقصي في مهرجان شائق
عالم الإعجاز فيه مثلي
طربي في ساحتيه واصفري
غردي في روضتيه واهدلي
واشهدي للشرق عرسا زاهرا
عن عكاظ في مجاليه سلي
زفت العلياء فيه ناهدا
لأمير الشعر في أبهى الحلي
من له آيات فضل باهر
هن عن ريب الردى في معزل
صاغها للنيل حليا (شيخنا)
فانثنى يختال عذب المنهل
فهي والأهرام تيجان له
بيد أن الدر غير الجندل •••
أحمدان فيهما الشرق زها
واهتدى الثاني بنور الأول
مرسل بالنثر وافى معجزا
بعده بالنظم وافانا ولي
أحمد صلوا عليه ذو أتى
بالمثاني محكمات من عل
وأتى شوقي عليه سلموا
بالأغاني من رحيق سلسل
غنت الأطيار في الروض بها
وشكا للزهر صافي الجدول •••
أنشأت مصر تناغي أهلها
فاسمعوا مطرب صوت البلبل
جذل تكريم شوقي إنما
بحياتي ضاعفوا لي جذلي
أكرموا لي عبقريا منكم
يمنع النيل بسمر الأسل
لا أرى رب يراع بطلا
مغنيا عن رب سيف بطل ••• ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
في التجارات التي كنا بها
نفتح الدنيا ولما نقفل
في الزراعات التي كانت بها
خلد (عنخ) طاقة لم تذبل
في الوغى في الطعن في ضرب الطلى
في قراع الدارع المستبسل
طالعينا بعد حين والسها
صيدنا في أيدنا المسترسل
ولنا جيش إذا صلنا به
عاصفا لذنا لأسمى معقل
يتلاشى البر منه في قوى
تترامى فيلقا في جحفل
يتوارى البحر والجو به
بين أسراب المنايا الجول
نحن من قحطان في شم الذرى
يا بني ليث العرين المشبل
بأس عمرو تحت أطباق الثرى
جمرة من شاء فيها يصطلي
نحن أبناء الفراعين الألى
دوخوا الدنيا بحد المنصل
تاج (رمسيس) على البعد صوى
للألى منا سروا في مجهل
كف (إبراهيم) قالت فاسمعوا
جنة الفردوس ظل القسطل
فافتدوا تاج (فؤاد) شبله
بنفوس في العلا لم تبخل ••• ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
ما رأينا (كوكبا ذا ذنب)
لاح في آفاقنا لم يأفل
إن شعبا (سعد) من آبائه
ليس من ضعف ولما يفشل •••
سمعت مصر حديثي فبكت
قلت يا أم الرجال استرجلي
إن شعبا من بنيه (مصطفى)
ليس من يأس ولما يخمل
واذكري كل صباح كاملا
تذكري عهد الرجال الأمثل
واسألي الله لسعد صحة
وعلى الله نصيرا عولي
واذكري كل كريم مخلص
من بني مصر معم مخول
واذكري عدلي ورشدي كلما
قلت يا تاريخ مصر سجل
واسقطي في خبرة منا علي
قلب ما اربد خطب حول •••
فاسترابت وأدارت مقلة
بسوى (نياتهم) لم تكحل
فكأني أشرعت (هندية)
لي من عيني مهاة مطفل •••
قلت روحي لك يا مصر فدى
سامحيني عانقيني قبلي
وانتشينا فتلاقينا علي
نعمة الحب وغيظ العذل
واجتنينا من عفاف طاقة
بسوى آدابنا لم تجمل
وجرى دمعي على أعطافها
جادها الوسمي منه والولي •••
قلمي، قد عقني أخ وحميم
فارث في المحنة لي
أيقظ الأوقاف من أحلامها
هز منها كل ركن زلزل
هل من استأجر أرضا يبتلى
بوباء جارف مستأصل
قومي يا مصر من تشريعنا
أعوجا مثل قرون التيتل
أجر من جد كفاف أو غنى
لا عذاب واقع لا ينجلي
أنصفوا فلاحكم لا تنكروا
حقة في ملبس أو مأكل
إن كل العدل يستأهله
عامل عن نفعكم لم يعدل
أو فقولوا بعد حين تصدقوا
يا سهول النيل خضرا أمحلي
واحرثيها أنت يا أوقافهم
وانعبي فيها غرابا واحجلي •••
واحملي يا نفس محتوم الأذى
واصنعي ما شئت إن لم تحملي
نصف ألف كل عام عسجدا
للتكايا من أديب معيل
من شقي شاعر مستفلح
من دموع من نقيع الحنظل
من بريء من دم من عرق
من خراب كامل مستعجل
من شهيد ضابط مضطهد
في هوى أوطانه مستقتل
حينما السيف بكفيه نبا
حارب اليأس بحد المنجل
آذن الصيف بحب ووفا
فاحتصد تبنا وقمحا واكتل
مون الأوقاف أشبع جوعها
إنها من حقبة لم تأكل
واعزق القطن لها إذ سوقه
أصبحت أرجوحة للمغزل
واسل يا توفيق عن نظم الظبا
وانظم الشعر وهلهل واصقل
واصطف الألفاظ من دمع الندى
والمعاني من أنين الشمأل
رب إني صابر محتسب
فكما شئت مصيري فاجعل •••
أنت يا أوطان أهراء الغنى
لم حظي حبة من خردل
أنا يا نيل محب صادق
فانسني أذكرك واهجر أوصل
أنت يا مصر فتاة حسنها
يبعث الوجد إلى قلب الخلي
فانثري من خدك الورد على
لؤلؤ من عبرتي لا تخجلي
رب بارك في (اللآلي) إنها
ثروت في كل كرب يبتلي •••
أطلب التحكيم يا مصر أنا
لست بالباغي ولا بالمبطل
إنني أختار سعدا حكما
إن يرد عدلا نجيب يقبل
لجنة التوفيق أرضى حكمها
إن أبى سعد وإن يستثقل
أيها الشعب لك الحكم فلا
تتلكأ واستقل أو فافصل •••
يسأل النواب عني ربهم
يوم لا عذر لمن لا يعدل
يسأل الأوقاف عني ربها
يوم محراب الأذى أسفل •••
قلمي، ما أنت مني أو أرى
قمة الإرهاق تحت الأرجل
فانقض الباطل من آساسه
شرد الإجحاف عني جندل
قلقل الصخرة من مقلعها
صخرة الظلم صفاة الخجل
قم بها ينجدك الله علي
نحسها في غفلة من زحل
خذ جناحين من الوحي وطر
للسماوات بجرم الثقل
طف على جو المحيطات بها
واقذف الهادي بأم الجبل
هدها كم من نفوس روعت
كم ربوع خربت لم تؤهل
أسقط الجو رجوما فوقها
وعليها سيل نار أرسل
أسقمتني عذبتني هدمت
صرح آمالي بألفي معول •••
قلمي قد قامت الحرب على
ساقها فاهتز رمحا واحمل
دولة تسلب من أبنائها
شاعرا فاعجب لبأس الدول
أمة تنهب مني رجلا
واحدا فاغضب لهذا الرجل
يغضب الإيمان والكفر معا
لأذى الحر وضيم البطل •••
يا شعوب الأرض حقي (كهربا)
حولي وجهك عنه حولي
عنه فري تسلمي من ناره
والمسيه تصعقي أو تقتلي •••
يا نيوب البغي لحمى (كوليرا)
فإن اسطعت فمن لحمي كلي
أنا بالحق قوي والذي
ربه في صفه لم يخذل
رب سامح مصر واغفر ذنبها
واهدها للرشد في المستقبل
وأعضني من تراثي نزلا
من هواها صالحا لم ينزل
فقليل شقوتي في حبها
واحتمالي كل غرم مثقل
وقليل في هواها ناظري
ودراريه وفصد الأكحل
فهي ريحاني وراحي والصبا
وشبابي وحبيبي الأول
وهي أبنائي وأمي وأبي
وهي ظلي الزائل المنتقل
وقليل في هوى أوطاننا
ما بذلناه وما لم نبذل
الله والوطن
بين نفح الصبا وشدو الطيور
أرفع الحمد للعلي الكبير
للذي بالبيان حلى لساني
وهداني معارج التفكير
وتولى رزقي فأجراه نهرا
من ثمار وسندس وعبير
وبين قصر وبين نهر كريم
ورياض خضر وزهر نضير
في بعاد عن العدو وأمن
وضياء من الحبيب ونور •••
إيه يا طير أسعدي بثناء
أرتضيه لذي الجلال الخبير
من بكاء مرجع في حنين
أو غناء موقع في صفير
أنت مثلي تأوين من كرم الله
لأكناف جنة وغدير
لك من يانع القطوف طعام
ومدام من الرحيق الطهور
ولك التاج تاج فرعون والني
ل وفردوس (عنخ) عالي السرير •••
رب أصلح لنا المليك فؤادا
رب بارك على (العزيز) الصغير
وارع سعدا وآل سعد ووفق
بين آمالنا وبين السفير
واهد كلا للخير والرشد والحكم
ة واحلم على (الصغير الوزير)
فهو في جفوة من الأهل نكرا
ء وفي موقف الوداع الخطير
رب عذر لأحمد عن ذنوب
قد جناها وماله من عذير
إنه (للتبات) ركن شديد
رغم أنف الهجاء والتشهير
فهو لا يعرف النزول عن الحك
م ولو زج في عذاب السعير
صخرة من ترؤس وصفاة
من أناة وقمة من ثبير •••
أهل مصر خذوا برأي نصيح
صادق مشفق نقي الضمير
ليس غير الدستور حصن لمصر
فأحيطوه من قلوب بسور
وأعدوا للبرلمان رجالا
من ذوي فضلكم أولي التدبير
إنها نهزة إذا هي ولت
حار في ردها دهاء البصير
وتولوا من أمركم في وفاق
لتكونوا صدقا ولاة الأمور •••
إيه يا سعد كم تعيد وتبدي
في جهاد وفي عناء كثير
إنهم يرهقون حزبك بالمط
ل وطول التعطيل للدستور
ولقد قاطعوا صهيلك بالنب
ل وأدلوا لناهق بالشعير
وعسى الله أن يرد عليهم
كيدهم بالبوار والتدمير
إن مصرا كنانة الله للمس
تضعفيها الردى وقصم الظهور •••
يا نصير الضعيف سدد سهامي
لقلوب من العدا ونحور
واكسني من قناعة وعفاف
في غنى عن مراتب وظهور
كن قناتي وكن حسامي وترسي
في قراع الأذى ودفع الشرور
لن تنال الخطوب مني منالا
وحمى جاهك المنيع مجيري
فلك الحمد خالصا من فؤادي
يا محيطا علما بذات الصدور
مصر بين الماء والنسيم
بين النسيم وبين الماء أسرار
راحت تبوح بها للناس أشعار
إذ بينما النيل يوما نائما تعبا
يجري بأحلامه للبحر تيار
نشوان يذكر أفراحا عرائسها
عين له قدما تهدى وأبكار
مر النسيم به صبحا فأيقظه
وللطيور تسابيح وأذكار
والوقت قبلة صب ثغر فاتنة
وليس إلا عيون الزهر أبصار
والشمس أعجب ما راعتك بازغة
كأنها في يد المسكين دينار •••
قال النسيم أفق يا نيل ما اكتحلت
بالغمض عين لها في المجد أوطار
هاك الغزالة قد ألقت أشعتها
على الندى تحتسي منه وتشتار
فقم وارضع سهولا أنت والدها
فنوم مرضعة عن طفلها عار •••
فأجفل النيل من أحلامه وجرى
جري الجواد له من مصر مضمار
وصفقت نفحات الصبح لجته
فالريح تعزف والأمواج أوتار
يا حسنه وهو يجري في أعنته
وحوله ملء عين الخصب أشجار
يا ليت شعري هل مصر لها شبه
بين الممالك أو كالنيل أنهار؟
بل لا يقوم بفذ من محاسنها
ممالك تنظم الدنيا وأقطار
كم سورة في كتاب الله محكمة
لمصر أثناءها ذكر وأخبار •••
ذرني أرى ما أرى إني أرى شجنا
دارا تشوق وما بالدار ديار
وأمة في ربوع النيل جامدة
وفوقها ركن صرح المجد ينهار
أم كيف ينفعنا مشي على مهل
والناس من فوقنا في الجو قد طاروا •••
ويا ابن مصر ربوع النيل عاطلة
من حليها وحلى الأمصار أسفار
مدو إلى العلم أقلاما تعربه
عن أهله عدلوا في القصد أم جاروا
دع الخمور ولا تنزل بساحتها
فليس يهديك للعلياء خمار
ولا تطع كل ذي كأس يغازلها
فإنه جاهل بالسوء أمار
ربوا النساء فما في الجهل مفخرة
يدعو إليها سفيه الحلم مهذار
هبها لنا جارة ليست بوالدة
أليس في الجهل يؤذي جاره الجار؟
وكيف نرضى لهن الجهل منزلة
وهن حول حمى الأوطان أسوار
من يلبس الطفل روح الحزم من صغر
حتى يرى وهو ماضي العزم مغوار؟ •••
دعني أقص عليهم ذكر والدة
مضى على قولها المأثور أعمار (أسماء) إذ جاء (عبد الله) يسألها
وقد تحاماه في الهيجاء أنصار
أماه جيشي وأشبالي وحاشيتي
قد سلموا للعدا والدهر غدار
والقوم لي شرطوا سؤلي مصالحة
فهل أسلم أم في القتل إعذار؟
قالت ألست على حق تقارعهم
فادفع عن الحق لا تثنيك أخطار
هم خيروا بين عيش لا بهاء له
وبين قتل وأنت القتل تختار
ما هذه الدرع؟ فانزعها وكن رجلا
يابن الزبير كفى يمناك بتار
فمات ميتة مقدام شجاعته
لها على الدهر إعظام وإكبار •••
كتلك كان بنات الشرق يوم له
في جنة المجد أزهار وأثمار
واليوم بشرى لأهل الشرق أحملها
بدا لها من خدود الغيد أنوار
سل مي أو سل هدى عنها وغيرهما
ما لاح في ظلمات الجهل أقمار
كعبة الدنيا
على مصر من ذاك الوفي سلام
وشوق ودمع دافق وضرام
على وطن أشربت في المهد والصبا
هواه فكلي لوعة وغرام
على بلد للخير فيه مناهل
وللجود مرعى ناضر ومسام
على كعبة الدنيا التي حول ركنها
لزوار أهل الخافقين زحام
فيا وطني إن بات من كل أمة
لديك حجيج ركع وقيام
في كل مرج منك بيت مقدس
وفي كل حقل زمزم ومقام •••
على منزل خير المنازل كلها
وأكرم ترب سح فيه غمام
وهل مصر إلا غادة عربية
لها الحسن عبد والدلال غلام؟
تغازلها شمس الأصائل والضحى
ويرنو إليها البدر وهو تمام •••
على وطن قد زرته بعد غيبة
ولي فيه عهد صالح وذمام
ولي فيه جيران وصحب ومعشر
يفون وأهل صالحون كرام
أحن إليهم كلما لاح بارق
وغرد قمري وناح حمام •••
فيا أيها المصري نمت لأنه
نسيم وماء بارد وطعام
ولكنكم نمتم ولم تتيقظوا
وذلكم لو تشعرون حمام
فناموا وهبوا واحذروا وتدرعوا
فللدهر نبل صائب وسهام
هل العيش إلا نومة ثم يقظة
أو الأمن إلا لأمة وحسام •••
وللدين منا بيعة في رقابنا
يمال عليها ركننا ويقام
تركنا كتاب الله خلف ظهورنا
وليس لنا إلا الكتاب إمام
فحل بنا هذا البلاء وإننا
لنجزى على تفريطنا ونضام •••
ويا ناشدي الإصلاح إن دواءكم
صلاة هدمتم ركنها وصيام
وإيمان صدق لا يشاب بباطل
وفعل إذا جر الفعال كلام
وعلم يجلي الشك عن كل حادث
إذا ما أظل الحادثات قتام
فجوبوا الفيافي للمعارف إنها
لمنثور عقد الصالحات نظام
فما هو عار أن يقال ترحلوا
ولا هو فخر أن يقال أقاموا •••
ويا نيل أسكرت البلاد وأهلها
فريقك معسول المذاق مدام
وأسقمتهم من نشوة بعد نشوة
وآخر سكر المدمنين سقام
ألم تر أن الناس في مصر عربدوا
فقال الأعادي سوقة وطغام
فلو أننا بالدمع نمزج ماءه
لرق وبلت غلة وأوام
ولو أننا بالدمع نمزج ماءه
لحل وأما خالص فحرام
ظلام الحادثات
ليت الربيع محدثي برواية
تجلو الهموم إذا السلام جلاها
فلقد زكا وتفتحت أكمامه
مقلا ووجنات زهت وشفاها
وعلى الغصون وفوق كل خميلة
غرد إذا غنى القلوب شجاها •••
يا مصر والأيام أم عجائب
والحادثات ظلامها يغشاها
وقاك ربك ما يسوءك إنه
أعطاك تاج الحسن يوم دحاها
وكساك حلة سندس بكواكب
وجواهر عطرية وشاها
والنيل والوادي وما يحبوهما
من روعة وجلالة هرماها
والجو هل في الأرض مثل صفائه
يا لين شمألها ولطف صباها
خير عتاد
لا خير في (فليحي وليسقط) ولا
صخب الشيوخ وضجة الأولاد
نعم السلاح الحق إلا أنني
أجد الحسام العضب خير عتاد
لهفي على جيش يخوض غمارها
متتابع الإبراق والإرعاد
فالقاسطون على ذليل جباههم
مستفحلون لنا وأهل عناد
عم البلاء بهم وعلم شرهم
إبليس كل خديعة وفساد
زرق العيون خبيثة أرواحهم
حمر الخدود نواعم الأجساد
مراح الصبا
يا بلادي - وكم دموعي تحلو
في هواها - وكم يلذ عذابي
فيك وقف على المدافع صدري
وعلى البيت ناظري والحراب
يا نعيمي ولذتي وغرامي
ومراح الصبا ومغدى التصابي
إن تكوني الفردوس يا مصر حسنا
ما الذي أرتجيه يوم الحساب
كم عذول يلومني في هواها
مستهينا وليس يعرف ما بي
أيام الحبيب
من لليراعة يبكيها ويضحكها
إذا لهوت عن الأقلام بالقضب
فاذكر أحاديث أيام الحبيب لنا
وابك الليالي إذا راحت ولم تؤب
ليالي الوصل صاف لا يكدره
واش وصدق الهوى قاض لمحتسب
أيام ورد الضحى صب بوجنته
يرنو لها ما انثنى في الروض من عجب
وإن نظرت إليه وهو مبتسم
رأيت بدر الدجى يفتر عن شهب
أو ذقت برد ثناياه وريقته
زهدت ما عشت في خمر وفي حبب
إذا ارتدى ثوبه الوردي تحسبه
شمسا توهج في جو من الذهب
كانت لرقته خمرا لمرتشف
أيامنا فغدت دمعا لمنتحب
عظة لمن عشق
قلب ألح عليه الوجد فاحترقا
وناظر سابح في لجة غرقا
بقية من حياة غير طائلة
غادرتها عظة بعدي لمن عشقا
معان راقصات
آن أن يخضع النعيم لحكمي
فالأغن الرخيم قد ناغاني
كنت ميتا شوقا إلى صوتها العذ
ب فلما سمعته أحياني
كلمات يخلن درا نظيما
فوق لبات راقصات المعاني
طاهرات كأنهن مزيج
من رضاب الإنجيل والفرقان
قاتلات نفوسنا محييات
ضاحكات من يأسنا والأماني
عشقنا علما
أي خير تزيدنا رؤياك
هل رأيناك قبل أن نهواك
بل عشقنا علما وفضلا، وباق
ما عشقنا لنا بقاء السماك
لك في القلب صورة أكبرتها
أختك الشمس زينة الأفلاك
ومن الوجد بي الذي لو تحمل
ت وأفديك بعضه لمحاك
وتمنيت لو تضيف الليالي
لفؤادي على أساه أساك
شفاء أديبة
مرضت فأمرضت النفوس وروعت
قلب الطروس أديبة حسناء
مزجت بحكمتها القريض فكأسها
يسقى بها الشعراء والحكماء
صبان مختلفان فيك توافقا
والحب فيه غرائب وخفاء (رجل) يعز عليك أمسى عاشقا
لمخارج الصوت الرخيم و(داء)
ما زال قلب الشرق يخفق جازعا
حتى سرت بشفائك الأنباء
فالشام يرفل في الهناء وتزدهي
مصر وتضحك في السماء ذكاء
عهدك المبروك
صلى الإله عليك كل عشية
يا ريم ما نثر الجواهر فوك
ما أنت معجزة الحسان بلاغة
إلا وبعض الأنبياء أبوك
إني لأغبط من رآك وليتني
أعطي بنفسي ساعة تجلوك
وأرى الألى أثنوا عليك فأطنبوا
لولا مخافة ربهم عبدوك
عفى على الخنساء ذكرك وانقضى
صمت الحسان بعهدك المبروك
لو أن غيلانا رآك وأقبلت
خرقاء تبسم لم يكن يسلوك
فاقت الخنساء
فاقت الخنساء ريم
وشأت ليلى إجاده
ثم لم يقدر لنا من
فضلها رد الإفاده
أحسني يا ريم صنعا
تبلغي أقصى السعاده
إن للمحسن عند الله
حسنى وزياده
لو أتانا شعر ريم
لجعلناه عباده
وحسومته مذاقا
ولبسناه قلاده
بارك الله لنا في الس
ت كنز الاستفاده
خذوا بيدي
أهل القريض خذوا في عشقها بيدي
أو أقرضوا قلمي وصفا يدانيها
أخشى العصور التي تأتي تعاتبنا
إن لم نقل غزلا يرضي النهى فيها
ألا يقولون قد كانت تعاصرهم
مي فلم يسمعونا في معانيها
أعين وقلوب
أبيت أنادي أدمعي وتجيبني
ويهتف بي داعي الضنى وأجيب
ولي من لظى (الخرطوم) غير اشتياقكم
عذابان: حر دائم وهبوب
ولكنني في حب مصر رضيتها
ففي حسنها نار الجحيم تطيب
فما تنس م الأشياء لا تنس غائبا
غريبا، أجل من لا يراك غريب
تقيد بالسودان لكن فؤاده
إليك له بين الضلوع وثوب
وما لي كما للناس عينان للبكا
وقلب، ولكن أعين وقلوب
لو تحل الخمر
دائي الجوى ودوائي عطف محبوبي
وريقه لو تحل الخمر مطلوبي
ريم من الترك منه الحين طالعني
بكوكب في سماء الحسن مشبوب
له فم ضاق حتى ليس يفهمني
حديثه غير تحديق وتقطيب
إذا تبسم خلت البدر يبسم لي
وإن ترنم ريت الأرض تجري بي
أنفقت كنز دموعي في محبته
وقلت للنفس في آثاره ذوبي
آمنت بالله
ما للجوانح أنت
والنفس تاقت وحنت
حتى حسبت ضلوعي
أوتار عود تغنت
يا بعد جمعت شوقي
لكن صبري تشتت
لا القد غصن تثنى
ولا رماح تثنت
ولا حدائق زهر
بوجنتيها تندت
في كل خد هلال
بدا وشمس تبدت
آمنت بالله ربا
أناب قلبي وأخبت
خشيت زيغا ومن ذا
يرى حبيبي ويثبت
هذا الغزال
الله ما هذا الغزال
أرأيت حين رنا ومال
لما دنا بالكوب يسقي
ني من العذب الزلال
لا تسقني ماء على
ظمإ وفي خديك آل
أنا حين تيئسني الحقي
قة منك ألجأ للخيال
فأراك أقرب ما ينا
ل وأنت أبعد ما ينال
وأخال ثغرك في فمي
حينا فيحلو ما أخال
أفديك بالنفس النفي
سة لا بعم أو بخال
لا زلت في عز الجما
ل تجر أذيال الدلال
معشوقتي
البدر يلعب بالعقول شعاعه
وبنوره في كل داج نهتدي
والغصن يستهوي النواظر كلما
عبث النسيم بقده المتأود
والبرق يلمع في الغمام كأنه
صفحات ماض في يدي مجرد
والطير يملك مسمعيك مغردا
وجماله عينيك غير مغرد
والكون أجمع صورة فتانة
تسبي النهى بجمالها المتفرد
لكن أبدعها ومحور حسنها
بشر يروعك ورد وجنته الندي
وأر الذي جحد الإله مكابرا
معشوقتي واقتله إن لم يسجد
تسبيح الأطيار
في العظات والحكم ومدائح المختار
السر المهيب
بذكر الله تبتهج القلوب
وتنفرج الشدائد والكروب
فليس له على كرم نظير
وليس له على فضل ضريب
وماذا تطلب الأحداق منه
ولو شبت بأفئدة حروب
فما في فطرة الخلق احتمال
لنور لمعة منه تذيب
سلوا شم الجبال وكيف موسى
أناب وخانه العزم الصليب
ولو شهدوه لاحترقت قلوب
من الأنوار وانشقت جنوب
تعالى الله إشراقا وحسنا
وفوق ذرا النهى السر المهيب
الباب الأول
في مدح المختار
الميمية النبوية
طيف سرى فشفى صبا من السقم
سرى الهموم وجلى حالك الظلم
متمم الخلق من حسن ومن عجب
مكمل النور من علم ومن حكم
أرنو إليه فتصبيني مناظره
فأخفض الطرف إجلالا لذا العظم
في موقف بكمال الحسن متشح
بالطهر مؤتزر بالصدق معتصم
حتى إذا سكنت نفسي سموت له
أرعى الجمال وأخشى زلة القدم
لا أكذب الوصف بدر التم يعشقه
والشمس رأد الضحى من أطوع الخدم
وأين للبدر منه سحر مكتحل
وأين للشمس منه در مبتسم؟
يا لين راحته! لا الزهر ملمسها
ولا الدمقس ولا ما شئت من نعم
قبلتها وشذاه الروض ينفحني
وفوه يسمعني من أعذب النغم
يدلي إلي بسر من محبتنا
قدس الصحيفة في حرز عن التهم •••
يا لائمي أن دمعي في الغرام جرى
أقصر فدمعي قليل في الهوى ودمي
دمعي وشعري معا من منبع جريا
في الحب منسجما في إثر منسجم
لولا الجمال ولولا ما يطالعني
من البدائع لم أعشق ولم أهم
تدعو المحاسن من باد ومستتر
له المحبين من باك ومبتسم
لو جنة الخلد لي من وجهه بدل
لا أشتريها بما في القلب من ضرم
أو أن صبا يعير النصح واعية
لم تلفني عن نذير الشيب في صمم
يا ويح نفسي قد كلفتها شططا
شرح الشباب ولم أخشع لدي الهرم
وشاب فودي وظلت في طفولتها
ترعى وترتع في مستوبل وخم
توبي لربك وأخشي هول غضبته
وعانقي سنة المختار والتزمي
وقدمي عملا ترجى شفاعته
وعانقي سنة المختار والتزمي
هل نال رتبته الهادي وسؤدده
إلا بإدمانه صبرا على الألم
وبالهواجر يطويها على ظمأ
وبالدياجر يحييها على ورم •••
لم يثنه قومه يشتد غيظهم
في إثره بالأذى في الحل والحرم
أن يلبس الدعوة الشماء رهبتها
بين القبائل لم يجزع ولم يخم
ما ضاره أن كندا ربه كندت
وعامرا عمرت دهرا مع النعم
وأن كلبا على أربابها كلبت
ودوس كالقوس لما بعد تستقم
ما زار مكة ذو فضل ولا شرف
إلا دعاه فلم يهدأ ولم ينم
ماذا لقيت فداك الناس كلهم
من الشياطين يحدوهم أبو الحكم
من زمعة وأبي الوليد ومن
حرث ونضر وعاص بارئ النسم
ونوفل لم يجئ يوما بنافلة
ولا بفرض ولم يركع ولم يصم
والأسودين من استسقى فمات ومن
دعا الرسول عليه بالعمى فعمي •••
وآسفتك ثقيف إذ ندبت لها
تدعو لربك في سهل وفي علم
أغروا بخير الورى عبدانهم سفها
وجهل صبيانهم إغراء منتقم
حتى إلى حائط ألجئت منحرفا
عن وجهة السيل سيل المحنة العرم
جلست لله تدعوه وتذكره
بلؤلؤ من نثار الشهب لا الكلم
تشكو لمولاك ضعفا في قواك وما
كنت الضعيف إذا لاقاك ألف كمي
لكن على الحلم تهدي والسماح وفي
بحبوحة الرفق كالراعي مع الغنم
ما كان يلفتك المولى لتدعوه
إلا لينثر أغلى الدر خير فم
كم في دعائك من ظرف ومن أدب
وفي بيانك من نور ومن حكم
وفي المخايل من نبل ومن شرف
وفي الشمائل من عتق ومن كرم
الله والاه بالنعمى وقربه
وزانه بكمال الخلق والشيم •••
وقف عليك رسول الله تشفع لي
إن كنت جارك فاشفع سيد الأمم
وقد عقدت جواري أنني وجل
أملت جاهك دون العرب والعجم
إذ القيامة يوم كنت فارسه
وكنت في ساحتيه صاحب العلم
آليت ألقاك عند الحوض مبتسما
أن كنت جاري وأوفى الناس بالذمم •••
كم في جوارك من أمن ومن سعة
وفي فؤادك من عطف ومن رحم
وفي جنابك من عز ومن شرف
وفي رحابك من أهل ومن نعم
وفي جبينك من شمس ومن قمر
وفي يمينك من بحر ومن ديم
كم فيك من حسب كم فيك من نسب
كم فيك من نجدة كم فيك من همم •••
وآمن الضعفاء المتقون به
من كل مستبصر بالخير متسم
حمال في بغضه الأوثان كل أذى
ماض على شرعة التوحيد معتزم
وعاند الأقوياء الحق وانفجر ال
طغيان يقذف كالبركان بالحمم
لله در أبي بكر ونجدته
إذ الموالي بشر غير منحسم
يعذبون على الإسلام من سفه
ويفتنون عن التوحيد من لمم
فكان يبتاعهم عطفا ويعتقهم
هيهات يقبل فيهم ظلم محتكم
والبذل في نصرة الإسلام شيمته
والصدق والرفق في بدء ومختتم •••
وهاجر الحنفاء المهتدون إلى
ملك النجاشي فلم يخفر ولم يضم
لله (أصحمة) في الخير من ملك
أسدى الهدى نعمة مرعية الحرم
حمى من الجهل والطغيان وافدنا
ورد كيد العدو الناقم الخصم
في الركب بنت رسول الله يصحبها
عثمان في ثبج الأمواج والأجم
هل زار (إثيوبيا) من قبلها ملك
حالي الذوامل باهي مضرب الخيم
لو خدره طالع الأحباش شارقه
لكان يبيض منهم حالك الأدم •••
ما أجهل الشرك يرمينا بشرته
رمي الضعيف ويرمي الله بالرجم
لا نسأم البغي والعدوان يتبعنا
حيث ارتحلنا فما في الله من سأم
لعل فتحا إلى الأوطان يرجعنا
فإن حالا على الأيام لم تدم
ماذا يحاول عمرو أرسلوه لنا
يردنا للأذى والبغي والنقم
أهدى النجاشي فلم يقبل هديته
وقال لا أرتشي في الله من نهم
فعد لقومك يا ابن العاص مكتئبا
فإن جار النجاشي أي محترم •••
وقد أتى الخزرج الداعي فأسمعها
وحيا يكاد يرد الروح في الرمم
وكان قبل يهود يذكرون لهم
إطلال عهد رسول صادق علم
فآمنوا وانثنوا يهدون قومهم
باكين فوق رحال الأينق الرسم •••
وأينع الوحي في الأنصار فانبعثت
وفودهم في طلاب الحق في أمم
فتمت البيعة الصغرى لطاعته
في الخير، والشر يغلي غلي محتدم
وكان بينهم خلف فألفهم
نور من الله كم أوصى على الرحم
وجمع الجمع الأنصار يرشدهم
من مصعب بن عمير خير ملتزم
لله مدرسة في يثرب فتحت
يديرها فضل ذاك المقرئ الفهم
كذاك ساس رسول الله أمته
بالحلم والعدل والقرآن والقلم •••
وأوفت البيعة الكبرى لنصرته
في الحرب من ظالم باغ ومنقصم
وذاع أمر رسول الله والتأمت
مجامع الشرك فيه أي ملتأم
يعارضون إمام المرسلين وهل
يعارض الوحي إلا كل منفحم
فكان (حاميم) يتلوها فتجرفهم
كالسيل طبق من مستشرف الأكم
وأرسل الله جبريلا بهجرتنا
ليثرب فزهت حسنا على إرم
في كل يوم يوافيها ويقصدها
ركب لتوحيد رب العالمين نمي
المؤمنون وجلت تلك مرتبة
وقسمة شمخت تيها على القسم
حتى تكامل وفد الحق واستلمت
جماعة الله ركنا غير منهدم
فهاجر المصطفى الهادي وصاحبه
وأمر ربك مقدور من القدم
فجاء كالسهم يهوي في مخارمها
به فؤاد عداه المشركين رمي
فتمت الهجرة العظمى التي حطمت
ظهر الضلال وما أبقت على صنم •••
آخى نبي الهدى بين الصحابة في
رفق فآضوا لفيفا غير منقسم
وأصبحوا قوة تخشى بوادرها
لو آذنت جبلا بالحرب لم يقم
مهاجرون وأنصار قد ارتبطوا
في ربهم برباط غير منفصم
بث السرايا على الأعداء يرهبهم
من كل مستبسل بالنقع ملتثم
يا يوم بدر جزاك الله صالحة
طلعت للات بالويلات والعقم
ولاح جبريل في جند الرسول على
خيل الملائك قد عضت على اللجم
رمى النبي بحصباء فشردهم
في البيد منهزما في إثر منهزم
إلا أسارى وصرعى من حماتهم
ملء القليب وتحت النار لا الرجم
أبلى علي، وأغنى حمزة، وبدا
عشق الشهادة فينا غير منكتم
سل عتبة وأبا جهل وفلهما
آللات أمضى ظبى في كل مختصم
أم أجمعت لقتال المصطفى فئة
أو سار جيش عليه الطير لم تحم
نهى عن المثلة الهادي وحذرنا
ولو يراد بها الفجار لم يلم
أوصى بأسرى العدا خيرا صحابته
إن القوي كريم العفو ذو الشمم •••
كيف الشهادة لا تحلو وفي أحد
وجه الشفيع بأيدي الظالمين دمي
وظل في الروع يرمي في نحورهم
مفرقا جمعهم في كل مزدحم
فر الأعادي وقد ريعت نساؤهم
فهند مذعورة تبدي عن الخدم
وخالف ابن جبير في الرماة هدى
أمر الحبيب لهم حين القتال حمي
رأوا قطوف العدا في الروع دانية
فضيع الثغر منهم كل مغتنم
فكان أن حطموا ختلا وأن ندموا
مخالف الرسل لا يخلو من الندم
أبو دجانة أعطى السيف قيمته
ضربا يجل عن التقدير والقيم
أغنى علي وأبلى حمزة ومضت
لله لبدة ليث الملة القرم
أف لحربة وحشي لقد تركت
في جانب البأس جرحا غير ملتئم
يا حمز للحرب يذكيها بمنصلت
في كفه كشهاب الرجم مضطرم
لا يهنئ الشرك كأس أنت شاربها
في الله معسولة تشفي من السقم
يا حمز قرت قلوب كنت مرجفها
من طائر حين تلقاه ومخترم
ماذا فعلت ببدر إذ تمزقهم
غادرتهم طعم العقبان والرخم
وكم فرست من الأبطال في أحد
يا ليث دين الهدى في كل مصطدم
ما ضر سيف رسول الله ثلمته
في النوم والعزم عضب غير منثلم
أبقى لنا الله فيه نجدة هدمت
ركني أبي وطودا شامخ القمم •••
ويوم خندق لا فلت عزائمه
فأصبح الغيل يعيي كل مقتحم
حثوا المطايا وقادوا الجرد واحتشدوا
حول المدينة في بأس وفي بهم
قريش حالفها غطفان شايعها
يهود من ناقض حلفا ومرتطم
جاءوا ليستأصلوا الهادي ويثربه
بكل منصلت يهوي على اللمم •••
فيها الرسول وجبريل وربهما
يميت من شاء أو يحيي من العدم
فأرسل الله ريحا في معسكرهم
رمت محرضهم بالعي والبكم
تذرو الوقود وتكفي من قدورهم
خوفا عليهم من الطغيان والبشم
وجاءنا مؤمنا منهم وما عملوا
شهم تفرد بالإخلاص في الخدم
هذا نعيم بن مسعود قبيلته
غطفان يربي على غطفان كلهم
يقول هل خدمة أرضي الجهاد بها
إن كنت عند الأعادي غير متهم
قال الرسول له ثبط عزائمهم
إن استطعت وشرد خادعا بهم
فمزق الجيش تمزيقا بحيلته
كأنما كان جيشا زار في حلم
وأصبح الجو خلوا من خيامهم
إذ قوضت عن حساب جد منخرم
كانت يهود له ذبحا رجالهم
بصارم العدل إلا غير محتلم
وقد أفيئوا على الهادي وعترته
وصحبه طعمة من أطيب الطعم •••
يا فتح مكة أوسعت الضلال لظى
والرشد بردا بجاري نصرك الشبم
يد الإله من التوحيد قادرة
رمت بسهم قلوب الشرك منتظم
خانت قريش عهود المصطفى فمضى
في الخيل كالبحر بالماذي ملتطم
منت كتيبته الخضراء ظافرة
على العدا فأضافتهم إلى الحشم
سماهم الطلقاء المصطفى كرما
ومن من الخلق أولى منه بالكرم؟ •••
وفي حنين وإن راعت مواكبهم
فإنها لقمة تهدى لملتقم
جاءت هوازن تردى في أعنتها
لغزو مكة في سعد وفي جشم
لم تغن كثرتنا شيئا وقد طلعوا
بالسمهرية والهندية الخذم
ولت جحافلنا إلا الرسول مضى
للنصر يهدر في درع من العصم
يصيح في الجيش إذ ولوا يشجعهم
أنا النبي إلى عهدي إلى القسم
أنا محمد يا أنصار أين إذا
عني الفرار، ويا خيل العدا انحطمي
حتى تشجع من أصحابه مائة
صفا يجالد، قال: الآن فاستقم
الآن يحمى الوطيس الآن نهزمهم
في الله، نتركهم لحما على وضم
وأقبل النصر والفتح المبين على
داعي الهداية لم يقهر ولم يضم
وقد تشتت شمل الشرك واغتنمت
نساؤهم والذراري أي مغتنم
من الرسول عليهم في نسائهم
وفي بنيهم وكانوا نهب مقتسم
ووزع الفيء تأليف القلوب على
قسطاس عدل رضاء الله مرتسم •••
شامت ثقيف ضياء الحق فابتدرت
نهج السداد، وألقت راحة السلم
وحرم الله حج المشركين بما
طغوا، وما أسلفوا من كيد مجترم
وأوذنوا بقتال يستحر إلى
أن يشربوا الله فردا كاشف الغمم
وجاء يوم تبوك يوم مفخرة
فالجزية الروم أعطوها على رغم
وقام في الأرض دين الحق معتليا
ولو أقيم بغير الله لم يقم
سمت إليه وفود العرب طائعة
من ساكني وبر أو ساكني أطم
بالحرث - سعد بن بكر - بالهدى سعدوا
ملوك حمير من كهل ومن هرم
بنو حنيفة، طيء، الأزد قد قنعوا
بالله فردا وبالقرآن من حكم
وتم فخر تميم عندما هديت
وآض مجد جذام غير منجذم
زبيد، كندة، عبد القيس، مذجح،
همذان، مراد، نجوا من نار منتقم
وعامر عمرت في الله أفئدة
كانت خرابا، وكم من وافد وكم
كل لقد عانق الإسلام والتزموا
يا حسن معتنق يا طيب ملتزم
الدعوة انتشرت في الأ رض وانبعثت
إلى الممالك والأقطار من إضم
إلى عمان، لغسان، إلى يمن
للفرس، للروم، للبحرين، للهرم
إلى النجاشي إلى ملك الشام إلى
دان وقاص من الأصقاع والتخم •••
هذي رسالة خير الخلق باهرة
كغرة الصبح تجلو فحمة الغسم
يكفي المكابر والفرقان في يده
مفصل بفريد الدر والتوم
بحار علم من الأمية انفجرت
وعبقرية آداب عن اليتم
في القطار
قل لمزجي القطار أوقد وعجل
واطو طيا ليثرب الآفاقا
وإذا أعوز الوقود فللرك
ب قلوب قد احترقن اشتياقا
جمعته الأشواق من كل صوب
وسقاه الغرام كأسا دهاقا
فمن الشرق واله مستهام
ومن الغرب منتش ما أفاقا
يتيمة الحكماء
نفحات أحمد عنبر الأرجاء
وبهاؤه تاج لكل بهاء
وله لواء المجد خفاق الحلى
فوق الثرى ومعاقل الجوزاء
زين الكرام المرسلين وفخرهم
ويتيمة الهادين والحكماء
ومبلغ الفرقان لحمة نسجه
عزت قوى الفصحاء والبلغاء
يفنى الزمان وحسنه متجدد
باق لمستمع حلاه وراء
لو لم يكن لك غيره من مفخر
لبلغت فضلا ذروة العلياء
لكن لك الآيات يعيي حصرها
منها عجائب ليلة الإسراء
صلى الإله على النبي وآله
سفن النجاة وصحبة النجباء
رياض المنى
نبي الهدى إني لجاهك آمل
وجاهك مأمول وفضلك شامل
ولا خير إلا في يديك رجاؤه
ولا غاية إلا لها أنت واصل
إليك منى نفسي عجافا أسوقها
وفيك رياض للمنى ومناهل
وإني وحمدي عن علاك لمقصر
وإن لم يعد لي غير حمدك شاغل
فلم أرم أجواز القريض بمدحة
إليك ولم تقطع عليها المراحل
ولا خضت بحرا في مديحك زاخرا
فكان له في ناظر الوصف ساحل
تقصر كف الحمد عنك وباعه
وتعجز أوصال النهي والمناصل
وترتد عين الشعر عنك حسيرة
كليلة لحظ نورها متضائل
يقول لي اللوام فيه لجهلهم
أليس له في المرسلين مماثل
أجل أنجبت حواء من مرسل ومن
نبي ولكن أنت وحدك كامل
أعزهم في الله والشرك حافل
وأجودهم في الله والدهر ماحل
وأثبتهم في كل يوم كريهة
تفل الظبا فيه وتبرى المناصل
وقل في مقام لا يساميه فاخر
بفخر وفضل لا يدانيه فاضل •••
تيمنت الدنيا بنور شفيعنا
فكوكبها في حلة السعد رافل
وإني على ما أفحمتني صفاته
فلم أدر عيا ما الذي أنا قائل
لشاد بذكرى مجده متغنيا
كما تتغنى في الرياض البلابل
وصب حياتي هائم بجماله
تغازلني أنواره وأغازل
إذا ما غزا أرض العداة تنكست
معالمها ذلا فهن أسافل
وإن سمعوا آي الكتاب تنازلت
معاطسهم عن كبرها وتنازلوا
وخفوا إليه مهطعين فراكب
يشق له صدر الفلاة وراجل
إذا حاولوه وسط جمع يدلهم
عليه من النور المبين دلائل •••
ومن قدح يروي الصحاب ويرتوي
ولو وردت قبل النبي القبائل
ويوم طوى لله سبع طباقه
تطاوله هام العلى فيطاول
إلى أن تجلى الله جل بهاؤه
عليه فناغاه الحبيب المواصل
ومن فوقه نور ومن عن يمينه
ومن خلفه نور ونور مقابل
فهذا الذي فاق النبيين قبله
فمن ذا يسامينا به أو يناضل
خاتم المرسلين
أنار الدجى خير البرية أحمد
بوجه كبدر التم بل هو أسعد
وقام بأمر الله يدعو إلى الهدى
ويهدي إلى الدين القويم ويرشد
ينادي الورى من كان بالله مشركا
فديني أن الله ربي مفرد
وليس له أم وليس له أب
وليس له ند ولا يتعدذ
ولله قوم جردوا سيف بأسهم
على باطل الدنيا ومنها تجردوا
فمنهم على مثل الأسنة صابر
وفي الله ما يلقى وما يتكبد
ومنهم أخو كشح طواه على الطوى
ومنهم سخين العين باك مسهد
ترى جسمه فوق التراب وعزمه
على سلم من ساطع النور يصعد •••
فسيروا على هدي النبي وشمروا
وجدوا على آثاره وتشددوا
شهودا بأن الله لا رب غيره
وأن ختام المرسلين محمد
وأن كتاب الله وحي منزل
من الله فيه نوره يتوقد
ويا غافلا يسبيه طرف مكحل
إذا راح أو يصبيه خد مورد
متى تدرك السعد الذي أنت طالب
إذا أنت لم تطلبه والجد مسعد
دين الفطرة
هي رشقة من لحظها النشوان
وأتت على أثر الطبيب تراني
قالت له والحزن أشجى صوتها
يا للأسى أيفك هذا العاني
فدنا الطبيب وجس نار صبابتي
ثم انثنى ويداه تستعران
قال الإله هو القدير وذلكم
لا أرتجيه، وكل شيء فان •••
فتنفست نفسا تساقط جمره
بردا علي ورحمة تغشاني
وتفرقوا ومضت يميل بها الهوى
ميل النسيم بناضر الأغصان •••
وخرجت من جوف السقام لصوبها
أقضي حقوق جمالها الفتان
يا قصر من رحلت وخلفت الحشا
وقفا على البرحاء والأشجان
لو كنت مثلي يستحفك نأيها
لم تبق يوما قائم البنيان
لكن من لحم خلقت ومن دم
وقددت من صخر ومن صوان
كانت تطل علي من أبراجه
كالشمس حين تطل للأكوان
لو شاء أن أنسى البخار ذنوبه
عاد البخار بهم إلى الأوطان
أو عاد بي يطوي المراحل قاصدا
روض المطهر من بني عدنان
حيث العلا قد أورقت أغصانها
والمجد نضر مثمر الأفنان
والوحي يهبط بالشرائع والهدى
وبباقيات خوارق الفرقان
هل مر يوم لم يلح في أفقه
شمس تضيء لنا من القرآن
أم هزت الأجيال دين محمد
فرأته غير مثبت الأركان
أم يجهل الثقلان أن نبينا
كنز العلوم وكعبة العرفان
ومثبت التوحيد في أقطارها
بالمعجزات وساطع البرهان
ولربما جعل الحسام نصيره
في روع أهل الظلم والطغيان
عابوا الجهاد وليس عابا إنما
خفيت فضائله على الأذهان
نشر الحضارة في البلاد وضم من
أطرافها بروابط العمران
ذموا الطلاق وأنكروه وإنما
جعل الطلاق لهن خير ضمان
حتى إذا أبدى الزمان صلاحه
خروا لحكمته إلى الأذقان
وفشا الطلاق وصار شرعا صالحا
في كل معتقد وكل مكان
وإذا أتتك من الشئون عويصة
فاعهد بها لتصرف الأزمان •••
أرأيت أفضل من وضوئك خمسة
لا سيما إن عشت بالسودان
واستفت بقراطا فما في طبه
مثل الصيام لصحة الأبدان
والله قد شرع الصلاة عبادة
ورياضة للروح والجثمان
كتبت علينا كل يوم خمسة
لنراقب الديان كل أوان
أما الزكاة فرحمة ومحبة
تأسو جراح البؤس والحرمان
والحج في الإسلام أكبر معرض
وكفاه فضل السعي والجولان •••
هذي عقيدتنا وهذا شرعنا
أكرم بشرع العدل والإحسان
وأحق دين أنت محتفل به
دين يلائم فطرة الإنسان
لو نهتدي يوما بهدي كتابنا
لم يلف منا راضيا بهوان
ولما هزمنا لو تجمعت العدا
لقتالنا واستظهروا بالجان
لكننا فشت المعاصي بيننا
فتحكمت فينا يد الشيطان •••
يا نفس ما لك والأسى إن الأسى
مدم حشاي وهائج نيراني
لا بد من يوم نغير على الخنا
ونعوق كوكبه عن الدوران
ونري الذين تعمدونا بالأذى
هولا يشيب ذوائب الولدان
فقد اجتمعنا بعد طول تفرق
ولقد هممنا بعد طول تواني
قد طال نوم النصر عن أسيافنا
لم يبق إلا يقظة اليقظان
لبيك
إني لأعجز عن صفات شفيعنا
بشرا فكيف بوصفه الروحاني
فوق الصفات وفوق ما تسمو له
شهب النهى وكواكب الأذهان
لبيك يا خير الخلائق كلهم
وأجل هاد في أجل زمان
المرسلون تصرمت آياتهم
لم يبق إلا آية الفرقان
ودنوت حتى ليس خلق دانيا
من نور ذات الواحد الديان
شرف على شرف الملائك غالب
ومكانة قربت من الرحمن
شمس التقى وشعاع أقمار الهدى
وخفي سر عمارة الأكوان
الطاهر الآباء والأبناء والأز
واج والأصحاب والأعوان
العابد اليقظات والغفوات
واللفتات والإسرار والإعلان
الخائض الغمرات نارا سعرت
قد أغشيت من نقعها بدخان
ترمي الصدور لها القلوب وتتقي
لفحاتها الأرواح بالأبدان
لولا الدماء حططن من غلوائها
لتمسكت بعوامل المران
وتعلقت بيد السحاب وأومأت
بلسانها للحوت والميزان
كم موكب لك والملائك حوله
مدد أغرت به على الأوثان
فتركتها صرعى خراب ربعها
تجري عليها عبرة الشيطان
كنت الأمين وإذ بعثت إليهم
خانوك من حسد ومن شنآن
والظلم مثل النار أوله لظى
وإلى رماد ينتهي ودخان
والحق من ماء إذا لاينته
وإن اعترضت له فمن صوان
لو أنصفوك لكان وجهك آية
يعنو لنور جمالها القمران
ولكان بشرك بالنعيم مبشرا
والخلد في الفردوس والرضوان
ولكان بأسك منذرا بجهنم
والمهل والغسلين والنيران
ما زلت توقد في سواد قلوبهم
نبراس معجزة وحد سنان
حتى أضاء الدين ما فوق الثرى
وجرى مع الأقمار في ميدان
صلى على الهادي الإله وآله
في كل آونة وكل مكان
ملجأ الجاني
يا أخلد الرسل آثارا وأعظمهم
جاها وأكمل في تقوى وإيمان
أسرى بك الله يا خير العباد إلى
أن نلت ما لم ينل من قربه ثان
وجزت كل مقام ليس يبلغه
وهم وفزت بتبجيل ورضوان
وازينت لك جنات النعيم ومن
فيهن حياك من حور وولدان
غدا يجاء بزلاتي فأحمل ما
لم أستطع حمله يا ملجأ الجاني
يا رب جودك عوني إن وهى جلدي
وأسلمتني أنصاري وأعواني
يا رب حقك عندي هل تسامحني
فيه وتشمل زلاتي بغفران
وهل تحمل عني كل مظلمة
إذا تقدمت في ذل وأحزان
وهل تقول إذا ما الكرب أفزعني
وهالني الخطب شاهد وجه رضوان
وعش بنعمى وفيض لا نفاذ له
واهنأ بحور وأنهار وأفنان
يا نفس لا تيأسي فالله ربي كم
يعفو ويصفح عن ظلم وعصيان
يا رب ضيفك في جوف التراب وفي
هول الحساب وفي حشري وميزاني
وهل لضيفك إلا ما تقر به
عيناه من منتهى جود وإحسان
يا رب ما لي على النيران من جلد
ولا الحساب ولا خزيي وحرماني
فامنن علي بلطف منك يشملني
واختم لذا الآثم الجاني بإيمان
كن لي شفيعا
أجلك عن مدحي وأغليك عن شعري
فإنك ممدوح من الله في الذكر
رأى الله عجز الناس عن شكر أحمد
فقام تعالى بالثناء وبالشكر
فأثنى عليك الله في سورة الضحى
وأثنى وكم أثنى وفي سورة الحشر
فلو لم يكن فرضا مديحك عاقني
قصوري وكان العجز في تركه عذري
فلبيك ربي ذا ثنائي ولم يكن
على قدره حمدي ولكن على قدري
وعفوك ربي ذاك نظمي وإنني
لأبرأ من نظمي إليك ومن نثري
إليك رسول الله تسري بي المنى
على نور ظن فيك يسطع كالبدر
إلى حرم عالي الجناب ممنع
عن الوصف ناء عن مغامرة الفكر
مقام تحاماه الملائك هيبة
لما ضم من مجد وما حاز من طهر
عليك صلاة الله لست ببالغ
علاك ولو أني اغترفت من البحر
نبي بدين الحق جاء وبالهدى
وقد ثقلت فوق الثرى وطأة الكفر
شريعته فيها الشرائع أغرقت
كما تغرق الأسحار في لجج الفجر
من العرب لكن زين العرب بيته
كما زان مرأى روضة ضاحك الزهر
تلاقت بعبد الله منجبه الهدى
كما يلتقي عقد المليحة بالنحر
فجاءا به خير العباد جميعهم
وأسمح خلق الله في اليسر والعسر
له العزمة الشماء في كل عثير
تساوت به شهب الصوافن بالشقر
ولو لم يتابعه الصحابة للوغى
لقاتل أهل الأرض بالسيف والصبر
فليس يبالي من له الله ناظر
إذاما رماه الناس بالنظر الشزر
وليس سواء صارمان مضلل
وآخر موعود من الله بالنصر
ويوم يناديها اركبي فتثيرها
عجاجا وترميهم بقاصمة الظهر
عليها من الغر الميامين فتية
مناهم لقاء الله في موكب الظفر
إذا ذكر الرحمن بين صفوفهم
رأيت سكارى في الإله بلا سكر
رأيت كراما يبذلون نفوسهم
سخاء ولكن يحرصون على الأجر
يسيرون حول المصطفى وكأنه
وحاشاه بدر حف بالأنجم الزهر
بكل ولي الله يقطر وجهه
لدى الموت من ماء البشاشة والبشر
يعاف ثياب الملك والتاج فوقها
إذا أدنيت منه ولو عاش في طمر
يدوس برجليه السيوف كأنما
إلى الموت يمشي من ظباها على جسر
لدى كل صبح يلحق البيض بالسمر
وفي كل ليل يتبع الشفع بالوتر
يعيش طوال الدهر ليس غذاؤه
سوى الذكر والتسبيح في الصوم والفطر
يمر به حلو الحياة ومرها
كما مر أعلام الفجاج على سفر
يرى جنة الفردوس خلف عداته
فيضرب بالصمصام في ذلك الستر
سواء لديه جاره وعشيره
ومن كان ذا قربى ومن كان ذا صهر
إذا مرضت كف وخيف أذاتها
فليس لها في الطب خير من البتر •••
فيا أيها الهادي المطهر إنني
عصيت فلم أحفل بنهي ولا أمر
وأرتعت نفسي في رياض شقائها
وحملتها ما لا تطيق من الوزر
فكم من هنات لي على الله سترها
وكم من فعال كاد يربي على الكفر
وهذي يدي إني إلى الله تائب
ومستغفر حتى أغيب في قبري
فكن لي شفيعا عند ربي فإنني
ضعيف ولا أقوى لبرد ولا حر
عليك صلاة الله ما دام غافرا
حليما رحيما ذا سماح وذا بر
الطريق ليثرب
كان الشاعر قد عاد إلى حلفا بالسودان من زيارته ليثرب مدينة الرسول، على صاحبها وآله وصحبه أفضل الصلاة وأزكى السلام، فكتب إليه من عطبره بالسودان زميله في الجيش، ورصيفه في الأدب اللواء محمد فاضل يرحب بمقدمه، قال:
أهلا بمن زار النبي ومرحبا بقدومه
قل لي بحقك والحميم يجيب سؤل حميمه
ماذا لقيت من الجلال حديثه وقديمه؟
فكتب الشاعر على رقعته مجيبا، قال:
شكرا جزاك الله أو
فى فضله ونعيمه
وهداك للفردوس تحسو
الصفو من تسنيمه
إني بملك الشام جز
ت وزرت بعض تخومه
فشهدت في يافا وفي
حيفا جمال كرومه
وأطوف بالقصر المش
يد يروع في تنظيمه
فرمقت صفحة بدره
ورشقت وجنة ريمه
من كل صافي الحسن ذا
ب الدر فوق أديمه
لكن سوقتهم يسب ال
مرء (إم) غريمه •••
ورأيت مجد الشام في
بيروت في تعليمه
لا كسب للإغريق فيه
ولا انتفاع لرومه
ما للغريب هناك غن
م غير نفي همومه
بشجون منطق أهله
وعيون حور نعيمه
أما (الزبيب) وشربهم
لحديثه وقديمه
فذر النديم به يغا
زل ورد خد نديمه
ونزلت من لبنان أر
شف من سلاف نسيمه
في شاهق كادت يدا
ي تمس زهر نجومه
سام يريك دياره
في الجو فوق غيومه
في حسنه يتحير الرا
ئي في تقسيمه •••
وقد انثنيت إلى دمش
ق أذوق حلو طعومه
فجرى القطار بنا على
لبنان زهرة يومه
مترفعا بين الري
اض الخضر من مطعومه
أو هاويا بين الغي
اض الفيح من مشمومه
فالخوخ والتفاح والبر
قوق برء سقيمه
ورأيت جامعها كما
قد قيل في تفخيمه
ورحلت منها للحجا
ز أزور روض عظيمه
متغزلا في ظبيه
ومهاته وظليمه
فعييت عن وصفي له
وعجزت عن تكريمه
وطن النبي المصطفى
بر الفؤاد رحيمه
أين المسيح
يا خير من نزل الضعاف ببابه
يستنجدون ببأسه الغلاب
لطفا بأمة خير خلقك إنها
تسقى بكأس الذل كل شراب
مستضعفين يذودثنا أعداؤنا
عن ناضرات المجد والأحساب
لو أننا عدنا لشرع نبينا
لغدت تصادقنا العلى وتحابي
لكن تغيرت القلوب وأظلمت
ساحاتها وعفت على الأحقاب
فالمسلمون اليوم أخسر صفقة
من عابدي الأوثان والأنصاب
فلعل لطفك أن يعين بمصلح
يهدي الشعوب إلى طريق صواب
فالأرض قد فسدت وأصبح أهلها
كفروا فلا يرجون يوم حساب
نبذوا شرائع ربهم وجروا على
سنن الضواري ساكنات الغاب
أين المسيح لقد أطال دلاله
والأرض في شوق له وعذاب
نجيلة
ولما ركبنا للحجاز نجيلة
وهامت بنا في لحة من زبرجد
بعثنا إلى البيت العتيق رجاءنا
يرود لنا غفران رب محمد
ففاح لنا مسك القبول كأنما
أرحنا شذا روض وأنفاس خرد
ولما اتصلنا بالسماء فلا نرى
من البحر غير البحر في كل مرصد
عججنا إليه بالدعاء تضرعا
وحبا وهل جئنا لغير التعبد
وفي عرفات قد سعدنا بوقفة
شهدنا بها في الله أكرم مشهد
ثمانين ألفا خاشعين تدفعت
بهم مزجيات الشوق من كل فدفد
يضجون حينا بالدعاء وتارة
يلبون مولى بالعلا متفرد
وعادت بنا تختال عجبا (نجيلة)
على موج بحر القلزم المتمرد
تصافح منه كل جذلان مهتد
وتلطم منه كل غضبان مزبد
عسى الركب مرحوما إذا كان سيره
إلى خير مقصود وفي خير مقصد
الصديق
لولا وفاء أبي بكر لأمته
ما كان من بعده الفاروق واليها
وكل مفخرة جلى بحلبتها
شفيعنا فأبو بكر مصيها
سل الحنيفية السمحاء هل رفعت
بمثله بعد طه رأسها تيها
أليس أول مغبوط بسابقة
في نصرة الحق لما انجاب داجيها
أليس أول من سالت مدامعه
في الله لما تلا الآيات تاليها
وتلك منزلة من ذا يطاولها
في السابقين علا أو من يدانيها
أعطى الرسول زمام الأمر صاحبه
لما دعاه إلى الفردوس داعيها
فكان تعليق آمال الصلاة به
شهادة بمعاليه وتنويها
حملت أكرم مبعوث وأطهره
ورحت للغار في البيداء تطويها
أرخصت مالك في حب الإله تقى
ولم تكن روحه في الله يغليها
واسى الرسول بها في الغار مصطبرا
على عضاض الأفاعي لا يبالها
وفي أسامة من أخباره طرف
للسامعين وآيات لواعيها
قالوا على الجيش لو أمرت مكتهلا
فما غلام ونار الحرب يذكيها
وجاءه عمر يسعى فأوسعه
شدا بلحيته الصديق تسفيها
وقال أعزل من ولى النبي أنا
بئست مشورتكم لا خير لي فيها
وأدبر الناس بعد المصطفى ورأى
منع الزكاة الذي قد كان يؤتيها
فقال أصحابه لا حرب وهو رأى
حربا ضروسا يدير الموت ساقيهضا
ولو أطاع لطاح الدين منهدما
لكنها القوس معطاة لباريها
الباب الثاني
في الحكم والعظات
ظل الثلاثين
ظل الثلاثين عنك اليوم منتقل
هل أنت من بعدها بالعيش محتفل
بعد السنين التي كانت محببة
ثم انقضت فتقضى الأنس والجذل
إن أنكرتني عيون الحور رانية
فطالما عرفتني تلكم المقل
أيام أخطر في ثوب الصبا مرحا
تميل بي نشوة الدنيا وتعتدل
والغيد يبسمن لي من كل ناعمة
في خدها ويديها تصدق القبل
حريرها جسمها فوها جواهرها
فحسنها حسنها لا الحلي والحلل •••
ما لي تروعني الذكرى وتفتنني ال
دنيا وما لي في معروفها أمل
ألا يرفه عني أنني رجل
قد أنقضت ظهره أيامه الأول
لعل شيبي الذي راعت بوادره
نور تضيء به للخابط السبل
أسرفت في حب دار لا بقاء لها
وعشق ملك وشيكا عنه أنتقل
أين الألى نحن نمشي في منازلهم
أين المواكب والأقيال والدول
العقل يستهجن الدنيا ويمقتها
والقلب مستهتر يهذي بها ثمل
لا راهبا ساكنا في الدير منصرف
عنها ولا عابدا في الغار يعتزل •••
فاكدح إلى الله كدحا غير ملتفت
لزينة الأرض والحق بالألى وصلوا
وصدق الشيب واستثمر نصيحته
فهو النذير على آثاره الأجل
وابرأ إلى الله ليس العصر مرتقيا
ما دام يزري بما جاءت به الرسل
أين التمدين والأهواء غالبة
والناس مثل وحوش الغاب تقتتل؟
العشق غي
لامت على الصمت الطويل محبها
ومحبها في صمته معذور
العيش إفك يا مهاة وزور
والعشق غي والشباب غرور
نلهو ونفرح بالحياة جهالة
والكأس قاتلة الرضاب تدور
صادي الثري بدمائنا مخمور
والجو من أرواحنا معمور
إن لم يكن بعد الممات نشور
هل زهدنا النزر الحقير يضير؟
الموت كأسي في هواك رفعتها
والنعش ويحك للعناق سرير
والخلوة المثلى لضم شتاتنا
جدث لنا نذوي به ونبور
فهناك نشرح وجدنا ويزورنا
دون العواذل منكر ونكير
ونظل نرتع في رياض غرامنا
ونهيم في لذاتنا ونطير
وهناك أهتف بالهوى مترنما
لك مثلما يترنم العصفور
البغاء
في ربوع الإسلام شاع البغاء
كيف لم تنطبق علينا السماء!
رب لا تسقط السماء علينا
كسفا رب إننا ضعفاء
يا كليم الإله في طور سينا
ء ويا من له اليد البيضاء
قل لأهل التوراة هذا حرام
حللته من بعدي الأهواء
يا وحيد العذراء قل للنصارى
وازجريهم بالله يا عذراء
خاتم الرسل جاحم أحرق النس
ل ولم تنهمر عليه الدماء
منكر تفزع الكواكب في الظل
ماء منه وتجزع الظلماء
وثقيل لو لم يخففه حلم الله
زالت من ثقله الغبراء
يا بنات الهوى جننتن لو تعقل
ن لكن عقولكن هباء
شاهت العاهر الدميمة منك
ن وشانت جمالها الحسناء
أنا لا أقرب البغي لعلمي
أن أمي وأمها حواء
فهي أختي أغار مني عليها
وعليها يغار مني الإخاء
ذلكم آخر الزمان بلا ري
ب وتلكم علامة سوداء
ملهى الرمل
ماج ملهى الرمل واضطربا
واجتلينا ليلة طربا
اطلعت حور البدور ولنا
واستحت أن تطلع الشهبا
لم تذر خمرا ولا عسلا
لم تدع درا ولا ذهبا
واقتفى الرقص خطى نغم
يهزم الأحزان والوصبا
ما لطرفي صاديا أبدا
كلما أوردته شربا
ما لقلبي هائما قلقا
كلما سكنته وثبا
ما لهذا الحفل مختلطا
أي خطب فرنج العربا
يا بني مصر على مهل
بعض هذا أحفظ الأدبا •••
رب مشغوف بخائنة
بارك الرقص لها سببا
زورا زييهما حذرا
واستحلا غيظ من رقبا
ضمها شوقا مخاصرة
ثم دارا دورة خببا
كلما هاجت لواعجه
وهي في أحضانه جذبا
صدره في صدرها نشبا
ثغره من ثغرها قربا
واختلاسات حديثهما
في خفوت يبعث الريبا
ما الذي قالت فجاوبها
ليس إلا موعدا ضربا
ربما قالت تناظره
أنا أهواك وقد كذبا
فهو يهوى كل راقصة
وهي تهوى المال والنشبا •••
من فتاة عرضها ثلمت
رقصها أزرى بها نسبا
إنها غربية خزيت
ليت عنا ظلها غربا
أي كزينو الرمل معذرة
قد بلغنا - ويلك - الأربا
واحتسينا الريح باردة
تكشف الأسقام والكربا
وانقضى القيظ ولفحته
واستحال الجو وانقلبا
ولنا زرع نعيش به
قد رأينا حقه وجبا
إن تخذناك لنا وطنا
من يعول القطن والقصبا؟
من للعاديات؟
نصبت أضالعي غرض السهام
ومليت الشباب من الغرام
وفاتنتي وإن نزلت بمصر
مهاة من فراديس الشآم
شويعرة لو ان الخمر حلت
عصرت خيالها وملأت جامي
عشقت وما رأيت سوى خيال
لها في يقظة لا في المنام
أيأسرني لها رسم جماد
فكيف إذا رنت لي بابتسام
أراني ملت عن جدد المعالي
وطال بمصر في لعب مقامي
وعهدي لحظة للغيد قلبي
ودهرا للمعامع والصدام
وسيفي لا لقيد الغمد لكن
لقد أضالع ولفلق هام
مشت للأربعين بي الليالي
وتلك منازل الرجل التمام
فإن أبلغ من الدنيا محلي
فبي لبرود مشرعه أوامي
وإن يقنع لمنطقه لساني
بوصف خريدة ريا القوام
فمن للعاديات يصيح فيها
وقد ضاق المكر إلى الأمام
ري عزمي يطالع بي خطوبا
شحذت لغربها غرب الحسام
ونفسي تشرئب إلى فعال
يقض مضاجع الأمم النيام
بلوت بني الزمان فآنستني
مباعدة الأصاغر والطغام
ولما أن وزنت الناس أربى
حقيرهم على الملك الهمام
فلم أنظر لأموال جسام
ولم أحفل بألقاب ضخام
فرب وزير قوم أو أمير
تمرغ في الدناءة والأثام
وقاض عادل عن كل خير
يشايعه على ظلم محامي
تعامي في النهار عن الدعاوى
وحدق للرشاوى في الظلام
ومأمور على ضعة تعالى
وضن على الرعية بالسلام
تورم من سقام جانباه
وهام بلذة الكسب الحرام
ورب متوج يختال عجبا
بما يغتال من تلك الحطام
يجد إذا رمى غرضا خسيسا
ويلعب بالحكومة والنظام
ورب جهول فتيان مصر
على الدعوى أصم عن الملام
يبارز ربه بالفسق جهرا
ويهزأ بالصلاة وبالصيام
وشيخ مدمن للخمر عاص
على عذاله صعب المرام
تذبذب في البقاء فليس يحيا
ولا يرضى مضاجعة الرغام
سينتصر الصلاح على المعاصي
وتنتقم الحروب من السلام
خلعت الهوى
خلعت الهوى ولبست الوقارا
وسيرت في النهج ركبي فسارا
ثلاثون عاما قضت مأربي
وألبسنني للظباء النفارا
وكانت ذنوبي عند الحسا
ن أني أبدي لهن ازورارا
وعزى عن الحب أني سلو
ت وما إن تسربلت في الحب عارا
فكم من هضيم الحشا رأدة
كما في الدجنة أشعلت نارا
جفوت ولو شئت نازعتها
فما من فم قرقفا أو عقارا
وما تبعات الهوى أتقي
ولكن تخذت حيائي شعارا
ومن ظن غير العفاف الهوى
فذلك ثوب الغرام استعارا
فمن ذا تخبر عون الحسا
ن أني صحوت ويدري العذارى
فلا هند جارحني لحظها
وإن حددت لي ظبا أو شفارا
ولا مي لاعب بي لفظها
وآخذني قوة واقتدارا
سقى الخصب ساحتها خمرة
فلست براض لسلمى القطارا
ولا أمطرتها غوادي النعي
م إلا الملاب وإلا النضارا
منازل أعرفها ما حيي
ت وإن أنكرتني وشطت مزارا
رعيت بها الورد والياسمي
ن والنرجس الغض والجلنارا
دعتني العلا فابتدرت الدعا
ء وغادرت خلفي الونى والعثارا
وهل كنت إلا الحسام انتضاه
من غمده أيد واستثارا
سألقى بحدي حد الخطو
ب فإما القضاء وإما الفخارا
سياحة في السماء
أسقمتنا مناظر الغبراء
وسئمنا في الأرض طول الثواء
وجهلنا حقائق الأشياء
قربوا الوهم مركب الشعراء
قد نوينا سياحة في السماء
أنت نعم البالون طر في الهواء
وتغلغل في مهجة الظلماء
سر حثيثا بسرعة الكهرباء
لسهيل ففيه خضر الأماني
فهو نعم المقر للأدباء
أخذ الرقص واكتمال البهاء
عن فؤادي ووجنة الحسناء
قد دنونا يا حسنه من مساء
فارقب الأفق هل ترى من ضياء
واستمع يا خيال للضوضاء
إنني سامع كمثل الغناء
وأرى شبه روضة خضراء
وكثيبا أظنه من جمان
قد وصلنا لساحة فيحاء
ودخلنا قصرا فخيما بناء
والتقينا بغادة هيفاء
تبهر المجتلي سنى وسناء
وازدهانا المقام زهرا وماء
فأشارت رقيقة كحلاء
لقيان كأنهن صفاء
ذبن نورا مغردا وهناء
في رخيم من شدوهن شجاني
رددي اللحن أنت ذات الوشاح
أنا صاد لنشوة وارتياح
ردديه للصبح هل من صباح
عندكم مثلنا ومن أتراح
فأجابت في بسمة وانشراح
بل خلقنا للهو والأفراح
ثم نادت فجيء بالأقداح
فشربنا راحا ولا كالراح
في كئوس نورية الألوان
قلت هل تمزجنها بالسحاب
قلن آنا وتارة بالرضاب
فتراجعت خطوة للشباب
وتعلقت في ذيول التصابي
وحدا بي لقبلة ما حدا بي
قالت اصبر وقيت سر العذاب (إن للصابرين حسن مآب)
نحن للصالحين خير نواب
نحن للفائزين أهل الأمان
قلت للنفس ويك يا نفس توبي
واتقي الله وارجعي من قريب
حاذري النار أخلصي وأنيبي
لا تضلي لا تخسري لا تخيبي
أنت أهل للذل والتعذيب
ما نهاها عن التصابي مشيبي
ليتني ما حملت عبء الذنوب
رب لا تجعل الشقاء نصيبي
فاستجاب الكريم لي وهداني
الميسر
صل باليراع على الضلال وكبر
وابدأ بطعن فؤاد لعب الميسر
واحمل على البكرات حملة صادق
في عزمه واضرب رقاب (البوكر)
إن المقامر والنقود بكفه
لص ولكن لا يصول بخنجر
قعدوا عن الكسب الحلال دناءة
ورضوا بعيش العاجز المتحير
ولقد طرقت نديهم في ليلة
مستطلعا فنظرت ما لم أنظر
شاهدت أندى راحة لم تنبسط
ورأيت أوسع مقلة لم تبصر
من كل ساهرة الجفون كأنما
تزري بحق المجد إن لم تسهر
هجروا الطعام فلا يطارد جوعهم
غير الضنى من حسرة وتفكر
ونسوا الشراب فلا يبل غليلهم
إلا المدام بجمرها المتسعر
يتعاونون على الشقاء بكأسها ال
ملأى بمحتوم القضاء الأحمر
متقلبين على الأسى بجنوبهم
متلونين بأحمر وبأصفر
من وجنة مثل البهار لترحة
قد أصبحت من فرحة كالعصفر
وأخو القمار وإن تزايد كسبه
فإلى الفسوق مصيره والمنكر
وإذا تنكر حظه وبدا له
شخص الشقاء بمخلب وبمنسر
ذاق المنون بكفه متجرعا
ومضى يجر ذيول عار أكبر •••
يا أمة عبث المشيب بلبها
أدنيت رأسك للصوارم فاحذري
إن العجوز إذا تطاول عمرها
جاءت بأفعال الرضيع الأصغر
وأخال مصر قضت بعهد ملوكها
وتحنطت معهم بتلك الأعصر
وأقامت الأهرام تنعي روحها
من أول الدنيا ليوم المحشر
يا مصر هبي من رقادك وانفضي
جنبيك من كل التراب الأغبر
كنا تناسينا ولاءك فاغفري
والآن نذكر عهد ودك فاذكري
إن لم تعودي للبنين فمن بهم
وكلت غير يد الزمان الأعسر
أماه قد نطق الجلامد فانطقي
وتأثرت أكبادها فتأثري
تب إلى الله
الموت لا بد آت
فاسلك سبيل النجاة
وتب إلى الله واعمل
قبل انقضاء الحياة
أد الفرائض واحذر
فوات وقت الصلاة
وزك مالك واعلم
أن التقى في الزكاة
والشهر صمه وقدم
فيه من الصالحات
وما وجدت سبيلا
فقف على عرفات
ووحد الله واتبع
محمدا في الهداة
لا تظلم الناس شيئا
فالظلم شر الصفات
أحسن إليهم أو اعدل
واعزم على خذ وهات
وعن بلادك فادفع
بالسيف ظلم الطغاة
وليس في الخير شيء
كالبر بالوالدت
عظم أباك وقبل
يديه كل غداة
لا تحسب الفقر عارا
واصبر على النائبات
واشكر لربك تربح
فالشكر باب الصلات
واحمده في كل حال
فكم له من هبات
والضيف أكرمه تكرم
في الرمس عند الممات
وإن رجاك فقير
فلا تكن في الجفاة
واعطف عليه وسلم
وحي بالبسمات
وجد ولو بنقير
وهب ولو دعوات
يثبك ربك خيرا
في واسع الجنات
يقول هذا كرمي
يا جنة الخلد آت
كم قال للضيف أهلا
ومرحبا للعفاة
فبوئيه محلا
من صالح الغرفات
وقدمي من جفان
له ومن طيبات
لا تجزعي
أدمنوها بقولكم صفراء
فاحذروا النار أيها الشعراء
لا تضلوا العباد فالخمر رجس
قد نهى الله عنه والأنبياء
نحن بالعلم في سماء من الأر
ض دراري بروجها الكهرباء
وغدونا تزجي البروق لنا الأن
باء مهما تناءت الأرجاء
ويغني لنا الحديد فتقضي
كمدا فوق غصنها الورقاء
ويطير المقدام منا فتنأى الأر
ض عن عزمه وتدنو السماء
يا حماة القريض والعصر نور
أسمعتم ما قاله القدماء
وصفوها فأحسنوا الوصف للخم
ر ولكن للشاربين أساءوا
يا حماة القريض في الخمر نار
جمرها فيه تنضج الأحشاء
يا حماة القريض في الخمر سم
يتعاطاه بينكم أشقياء
كل كأس من المدام بها ور
د هوان يدب فيه القضاء •••
مرض الناس بالمدام قديما
وتفشى الضنى وعز الدواء
وأذابوا بطونهم كانزين ال
تبر فيها وليس كالحرص داء
ومتى كان كل أصفر تبرا
والأفاعي مصفرة والوباء
كرهوا نعمة العقول فجنوا
وقبيح أن تكره النعماء
رأوا الضاريات حين تبدى
لظباء ترتاع منها الظباء
بين وثب تغتر فيه المنايا
عن ثنايا تجري عليها الدماء
وزئير يشق أفئدة الأح
جار يهتز في صداه الفضاء
فتمنوا أن يشبهوها فزلوا
وتولت عليهم الأهواء
وأرادوا أن يجمعوا فأضاعوا
وأحبوا أن يحسنوا فأساءوا
عصروا الكرم ليتهم تركوه
فهو مرعى به غنى ورضاء
أيها الكرم كم جنيت حروبا
حم فيها على البرايا البلاء
كم طعين بالكأس ينظر للشه
ب حزينا وأين منها الشفاء
نال منه الرحيق والكأس حتى
هو للكأس والرحيق الفداء
بزه الحان طارفا وتليدا
فهو فوق الثرى جفاه الثراء
وبنوه قد فاتهم ما جناه
لأبيهم آباؤه النجباء
ومن العار أن يهدم نس
ل السوء ما شاده له الآباء
وأتت عرسه الطبيب فقالت
وعليها من الظلام رداء
أي يوم يبل فيه قريني
يا طبيبا يجله الحكماء
قال لا تجزعي فهذا سبيل
سار فيه أسلافنا القدماء
إن طير الحمام إن حام بالمر
ء فماذا يرد عنه الدواء
أم الكبائر
لولا الهوى وبواعث الأشجان
لجفوت بعد الشيب بنت الحان
لكنني دنف الفؤاد معذب
بلحاظ ساق ناعس الأجفان
لولا المدام بكفه لهرقتها
وسقيته من عبرتي وسقاني
فلقد شقيت من المدام وإثمها
وحكيت ناحل جرمها وحكاني
في الكاس بعد الكاس ضاعت ليلتي
والليل بعد الليل ضاع زماني
ألقت علي الخمر في شرخ الصبا
من شيبتي كفنا من الكتان
كم تزعمون من السنين قضيته؟
كم في فمي باق من الأسنان؟
أنا ما بلغت الأربعين وفي فمي
إدمانها لم يبق غير لساني!
أتلفت فيها ضيعتي وأضعت من
زل أسرتي ورضيت سكنى الخان
وصرفت أيامي على ندمانها
والعمر خير ذخيرة الإنسان
مقبورة في الدن نتن ريحها
ممقوتة في العقل والأديان
مرت ومررت النفوس وأنزلت
ذا اللب منزل أعجم الحيوان
فترى الوقور إذا تناول رجسها
متغنيا متمايل الأركان
ويخال عرسا من غذته لبانها
ويرى الصلاح عبادة الأوثان •••
إن قيل أرقصت الحزين مسرة
فاسلم بلبك ذاك مس الجان
أو قيل حمرة كأسها فلأنها
ملئت دما من مهجة السكران
إني لأمقت مفسدي أخلاقنا
الأروام أهل البغي والعدوان
وأقول والساقي يطوف بكأسها
كم يفتك الإنسان بالإنسان
عجبا لبائعها بنفس مريدها
ولمشتريها كيف يتفقان؟
أين القاضي
من أباح الخمر في أسواقنا
أنبئوني من برجس أمرا
أين قاضي شرعنا أشكو له
كل من بدل أو من غيرا؟
يا كتاب الله لا تغضب ويا
رب لا تسقط علينا حجرا
قد تركنا شرعنا من جهلنا
واتبعنا رأي من قد كفرا
وانزوى الشيطان في حاناتها
يترجى حتفنا وانتظرا
لا يبالي طالعتنا سقر
أم هوينا فلقينا سقرا
رب إن عاجلتنا فالطف بمن
تاب عن أقداحها وازدجرا
الماء والخمر
إذا دارت الأقداح رجسا عليهم
فما أنا منهم يبرأ الله منهم
فصفق أباريق الغمام وهاتها
زلالا فنفسي أوشكت تتضرم
إذا رقرقت في الكوب ألفيت فضة
تدفق أو ذوبا من الدر يسجم
يقطرها الدن الحلال كأنما
تتابعها عقد من الدر ينظم
يرن رنين العود في كل قطرة
كأن قيانا تحته تترنم •••
فيا ماء سر الحسن أنت ومنشأ ال
جمال ونور الدهر والدهر مظلم
وأنت حملت العرش والله فوقه
ولم تك أفلاك ولم تك أنجم
وشتان بين الماء والخمر في فم
ولكن ذا حل وهذا محرم
مضى الحق إلا ساعة الموت إنها
ستنقض ما يبني الضلال وتهدم •••
فمن شاء أن يلقى جهنم قبل أن
يموت ففي حان المدام جهنم
تجاذب روح الشاربين بنشوة
تبيت لها أحشاؤهم تتصرم
ومن خاف ناب الأفعوان وسمه
ففي كأسها ناب خفي مسمم
يمزق أستار النفوس لعابه
ويلطم أنياب الندامى فيهتم
منابع أدواء موارد محنة
تطول بها البلوى ويشقى بها الفم •••
وطاب لأصحابي من الخمر نتنها
وأوهمهم شيطانها فتوهموا
يقولون شرب الخمر بات فريضة
علينا فلسنا إن تركناه نهضم
فهل لا ترى أنا نموت بتركها
فقلت لهم موتوا فلا خير فيكم
ألم يكفكم وردا كئوس مزاجها
من الذل والحرمان صاب وعلقم
وتضييعكم عز البلاد وهدمكم
بناء خليقا أنه لا يهدم
أقامته أطراف العوالي وصانه
قرونا على الدنيا الوشيج المقوم
إذا مالت الدنيا به قام ركنه
يناطح روق النجم والدهر مرغم
ألا أبلغوا أهرام مصر توجعي
وإن تك لا ترثي ولا تترحم
وإن جزتم بالبدرشين فعرجوا
هديتم على تلك الطلول وسلموا
وعوجوا على الفسطاط تقضوا حقوقه
وقولوا لعمرو قم أنشقى وتنعم
أتعوي ذئاب في عرين تحله
رفاتك - كلا - إن بأسك أعظم
الباب الثالث
مقطوعات في الزهد
اصبر
اصبر على ما لا تح
ب فمن على الدنيا يقاسي
واغرس فإنك حاصد
يوما على قدر الغراس
العمر يفنى والمنية لا
ترق ولا تواسي
لا الأسد تبقى في العري
ن ولا الجآذر في الكناس
الموت يحصي كم تخط
على التراب وأنت ناسي
كواكب نحس
خذوا كأسها عني فما أنا شارب
ولا أنا عن ديني ودنياي راغب
لقد حرم الله المدام وإنني
إلى الله مما تستحلون تائب
لئن بت جبارا على الأرض قاهرا
فلست لجبار السماء أحارب
أأشرب سما ناقعا في زجاجة
يحل بحاسيه الردى والمعاطب
لئن شبهوا كاساتها بكواكب
فكم طالعتنا بالنحوس الكواكب
وإن عصروها من خدود كواعب
فكم من رزايا جرهن الكواعب
أصحابي
لي أصحاب إذا عاشرتهم
لا تقل إن عثروا يوما لعا
يأكلون السحت فيما بينهم
ليس من جوع ولكن جشعا
يمزجون الخمر بالماء فهل
مزجوا إن شربوها أدمعا
قعدوا عن كل فخر وعلا
وسعى للعار منهم من سعى
وهم والله في أعناقهم
لا يحبون التقي الورعا
كم نهيناهم عن الخمر ولم
يجدوا في غيرها متسعا
كم زجرناهم عن السحت فلن
يعرفوا من دونه منتجعا
إنهم قد ظلموا أنفسهم
فاصفح اللهم عمن رجعا
كم جميل
كم جميل تخاله قمرا
ملكا في ثياب إنسان
كان بين القلوب مرتعه
صار في حفرة وأكفان
وندامى فاضت كئوسهم
لذة أبدلت بأحزان
يهزم الموت كل مجتمع
يهدم الدهر ما بنى الباني
غرائب
غرائب الدهر شتى لا عداد لها
وأغرب الدهر ما فيه من الناس
يا ويح للناس ما أدجى ضمائرهم
عز الدواء وذلت خبرة الآسي
فصارم الناس تسلم من مكائدهم
واجعل نصيبك منهم صحبة الياس
ولا يغرك ناب بارز ضحكا
لا خير ما بين أنياب وأضراس
كيف أهوى
ما جمال الحسان عندي بنعمى
يتجنى بها علي الحسان
كيف أهوى وجها جميلا وجسما
ناضرا من ورائه الأكفان
إنما الحب للجمال الذي يب
قى بلا ويفنى الزمان
الصلاة
آذن الوقت فالصلاة الصلاة
فهي تبقى وتنفد اللذات
كيف تقضي الصلاة حق هبات
لك يا رب وهي منك هبات
قد فرضت الصلاة جودا لكي تع
طينا ما تشاؤه الدعوات
فاهدنا للصلاة يا واسع الجو
د فمنك العطاء والخيرات •••
لا تكن غافلا إذا حان وقت
إنها ليس تغفل الأوقات
قد أحاط الحساب وانتصب الميزا
ن عدلا وقلت الحسنات
فاسجدوا للإله شكرا وإن لم
تقض عنا إحسانه السجدات
قل لتلك الجموع غرتهم الدني
فهاموا بها الشتات الشتات
سوف تبلى القلوب في هذه الأر
ض وتخفى وتخفت الأصوات
إن غبنا أن نستزيد على الدن
يا حياة وأن تسوء الحياة
رتبة أم وسام
رتبة أم رياسة أم وسام
ويك يا نفس هذه أوهام
ليس غير التقى سبيل فجدي
مثلما جد سابقوك الكرام
فتن الناس بالحياة قديما
وهي ظل يحول أو أحلام
لا تروق الحياة عين حزين
قد جفاها خوف الذنوب المنام
إيه يا أرض أجدبي أو فكوني
روضة عاكف عليها الغمام
فسواء زهر لدي وشوك
وشبيهان ريها والأوام
سأشكر
فيا رب من نعمائك الدين والهدى
وذاك من الدنيا أجل وأكبر
أليس جزيلا أنني بك مؤمن
وأني بالأرباب غيرك أكفر
سأشكر لا أنى أروم زيادة
ولكن عبدا فضل مولاه يذكر
همم طوال
لقد أوقفت أياما قصارا
من الدنيا على همم طوال
ولي طرف يري الدنيا خيالا
فيكبر أن يلم بها خيالي
ولي قدم على الدنيا وأخرى
وقفت بها على جسر المآل
أيها الرسم
أيها الرسم إذا مت
فهل أنت تعيش
كلنا إن حارب الموت
له سهم يطيش
يتمنى الحي أن يثقل
فيها وهو ريش
عسى
إني قصدت كريما
عسى يفرج كربي
لا أسأل الناس شيئا
فقد وثقت بربي
عظيم الثراء
يا عظيم الثراء يا واسع الجو
د ويا مالئ المناجم تبرا
إنما الناس عاجز أو بخيل
فاقض لي حاجة بها أنت أدرى
أحلام رقود
أكل الناس أشباح قيام
وأفئدة وأحلام رقود
لئن حطمتهم خيل المنايا
فمن من رمسه منهم يعود
أرى الدنيا تخادع ساكنيها
وكلهم وإن سهروا هجود
المقابر
سلام عليكم لا وفاء لذي عهد
نسيتكم آليت أذكركم جهدي
يضن على المدفون حي بزورة
وسوف يراه الميت لحدا إلى لحد
الدفين
جمعوا عليه ترابه وتفرقوا
ودموعهم من رحمة تتدفق
جمع عليه من الهوان وفوقه
أسراب غربان المنية تنعق
دلاهم الدهر الغرور بوعده
والدهر أوثق وعده لا يصدق
فتجشموا للعيش كل كريهة
وتمسكوا بحباله وتعلقوا
فجرى بهم فوق الصفا فتحطموا
وعدا بهم بين الظبا فتمزقوا
تبت إليك
تبت ربي إليك من كل ذنب
واهتدى ناظري وأبصر قلبي
واعتزلت الورى فما لي منهم
من صديق يزورني أو محب
لي في أوجه الطبيعة ما يم
لأ عيني حسنا ويبهر لبي
وإذا تقت للسماع فلي في
منطق الطير كل مشج ومصب
وإذا ضاقت البسيطة في عي
ني فذكر الإله يفرج كربي
آدم
خلقت آدم لما شئت من طين
وكان أمرك بين الكاف والنون
أسكنته جنة الخلد التي كتبت
للفائزين ذوي الإخلاص والدين
فلم يطعك وكانت منه بادرة
أعاذنا الله من كيد الشياطين
فكان إخراجه حقا يبين لنا
أن المعاصي طريق غير مأمون
ولم يكلنا إلى الأهواء بارئنا
بل أرسل الرسل من حين إلى حين
فبعضهم حوربوا ظلما وبعضهم
قد قتلوا بعد تكذيب وتهوين
إني لأعجب ممن يشتري سفها
دار الشقاء بدار الخرد العين
عزم خطير
طلق الدنيا ثلاثا تسترح
وارض بالتافه منها والحقير
واجتنبها إنها غادرة
تمزج الهم بأقداح السرور
لم ينل منها أمانا ملك
حف بالأجناد والملك الكبير
ما الذي آمل من معروفها
وأنا منها على عزم خطير
فكأني سرت عنها نازحا
وعلى الأكتاف محمول سريري
اهجريني
برك النفس أن تؤامن بالله
مطيعا وغير ذاك العقوق
لعبة هذه الحياة إذا لم
يك بعد الممات عيش يشوق
أي خير لمنكر البعث فيها
ليت شعري وأي حسن يروق
وقليل للمؤمن الزهد فيها
وكثير من الكفور الفسوق
إيه غدارة اهجريني مليا
إنني بالصدود منك خليق
أكرم الطلاب
زد صدودا فقد نسينا هواك
وأعضنا من الصدود قلاك
أي حسن لديك والموت قد مد
لأعضائك التراب شباكا
رب إن الكريم يرجي كريما
وأرى أكرم الطلاب رضاك
رب هب لي شوقا إليك وإخلا
صا وذكرى أنسى بها ما خلاك
واجعل الهم أكبر الهم أني
في نعيم أراك فيمن يراك
ودع شبابك
كواكب الشيب لاحت في دجى الشعر
فسر على نورها في حندس العمر
أهلا به مرسلا قد جاء ينذرني
أني به بت من أمري على خطر
ودع شبابك توديع الفراق إلى
غير اللقاء فهذي سنة البشر
يا ليت شعري وهذا الجسم غربني
متى الرجوع إلى الأوطان من سفر
ما لي وللناس
أهل المقابر أولى أن أزورهم
مستنصحا وأنا بالنصح مشغوف
وقد خطبت إليهم من بناتهم
حبلى وإني لها لا بد مزفوف
ما لي وللناس لولا أنني رجل
مضلل وعن الخيرات مصروف
نور المشيب
أهلا بنور الشيب لاح بمفرقي
فتشتت عن قلبي الأهواء
تلك الكواكب لا الكواكب في الدجى
والصبح لا صبح تريك ذكاء
ما شعرة ضحكت بفودي إنما
هذا حسام الله فيه قضاء
ما جردته راحة الجبار في
هام الورى إلا وحل قضاء
أسفا على عمري الذي ضيعته
عبثا وحالت دونه الآناء
عفت الغيد
جريت مع الأيام حتى مللتها
فما في رياح العيش ما أتنسم
وخارت قناة الناس حين غمزتها
فما في بناء الناس ركن مدعم
وعفت وصال الغيد لما بلوتها
فما في وجوه الغيد ما أتوسم
ولم أر مثل الزهد للمرء صاحبا
ولا ركن غير الله يأوي ويعصم
بعدا
يا هذه الدار بعدا لا تضليني
الله منك ينجيني ويحميني
ما زادك الدسم القتال يشبعني
كلا ولا عذبك الموبوء يرويني
أنا الدفين بلا مال ولا حشم
ولو غدوت على بعض السلاطين
كأنني وستار الموت تحجبني
عن النواظر إلا ناظر الدين
فليس غير رجاء الله ينفعني
وليس غير رضاء الله يرضيني
القنوع المستريح
اليوم من سكن القصو
ر الشم قد سكن الضريح
سبعون عاما عاشها
ملكا تقضت فهي ريح
ألف الشقاء بها وكا
ن نصيبه القدح المنيح
كم بات حران الحشا
أسوان ذا جفن قريح
لم يغن عنه التاج قط
ميرا ولا الملك الفسيح
قل للأخيذ بزهرة الدن
يا وزبرجها الشحيح
يكفيك منها قوت يوم
ك فالقنوع المستريح •••
يا أيها الشيخ الملم
بشبر حفرته الطريح
كم من يتيم في صحيف
تك التي طويت يصيح
كم من حريب كم أسير
كم قتيل كم جريح
أعدد جوابك يا جوزيف
فقد دخلت على المسيح
قدم لنفسك
هزل الحياة وجدها تعب
وشقاؤها ونعيمها لعب
والناس قد صدقت عزائمهم
في العيش إلا أنه كذب
يا جامعا فوق الثرى ذهبا
كم من ذوي ذهب وقد ذهبوا
سلبتهم الأيام ما سلبوا
وغزتهم الأعوام والحقب
يا ثانيا عطفيه من عجب
الزهو من فان هو العجب
قدم لنفسك ما تعوز به
إن المنايا دارها كثب
الباب الرابع
مقطوعات في العظات والحكم
الفجر
وداع دعا باسم الصلاح وبالتقى
وللفجر تاج بالجمان مرصع
فقمت فأديت الصلاة تقربا
إلى الله حتى كادت الشمس تطلع
وسبحت باسم الله حتى كأنما
تسبح كل الكائنات وأسمع
إذا كانت الأطيار تدعو تضرعا
فما لي لا أدعو ولا أتضرع
وما اهتزت الأغصان إلا لأنها
تصلي فمنها ما يقوم ويركع
فيا رب هب لي منك روحا رضية
وقلبا إذا ناديت باسمك يخشع
أين كانت
أين يا زهرة كنت
قبل هذا الابتسام
يا طبيعيون من ألب
سها لون الضرام
أعقيق سال تحت
ت الجذع أم كأس مدام
أم زعمتم أن ذو
ب التبر في ماء الغمام
كبرياء ورث الأح
ياء عن حرث الرجام
أيها البلبل تسبي
حا وذكرا يا حمام
وضح الصبح لذي
عينين وإنجاب الظلام
بين خيلين
بين خيلين ميسر ويسار
كل آمال مصر نقع مثار
ورق اللعب يأسر الورق
الأبيض حتى يلغى عليه النضار
وبنات الأوراق تصرع في الحر
ب كماة حصونها الدينار
وتدانى الجبان فالنار ماء
وتناءى الشجاع فالماء نار
عصر الظلام
أعصر النور بل عصر الظلام
كفرت بأنعم الله الجسام
نبذت الدين لا ترجو ثوابا
ولست بخائف يوم الزحام
رضيت بهذه الدنيا مقاما
لنا تعسا لذلك من مقام
أينشرنا وقد صرنا رفاتا
وكيف يقوم سكان الرجام
ألستم ذلك المكروب ضعفا
فيسر للرضاع وللفطام
فيا علماء عصر النور جوبوا
مجاهلها على قتد الضرام
وشقوا لجها بمدرعات
وطيروا للسها طير الحمام
فكل سوف يرجع لا مناص
إلى النيران أو دار السلام
عظة البدر
يا بدر يحلو لنا في نورك السمر
ويستريح إلى لألائك النظر
ومن هلال إلى بدر إلى قمر
فمنك حسن الليالي بيننا صور
في كل شهر لنا بالبدر موعظة
ففيه للذهن معنى البعث يبتدر
وللخلود دليل من صحيفته
وعنه بالمحو سطر كله خبر
تفنى العصور ويبقى البدر مطلعا
على الوجود مقيما والورى دثروا
لم ينقص البدر بعد التم من سفه
لكن لتأخذ منه حظها الفكر
ويقرءوا في كتاب من صحيفته
أن الشباب يليه الشيب والكبر
الله فرد
ضل فكري بين الثري والثريا
كل ما في الوجود رهن الشتات
بين هذي البحار بين الرواسي
بين تلك الكواكب الزاهرات
إن هذا الجلال ينطق أن الله
فرد له جميل الصفات
كيد الشيطان
قلت لما بدا لعيني جمال
ساحر يفتن التقي العفيفا
لا أطيع الشيطان فيما دعاني (إن كيد الشيطان كان ضعيفا)
الموت لجة
إنما الموت لجة وكبار الش
هب في قاعها صغار لآلي
والدراري قصد الشقاء فنجم
في جليد وآخر في اشتعال
وأرى البدر في إسار المنايا
موثقا من شعاعه بحبال
في غفوة
إن هذا لآخر العهد بالح
ب فمني على هواك السلام
سوف تنسى الدلال والتيه إذ نح
ن جميعا تحت التراب نيام
أنت في غفوة وعيناك والجي
د وخداك كلها أحلام
قلب المؤمن
لا يبالي تقلب الحدثان
ذلك القلب صادق الإيمان
فإذا الأرض زلزلت لملم
فاجع عاقها عن الدوران
وإذا انشقت السماء لهول
فادح (فهي وردة كالدهان)
قر قلب التقي فهو من الإي
مان كالطود راسخ الأركان
فبصدق اليقين ألقي إبرا
هام في روضة من النيران
وبه سار بالمواكب موسى
ضاربا في مسابح الحيتان
وعلى الماء كان يخطر روح الله
عيسى في غابر الأزمان
وبه سبح الحصى في يد الها
دي عليه الصلاة كل أوان
أضعنا الدين
يا رب إن أضعنا الدين فاحتكم الأ
عداء فينا فمن يا رب يحمينا
يا رب مصر أنابت فارض توبتها
تبنا لوجهك قولي مصر آمينا
تبنا عن الخمر ربي والفسوق معا
صمنا لذاتك أصبحنا مصلينا
لا الرقص يا رب بعد اليوم يشغلنا
عن الصلاة ولا الأوتار تلهينا
لا أصبح الفوز بالبليرد يقنعنا
ولا التغلب بالشطرنج يكفينا
ظن بائد
طوى الفكر أقطار السموات صاعدا
فلما تناهى خر لله ساجدا
رأى الأفق معمورا رأى الملك واسعا
رأى النجم منثورا رأى النور جاسدا
معارج ترتد العيون كليلة
لديها ويمسي الظن حيران بائدا
نور المشيب
أهلا بنور الشيب لاح بمفرقي
فتشتتت عن قلبي الأهواء
تلك الكواكب لا الكواكب في الدجى
والصبح لا صبح تريك ذكاء
ما شعرة ضحكت بفوري إنما
هذا حسام الله فيه مضاء
ما جردته راحة الجبار في
هام الورى إلا وحل قضاء
أسفا على عمري الذي ضيعته
عبثا وحالت دونه الآناء
الصلاة يا أفندي
ليس في الطربوش عذر لك عندي
فلماذا لا تصلي يا أفندي؟ •••
صل في المنزل إن شئت وحيدا
ودع المسجد إن كان بعيدا
وافتح المصحف إن كنت سعيدا
تلق في المصحف وعدا ووعيدا
من رفيع الجاه ذي بطش ومجد •••
ليس في الطربوش عذر لك عندي
فلماذا لا تصلي يا أفندي •••
اخلع «الياقة» في الظهر قليلا
إن تكن تحسبها حملا ثقيلا
وتعود ليس شيء مستحيلا
ثم صدق لا تقل هاتوا دليلا
كل هذا منك قول ليس يجدي •••
ليس في الطربوش عذر لك عندي
فلماذا لا تصلي يا أفندي •••
ليس في «البدلة» عندي لك عذر
فاتق الله فترك الفرض كفر
هي صبح ثم ظهر ثم عصر
ثم شفع قبلها المغرب وتر
هكذا علمنا أفضل عبد •••
ليس في الطربوش عذر لك عندي
فلماذا لا تصلي يا أفندي •••
هكذا علمنا الهادي نبينا
منذ قال الله كونوا مسلمينا
لا تنكس علم الملة فينا
أو فعانق غير دين الحق دينا
ثم عش ما شئت في أخذ ورد •••
ليس في الطربوش عذر لك عندي
فلماذا لا تصلي يا أفندي؟
الزهرة وسهيل
لاحت الزهرة تستغوي النهى
ببهاء فتنة للمبصرين
أنت يا زينة لبات الدجى
حدثينا عن ضلال الأقدمين
واعلمي أنا على توحيدنا
قد عرفنا فيك عذر المشركين
وسهيل زاهر الخد جلا
عن ضياء راقص غير ركين
لاح في جنح الدياجي منهما
آيتان عن يسار ويمين
راحة المشرق قد ختمها
بهما الليل سمير العاشقين
هو في إبهامها لؤلؤة
وهي في الخنصر من در ثمين
جل هذا الحلي أن يبدعه
صائغ غيرك رب العالمين
يا طبيبي
يا طبيبي إذا جفاني طبيبي
وحبيبي إذا قلاني حبيبي
أنا أخلى الأنام بالا وأرضى ال
ناس حالا إذا غفرت ذنوبي
أي وجه من النعيم عداني
إن يكن وجهك الكريم نصيبي
إن يكن حظي النهى في كفاف
وعفاف فنعم حظ الأديب
أنا في شدة وحرب مع الش
يطان والنفس والعدا والخطوب
فاحمني من أقاربي وصديقي
وشقيقي وابني الكنود المريب
وأعني على العدو الغريب
وأجرني من العدو الغريب
فؤادي في يديك
يا رب هذا فؤادي في يدك فضع
فيه التقى وضع الإخلاص يا باري
واجعل نصيبي من الدنيا وزخرفها
حبي لذاتك واصرفني عن النار
أنت أسعدتني
أنت أسعدتني إلهي على الدن
يا وأكبرت في الحياة نصيبي
فأتم الإحسان بالعفو يا ر
ب إذا مت عن جميع ذنوبي
سلم وصل
يا من إليه المشتكى
ويرى الذي قد حل بي
خيل النوائب أقبلت «سلم» وصل على النبي
لا أرضيك
يا داني اللطف باعد عني الفتنا
عزمي ضعيف ولا أرضيك ممتحنا
كالماء قلبي والبلوى كآنية
له إذا طال فيها لبثه أسنا
أقدم
ربيته كيما يكون ذخيرتي
عاوني. راب الزمان: تكدر وتغير
وغذوته رخص اليدين وعلته
وصنعت أكرم صنع حان والد
حتى إذا رسخت دعائم خلقه
وغدا كليث الغاب عبل الساعد
أمسى يناوئني ويطلب عثرتي
ويطيف بي شاكي سلاح مارد
أقدم فما أنا بالضعيف وإن نأى
شرخ الشباب ولن أضيق بقاصدي
فأنا الكفيل بطعنة تفري الحشا
وتذقك ألوان العذاب الخالد
هذا جميلك
يا من سيول العطايا
هتانة من يديه
هذا جميلك عندي
أعيى ثنائي عليه
العز في الإيمان
يا من إذا دعي استجا
ب ومن له عرش السخاء
أنا مؤمن والعز في الإ
يمان يا ذا الكبرياء
والدين ذل لا يلي
ق بمؤمن حسن الرجاء
لك الحمد
لك الحمد هل أقضي حياتي كما ترى
كثير هموم القلب مضطرب البال
فيسر لي الدنيا وذلل صعابها
وأوقف على الأخرى همومي وأعمالي
عبد إحسانك
عبد إحسانك يا رب أنا
عادتي منك جميل وندى
برحت بي محنتي حتى لقد
ذاب أحبابي ولي رق العدا
لست للبلوى بكفء إنني
أضعف الخلق وأوهاهم قوى
فانتشلني من غيابات الأسى
يا غياثي كلما خطب طغى
أيها المرسل فينا رحمة
وشفيعا وضياء وهدى
قد دعوت الله أن ينجدني
وهو رحمن يلبي من دعا
فأعني برجاء صالح
يدفع الكرب ويستدعي الرضا
جنة عدن
يا رب جنة عدن
وجيرة المختار
يا من عليه ثنائي
ومن إليه اعتذاري
دليل الفجر
قام يشدو بلبل الفجر
هاتفا لله بالشكر
حين لاح النور منبثقا
من ثنايا الشرق كالنهر
قال إن الصبح قد طلعا
فاشكروا في السر والجهر
ثم غناها يرددها
آية من محكم الذكر
لا تكسني ذلة
يا من كساني رحمة عزا
لا تكسني من ذلة عدلا
لم يبق خلق في السماء ولا
في الأرض ما أوسعته فضلا
نشر وطي
بين نشر القرى وطي القبور
وقف الموت وقفة المنصور
فوق هام كأنهن جبال
سابحات من الدما في بحور
صال فينا بدارعات الرزايا
فاتقينا بعاريات الصدور
داهمتنا أحداثه في الفيافي
وغزتنا في باذخات القصور
ورأى ذلنا بنات الليالي
سابيات أبناءنا في الخدور
غفرانك
غفرانك اللهم كم نعمة
عن شكرها عجزها شفيع لديك
هيهات أحصي ورسول الهدى
يقول «لا أحصي ثناء عليك»
أوجدتني من عدم مبصرا
آيات ملك ساجد في يديك
آمن قلبي بك من مبدع
وحنت الروح اشتياقا إليك
مضى يشتكيني
فيا رب إن قصرت في الشكر ناسيا
أياديك عندي من تليد وطارف
فقد نطقت عن بآلائك اللهى
وشدك أزري في وجوه المخاوف
ويوم من الأوقاف نجيت ضيعتي
أجاهدهم مستبسلا غير خائف
وأيام في السودان أعليت همتي
فأمسي وأضحي للعدا غير آلف
يروعهم مني جريء مشيع
يؤازره في الروع إيمان عارف
وفي «مدني» لما تجهم وجهها
فطلقتها مستعفيا غير آسف
أبى لي تسليم الزمام لظالم
نصير من التوحيد هامي القذائف
أيرغم أنفي «ووكر» وابن عمه
ويرضى عزيز فيه ترضى مواقفي
ويوم «ستيتنج» تطاول جاهلا
وحاول بغيا أن تساء عواطفي
فأوقفته مستبسلا عند حده
مواقف خزي من أذل المواقف
مضى يشتكيني للرئيس مسافرا
ولي مشتكى عند الرئيس المشارف
فآب بخزي يستجد علاقة
ويأبى انقيادا أن يكون مخالفي
وكم مأزق يا رب فيه نصرتني
وخطب طغى دافعت يا خير لاطف
رياء
الحج فخر والصلاة هواجس
والصوم هجر والكتاب غناء
لم يبق من هدي النبي ودينه
إلا عمائم طيهن رياء
أرحت فؤادي
أغرد والأضلاع تبكي تجلدا
وأبسم والأحشاء تدمي تجملا
ولو ريت رأسي في ثلاثين حجة
لقلت قضى العمر الطويل وأكملا
وما ضاق بي عيش ولا لان جانب
ولكنني أرمي بطرفي إلى العلا
وحولي من اللذات دنيا وإنما
فؤادي عن الدنيا ولذاتها سلا
وأي معالي الجيش كانت تروقني
إذا لم أقد يوما من الدهر جحفلا
أرحت فؤادي يوم أغمدت صارمي
وأصبحت أمشي في المزارع أعزلا
إذا أنا لم أضرب بحديه ظالمي
رأيت العصا أبهى بكفي وأجملا
ديني التوحيد
لست من شرك ولا فيه أقيم
ديني التوحيد عنه لا أريم
لا أرى ربي إلا واحدا
في يديه ذلك الكون العظيم
كل من أرسله الله لنا
بشرا أو ملكا عبد كريم
من يقل إني إله منهم
أملك الأمر فمثواه الجحيم
لم يقل هذا رسول إنما
قال عفريت وشيطان رجيم
وأخو الإرجاف فرعون الذي
غره النيل وسلطان جسيم
فتمشى الكبر فيه فطغى
وتأنى الله والمولى حليم
ثم لما لم يتب أغرقه
هكذا يستأهل الباغي الأثيم
صبا للمهى
صبا للمهى لا بل تصدى لمقتلي
فؤاد مقيم في هوى متنقل
يرى المجد يوما فوق أعلام جحفل
ويوما يراه تحت أقدام أكحل
إذا لم تحمل بعض ما أنا حامل
من الهم في دهري فمني تنصل
أما لك في بضع وعشرين وازع
عن الغي ناه عن فضول التذلل
نبا بك عن وادي الصبابة منزل
وأمسيت بالسودان في غير منزل
طريد العوادي في نجاد مطلة
على الشمس من أفيائها الشهب تصطلي
طائر الإسلام
أرى طائر الإسلام في الشرق غافلا
يهم به من دوحة الغرب باشق
جفاه بنوه واستعاضوا عن الهدى
ضلالا فما بالبعث والحشر واثق
أرانا تخلقنا بغير طباعنا
وأكثر ما يردي الشعوب الخلائق
وقد كان للإسلام فيما مضى يد
على الدهر جدواها الهدى والحقائق
فأمسى وراء اللاحقات إذا عدا
وقد عاش دهرا ما يدانه سابق
وكانوا أساة المجد في الأرض حقبة
تظللها راياتهم والبوارق
إذا ذاق منهم مؤمن ضر محنة
فأحلى من الإيمان ما هو ذائق
يهبون من بعد السجود عن الثرى
ووجه الثرى من عاطر المسك عابق
ولما علا الإسلام واشتد أزره
وصاح له في دولة الشرك ناعق
أكنت أفاعيها الوكور وأطرقت
بهاماتها منه الجبال الشواهق
زمان الضحى في ثائر النقع فحمة
تؤججها بالمرهفات الفيالق
التنازع
علام التنازع ثوب البق
اء ونحن عبيد لصرف الردى
وأتعسنا في جحيم الشق
اء كأسعدنا في نعيم الهنا
يضن بوصل المحب الحبي
ب وعز الوصال كذل الجفا
وكم من مدل بثوبي جم
ال جديد سيلبس ثوبي بلى
كريم
كريم هانت الدنيا عليه
فليس بها يكافئ من يصافي
فماذا يبلغ الشكران منه
سوى التقصير إلا أن يعافي
أيها الزائر
أيها الزائر قبري
بينك الله وبيني
قف بعيدا عن هوام
أكلت إنسان عيني
شكر المنعم
يا من له النعماء ليس يعوزها
إلا الرضاء بها وشكر المنعم
ماذا أعدد من سماحك والندى
أعظم بفضلك يا مليك وأكرم
فاغفر لعبدك عجزه وقصوره
عن شكر ما أسديت واصفح وارحم
لك الحمد
فيا رب إن تنعم علي بنعمة
فهب لي من شكرانها ما يزيدها
لك الحمد لا يفنى فكم لك أنعم
علينا توالى ليس يبلى جديدها
فضل الله
أعددت للقبر عفو الله يؤنسني
فإنه محسن ربي وغفار
وعبقة من نسيم القرب شافية
لا يستقل بها روض وأزهار
يا ليلة الوصل لا حياك منبلج
من الصباح ولا ناغاك أطيار
هذا فؤادي بنار الشوق محترق
فليت شعري ماذا تحرق النار
صنع الله
لا أخص الغيد بالعشق
كل شيء مبدع الخلق
حاز صنع الله أجمعه
في جمال قصب السبق
مماطلة الأماني
تماطلنا الأماني والمنايا
معاجلة صباحا أو مساء
وكل للثرى يزداد عشقا
وليس يزيدنا إلا عداء
أرى أمما تخادعها المنايا
فيقتلها تنازعها البقاء
ودنيا لا نعيش بها طويلا
وإن طالت منازلنا السماء
الهمذية النبوية
في مدح خير البرية وفي الدفاع عن الدين، والرد على المشركين
ذلك النور ساطع والضياء
وصفه عنه يقصر البلغاء
نور من سبح الحصى في يديه
وجرى منهما وفاض الماء
أكمل الخلق صورة يبدع الله
تعالى من نوره ما يشاء
ذو محيا يصبو له البدر عشقا
وله تنتمي ضياء ذكاء
رحمة كله وعلم وحلم
ووقار ونجدة وسخاء
مرسل جاوز السموات سبعا
وإليه تناهت العلياء
وارتقى حيث لا ملائكة الله
تعالى ارتقت ولا الأنبياء
سابحا في معارج القرب يحدو
ه السنى ضافيا ويغشى البهاء
مثل من أنجبت كريمة وهب
لم تلد عاقر ولا عذراء •••
ذو أتى بالنعيم ذكرا حكيما
فإذا الأرض جنة والسماء
وحيه للعقول راح وريحا
ن وفيه من كل داء شفاء
آية منه تعجز الإنس والج
ن ولو أن كلهم فصحاء
لم يكذب موسى وعيسى وبغيا
كذبته الشرور والأهواء
كيف تأتي على الشرائع آيا
ت وضاء وسمحة غراء
وكتاب مفصل عربي
ليس يرضى بذلك البخلاء
كلما يرتقي الزمان يري الخي
ر أضافته ملة سمحاء
سكبت صفوة الشرائع في كأ
س بها ترتوي العقول الظماء •••
أشهد اليوم ضجة تنكر الخم
ر وكأسا عنها سلا الندماء
بؤرة الشر والجرائر والآ
ثام أفتى بذلك العقلاء
رب بيت أقامت الخمر فيه
أجفلت عن رواقه السراء
فالعقول اشتكت إلى الله منها
والكلى والكبود والأحشاء
حرمتها دهرا حكومة أمري
كا ونادى برجسها الفضلاء
ثم عادت تلغي أوامرها بع
د اهتداء وضلت الآراء
وسيأتي يوم قريب تزو
ل الخمر فيه وتصرع الفحشاء
ويرى الناس أن شرع أبي القا
سم خير ونعمة وهناء •••
أثبت الطب فضل شرعك والمج
هر والباحثون والعلماء
فلعاب الكلاب سم زعاف
ولحام الخنزير داء عياء •••
واشتراع الطلاق أصبح في الدن
يا مباحا يقره الفقهاء
عانقته كرها محاكم أو
ربا ونادى بنفعه الأذكياء
كيف عيش الزوجين فاتهما الح
ب ولج الأذى وحال الصفاء
أعدوان يقرنان بحبل
حالة لا يطيقها السجناء •••
جنسهن اللطيف يزداد عدا
ذلكم ما يقوله الإحصاء
فترى اليوم الاجتماع مريضا
واعتناق التعديد لهو الدواء
فإذا لم يعددوا مثلنا الزو
جات عم الأذى وخيف الفناء
ليس في غيرة النساء من المحذ
ور ما تستثيره البأساء
كيف تقوى فضلى على عنت الد
هر وما قد يجره الإغواء •••
إن في رفق شرع أحمد بالأن
ثى لفضلا يجله الشرفاء
فتراهن من ثلاث ومثنى
ورباع شعارهن الرضاء
فمن العدل بينهن وفاق
والمساواة ألفة وإخاء
وهو فرض على المعدد لا يق
وى على بعض ثقله الضعفاء
وقديما حمى الضعاف ونجا
هن مما يخفنه الأقوياء •••
كرمت تلكم الأناجيل والتو
راة لولا تقول واجتراء
أي عهد، لكنهم ضيعوه
إنما يحفظ العهود الوفاء
بدلوا الوحي والرسالة إط
فاء لنور ما إن له إطفاء
شهد الصادق المسيح عليهم
في الأناجيل أنهم أشقياء
قال هم يلبسون أثواب حملا
ن ذئاب بينا هم أنبياء
فاحذروهم وإن أتوا بالأعا
جيب فليسوا مني وهم أدعياء
لست أرضى من قال يا رب منهم
لي ولكن يرضيني الأتقياء
ذلكم ما رواه (إنجيل متى)
فليراجع ما قاله القراء •••
عجبا للمبشرين بعيسى
أمة دينها الهدى والصفاء
بعدما بشر المسيح بها دي
نا كما بشرت به الأنبياء
فهو (نور الحق) الذي لفت النا
س إليه المسيح وهو (العزاء)
وليراجع من شاء (إنجيل يو
حنا) ففيه للباحثين اهتداء
وهو ذاك النبي يسأل في الإ
نجيل (يحيى) عنه فأين الخفاء
ولقد بشرت ببعثته التو
راة لولا جحودهم والمراء
فهو ذو من (جبال فاران) مبعو
ث، ومن تلكم الجبال حراء
أينع الذكر وازدهى في ذراه
وتغنى فأطرب الإيحاء
وتجلى على البسيطة نور
وكسا الكون رونق ورواء
حكم حين أنزلت ختم الو
حي وتمت على الورى النعماء
وطوت معجزات كل نبي
ولها الخلد وحدها والبقاء •••
يا لها من نقائض تحرج الفه
م عليها لبس وفيها التواء
واختلاق معقد ذنب الضب
لديه محجة واستواء
يصلب الرب في خطيئة عبد
كيف يرضى بذلك العقلاء
لم لم يغفر الخطيئة غفرا
ناله فيه عزة وإباء
إن يكن خالقا لمن كان يجثو
ضارعا وهو خاشع بكاء
أإله في وجهه يبصق الأشرا
ر هزؤا ويزدرى ويساء
لم لم يقطع اليهود أبوه
كيف تنسى حنوها الآباء
الروضة الفيحاء
تقديم
حرام علينا أن ننام عن العلا
وأحداقها ترنو إلينا وتنظر
وأن نهجر العز الذي كان إلفنا
وأحشاؤه من عشقنا تتفطر
وأن نهدم المجد الذي طال سمكه
على أنه بالنيرات مسور
الباب الأول
في الرثاء
في رثاء والدته
لقيت الرضا واستقبلتك البشائر
فسعيك مشكور وفضلك باهر
دعاؤك مقبول وصومك صالح
وحجك مبرور وعافيك شاكر
إذا جئت رب العرش جل جلاله
وناغاك منه واسع اللطف غافر
فقولي له يا رب مصر حزينة
يواثبها مكروهها ويساور
فعجل لها رب الخلاص ونجها
فليس لها إلاك حام وناصر •••
وقولي له بعد السجود لذاته
وتمجيده يا رب إنك قادر
فرفقا بتوفيق وخلص ثيابه
من الوقف إن الوقف باغ وغادر
وأخلف عليه وارض عنه وأرضه
ورحب إذا ألقى عصاه المسافر •••
أجوابة القفر المخوف لربها
تجاذبها شوقا منى والمشاعر
كففت فما أحجمت عن قصد بيته
وخاطرت نفلا فيه فيمن يخاطر
وأعجب شيء أن يرى الله عبده
يجوب الفيافي شاكرا وهو صابر
وليس الهدى أن العيون بصيرة
ولكنه أن لا تكف البصائر
تلبيه فوق البر والبحر رغبة
ولا الصبر مدخول ولا الشكر قاصر
أبوها التقي (الأزهري) وأمها
مزينة تشدو باسمها إذ تفاخر
أصوامة العمر المديد زهادة
ورزقك موفور وزادك حاضر
وبيتك للأيتام روض ومنهل
وساحك للعافين ناد وسامر
وقوامة الليل الطويل لربها
تناغيه عن شوق له وتسامر
ووجهك بالإخلاص والصدق مشرق
وقلبك بالتوحيد والذكر عامر
ينام عباد الله ملء جفونهم
وجفنك من تقواك باك وساهر
وشمس الهدى ضحاكة في جبينها
وبدر التقى من وجهها السعد سافر
وجل التقى أن ليس يظهر نوره
لقد طبعت فوق الوجوه السرائر
وضافي الحجى ملق عليها رواقه
وأنوارها أستارها والمآزر
تلقاك رب العالمين بوجهه
يحييك منه ساطع النور قاهر
تظل له الأرواح تهتز غبطة
كما اهتز في كف النسيم الأزاهر
بدائع أنوار وآيات بهجة
ترن الحلى فيها وتشدو المناظر
لها يركع الفكر الجريء ويرتمي
على قدميها والخيال المغامر
في رثاء والده
يا أحمد بن علي كنت مقداما
تنبو السيوف وتمضي أنت صمصاما
وللمساكين أنهارا وفاكهة
وكنت سجنا لمن يطغى وإعداما
كنت السلاف سماحا والزعاف لقى
والمسك نشرا ونور الله إلهاما
وللزكاة وحج البيت محتسبا
وكنت لله صواما وقواما
لك المواقف بأسا حين يذكرها
هيابة القوم يلقى الموت بساما
لك المناقب جودا لست أحصرها
ولو بريت نبات الأرض أقلاما
كنت الصراحة لا لي ولا خدع
ولا خشعت لغير الله إعظاما
تقول صدقك لا تخشى عواقبه
لو أوسع الملك الجبار إيلاما
وتتبع القول أفعالا تحققه
بينا يخال غليظ القول إيهاما
من للعفاة هوت أركان صرحهم
تشتتوا وغدوا في الأرض أيتاما
من للبغاة أريحوا في سلاسلهم
تجمعوا وغدوا هما وأسقاما •••
ويوم (للضعفاء) الغاشمين غدا
حربا بما ملأوا الآفاق آثاما
كانوا الشجاعة والإقدام حين ضروا
بغيا فعودتهم جبنا وإحجاما
ورحت تظلمهم في الله منتقما
لما غدوا لعباد الله ظلاما
تشتتوا في فجاج الأرض واختبأوا
كانوا أسودا فعادوا اليوم أغناما
لا يترك الذئب في أرض تجاوره
يضرى أبي وبراه الله ضرغاما •••
شيدت لله بيتا طال غاربه
هام السماك على أس الهدى قاما
حبست أعيانه لله تقدمة
فكان صنعك للإحسان إتماما
أوصيت لا تنحتوا لي في جوانبه
لحدا ولا ترفعوا لي فيه أعلاما
فلست متكلا يوما على عملي
بل أسأل الله غفرانا وإنعاما
فكان أمرك عند الناس موعظة
وعند ربك إخلاصا وإسلاما
شاعر النيل
ماذا يحاول بعدك الأدباء
نكب اليراع ويتم الإنشاء
وتوعرت سبل الفصيح وأقفرت
ساحاته فرياضه صحراء
لا الورد يضحك في الطروس ولا الصبا
تشدو ولا تثمر ولا أفياء
والبلبل الصداح ناح ومزقت
مما شجاها طوقها الورقاء
وغدت حلي الغيد بعدك دمعها
إلا قلائد درهن طلاء
نضبت (عمان) وأصبحت لجاتها
قيعان تصفر والمحار خلاء •••
سلم (الأمير) لنا وبورك نوره
وتهيبت هالاته الأرزاء
إني أخذت رثائه لك شاكيا
والضعف يحبس أدمعي والداء
فسرت حميا البرء بين محاجري
من مشجيات ريقهن شفاء
ضمدن أحشاء يفجرها الأسى
ولكم عليك تفطرت أحشاء •••
إن زار روضتك الشذية (أحمد)
يزهى به الشعراء والحكماء
في موكب فخم عليه من الحجا
عبق ومن وهج النبوغ بهاء
ودنا حبيب والوليد فسلما
وأبو العلاء ورحبوا ما شاءوا
فرحا بأبلج جزله ورقيقه
ونظيمه ونثيره العنقاء
وبكل جيد من حلاه لآليء
ولكل جيل من نداه ثراء
فاطرب فإنك جئت منزل سؤدد
زواره وضيوفه العظماء
واعلم بأنك بين أهلك عندهم
وبأننا من بعدك الغرباء •••
يا من يلوم على التبتل حافظا
خفض عليك فإلفه العلياء
قد عاش يعقد بالثريا طرفه
وبه تفاخر بدرها الظلماء
فاليوم حين النوم زار مسهدا
ما كان يعرف جفنه الإغفاء
ما فاته النسل العظيم ونسله
ديوانه وسطيح والبؤساء •••
اليوم تنشر حافظا آدابه
أين الملوك اليوم والأمراء
ملك المواهب خالد لا ينقضي
حين الأرائك والملوك هباء
والموسرون هم النوابغ وحدهم
وسواهم العافون والفقراء •••
أسمعت (ذات الخال) من آياته
ماذا رأت من سحرها الحسناء
يشكو الغرام لها فيرسل دمعه
ساري الغمام وتشفق الجوزاء
وانظر إلى (عيد الفداء) فإنها
قصر القريض وروضه الغناء (والأمتين) فدون شامخ مجدها
يقعي الغرور وتقبع الخيلاء
ماذا أواجه من أشعة حافظ
وله الشموس الساطعات فداء
تتساقط الأقمار من هالاتها
وتزول وهو الكوكب الوضاء
نعي المدافع عن حياض بلاده
بالمرهفين له النعيم جزاء
فتعازت الأقلام فيما بينها
وبكى الحسام وناحت الهيجاء
لا نعدم البلغاء في شعرائنا
لكن ليس كحافظ بلغاء
لا نعدم الأكفاء في ضباطنا
لكن ليس لحافظ نظراء
أدب وإخلاص وظرف حافظ
وشجاعة وسماحة وإباء •••
أجرى فتى السودان عبرة جيشه
لم يبق للجيش الحزين رجاء
منعوه بعد الفتح قائم سيفه
ولو انتضاه لسالت البطحاء
ولغودر العلم الدخيل معفرا
في الرمل تدفن عاره الأشلاء
علم عليه قساور من خدعة
يخشى كليل نيوبها الجبناء
إقدامهن تخلف ووثوبه
ن تخوف وزئيرهن مواء •••
سهم أصاب النيل في أحشائه
سودان مصر ومصر فيه سواء
دميت له أهرامنا وسهولنا
ونخيلنا وسماؤنا الزرقاء
وأصاب قلب الضاد في سودائه
فالمشرقان تفجع وبكاء
أسيت ربى نجد وناحت برقة
والكوفتان وتونس الخضراء
وشكا الجوى لبنان والفيحاء
والمكتان وأجهشت صنعاء
فليبك حافظ عهد ود بلاده
جناتها وهواؤها والماء
وليكتئب شرق البلاد وغربها
ولتحزن الخضراء والغبراء
وليذكر الشعراء حسن بلائه
ووفائه وليطنب الخطباء
قل البكاء له فليس يرده
سكب الدموع ولا يعيد رثاء •••
منع السلو ورد سلطان الكرى
أن الحميم ثوى وعز لقاء
من كنت أمرح في كريم خلاله
وكأنهن الجنة الفيحاء
ولقد أرى والهم ينزل ساحتي
وأنا المهند والهموم جلاء
فالآن حين انحل عقد تجملي
وتقسمت عزماتي البرحاء
جادت ثراك محمد الأنواء
وسقته ضاحكة الحلى وطفاء
تحنو عليه بظلها وبريقها
ويهزها الإصباح والإمساء
وعلى ولائك والإخاء تحية
وعلى وفائك رحمة ورضاء
ما هذه الدنيا بدار إقامة
فليستعد لتركها النزلاء
كل يعافى في الحياة ويبتلى
ويسر في أحبابه ويساء
ما هذه الدنيا بدار كرامة
فليحتمل مكروهها الأحياء
كل يفارق أهله ودياره
وتصيبه في نفسه الأرزاء
رثاء شوقي وحافظ
من لي بسمط من دموع الطائي
أبكي فقيد إمارة الشعراء
شمس البيان هوت وأعقب ضوءها
لجج على لجج من الظلماء
إن كان أمره على شعرائنا
فقد النظير وقلة الأكفاء
فلقد أفاد وقد أجاد وقد مضى
صعدا يدوس مناكب الجوزاء
لبس الخلود حلى وغادر بعده
أمما تنوح وعاطلات رجاء
أرأيت في تكريمه كم سؤدد
ضاف وكم من رونق وبهاء
ومن الممالك واحتشاد وفودها
لنبوغه وتجمع الآراء
ما تم ذاك المهرجان لشاعر
إلا لشوقي من بني حواء
شوقي وحافظ أوحشا الدنيا معا
رزآن قد طغيا على الأرزاء
علمان قد طالا السماك وخفضا
بعلاهما من هام كل سماء
نهران قد جريا لنا بسلافة
معسولة تشفي من الأدواء
روضان: هذي زهرها متضاحك
يندى وتلك كريمة الأفياء
ملكان طارا بالخيال وحلقا
بنهاهما في سامق الأجواء
فلكان ماجا بالضياء وسبحا
لله في الإصباح والإمساء
كالفرقدين معاليا لاحا معا
وتلازما في غيبة وخفاء
عاشا معا يتنازعان مدامة
صهباء من أدب ومن علياء
متسابقين مجليين بحلبة
أعيا مداها قارح البلغاء
متكفلين إذا مضى قلماهما
أن ليس يزهي صارم بمضاء
والآن قد جمعا بساحة رحمة
وتعانقا في ألفة وصفاء
تلك البتول
بكرت للنعيم تلك البتول
فهنيئا لها وصبر جميل
ودعت والشباب غض حواشيه
وغصن الصبا رطيب يميل
أزلفت جنتي لجنات عدن
فنصيبي سقم عليها يطول
ليس يعتد بالحياة فؤادي
بعدها فالثرى عليه مهيل
لا تضيء الشموس ظلمة حزني
ولو أن الشموس منها بديل
زلزلت يوم بينها الأرض واند
كت وكادت بما أقلت تزول
كيف تقضي نحبا ولا ترجف الأر
ض وأشباهها عليها قليل
فطنة عند رقة عند دين
كل حسن عندي سواه فضول
بنت خير الورى ومن كأبيها
حين تحنو على الفروع الأصول
وضعت ثقلها وخفت إلى الله
كما طاح في الجهاد رسول
غادرت أربعا كما غابت الشم
س وفي الغرب من سناها ذيول
ويتيما لعل شعبا به يه
دى إذا ما استوى ذكاء يسيل
لم يذق درها ولا استاف مسكا
حازه للخلود حاد عجول
رب بارك للدين فيه وللدن
يا فأنت الكفيل والمأمول •••
كل غصن يهتز في الروض نضرا
تحته في التراب غصن يميل
ما زهت وردة الحدائق لولا
تحتها وجنة وخد أسيل
وسل النرجس الزكي فكم نا
غاه تحت الرغام طرف كحيل •••
قلن يبكين لي القطين أأسلم
ت لريب المنون خطب جليل
قلت عندي أمضى السيوف ولكن
لا يخاف السيوف عزرائيل
قمن أبرزنه إلي فإن أخطأ
ت يافوخه فعزمي كليل
فتشاغلن بالرزيئة عني
وأسا من جراحهن العويل •••
يئس الطب والدواء وجاءت
ساعة الحق وهو مر ثقيل
ذكرت ربها وأوصت وقالت
كل حي له الحمام سبيل
وتلت ما تلت من الآي مما
كان يتلو لجدها جبريل
حملت نعشها ملائكة الله
وهذا هو الرضا والقبول
حمي الذكر عند وضعك في الرم
س وراع التسبيح والتهليل
يسمع الدافنون ذكرا ولا يد
رون من ذاكر أهذا قليل
ذلكم بعض ما لكم من كراما
ت وهذي آياتكم لا تحول
ليس بدعا أن يكرم الله أه
ل الذكر بالذكر حين تدنو الحمول
بيتكم معدن التلاوة والذك
ر وهذا لكم ثواب جزيل
يشهد الله أنكم أهل بيت
صالح غارب النجوم يطول
تتراءى في أفقه أنجم الطه
ر وتشدو صبا التقى والقبول •••
لن تراعي من وحدة واغتراب
فالحزون التي لديك سهول
إن وادي الردى يعج عجيجا
فهو بالروح عامر مأهول
عندك الطيبات من آلك الغ
ر وخير الورى الأمين نزيل
ولديك ابنه أبوك أبو الأش
بال قطب الزمان نعم الدليل
وأبي أحمد هناك مقيم
وهو جيش من نجدة وقبيل
وهناك الشريف أحمد ذو النو
ر ابنك الطاهر الصغير الجميل
قبليه وأبلغيه سلاما
من شج شفه الجوى والغليل •••
قد تراءيت تمتطين جوادا
غرر كل جسمه وحجول
فاطمئني ففي المكان الذي اختر
ت كما شئت سوف يبنى السبيل
أنا في الموت والحياة مطيع
ووفي وخادم وخليل
يا درة
يا درة حجب (البرم
بل) نورها وصفاءها
وحديقة غناء أذ
واها وأنضب ماءها
والشمس أخمد في الضحى
إشراقها وذكاءها
لم تصف بعدك لي الحيا
ة ولا عرفت هناءها
وتقسمت كبدي الغمو
م وفتتت أجزاءها
لو أنني خيرت كن
ت من الحمام وقاءها
يا نعمة سبغت ول
كني حرمت بقاءها
وكذا الليالي طبعها
أن تسترد عطاءها
الصبر يجمل بالنفو
س الغالبات عناءها
لكن نفسي لا تس
يغ وقد نأيت عزاءها
داويت جرح الروح في
ك فما أصبت شفاءها
لولا الطريق معبد
وقد اعتزمت لقاءها
لقتلت نفسي واسترح
ت وما حملت شقاءها •••
هل أحسنت دار النع
يم فكنت أنت جزاءها
فليهنئ الفردوس أن
سناك زاد بهاءها
وليفخر الحور الحسا
ن فقد غدون إماءها •••
يا جنة الخلد انفحي
قصرا يضم وفاءها
يا غيث رحمة ربها
جد أرضها وسماءها
قد أصابت
يا موت تعلم قبض كل محبب
هلا علمت بقلب كل حزين
نبأ ذبحت له الجفون كرامة
وقريته من صبري المكنون
يا روحها المبكي قد أسمعتني
بلسان حالك باكيا يبكيني
قد كان لي منها إذا لاقيتها
ملك يهش بطلعة وجبين
فغدا الفراق ولا لقاء وراءه
إلا بلاعج لوعتي وحنيني
أختاه لو قدمت قبلك كنت من
در الدموع أذلت كل مصون
فإذا بكيت فلا جناح فإنما
أجزى بغالي الدمع من يجزيني
أجزعت لما مد نحوك كفه
غول الردى؟ بل قلت لا يرديني
ونسيت أن العيش غير مهذب
وجهلت أن الدهر غير أمين
إن كنت لما أن دعاك من الصبا
داعي الشباب شربت كأس منون
فلقد أصبت فإن دنيا كلها
نجس تضيق بطهرك المدفون
يا من رحلت عن الحياة ولم أفز
قبل الرحيل بنظرة تشفيني
مني السلام عليك أو ألقاك في
جنات دار الخلد بين العين
يا رب حقق في رضائك ظننا
بك نستعين وأنت خير معين
أم خير مملك
عبقت بروحك جنة الرضوان
وافتر ثغر الحور والولدان
وتبرجت ساح النعيم وأزلفت
لما نزلت بساحة الرحمن
ولقيت ربك باسما متعطفا
فجزاك أجر البر والإحسان
يا ليت شعري والقلوب لما بها
والوجد يعرفه المشوق العاني
ماذا يساعد شاعر سلطانه
بدموعه ولو انها عينان
وزيادة النيل المبارك أدمع
حمر تساعد أدمع السلطان
حتى المقطم قد أحس بلوعة
في صدره وتمايد الهرمان
لكن للقلب الكبير عزيمة
في الصبر تفثأ لاعج الأحزان
والناس غاد للقضاء ورائح
متجدد العزمات ناء دان
إن التي قد أوحشت أوطانها
غذت الحسين محبة الأوطان
فتبوئي يا أم خير مملك
عرشا من الياقوت والمرجان
في جنة قد شيد في أكنافها
لك أجر ما أسلفته قصران
قصران هذا من زمردة وذا
من لؤلؤ حيطانه وجمان
في ربوتي مسك يضوع وعنبر
قاما وبينهما جرى نهران
نهران من عسل وخمر طهرت
جريا على حصباء من عقيان
ما زال حصنا للبلاد مليكها
عنها يدافع طارق الحدثان
نذرتك للعلوم
قضى من كنت تجزع أن يصيحا
وخطوا في التراب له ضريحا
وأمسى لا يجيبك حين تدعو
وكنت عهدته لسنا فصيحا
هلال لاح للدنيا ثلاثا
وأقسم بعدها أن لا يلوحا
ليالي خلتها ليست سنينا
وريحانا وإن قصرت وروحا
سقى الله الثرى نهلا وعلا
وإن كنا وجدناه شحيحا
لقد عرف التراب السر لكن
سيبخل إن سألنا أن يبوحا
غريم الموت إن لم تلق دمعا
تجود به فخذ جفنا قريحا
ترى حمر الدموع تسيل منه
على نحري فتحسبني ذبيحا
فبي هم أسال الروح دمعا
وأضنى الجسم حتى عاد روحا
يرنحني الصباح إذا تبدى
كأني أحتسي منه الصبوحا
وأقضي الليل آي الحزن تتلى
علي ومعجزات الكرب توحى
تهز سوافح العبرات جسمي
كأني ممتط فرسا جموحا
أنادي يا علي وأين مني
علي ودونه جلدي نزوحا
قد اتخذ الوسائد من رمال
قد افترش الجنادل والصفيحا
لئن تك يا بني قضيت سقما
فإنك لم تعش يوما صحيحا
ولم تبسم على الدنيا وحتى
حماك الهم فيها أن تنوحا
نذرتك للعلوم وكنت أهلا
لنيل العلم لولا ما أتيحا
جبين لاح نور الفضل فيه
وقد وضحت به التقوى وضوحا
ووجه شمت ضوء الجود يبدو
به وشممت للعلياء ريحا
إذا شاهدت ضوء الفجر يبدو
فإن الشمس توشك أن تلوحا
فما لك كنت ذا أجل قصير
وكنت ظننته أجلا فسيحا
سقاك الله رضوانا وأهدى
لروحك من عبير الخلد روحا
عهدتك لم تنم في الأرض سقما
فنم في دار ربك مستريحا
مولود سعيد
هلوعا أيها القلب الجليد
ودمعا أيها الطرف الجمود
بني تعاقبوا حوض المنايا
فكلهم لمنهلها ورود
لو أن الموت يدفع بالمواضي
لكنت سوامه عنكم أذود
لو أن الدهر ساومني بديلا
لكنت بمهجتي فيكم أجود
أمان لهف نفسي خادعات
وأحلام تكذبها الجدود
أب يرنو لميت من بنيه
كما ترنو لأشبلها الأسود
وجارات ينحن وحاضنات
يذبن أسى وثاكلة تميد
وقد ذاب العقيق فلا عقيق
سوى دمع ترقرقه الخدود •••
تشهد واستهل معا وليدا
وقبل المهد ضمته اللحود
وأزجى الوضع غيمته جهاما
وكم كذبت على الغيث الرعود
فلم يك عمره إلا الثواني
وأحرزه لجنته الخلود
لعمري بين عمرك أي فرق
وبين العمر ضاق به لبيد
تلقته الحياة ففر منها
وقال وصلت لكني أعود
ألما أبصر الدنيا أباها
فيا لذكائه ذاك الشهيد
فيا (محمود) في رضوان ربي
لعمري أنت مولود سعيد
أماني كواذب
مصابك أجرى دموع المصائب
وخطبك شد وجوه المذاهب
ورزؤك شق على العالمين
ومن بعد رزئك في العيش راغب
وهذا الزمان قليل الجدى
كثير الذنوب عديد المثالب
رمانا بأحداثه القاتلات
فمن ذا نعادي ومن ذا نعاتب
ولو علم الدهر ما نال منا
رداك أتانا من الغدر تائب
ولو أن للحادثات فؤادا
لأصبح من هول ذا الخطب ذائب
فويل لنا كيف ندفع عنا
براثن ليث من الحين واثب
وكيف نروم البقاء ونفس ال
بقاء لنا بالفناء مطالب
وما دام حتما علينا القضاء
فكل أماني النفوس كواذب •••
أقلوا من الدمع عند المصاب
فماذا ترد الدموع السواكب
فما الموت إن هيجته الدموع
سوى زائد في العداء ودائب
أخاف يغول النفوس البواقي
إذا ما بكينا الجسوم الذواهب
لو ان لنا عدد الرمل جندا
وملء فسيح الفضاء كتائب
وحالفنا ذاريات الرياح
وضافرنا ساريات السحائب
وأمست سهاما نجوم السماء
لنا وحصونا بروج الكواكب
وهاجمنا صرف هذا الزمان
وحيدا ونحن هجمنا مواكب
لحكم فينا سيوف البلاء
وجر علينا ذيول المصائب •••
محمد كنت إماما لنا
وكنت ضياء لنا في الغياهب
عظيم الذكاء كريم الإباء
عفيف الرداء شريف المناقب
وكنت مجنا لدين الهدى
تقارع عنه سهام المعائب
وتنفي الأباطيل عنه بما
حباك الإله به من مواهب
لمست الشريعة في شيبها
فغادرتها وهي عذراء كاعب
وما عاب سعيك غير حسو
د ولا شان رأيك غير مشاغب
رفعت منار الهدى والقضاء
ودور العلوم لأعلى المراتب
وقبلك كنا كيعقوب قبل
تؤوب بثوب العزيز الركائب
فعشت تقارب أهل العزا
ئم منا وأهل الجمود تجانب
ولله داع وللناس راع
وفي الخير ساع وللحق صاحب
فعيشك راض وعزمك ماض
ورأيك قاض وفكرك ثاقب
هديت العصاة ردعت الطغاة
أعنت العفاة فتحت المكاتب
فليث صيال وغيث نوال
وبدر معال وبحر مواهب
وصاحب رأي لدى الحادثات
تذل لديه رقاب المصاعب
يرد الوئام يفض الخصام
يقد الحسام حديد المضارب
فيا ويح للمجد مد الردى
إليه بسهم تلقيت صائب
وكانت سهام المنايا قديما
تصيب الحشا وتذيب الترائب
وعم مصابك كل الورى
فشاك وباك وناع ونادب
وأضحى النحيب على العين فرضا
وبات الوجيب على القلب واجب
وهذا يقول علتنا الخطوب
وذاك يقول دهتنا النوائب
فيا مصر صبرا على فقده
فكل اصطبار حميد العواقب
ويا خير هاد ويا خير قاض
ويا خير مفت ويا خير كاتب
تغير بعدك وجه السخاء
وأصبح وجه المكارم شاحب
وزعزع ركن المروءة بعدك
وأنهار واندك من كل جانب
لأنك كنت كفيل اليتامى
معين الأيامى منيل الرغائب
فمن بعد يومك للبائسين
ومن إن أهاب الضرير يجاوب
ترحل حميدا عليك الرضا
ء فكل سيركب ما بت راكب
لئن غيب الترب جسم الدفين
فما جوهر الروح في الترب غائب
أغمضوا أعينكم
قربوا نعشي وهاتوا الكفنا
أو أعيدوا للحياة الوطنا
رجلا من قد دفنتم في الثرى
أم هو النيل بمصر اندفنا
أهل مصر كان فينا مصطفى
يقظة أم كان فينا وسنا
إن يكن فيه الزمان ساءنا
فهو كم فينا أساء الزمنا
أو نكن ذبنا أسى حزنا له
فهو كم فرج عنا حزنا
غرس الآمال سعيا مصطفى
ثم لم يحي إلى وقت الجنى
حمل الدهر على كاهله
ثم خانته قواه فانحنى
جاء يشفي مصر من أوجاعها
زاعما ذلك سهلا هينا
فقضى الأعوام سهدا وضنى
وكذا العاشق يلقى الوهنا
ثم لما قالت الأوطان من
لي يا من عشقوا قال أنا
جاد فيه بشباب ناضر
وحياة تملأ الدنيا سنى
أحسن الله له في خلده
إنه كان لمصر محسنا
مأتم بعد عرس
سنة الدهر من قديم الزمان
أن يشاب السرور بالأحزان
كنت بالأمس رافلا في ثيا
ب العرس تزهى بحسن ذاك القران
فإذا بالحوادث اليوم تنعي
لك ذا الوالد الكثير الحنان
لا تضيفوا بما تروم المنايا
منكم واصبروا بني الإنسان
ربما تسلب النفوس المنايا
إن بدا حزنكم على الأبدان
ليس إلا إلى التحمل سعي
ليس إلا إلى العزاء يدان
إن ثقل المصاب يسمح للمح
زون أن يستريح للسلوان
ما الذي مات في المكارم ميتا
لا تغروا بهذه الأكفان
والذي من بنيه مثل علي
فقد أمثاله من الوجدان
صاحبي أنت لا تعزى برزء
أنت أدري بغدر دار الهوان
تطعم الأسد للذئاب وترمي
بقلوب البزاة للغربان
وتشق الصخور تطلب أروا
ح أخس النمال والديدان
ليس بعد الفناء خطب وما من
حادث في الوجود إلا وفان
ريحانة المكرمات
من الميت يبكى في السماء ويرحم
له مأتم فيها وفي الأرض مأتم
ومن ذا الذي لما نعوه لواضح ال
نهار توارى ضوؤه فهو مظلم
أذلكم إبراهيم من كان يرتجى
نداه ويخشى بأسه ويعظم؟
ومن كان لما الخطب يطغى لهيبه
عليه يقاسي ناره وهو يبسم
كما كان إبراهام من قبله يرى ال
جحيم سلاما وهي نار تضرم •••
لسان عن الفحشاء والزور معرض
وقلب بما يهوى الأماجد مغرم
وكل الرزايا في الكرام جسيمة
ولكن رزء الحاتميين أجسم
دهاه الردى في الدار والصبح مشرق
وقد كان عنه في دجى النقع يحجم
فلما جنى ريحانة المكرمات من
رياض المعالي راح وهو مذمم
فلو أنه بالبر حل مصابه
أو البحر ما كنا لذا الحد نندم
فوا حزنا لو أن حزنا يرده
ووا ألما لو كان يغني التألم •••
أبوه أبو زيد وزيتون جده
وأبناؤه بحر خضم وضيغم
سليمان إبراهيم كيف أبحتما
أبا كان من شر النوائب يعصم
وهذي المواضي تشتكي في غمودها
لديكم وتلك الصافنات تحمحم
خليلي طوفا بالمدائن وابكيا
فإني أراها أوشكت تتهدم
وتلك الجبال المستقرات في الثرى
ستنسف في كف الردى وتحطم
وإن تسألاني عن زماني فإنما
لساني بما في صدره منه أعلم
وإني ورأسي لم تشبه صروفه
لأدرى به ممن يشيب ويهرم •••
فما ليله إلا عجاج تثيره
سنابك خيل النائبات فيظلم
وما شمسه إلا سيوف يسلها
فهل غربت إلا وأطرافها دم
فيا قبر يا من لا يرى الدمع إن همى
عليه ولا شكوى المحبين يفهم
لقد بت أعلى منزلا جادك الحيا
ورواك غيث دائب الصوب مفعم
ويا أيها المدفون لم يدفن الثرى
علاه فلا تفنى ولا تتصرم
أجدي إن العيش بعدك علقم
فليت بقائي في شقائي توهم
فلو أن متن الموت ينجي ركبته
ولكنه خطب من العيش أعظم
إذا ساء هذا العيش والعيش واضح
فكيف يسر الموت والموت مبهم؟
أحمد
في ذمة الله وفي حفظه
أحمد ذو سار ولا يرجع
أمتعنا الله ثلاثا به
سنين لا نروى ولا نشبع
ثم رأى الفردوس أولى به
فاختاره الله فلا نجزع
لهفي على لؤلؤة تجتلى
من ثغره أو غنة تسمع
فارق أذني رنين الحلى
وناظري الزهر المبدع
تعطلت خمس حواسي له
وأقفرت من لذة أجمع
خذوا حذركم
خذوا حذركم فالموت ذئب مخاتل
مخالبه من ماء أكبادنا صفر
ولا تفخروا فوق التراب جهالة
فكل له في جوف هذا الثرى قبر
فمن كان يدري أن عزمة (رفعت)
يحطمها يوم يقال له العمر
أخ كان كالسيف الصقيل عزيمة
وما أن به بخل وما أن به كبر
بصير وألوان المنايا حوالك
جليد وأنياب الردى في الوغى حمر
وتالله ما لاقيته في ملمة
من الدهر إلا هز أعطافه البشر
عليك سلام الله ما الشمس أظلمت
بعيني حزنا واختفى بعدك البدر
عليك سلام الله أحمد ما طغت
علينا المنايا واستخف بنا الدهر
اقض يا رب
مات عباس كل شيء فاني
نحن نجري للموت في ميدان
والكريم الذي يضيق به العم
ر فيخطو من الثرى للجنان
فاقض يا رب في صحيفة قاض
كان يقضي بالعدل والإحسان
غاب سميره
إن حزني على فراقك يا سر
كيس حزن الوحيد غاب سميره
كل شهر تزورنا بطريف
من سلاف الحديث ضاع عبيره
رقرقته النهى ومازجه الحك
م يسري عن النفوس مديره
غالك الموت إذ بنوك صغير
وضعيف واهي الجناح كسيره
لا ألوم القضاء فالملك لله
عليه سبحانه تدبيره
في بطون التراب آلاف أضعا
ف الذراري التي أقلت ظهوره
تيتانيك أو غرق باخرة
دفع الموت ركنها فانهارا
وتقضى جمالها وتوارى
تيتنيك وأنت أعظم طود
سيروه على المحيط فسارا
كيف أمسى الرجال شيبا ومردا
كيف بات الحسان كيف العذارى
صادم الثلج حدها فبراها
فاصطلى جوفها من الثلج نارا
هل سمعتم أني سمعت أنينا
غادر القلب والها مستطارا
عاليا فينة وآنا ضعيفا
مستجيرا بمن تراه استجارا
بظلام كسا البحار وموج
ثائر هاجه القضاء فثارا
وجليد أصم صادم آجا
لا دنا قطفها فطارت بخارا
في رثاء ظبية
الله للآرام والغزلان
ولكل طرف ساحر وسنان
من بعد ظبية صاحبي فلقد رمى
في نحرها طرف الردى بسنان
لا تغسلوا بالماء رخص إهابها
لا تدرجوا في لين الأكفان
صبوا عليها ماء ورد عاطر
شقوا لها كفنا من الريحان
يا ظبية الظبيات بل يا بهجة ال
جنات بل يا زينة الحيوان
لا جيد تيها بعد جيدك مائل
لا طرف دلا بعد طرفك ران
لله أية ظبية سرح الردى
بجمالها في مسرح الحدثان
صبغ الزمان بمقلتيها كفه
واجتث عود شبابها الفينان
ورت القلوب رزيئة برقيقة ال
لفتات والوثبات والنزوان
ردت علي أسى الشبيبة والصبا
فجرت دموع العين بالعقيان
ردوا علي اليوم فضل بلاغتي
فيها وحلوا عقدة بلساني
فلم انتساب عيون كل مليحة
من بعدها أو ناعس الأجفان
وبم السلو أو العزاء ومهجتي
رهن القصي من الأسى والداني
أبحسنها الغلاب أم بدلالها
وبلحظها أم جيدها الفتان
يا سيد السادات بل يا أحكم ال
حكماء بل يا أكرم الخلان
لا ذقت ثكلا بعده أبدا ولا
مدت إليك من الزمان يدان
هذا المصاب شفا الزمان فلم يعد
يسطو عليك فأنتما أخوان
في رثاء كروانة
أهدت لقلبي الأسى سحرية النغم
لما ثوت وأراحت عازب الألم
يا معشر الكروان الله يلهمكم
فيها العزاء ويشفيكم من السقم
إني أشارككم في رزئكم ومتى
يقضي حقوق الأسى في مثلها كلمي
لو يقدر الخطب فيها قدره قلم
مج النجيع على قرطاسه قلمي
أو يعرف الكون فيها ما خسارته
بكي عليها بأجفان من الديم
وضاعف الحزن أني كنت حاضرها
لدى الوفاة ومزجيها إلى العدم
جاءت بها طفلتي تسعى لوالدها
في النزع تشركه في الحادث العمم
وضعتها فوق طاقات معطرة
من الأزاهر في رفق وفي ندم
وظلت أرقب فيها الروح خافقة
ملء السقام لتلقى بارئ النسم
إذا تحرك منها العضو حركني
إلى السماع وإن يسكن فللصمم
حتى إذا فتحت فاها مودعة
تمزق الشدو وانحلت عرى النغم
يا شجو ألحانها في الجو طائرة
غريدة في سماء النيل والهرم
كانت إذا البدر أضفى من أشعته
تسبح الله مضفي وارف النعم
وتملأ الجو أنغاما مروحة
عن القلوب عناء الهم والسأم
تقول رب لك الملك العظيم ولا
شريك لله في فضل ولا كرم
لو يعرف البدر فيها قدر محنته
لم يشرق البدر في داج من الظلم
دفنتها في ظلال الورد أكرمها
ما بين منتثر منه ومنتظم
ما عشت تحنو ضلوعي من تذكرها
على خيال لها في القلب مرتسم
الباب الثاني
في الوصف
في السيماتوجراف
عج على السيما نداج الضجرا
وارو عنها في القوافي خبرا
عل من تهواه يوما زارها
فيواتيك اجتماع قدرا
كم لنا من زورة مستورة
خفيت عنها فكانت أظهرا
قطف الفجر جناها أدبا
ووعى الليل حلاها سمرا
كم أطفنا ربعكم لن تذكري
جل كبرا قدركم أن يذكرا
أنا لا شكوى ولا عتب ولا
ذبت والروح مع الدمع جرى
رب ناس ذاكر في سره
ذل نفس باع فيها واشترى
سامح الله أخا البدر الذي
لو أخوه قال أحكيه افترى
كم ذكرنا في ظلام ثغره
فاهتدينا واحتسينا مسكرا •••
إن في السيما لتعليل لمن
حظه في حيكم أن يسهرا
بدعة العصر ومجلى نوره
آية التصوير لما أزهرا
مجمع الفتيان طلاب الهوى
مرتع الغزلان أقمار الثرى
بينما باريس في مصر لنا
قد تراءت إذ تجلت لندرا
ودنا كل بعيد شائق
من قصور أو رياض أو قرى
وترى الأشباح فيها نطقت
لفظها خط يناغي من قرا
وترى الراكب في طيارة
لاحقا من في سفين أبحرا
فهي أحلام نراها يقظة
أعجزت أطواق أحلام الكرى
لو رآها عهد موسى ساحر
مكبر أمر العصا ما أكبرا
أو أتى موسى لفرعون بها
لاستحى أن يتولى كافرا
جلس الناس صفوفا وسروا
لا يملون وإن طال السرى
تنطوي الأرض لهم عن كل ما
غاب عن مرأى أنيق بهرا
وإذا ما تم فصل سطعت
شهب تجلو لنا من حضرا
فإذا في كل صف رشأ
راصد في كل لوج قمرا
الإكسبريس
هو الجود حتى ليس للمرء حاسد
وحتى جميع الناس راج وحامد
بسطنا فلم نقبض على غير صارم
أكفا لها منها إلى الجود قائد
فذو الحرص يبقى ماله وهو هالك
وذو الجود يفنى ماله وهو خالد
ومن لم تنله ما يرجيه أرضه
فرحب الفلا أولى به والفدافد
شققنا عباب الليل نرمي لمقصد
خطير وما تسمو علينا المقاصد
ومن دون مرماه رقاب العلا فذا
قريب لعينيه النجوم الشوارد
على طائرات من قصور تتابعت
يطوف بها حول البسيطة مارد
يمزق قضبان الحديد دلوقه
كما مزقت بأس الكماة المكايد
ويسري فترتج الأراضي تحته
فتنقد من شم الجبال الجلامد
عظيم الجوى سامي الصوى حالك الشوى
شديد القوى كالموت يقظان راصد
كباز على الغبراء يطلب موردا
وقد أصبحت فوق النجوم الموارد
لأفراخه خمس عطاشا وإلفه
أصاب جناحيها بسهميه صائد
تيقن أن الموت في صورة الونى
فلا هو مستأن ولا هو عائد
طوى الأرض يرجو أن يعيش وكلنا
نكابد من خوف الردى ما نكابد
وبحر الردى كل الورى مغرق به
وإن سبحوا فيه طويلا وجاهدوا
وليس يرد المرء خوف من الردى
إذا أنشبت فيه ظباها المراقد
هدانا بلا هز أطار هجوعنا
وإن هزت الأفلاك منه السواعد
هدى غرفا كالروض باكرها الحيا
وعطرها أنف من الريح بارد
كأن مبانيها المرايا أناقة
فللصقل فيها كل وجه يشاهد
يرى شخصه الإنسان فيها إذا دنا
تجيء إليه أو نأى يتباعد
بها سرر مرفوعة حيك حشوها
من اللين أو مما تشاء الخرائد
لها نافذات من زجاج تخالها
من الريح قدت أو هي الوهم جامد •••
ركائب صدق في الثرى كلما سرت
على الأرض حنت للرغام الفراقد
تجمعت الأضداد فيها فساهر
خلي ومصروع من الهم هاجد
وأبيض جذلان وأسمر عابس
وأسود كسلان وأحمر سائد
إذا الليل يغشانا يضيء لنا بها
من النور ما عنه البدور تقاعد
تولده الأسلاك أبيض ساطعا
كضوء النهار وهي سود حدائد
وما ضر لون الدر زنج خرائد
من الدر في لباتهن قلائد
مصابيح لم تعرف لو الشهب مثلها
ولم يسر في جو به الليل راكد
إذا كسدت فالنجم في الأفق ساطع
وإن سطعت فالبدر في الأفق كاسد
فلا غرو أن نلنا المنى وخظوظنا
من الخفض في عصر به الخير وافد
جزى الله نور العلم خيرا فكم به
ظلام ضلال جره الجهل بائد
وأبعد أيام الزبال وزعمنا الإض
اءة عند الزند والزند خامد
ليالي كان الرحل أمضى مطية
إذا بات هم الراحلين التباعد
فأما وقد آضت ديارا ركابنا
بها فرش مرفوعة ووسائد
تسير مسير الشمس في كل نازح
من الأرض تخشى جانبيه الأوابد
فلسنا على ذل نقيم وإن بدا
لنا في التنائي بارق ورواعد
نسير ولا نلوي على أي موطن
إذا لم تخيم في ثرانا المحامد
ترود أمانينا الحمى فنحله
كأن الأماني فوقهن المقاعد
غروب الشمس
هبي للشعر يا شمس المغيب
مآزر من مذهبك القشيب
وقدي من ذيولك للمعاني
جناحا كي تطير إلى القلوب
ويا شفق استبحت الحسن حتى
قطفت الورد من خدي حبيبي
كأن بلاد ياقوت أطلت
فمن سهل يضيء ومن كثيب
كأن السحب سمرا حول حمر
هنود عاكفون على لهيب
كأن هوادجا حمرا عليها
بنات العرب ترقل في دروب
كأن الخيل من حمر وشقر
قد اجتمعت بميدان رحيب
كأن الجو يهوى الشمس لكن
نأت عنه وسارت للمغيب
فجاء طلولها يبكي عليها
دما لهفا على الباكي الكئيب
وناداها فلم ترجع ولكن
أرته إشارة الكف الخضيب
كأن الغرب من شفق جريح
وهاك البدر أقبل كالطبيب
فقل للشمس جيشك قد تلاشى
أمام كتائب البدر النجيب
وهذى راية التسليم نجم
تألق حين مالت للغروب
على الشفق النجوم تلوح لما
تبدى البدر ذو الحسن العجيب
كنسوة يوسف لما تجلى
فقطعن الأنامل من كروب
وقد بدت الكواكب مشرقات
كحور الخلد من شرف الغيوب
وباتت في الغصون الطير تحكي
حنين (سلامة) الشادي الطروب
فخلت الليل للتمثيل دارا
تجيد رواية العشق الرهيب
وخيلت الكواكب زائرات
على (الألواچ) تعبث بالقلوب
فلما مثلوا فصل التلاقي
على رغم العواذل والرقيب
جرى نهر المجرة من عيون ال
كواكب من جوى الحب المذيب •••
تباعد عن رياض النوم جفني
وهام بمهمه السهد الجديب
وآب الهجر ممن روعتني
فيا زفرات للأضلاع أوبي
تصون الحسن أن يجلى علينا
ومن بالحسن أولى من أديب
لقد طال الدلال فعانقيني
أعم في لج ديباج وطيب •••
وزاد تلهفي للصبح أني
ظننت الشهب تلهث من لغوب
رمى فود الدجى فجر منير
يلوح به الخضاب على المشيب
وكان صاحب السعادة اللواء محمد باشا فاضل الضابط الشاعر من رؤساء صاحب الديوان بالسودان، ورأى القصيدة منشورة بإحدى المجلات الأدبية، فكتب له رسالة يشجعه ويستزيده وصفا للقمر، وكان بينهما صداقة ومساجلات أدبية، وجاء في رسالته:
سألتك بالله والمصطفى
ومن حج للبيت ثم اعتمر
تقبل لي فاك عشرا ولا
تضن علينا بوصف القمر
فديناك من شاعر مبدع
مجيد إذا قال أهدى الدرر
فأجابه صاحب الديوان واعدا بوصف القمر:
سلام عليك وشوق إلي
ك وحبا سأبدأ وصف القمر
وأرقب مطلعه ليلة
يكون لها في القوافي أثر
وأخلو به خلوة للحدي
ث تشق عليها الحسان الحبر
ومن كنت في الفضل بحرا له
فأرخص شيء لديه الدرر
وصف القمر
دليل رضا الإله على العبيد
وسام البدر في صدر الوجود
فلا تتحنثي بخلا وهاتي
رضابك وابسمي جذلا وجودي
تعالي في ضياء البدر نشكو
فما لفم تباريح الصدود
نعاقر عتبنا ونجد عهدا
فبعد العتب تجديد العهود
خذي ثمن الرضا أفديك روحي
وهاك البدر من خير الشهود
يحاكي في كواكبه عروسا
وقد نثروا لها بدر النقود
ويشبه بينها ملكا كريما
يغازل حور جنات الخلود
كأن البدر أنت أردت دلا
فبعثرت (الدراري) من عقود
كأن البدر صدرك وهو عار
وفيه المحو ظل للنهود •••
وبتنا في ضياء البدر صدرا
إلى صدر وجيدا عند جيد
وبات البدر يحسد أم طفل
ترضعه لمى ثغر برود
وسار البدر ما بين الدراري
كأني سرت ما بين الجنود
تخال نجومه غرر المذاكي
طلعن على عدانا من نجود
وحاك البدر وشيا من لجين
على حلل من الأرجاء سود
كأن البدر لوح الغيب فيه
تقادير لذي حظ سعيد
وتحسبه كريما من طروسي
وفيه المحو بيتا من نشيدي
وقد لاح الصباح كأن سيفا
يسل به على قلبي العميد
فودعت المليحة واعتنقنا
وقلنا يا ليالي البدر عودي
وقرأ فاضل القصيدة في إحدى المجلات فكتب لصاحب الديوان نقدا لها، وتباطأت رسائل الشاعر عنه فكتب إليه ملاطفا مسترضيا:
نبذت مودتي من غير ذنب
وكان الرفق ديدنك القديما
فلا كان الهلال ولا اقتراحي
فقد أوسعتني هجرا أليما
فإن كنت اعتزلت الشعر كرها
وكنت له أبا وبه رحيما
لنقدي فاهدني لا تتخذني
عدوا أو حسودا أو أثيما
فقد باتت بنات الشعر تبكي
وأمسى الشعر في الدنيا يتيما
فأجابه صاحب الديوان:
نبذت بناني بل وكفي وساعدي
إذا لم تغرد في طروسي قصائدي
يغردن تغريد البلابل سحرة
على رافل في سندس الروض مائد
كأنك تتلو منزلا من سطورها
على كل باك في الضلوع وساجد
فمرني بما شاءت أمانيك إنني
جفوت لأبكار المعاني وسائدي
فمثلك من أوفى لمجد وزانه
لنائي فجاج الهم وعر المقاصد
فإن أنا ذللت القريض ورضته
وألبسته زاهي الحلى والمجاسد
ففخري بشعري عائد لك إنه
يعود لنور الشمس نور الفراقد
وإن تأب إلا عيب شعري ونقده
فما حيلة الدينار في كف ناقد؟
الليل والكواكب
أهذي الدجى أغصان روض وأدواح
عليها النجوم الزهر ورد وتفاح
أم الليل بحر والنجوم لآلئ
أم الليل دن والكواكب أقداح
كأن نجوم الليل ركب سفينة
ملاح لديهم كوكب القطب ملاح
كساعات عمري الأنجم الزهر حولها
من الليل هم مثل همي وأتراح
كأن النجوم الغر خافت تنهدي
فلاح لها من ظلمة الليل أشباح
كأن ظلام الليل تاجر لوعة
ودر دموعي للتجارة أرباح •••
يقولون إن الليل للوجد ساتر
فما لك يا ليلي لوجدي فضاح
كأن بعيني ليلة غاب بدرها
كواكبها دمع به الجفن سحاح
تحيرت في ليلي وحارت نجومه
فطرفي كطرف النجم للفجر لماح
وهيهات يذكي الفجر فحمة ليلتي
وليس لإمساء الصبابة إصباح
وبات يشد السهد دهما من الدجى
علي وفيهن الكواكب أوضاح
وساءلت وهمي والظلام معرس
أليلي إمام العبد أم أنا مزاح؟
أم الليل حلفا في سواد زنوجها
شتاء وهذى الأنجم الزهر سياح
أم الليل نقع والكواكب عسكر
له بصر نحو البسيطة طماح
أم الليل كف الموت في لون فعلها
وفيها ملايين الكواكب أرواح!
وصف الشعر
اليوم للشعر أعياد وأفراح
وللأغاريد طاسات وأقداح
فهاتها من سلاف الشعر صافية
لا الريق يعدلها عندي ولا الراح
من كل كأس صقال اللب ضاحكها
كأنها في مجاري السمع مصباح
سلطانة النور يبدو فوق مفرقها
تاج للؤلؤ تاج الراح فضاح
الشمس من عشقها أحشاؤها استعرت
والبدر لاح على خديه أتراح
والفجر مجروح لحظ من لواحظها
كأنه السيف مصقول وجراح •••
يا ربة الشعر يا من في أناملها
لكل باب من الإصلاح مفتاح
فكي طلاسم مصر إنها سحرت
فالناس فيها تماثيل وأشباح
بكل خالدة في الطرس تحسبها
دهرا يدور فإمساء وإصباح
وكل بيت له في الأرض مضطرب
شبهته بقطار فيه سياح
وكل شطرين كالعرسين ضمهما
عهد الصليب ووجه العشق وضاح
تلك المدام مدام الشعر ما بعدت
كم للندامى بها رشد وإصلاح
من كان متن جواد الدهر مركبه
فليحذر الدهر إن الدهر جماح •••
يا حادي الوصف حسن الشعر أعجزني
والشعر في كفه الأوصاف رجاح
فغن لي كل معنى فوق شطرته
كأنه بلبل في الروض صداح
يا معهد الشعر غنت فيك شادية
من الصبا وبكى يسقيك ملحاح
حتى تبيت عميم النور تضحك عن
آياتك البيد والآكام والساح
ظللي يا سحب
ظللي يا سحب هذي الربا
فشعاع الشمس فيها استعر
وابعثي يا شمس هذا اللظى
ينشد الرحمة عند القمر
وأعر يا جو هذا الجوى
نفحة من نفحات السحر
أغفت الريح فهب الثرى
يتمشى في عيون البشر
وتلا فينا بعوض الوبا
خطبة في لذعات الإبر
بلدة لم يتخذها حمى
غير ملق نفسه في خطر
أنا منها حذر مشفق
ليت شعري هل يفيد الحذر
وسأنأى اليوم عن وهجها
لن ترى لي في ثراها أثر
فهي لولا البحر جار لها
لوسمت وصفها بالعبر
هي في شاطئه جيفة
قذف الموج بها وانحدر
يرتمي شاطئه بالقذى
واستقرت في حشاه الدرر
أيها الأحمر بل أخضر
أنت، لكن لقب واشتهر
لك في تلك البلاد يد
لونها فوق رءوس الشجر
أيها المبدع
صدحات البلبل الغرد
أثلجت من لينها كبدي
وبكى قلبي لها فرحا
وأخو الأشجان في رغد
لحظة الشاعر خالدة
لا يقاس العيش بالعدد
أيها المبدع من طرب
شدوه لاصحت من كمد
أنت في الأفنان مبتعد
عن صروف الهم والنكد
وأنا في الروض مختبئ
بين روح الصفو والجسد
وثنايا البرق ضاحكة
وقدود البان في أود
وفتاة الأفق من سحب
لبست درعا من الزرد
حين مد الزهر لبته
لعقود في يد البرد
زبلن
طيرته الرياح والبنزين
فهو قصر محلق (زبلين)
أنجم الكهرباء فيه تراءت
ساطعات تعشو لهن العيون
فلك سار بالكواكب لا فل
ك تباهي الورى بها برلين
فلان
أمرسي سأحمدها حجة
لبست بها الشرف الأكبرا
وأنك جئت بها مقبلا
وأدبر فيها الذي أدبرا
أكان «فلان» كردم علي
ك فلما أزيل رآك الورى
أكان كحمل ثقيل فلما
تزحزح عنك طلعت الذرا
فلو قابل المشتري وجهه
وقد أظلم الليل ما نورا
ولو أعطي الحكم في دهره
لعذب بالماء نار القرى
مهرجان الغروب
آخر الشمس أول المهرجان
يا سماء اكتسي خدود الغواني
شفق يفتن الشقائق في الرو
ض ويصبي شفاه حور الجنان
عبير الغروب
كأن السحاب الجون والشمس تختفي
دخان عبير أحرقته الملائك
حواشيه من حمر الشعاع كأنها
حواشي رداء حاك بالتبر حائك
الخرطوم
بعد الفتح
الأرض تشقى بالرجال وتسعد
والناس تبلى والمآثر تخلد
ولقد أرى الخرطوم من أجداثها
هبت فنجم حياتها يتوقد
رفع الإله بها قصورا شيدت
للعدل سار على سناها الفرقد
والبان يرقص والنسيم مصفق
والورد يضحك والطيور تغرد
حتى نسيت الخيل يوم طرادها
والبيض تبرق والمدافع ترعد
والنيل من ماء الرقاب كأنه
ذوب اللجين هريق فيه العسجد
في السباق
ويوم سباق الخيل جلت بهيكل
يروقك في لون وحسن شيات
كأنك قد ألبسته ورد روضة
وجللته من زاهر الوجنات
أمر به بين الجموع محاذرا
أعوذه من صائب النظرات
فلما عدا بز الجياد مضمر
بعيد المرامي صادق الوثبات
أقول لمهري والعتاق وراءه
تلاحقن في الخذلان مندحرات
أبوك صديقي عاش تحتي حقبة
أقيه بنفسي مرهفات عداتي
يا بلبل
إيه يا بلبل ذب واستعر
واشك للروض وبح للزهر
أنت مشتاق لإلف غرد
ناعم الريش أنيق عطر
كنتما الآن معا في فنن
فاختفى بين غصون الشجر
راتعا بين ظلال وشذى
راشفا ريق الندى والثمر
فادعه وابعث إليه في الصبا
صيحة تعجز طوق الوتر
لم ينل «عثمان» منها أربا
في لياليه الحسان الغرر
شفاء الزعيم
اليوم عيد الشعب بورك عيدنا
لبس الجلال به وتاه النيل «سعد» البلاد أبل بعد شكاية
وحسامها قد سل وهو صقيل
والبدر أشرق من متون غمامة
متألقا لا نال منه أفول
فالأفق مصقول الجوانب مذهب
والجو يقطر رقة ويسيل
نبأ شفى غيظ البلاد فوجهها
متهلل بعد العبوس جميل
عبق الربيع
عبق الربيع وأينعت جناته
وجلت لنا أفراحنا مرآته
لله وادينا وطيب نسيمه
وترابه وسماؤه وسماته
يا من يكذب بالنشور بلادنا
هذي مثال الخلد أو هي ذاته
والنيل نهر الكوثر العذب الذي
جاءت لنا في المنزلات صفاته
الباب الثالث
في الفخر والحماس
أولئك آبائي
هو اليأس لولا همة تتسعر
وصبر إذا استصرخته الخطب يدبر
وقلب ذكي بين جنبي باسل
كأن بصدري حل منه غضنفر
تضيء لي الظلماء شمس عزيمتي
فجنح الدجى صبح بعيني مسفر
ويحسبني الليل البهيم هلاله
فيرفع من أذياله ويشمر
كأن نجوم الليل بعض مقاصدي
وصدري لها الأفلاك بل هن أصغر
سأطلب أقصى كل مجد ورفعة
وذاك بنفس تأنف الضيم أجدر
أيقعد بي جرمي الصغير عن العلا
ولي كل شيء في الوجود مسخر
ألست ابن من سادوا وشادوا ممالكا
فأعلوا وأبلوا في الزمان وأثروا
أكفهم في كل روع صواعق
وفي كل محل غاديات تفجر
وليس لتاج لم يزينوه بهجة
ولا لحسام لم يسلوه جوهر
أولئك آبائي بمجدي ومجدهم
على رغم أنف الدهر أزهى وأفخر •••
حرام علينا أن ننام عن العلا
وأبصارها ترنو إلينا وتنظر
وأن نهجر العز الذي كان إلفنا
وأحشاؤه من عشقنا تتفطر
وأن نهدم المجد الذي طال سمكه
على أنه بالنيرات مسور
يأسي أمل
راعها أني غدا مرتحل
فتبارى دمعها ينهمل
إن تكن خافت علي مثلي السرى
فهي من حد حسامي أجهل
رب ليل آنسته وحدتي
فتدجى ستره المنسدل
وظلام سامرتني شهبه
فتمنت أنها لا تأفل
رب ليث غره في غيله
أنه ليث وأني رجل
إن يطل نابك يا ليث الشرى
فحسامي في يميني أطول
زدت في جسمك عني بسطة
إنما أعقل ما لا تعقل
فجزاه الموت عني صيده
وخلا منه العرين المشبل
هو في الغابة ليث غالب
وأنا ليث وغابي الأسل
فإذا ما قوضت خيم الدجى
وأظل الصافنات القسطل
وإذا ما صدئت عين الضحى
وجلاها بالصفاح الجحفل
فهناك الأسد مني تستحي
وهناك الجن مني توجل
رب أعداء رماهم حتفهم
بي فلما أبصروني أجفلوا
رب بحر من نجيع خضته
زاخر أمواجه تقتتل
ليس لي من مقتل في حومة
مقلة العنقاء فيها مقتل
كم تلا في الروع سيفي خطبة
والمنايا جمعها محتفل
كم وطئت النحس في معمعة
داس خد البدر فيها زحل
فاعلمي أني محب للعلا
واعذليني إن شفاك العذل
واذرفي دمعك أو لا تذرفي
جف دمعي وتقضى الغزل
لست ممن ينثني عن عزمه
أن رنا يدمع طرف أكحل
كم مهاة صد عنها ناظري
وهي خود كشحها منجدل
لست أرضى كأس خمر موردا
ورد كأس الموت منها أفضل
خف لي حمل كمي دارع
بيد كأس عليها تثقل
هكذا علمني المجد أبي
وشيوخ إن يقولوا يفعلوا
إن أغاروا في عدو أثخنوا
وإذا أسدوا نوالا أجزلوا
إيه يا نفسي في حب العلا
حملي جسمي ما لا يحمل
أنا لا ييئسني هجر العلا
هجرها وصل ويأسي أمل
مجدي في المعامع
ببيض الهند والسمر العوالي
غرامي لا بربات الحجال
وأفدي يوم أقتحم المنايا
بآمالي وإن عظمت ومالي
ففي صهوات ذات الركض عزي
ومجدي في المعامع والقتال
غذيت بدرها وخلقت منها
وفيها نشأتي ولها مآلي
فكيف أصد نفسي عن هواها
وألهو بالغزالة والغزال
تركت الغانيات لمن توانى
وبت أجد في طلب المعالي
وقائلة غداة أشد رحلي
رويدك ما أشدك للرحال
أتفتأ بالهواجر مستهاما
وتهجر برد هاتيك الظلال
وتقتحم الظلام ولا أنيس
سوى زرق الأسنة والنصال
ويغشى ما تؤمله صروف
تقصر من مساعيك الطوال
إلام تبيع نفسك بالأماني
وقدر النفس لو فكرت غالي
تجشمها المعاطب كل يوم
وتطمعها بإدراك المحال
فقلت لها فديتك لا تلومي
أليس مصير عزمي للزوال
أتخشين الظلام على همام
أقل مراده صعب المنال
فليتك تنظرين غرار سيفي
وقد وثب الرعال على الرعال
ترين دما يفيض وسائلات
كريمات من المهج الغوالي
وليتك تشهدين سنان رمحي
إذا طاعنت أبطال النزال
أرد عليه أشتات المنايا
وأنظم فيه أفئدة الرجال
هبيني قد قضيت وخبأتني
سوافي الريح في كبد الرمال
فكم وارى الثرى قبلي كريما
وكم ثكلت كوالدتي مثالي
سأقدح زند جدي في الدياجي
وأضرب في المهامه والجبال
وأوقف في سبيل المجد نفسا
تمنى مثلها أسد الدحال
وألقى كل حادثة بعزم
تزعزع منه أفئدة الليالي
فإن أنل الذي أرجو فمثلي
جدير أن يبيت مع الهلال
وما همي بكدحي جمع مال
فكم فرقت من نشب ومال
وهمي أن أموت على جوادي
وقد أوطأته تاج الجلال
ذو المرهفين
إن رأيا بين الظبا والرقاب
لأصيل موفق للصواب
فسد الناس وارتمت بهم أعرا
قهم في بلاقع وسراب
ففخور وإن تسله بم الفخ
ر يجد في السكوت كل الجواب
وجهول وليس يعرف ما الجه
ل يجر الذيول من إعجاب
يتعامى إذا رآني وينسى
أنه من سلالة من تراب
حسب المجد خاتما من نضار
والمعالي غضارة في ثياب
ليس يدري إذا لمست يديه
أنني قد لمست جرب الكلاب •••
أنا ذو المرهفين قد أشرعا (تو
فيق) ذا للطلى وذا للكتاب
وأبي (أحمد) وجدي إلى أن
يتلاقى بالنيرين انتسابي
كابر بعد كابر بعد ليث
ذي زئير وعارض ذي انسكاب
وقليل عندي الفخار بعظم
قد تعفى والمجد في أثوابي
أنا غيث لكنني غير مكد
وحسام لكنني غير نابي
وجواد والسبق خلف غباري
وهزبر والمجد في أنيابي
أنا دهر والدهر بعض صروفي
أنا بحر والبحر طي عبابي
على قائم الردى
يراعي له حد وسيفي له حد
فلا بات إلا تحت أقدامي المجد
أبعد حداد العارضين على الصبا
تلاعب بي الدنيا ويهزل بي الجد
وراءك يا أيام عن سدرة العلا
فما لي من تخضيد شوكتها بد
لقد علم الأعداء أني ربهم
كما علم الأحباب أني لهم عبد
وإن يهد أهل الفضل نور يراعتي
فكم بسنى سيفي قد اهتدت الجند
أضم يدي منه على قائم الردى
وأثبت رجلي حيث لا تثبت الأسد
اشرب بسمعك
إذا رأيت سطوري وهي باسمة
نسيت حسن ابتسام الخرد الغيد
فاشرب بسمعك من أقداح ساكبها
ماء الفصاحة لا ماء العناقيد
وارقص فإن أنت لم ترقص لها طربا
فالطير يرقصها شدوي وتغريدي
متى تلوح القوافي من مطالعها
ويسلم الشعر من حشو وتعقيد
ويعرف الناس فضل الناس معرفة
عن الروية لا عرفان تقليد
للجود روحي
حرام علي النوم إن نمت جاهلا
وإن بت عن حلي المعارف عاطلا
وعار علي العيش إن لم أكن لمن
يؤملني في النائبات مجاملا
فإن فات كفي ما تجود ببذله
فللجود روحي لست بالروح باخلا
وإني لوصال أخي ومعينه
وإن سار عني في البلاد مراحلا
يبادره سيفي ومالي وإن تكن
فجاج الموامي أسهما ومناصلا
عسكري همتي
أنا في ذروة المحامد ملك
عربي متوج من وقار
همتي عسكري وبأسي عتادي
وجميع البلاد ملكي وداري
ووزيري تعقلي وأناتي
ومضائي قنابلي وبخاري
فاخطبي يا ملوك ودي وخافي
غرب سيفي وطنبي في جواري
السبق عادتنا
على السماكين عزمي غير مفتخر
وهمتي فوق تاج الشمس والقمر
أنا ابن من زلزلوا الدنيا ومن ملكوا ال
دنيا ومن رغبوا عن وردها الكدر
يفاخرون بأن الغرب دارهم
وليس بالغرب من فخر لمفتخر
لن يبلغوا شأونا في المجد ما بلغوا
ولو مشوا فوق هام الأنجم الزهر
إن لم يكن كرسول الله من بشر
فأين هم من أبي بكر ومن عمر؟
سيعلم الغرب أن السبق عادتنا
وأن هذا اللظى من ذلك الشرر
عريان يلمع
إذا اختفى في العجاج الشمس والقمر
فالفجر من حد هذا السيف ينفجر
عضب إذا ما رآه الدهر في رهج
عريان يلمع ولى وهو منذعر
في ذروة المجد
إني لأطلب في الزمان مكانة
تسمو على النظراء والأتراب
وأروم فيه محلة يزهى لها
فضلي وتغبطني بها آدابي
وكذاك كنت إذا جريت لمطلب
سام هديت طلائع الطلاب
لا كنت يوم أكون غير مهذب
سمح الخلائق ماجد الأحساب
راضت مكارم دين أحمد في دمي
أقصى جماح خلائق الأعراب
في ذروة المجد المؤثل منصبي
وعلى جباه المكرمات ترابي
رهج الصدام
أنرت بصارمي رهج الصدام
وفرقت الفوارس في الزحام
وما باليت يوم أجلت مهري
أناج أم مصادفني حمامي
عزم ثاقب
ألا ليت يوم الروع يكشر نابه
ليظهر ما يخفيه حلمي عن الغبي
ويسفر بأسي كله بجلاله
وروعته عن حسنه المتحجب
إذا شئت فاضرب بي الزمان فإنه
سينفذ في هام الحوادث مضربي
وتالله ما أصغرت حظي من العلا
ولي عرش قلب بين جنبي قلب
ولو شئت أصليت الزمان وأهله
شآبيب عزم ثاقب متلهب
وزوجت نفسي المشرفية والقنا
وقلت لها من ذلك الفحل أنجبي
ولكنني سرحت في الأرض ناظري
فهيأت رحلي للنجاء ومركبي
وأطلعت من عزمي على الليل فارسا
فجال على طرف من الصبح أشهب
غنينا بأخلاق
ملامك عيش في المذلة عار
وحسبك أيام الحياة قصار
فما ضاقت الدنيا بحر ولا نبت
بمستقبل وجه المطالب دار
هل العز إلا للمشيع رأيه
بعزم له في الداجيات شرار
ضمنا لك العيش الأنيق وباحة
من اللهو فيها سؤدد وفخار
فلا صحبتني شيمة عربية
إذا ضاق بي ضيف وروع جار
غنينا بأخلاق حسان وأوجه
لها البشر حلي والحياء شعار
وصبر أهاضيب الخطوب حياله
هباء وشم الكارثات بخار
وطنيتي
وطنيتي فوق البروج محلها
تاج السماك بذيلها يتعثر
ويراعتي تعنو السيوف لحكمها
إن رحت أنظم في الطروس وأنثر
ولي الحسام إذا ضربت بحده
جبلا هوى من عزه يتحدر
وإذا انبريت لمنبر فكأنما (ڤيزوف) من عليائه يتفجر
البرمنجهامي
أثار الله نقع الصافنات
وألف بينها بعد الشتات
وأغطش من سنابكها ظلاما
وزينه بنور المرهفات
فقد عافت كنانتها نبالي
وملت طول ركزتها قناتي
وأضحى عضبي البرمنجهامي
به ظمأ لأعناق الكماة
على أن المنية فيه تجري
كجري الماء في ورق النبات
يضج به إذا ما اهتز جيش
من الأرواح مختلف اللغات
أستاذي
أأستاذي ومن ربيت روحي
ومن هذبتني ورفعت شاني
ومن علمتني نظم اللآلي
بسلك عقود أبكار المعاني
تدارك أمة غنت بشعري
فأنساها المثالث والمثاني
لقد ظنوا عصا موسى يراعي
لما أبديت من سحر البيان
جزاك الله عني كل خير
فقد أصغرت في عيني زماني
يا مرجان
أين يا مرجان سيفي وحصاني
أسبق الخيل إلى سوق الطعان
وأثير النقع في الآفاق حتى
يتوارى في دجاه النيران
ويروي الموت مني ناجذيه
أو أروي من دم الضيم سناني
لست أرضى بالذي أمسيت فيه
مات من عاش ليرضى بالهوان
الظبا والمحابر
إن ازدان بالعظم الرميم المفاخر
فما زينتي إلا الظبا والمحابر
على أن لي في مغرس المجد دوحة
تضاحكها شمس العلا وتسامر
ولي فاصلات الرأي في كل منطق
بعيد الصدى ترتج منه المنابر
ويوم الندى أهتز حتى كأنني
حسام بكفي في المعامع باتر
كأن حسامي الروض خضراء أزهرت
وكل عدو روحه فيه طائر
الباب الرابع
في الغزل
الحسن والطهر
لها حليتان الحسن يشجيك والطهر
فكل محب جن فيها له العذر
ولحظ يناغي الروح وحي بيانه
إذا أرسلته قام يرتجز السحر
ولفظ يهش القلب عند سماعه
كما سبح العصفور أنطقه الفجر
يلوح بمرآة الفؤاد خلالها
كما في غدير لاحت الأنجم الزهر
وتحسبني منها قريبا لرقتي
وما بيننا في تيهه ينقضي العمر
فما أنا من يرضي الغرام بقبلة
وإن راح يصبيني بمبسمه البدر
وهل لي إن حق العفاف لويته
بتقوى جمال أو بمكرمة فخر؟ •••
بنفسي التي قد ذبح الترك قومها
وشردها عن دارها الظلم والغدر
قضت أمها واجتاحت الحرب عمها
فكان حماها بعد أسرتها الأسر
وعودها الذل الإسار فما بها
دلال ولا فيها وإن عظمت كبر
وليست وإن غالوا أباها يتيمة
لها من أساها والشجون أب بر
تشفع فيها شركسي فحازها
فيا لك من عصفورة خطف الصقر
وقد زوجت بعد الإسار مذلها
وسيق لها من در أدمعها المهر
سلوا قلبها هل هزه الحب هزة
وهل لليالي عند محنتها فجر
تقول له أهلا إذا جاء مقبلا
وفي قلبها من قبح طلعته ذعر
فيا لتقي شاعر شفه الهوى
بمهجته من برد إيمانه جمر
فلا هو سال عن جمال يروقه
وليس بدان من خلائقه العهر
إلى المطهى يا عاذلة
أنا لا المحب ولا الولوع
كذبت على قلبي الدموع
يا ويح عاذلتي أما
لدبيب غيرتها هجوع
أبدا تعذبني وكل
حديثها خلق رجيع
إن التي تهذي بها
أردانها مسك يضوع
ولحسنها من طهرها
وجلالها حصن منيع
لا وصلها يرجى وإن
يشفع لعاشقها يسوع
وأنا امرؤ لا جاه لي
ولحسنها جاه رفيع
ولها على كبر بها
وترفع لحظ يروع
وفم يذوب حلاوة
ندمان خمرته صريع
لا بالصغير فأشتكي
وجدا ولا النزق الخليع
أنا في خريف العمر جا
وزني لساحتها الربيع
ما للكهولة والهوى
ذهب الشباب ولا رجوع
ماذا يريبك من أخي
نسك يذلله الخشوع
إن الذي أبكي له
لله در أبيك جوع
قومي اصنعي (خيرا) تري
ما ليس يصنعه القنوع
صورة الحبيب الشمسية
إن رأى العاشق طيفا في الكرى
فأنا غير سهادي لا أرى
إنما لي من حبيبي صورة
تفضح الطيف إذا الطيف سرى
صورتها الشمس لي من ظله
فأتت أجمل ممن صورا
لامني الحاسد في ربتها
كذب الحاسد فيها وافترى
قد ذكت ريحا ولانت ملمسا
وسبت لفظا وراعت منظرا
كذب العاذل فيها جاهلا
ثم لما أن رآها كبرا
قال لما أن رأى صورتها
ملكا قد صوروا أم بشرا
فانظري يا صورة المحبوب هل
جف من مرآك دمعي أم جرى؟
إنه يقنعني أن تنظري
لي ولا يقنعني أن أنظرا
بدلوني عرضا من جوهر
وحبوني بعد عين أثرا •••
خضرة الظلماء فردوس الهوى
فجرى يا عين فيها كوثرا
واسهري يا صورة الليل معي
إنه لا بد لي أن أسهرا
لا تملي طول ليلي واصبري
للدجى إن الدجى لن تصبرا
كلما جنح من الليل مضى
قلت إن الليل ولى مدبرا
سامريني لا تظني مدمعي
فلكا والدمع فجرا أحمرا
أذكرتني ليلة البين وقد
كان يوم البين يوما أغبرا
ليلة بات بها عذب اللمى
علقما والدمع أمسى سكرا
لم يكد يبدو لنا من عجل
ملك الظلماء حتى استترا
شاب فود الليل فيها يافعا
إذ رأى الصبح يقود العسكرا
جاذبتني السيف ثم انتحبت
عندما مزجي قطاري صفرا
قالت العهد الذي ما بيننا
لا أراه غير مشدود العرا
قلت والقلب الذي غادرته
هو ملك لك حق لا مرا
وجرى لي دمعها منحدرا
فجرى دمعي لها منحدرا
وتفرقنا على هذا الأسى
فبكى من رحمة من حضرا
لا يضيرها
فإن تقضها يا رب لي تكس نعمة
ترق حواشيها ويصفو نميرها
وماذا عليها لو أثابت بقبلة
وذلك لولا طهرها لا يضيرها
يا رب
فيا رب إن تنعم علي بحسنها
أنبت فلا تلقاني الدهر عاصيا
ويا رب إن تسعد حياتي بقربها
شكرت فلا ألفى مدى العمر شاكيا
ويا رب إن تمنن علي فإنني
قضيت سنينا عاثر الحظ باكيا
ذللت لحظي
ذللت لحظي بعد طول إبائه
نفسي فداؤك من مليح مفرد
أسرفت في نظري إليك وأسرفت
في الحسن آية خدك المتوقد
ما زال نسكي في هواك يخونني
حتى نسيت شهادة المتشهد
بروج الشهب
قصر بروج الشهب من أبراجه
أدنى لعين الناظر المبهور
وإذا أطل الغيد من شرفاته
أقسمت ما طالعت غير الحور
لولا الخيال
لما ضرعت لقبلة وتورعا
وسألت قلبي سلوة وتصدعا
واعتادني كمدي القديم فعاقني
عمن ولعت به ليالي أربعا
لولا خيال منك لازم مضجعي
إن قمت قام وإن قعدت تربعا
بذل الذي ضن الحبيب ببذله
لما غفت عيني فسر وأمتعا
لسحبت للفردوس ذيل مخفف
عقد العزيمة أنه ليس يرجعا
نور فوق نور
الجد إلا فيك لعب
والعمر إلا لك نهب
والعز إلا بك ذل
والسهل إلا فيك صعب
وأنت نور فوق نور
دونه ستر وحجب
لا مثل ذاتك في الذوا
ت ولا كحبي لك حب
حببتك
حببتك لا أرجو وصالا ولا أرى
من الحب بدا إن ذا لعجيب
فيا لك من تركية قد هذى بها
فتى عربي اللفظ عنك غريب
إذا ما شكت لي حبها لا أجيبها
ولا هي إن أشك الغرام تجيب
سوى أن قلبينا إذا ما تناجيا
على الصمت فالمعنى البعيد قريب
لنا عفة في الحب لا يتقى لها
عذول ولا فيها يخاف رقيب
هذب طبعي
فيا رب إن أصبحت ناديت باسمها
وأذكرها إن أغفت العين حالما
وأنت الذي زينتها ومنحتها
من الحسن ما قد غادر اللب هائما
ويا رب إن تعط الجمال لشاعر
يصنه كما أسمعت قولك فاهما
وإن لم أكن يا رب بعد مهذبا
فهذب بها طبعي وصف المكارما
أشهى الأماني
يا ليلة صبحها وقف على السفر
هل تستطيعين أن تبقي مدى العمر
أشهى أماني أن تبقى وإن مزجت
فيها الحوادث صفو العيش بالكدر
ما تلك بالليلة الميمون طالعها
وإن أضاء دجاها فاضح القمر
قد بات قلبي حذار البين في لهب
وناظري من غزير الدمع في مطر
حسبي
لا أبتغي «دتة» من مال والدها
فدتة العلم والآداب تكفيني
ولا أروم حريرا من منازلها
حسبي الذي في نواحيها من اللين
وإن يروني إلى الإسلام منتسبا
فليس يمنعني من عشقهم ديني
لا ألوم الحبيب
لا ألوم الحبيب في الصد إني
طائع والملام خدن الخلاف
لو رآني الجميل أهواه حقا
لرثا لي وجاد لي بانعطاف
لست أرمي الذي أحب بظلم
هو والله كامل الأوصاف
ما صدقت الهوى وقد نمت ليلي
أينام المحب نوم الضعاف
لو عشقنا هذا الجمال لهمنا
في الفيافي ونائيات الشعاف
وأكلنا من لحمنا وشربنا
من ينابيع دمعنا الذراف
ولجئناه زائرين ولو بت
نا إليه نمشي على الأسياف
إن دعوى الهوى تزيد ولكن
قل بين الورى محب وافي
رضع الحسن
أنا أولى بعشقه وهو أولى
من سواه بكل هذا الجمال
أنا في حبه عليه عزيز
يالذل الوشاة والعذال
إن قضى الله بالصدود لغيري
لا قضى لي منه بغير الوصال
أنا غال عليه في القرب منه
وهو عندي في القرب والبعد غالي
وهو عندي من أجمل الناس وجها
وأنا عنده جميل الخصال
فتراه عيناي شمس جمال
وتراني عيناه بدر كمال
رضع الحسن في مهاد صباه
وأنا قد رضعت ضرع المعالي
لي آية
إني احتسبت التقى فيما بليت به
من الغرام والاستغفار في السحر
أصبحت أقرأ من آي الهوى سورا
بخده غير ما حذرت في السور
إني لداع إلى دين الغرام فمن
يؤمن فناج ومن يكفر ففي سقر
لي آية جئتكم من نور غرته
بكل مزر بنور الشمس والقمر
اسمحي
أنت يا باردة الري
يق ويا غيظ الملاح
نهلة من فيك تأسو
ما بقلبي من جراح
فاسمحي لا يدخل ال
جنة إلا ذو سماح
لا تخافي الله في إط
فاء ناري وصلاحي
ما علي من يبعث المي
ت حيا من جناح
غالية المعاني
ذكراك غالية المعاني
وسناك لؤلؤة البيان
وأخوك من رحم الهوى
ذو نشوة شجت الأغاني
ما عذر صبك شاديا
غير المثالث والمثاني
ويرى سماءك أزلفت
ويريح رائحة الجنان
جلت صفاته
يا حبذا وهي تقسو في معاملتي
لو كان يتبع هذا الحسن إحسان
إن كان لا بد من وصف لقامتها
فليس يغني الوشيج اهتز والبان
لا يثمر الشمس والبدر التمام معا
خوط من البان فينان وريان
جلت صفاتك أن تحكى ممثلة
أو أن تحيط بمعنى منك أذهان
إيهام
غلام سأشرب في غير حا
نك إن كنت خلت فؤادي غبيا
أتسكب من خدك النور في ال
كأس توهمني أن فيها حميا
أعد يا وصل
أعد يا وصل ليلة أسكرتني
محاسنها وأسكرها بياني
تميل علي بالدل الحجازي
وقد غردت بالغزل اليماني
ومن لثم على الثغرين آنا
إلى دمع على الخدين قان
أغراني المشيب
شربت الدمع فيك وما رواني
وذقت من الهوى مر الهوان
وأنفقت الشبيبة في التصابي
وكنت أخال ذلك قد كفاني
وقلت الشيب يزجرني وينهى
فأغراني المشيب وما نهاني
وما أن شبت من كبر ولكن
أعاني من دلالك ما أعاني •••
بنفسي أنت من ملك كريم
هبطت الأرض من عليا الجنان
ولم تهبط لتفتننا ولكن
مخافة فتنة الحور الحسان
ويوم مزجت للتوديع دمعي
بكأس من مراشفه سقاني
أعانقه فأمزجه بنفسي
ويسعدني النحول فلا يراني
فلولا خفت تغرقه دموعي
لما اخترت البعاد على التداني!
رسالة دمع
يخيل لي أن الدجى قلب كافر
وأن كرى عيني تقوى وإيمان
وأن الهوى ليل ووجدي نجومه
وأهل الهوى في ذلك الليل ركبان
كأن النوى تاج على مفرق الهوى
يرصعه من دمع عيني عقيان
فيا أيها البدر المنير رسالة
تبلغها إن كان عندك كتمان
رسالة دمع من شجي تراقصت
بأشواقه في جنة الوجد أغصان
فبلغ لها دمعي وقبل بساطها
فإنك عبد والمبلغ سلطان
وحسبك فخرا أن ثغرك عندما
يقبل نعليها يضيء ويزدان
الراقصات
من يا رفاق رأى معي
سرب الظباء الرتع
الكاسيات من الجما
ل العاريات الأذرع
الناعمات الباكيا
ت من الدلال بأدمع
والراقصات خلاعة
برشاقة وتمنع
وقلوبنا وجدا به
ن رقصن بين الأضلع
إن مت لا تبكوا عل
ي بحسرة وتفجع
فأنا رضيت صبابة
في عشقهن بمصرعي
حي البخيلة
حي البخيلة ما أطفت بدارها
واغسل بدمعك من «سمنت» جدارها
واعطف على ساحاتها وربوعها
عطف الغصون حنت على أثمارها
واجن الهناء الحلو من جناتها
ورد الصفاء العذب من أنهارها
واحمل تغضبها الحياة وعتبها
وكفاك ما أفشيت من أسرارها
غلب الغرام فبحت غير مخير
وجبنت لا أقوى على أسرارها
وأنا الذي - وهي التي - لولا الهوى
ما مت وهي تنوح في أشعارها
صيغة من الدر
بأبي من كلما عا
رضته قال «سكات»
صيغة من در فيه
أعجزت طوق النحاة
حلوة كالسكر المعر
روف في مصر نباتي
لست أنسى فمه
يلفظها طول حياتي
عوفيت
من للمشوق جرى الغرام بدمعه
والمستهام هفا السقام بلبه
ما كنت أحسب للخطوب حسابها
قبل ابتلائي بالصدود وخطبه
إن الذي جرعته من بعده
أضعاف ما هنئته في قربه
يا ذا الحمى النائي علي رحابه
من لي بتعفير الخدود بتربه
عوفيت من حلو الغرام ومره
وسلمت من سلم الهيام وحربه
لا براح
ما لي سوى ذلي ودم
عي حين تعتب من سلاح
وإذا غضبت فإن صد
ري للهيب وللجراح
فإذا صدعت وإن صرع
ت فلا ملام ولا جناح
وإذا رضيت فكل أم
ري للسرور وللصلاح
فإذا شدوت وإن زهو
ت فكل محظور مباح
وأنا على الحالين عب
دك لا فكاك ولا براح
لا تذرف الدمع
لا تذرف الدمع تعليلا وتمويها
إن الدموع تسري هم مجريها
لا يحسن العشق إلا كل مصطبر
على لواعج في الأحشاء يخفيها
الدنيا مجاملة
صلي محبك فالدنيا مجاملة
حبال عان غزير الدمع أواه
غضيضة الطرف مصقول عوارضها
أزداد فيها جنونا ما نهى الناهي
لو خيروني بين الحور حالية
وبينها عاطلا ما اخترت إلا هي
الحب شرفني
قربت فسر جمالها نظري
ونأت فآنس ذكرها قلبي
من كان يشكو حب ناعمة
أنا شاكر في البعد والقرب
الحب شرفني وهذبني
والحسن قربني إلى ربي
عهد ذميم
قربت وليت القرب منك يدوم
وبنت وعهد البين فيك ذميم
كأنك بدر في سماء محبتي
تنير وباقي من أحب نجوم
التقي المستهام
في الله ما يلقى التق
ي المستهام من العيون
من مضرمات النار من
رسل القضاء من المنون
روح ترف على الجما
ل رفيف نادية الغصون
ودم تحرق بين خو
ف الله ربي والفتون
وتهيم نفسي بالمحا
سن والبدائع والفنون
ولقد أطلعت الله إلا
نظرة هاجت شجوني
غلبت بها نفسي قوى
روحي وعزتني جفوني
أعطيت صبرا
الله قدر أن الوجد يقتلني
إن غبت عني وأن القرب يحييني
أعطيت صبرا وما لي عنك مصطبر
فليت أن الذي أعطاك يعطيني
الحب أنساني الدنيا وقيمتها
فالموت يضحكني والهجر يبكيني
متى
أما كفى البعد حتى تمنع الكتبا
متى ترى لي حقا عندها وجبا
إني أرى سببا للبعد أعرفه
ولا أرى لتمادي هجرها سببا
ولو كتبت لها الأشواق أيسرها
تأجج الحبر والقرطاس والتهبا
لا تصدق
لا تصدق فداك كل الأنام
في قول الوشاة واللوام
إن عهدي في عشق ذاتك عهدي
وذمامي وإن جفوت ذمامي
لو أفاد الحمام منك وصالا
لركبت الردى بغير لجام
أنا في جنة الهيام غريق
من دموعي في كوثر من مدام
وشقائي من الجمال نعيمي
وشفائي من الغرام سقامي
فيك لولا الدموع يطفئن ناري
لحت في الجو شعلة من ضرام
سجية النفس
يظن بي العذال ما يضمرونه
من الرجس أن طالعت بدرا منعما
وإني وإن أرخيت للعين حبلها
لأمنع قلبي أن يسر المحرما
سجية نفس تقدر الحسن قدره
وشيمة قلب ما أعف وأكرما
مجمع المحاسن
أنا بالمحاسن والجمال أهيم
وبمهجتي حلو الدلال وسيم
ورد نسيم ياسمين خمرة
تفاحة غصن حلال ريم
ذكرى إحسان
طال لهفي
يا رشيق القد
يا جيد الغزال
يا ابن خالي
كيف «لطفي»؟
هل رأى بين
الدراري والهلال
كجمالي
أو كوصفي؟
كدت من وجدي
إلى «المكس» أطير
لاشتياقي
لست أخفي
ما له في عالم
الظرف نظير
والخلاق
غير ظرفي
ليس للشمس
وإن جل سناها
كسناه
راع طرفي
وإذا أبلغ
نفسي مشتهاها
من رضاه
ماس عطفي
طال في بعدك
شوقي وعنائي
يا حبيبي
جد بحرف
إن يكن هذا
من الحب جزائي
ونصيبي
طال لهفي
لا تعذلوه
أجيراننا بالأمس كيف رضيعكم
وقد عاد في «إحسان» صبا متيما
ولا تعجبوا من عشق «لطفي» لحسنها
فقد زادها الرحمن لطفا وتمما
ولا تعذلوه في الهوى إنه «فتى»
رأى في الهوى عزا وفخرا فأقدما
ولست أرى في الحب عارا على امرئ
إذا ازداد فيه عفة وتكرما
يا لهفي
أجيراننا بالأمس كيف صغيركم
فقد أصبحت إحسان أوحشها لطفي
تشير إليه وهي نشوى من الجوى
بأشنب موقوف على اللثم والرشف
وتؤثر في تغريدها النطق باسمه
فتجتاز حرفا ثم تعثر في حرف
تحاول يا لطفي ويقصر لفظها
فتخرجه من ثغرها العذب «يا لهفي»
فإن ترجعوه «للفتاة» يعودها
فقد ترجع الأيام إلفا إلى إلف
وإن تخطبوها للغلام فإنه
يكافئها في خفة الروح والظرف
تشاطرك الهوى
أفق لطفي فإحسان نعيم
وبدر دجى وشمس ضحى وريم
وراح لا تدار بكف ساق
ولا يدعى لجلوتها نديم
تشاطرك الهوى وإليك ترنو
بطرف لا ينام ولا ينيم
لها نسب تغار الشمس منه
وتقصر عن مطالعه النجوم
وأخلاق كما تهوى المعالي
يتوج حسنها خلق وسيم
وأرضعها لبان المجد أم
كريمة محتد وأب حكيم
وهام بحبها لطفي ومن ذا
يرى هذا الجمال ولا يهيم
ترنيم الأوتار
تقديم
يقولون من تلك التي قد أحبها
ومصر لعمري جنة وحرير
إذا انساب في أرجائها النيل أينعت
فيرتد عنها الطرف وهو حسير
سهول كما يرضى الثراء خصيبة
وملك كما شاء النعيم كبير
الباب الأول
في الغزل
أسفري
أنوار وجهك تسطع
فعلام هذا البرقع
الزهر غير منقب
والروض لا تتقنع
الله أكبر كيف أبد
ع ناظريك المبدع
الحسن فيك مفرق
والحسن فيك مجمع
والبدر يسجد في التما
م لوجنتيك ويخشع
لا تبسمي أنا ظامئ
وبروق ثغرك تخدع
ولماك إكسير الخلو
د من المجرة أمنع
يا ويح قلبي كم يذو
ب أسى وكم يتقطع
هل تذكرين زمان نلهو
في الرياض ونرتع
أيام يشفع في غوا
يتنا الصبا ويشفع
بالله ترجع تلكم الأي
ام أم لا ترجع؟
ويعود ذياك الحمى
وتعود تلك الأربع
آه لأحلام الصبا
وتلهف وتفجع
كبدي للذات الصبا
وقد انقضت يتمزع
لجج الأنوار
من لي به لا الشمس من نظرائه
حسنا ولا الأقمار من أكفائه
فوق الصفات جماله وبهاؤه
فاعجب لفرط جماله وبهائه
ملأ الزمان علي نورا وجهه
فصباح عشقي فيه مثل مسائه
وأرى جمال الورد طيف جماله
وصفاء لون الدر ظل صفائه
فإذا رآه الورد عاتب لونه
وإذا رآه الدر غص بمائه
الطير فيه مساعدي بحنينه
والغيث فيه معاوني ببكائه
قال اللوائم قد أذلك حبه
وأضل قلبك في ظلام بلائه
ما أنصف اللوام لو ضلوا السرى
ورأوا فؤادي لاهتدوا بضيائه
قلب بدور الحسن ساطعة به
والشمس تشرق من بروج سمائه
ولديه من ملك الجمال عساكر
كالشهب تلمع في دجى سودائه
من كل ذي لحظ كسيف منتضى
في كفه ومضاؤه كمضائه
هذا على كبد المحب بحسنه
يسطو وذاك يخوض في أحشائه
من كل لابس نوره فإذا مشى
ليلا أضاء الليل فضل ردائه
لجج على لجج يزيد بهاءها
حسنا خلو الجو من رقبائه
سامحت دهري
أنت ياعرفان لا تعرف
هما ضاف صدري
منذ ما شرفت داري
زائرا فازداد قدري
كان ذاك اللطف منكم
لست أنسى منذ شهر
إذ تجلى حين حيا
عن سنا شمس وبدر
وتهادى عن رطيب
مثمر الأفنان نضر
عارضا من وجنتيه
طاقتي ورد وزهر
يختم الياقوت من فيه
علي شهد ودر
ويدير الكأس من لحظ
يه من خمر وسحر
وجهه للروض أهدى
روض تفاح وعطر
أنا من شوق إلى عينيه
في بأس وخسر
ومن الوحشة بعد الأن
س في غم وشر
روضتي قد أصبحت
من بعده ناري وجمري
ينطفي فيها سراجي
ليت بدر التم يدري
يتبارى تحتها النيلا
ن من دمع ونهر
أنا لا أجحد نعمى الله
في سري وجهري
وله أشكر في الحالي
ن من يسر وعسر
أكثر الناس احتمالا
بل يغيظ الخطب صبري
إنما شوقي لعينيه س
قاني كل مر
هكذا الأيام يا عرفا
ن لا تصفو لحر
رب «غال» ليس تغلو
أدمعي فيه وعمري
ولقد تصبح «أغلى»
أنت لو تكتم سري •••
ليس لي سر سوى التق
وى فلا يغررك شعري
أطهر الناس ولا فخر
وفوق المسك طهري
ربما أدنت كعاب
ثغرها عشقا لثغري
فتناءيت وعند الحو
ر يوم الدين أجرى
ولو اني لم أرعها
قام عند الحسن عذري •••
إنما للشعر عندي
قيمة بالدر تزري
وبديع الحسن يوحي
معجزا منه لفكري
فلهذا أستحل اللحظ
من شفع ووتر
وعسى من ينطق البلب
ل أن يغفر وزري
كلما فكرت في زو
رتكم سامحت دهري
تعالى الله
تعالى الله مبدع ناظريها
لك اللهم قلبي أنابا
إذا سفرت تغار الشمس حتى
تمنى لو تكون لها نقابا
وفرع فاحم لو أن ليلا
بلا شهب مشى فيه لغابا
وجاء الفجر وجنتها عديما
فألقت في أنامله خضابا
وكيف تضن وجنتها بحسن
وقد حازته نهبا واستلابا •••
صديت لوصلها وشرقت لكن
سأصبر علني أرد السرابا
وكل مرارة في الحب تحلو
إذا لم تلق نأيا واجتنايا
تسائلني وقد شهدت دموعا
على خدي تنسكب انسكابا
لما يبكي فتى شهد المنايا
وأورد ماء لبته الحرابا
قد استمطرت بالوجنات جفني
كما تستمطر الروض السحابا
مغلوبة لا تكابر
أين السهام أريشت
من نبل تلك المحاجر
والمرهفات المواضي
قد جردتها العساكر «والمتريوز» أديرت
في الروع والموت حاضر
وقبل لحظك ما إن
صادت ليوثا جآذر
ولا استخف بحلم
كأس ولا سحر ساحر
الشمس عند سناها
مغلوبة لا تكابر
والبدر في التم كاب
خجلان خاف وظاهر
وخدها يفتديه
تفاح لبنان ناضر
والفل ذاك وناد
والورد زاه وعاطر
وأين «ويسكي» و«بيرا»
و«الجن» في الدن ثائر
من ذلك الثغر حال
قد كللته الجواهر
لذا عذولي أضحى
في حبها لي عاذر
ذكرى الصبا
نقلت عن جمالها الأخبار
فروت عن مدامعي الأمطار
ربما هاجت المسامع للقل
ب أسى لا تهيجه الأبصار
رحن عنها كراهبات النصارى
خاشعات دموعهن غزار
يتساءلن أي شمس تخفت
في مغيبين برقع وإزار
قلن وجه النبي يوسف لولا
أنه ما بعارضيها العذار
قلن في وجهها من الحسن نور
قلت في أضلعي من العشق نور •••
قد تعامى هادي الدجى وأراني
كلما حارت النجوم أحار
يا سميري من غرام وشعر
لا تناما إن هوم السمار
قد أقامت أفراحها الأسحار
وأدارت أوتارها الأطيار
وبكت قينة الحمام وغنت
وتثنت في السندس الأشجار
والظلام الدنان والأنجم الزه
ر الزجاجات والنسيم العقار
أيها المولعون بالشعر هبوا
إن نوم المفكرين غرار
أيها المدعون عشقا أفيقوا
إنما ليلة المحب نهار
هذه ليلة تغيب عنها
بدرها واختفت بها الأسرار
أذكرتني لياليا قد تقضت
ما تقضت من بعدها أوطار
حيث كان الصبا شفيعي إلى الله
و وكانت معاهد العلم دار
يترامى علي إن رحت خمس
ناعمات كواعب أبكار
أيقظتني ليلا وقالت تعلم
أن نوم المحب لا نمت عار
قلت إن المعلمين نهوني
عن سهادي لما بدا بي اصفرار
قالت اعص المعلمين فإني
لست أرضى بما عليك أشاروا
أنت عبدي فلا تخالف فتندم
لي وحدي بنفسك الاختيار
قلت عبد نعم كما شاء حبي
ليس في دولة الهوى أحرار
هكذا كانت الأوانس دهرا
فتخلت مني ومنها الديار
واستجدت من بعدهن ليال
جد منها في عارضي اخضرار
وإذا الخيل بالفوارس تعدو
ورحا الحرب في الحدود تدار
فتقدمت للحروب لعلمي
أن فيها للباسلين الفخار
فإذا الجد قد تأخر والحر
ب تولت وانجاب عنها الغبار
وغدت حسرتي ضنى فتأخر
ت وجد الرفاق عني وساروا
إن تأخرت فالجواد كريم
إنما مسلك الجواد عثار
لو بلوني ومن تقدم في الرو
ع لأربت على العتاق المهار
ظن خيرا
أشجوك ذا تشفيه أدمعك الحمر
فيمحى كما يمحو دجى الظلمة الفجر
أم الشجو ليل أنت فيه ودمعك ال
حثيث الدواعي هذه الأنجم الزهر
خوافق فيه ما يغبن كأنه
فؤاد جبان ريع وهي به ذعر
أم الدار لما غاب عنك أنيسها
ذكرت لياليها فلج بك الذكر
وبت تباري كل غيث بوابل
من الدمع هتان بوادره بحر •••
ألا رب ذكر للغواية والصبا
يفرج عني ما يضيق به الصدر
وليلة لاحت لي من الدهر نهزة
ولم يك عني غافلا ذلك الدهر
فزعت إلى خلي صفاء وشادن
غرير وإبريقين «لا زكت الخمر»
وبتنا نعاطيها نفوسا أبية
خليق بها إلا عن الكرم الصبر
عرانينها شم عزاز صحابها
إذا لم يكن من بعض من عشقوا هجر
أقول له صرفا فيرنو بطرفه
إليها فأحسوها يمازجها سحر
ولما بدا مني لعينيه لوعة
يؤججها بدر ويطفئها ثغر
بدا لهما أن يتركاني وفاتني
فقاما ومني قام يحدوهما الشكر
فبتنا وكان البدر في الأفق ساطعا
ولكنه قد بات يحسده البدر
وظن بنا خيرا فإنا لفتية
مآزرنا طهر وأخلاقنا زهر
اصبري يا نفس
اصبري يا نفس أو ذوبي أسى
لا شفاك الله من داء الهوى
إنني أرحم نفسا لم تكن
عشقت من جهلها بدر السما
كلما دانته آمال اللقا
غاب عنها في سماوات العلى
واسهري يا عين لا ذقت الكرى
واشهدي وجه الدجى هذا بذا
أنت أضرمت الهوى في مهجتي
أطفئي بالدمع نيران الحشا •••
يا حبيبا لم أنل من حبه
غير طول البعد عنه والجفا
لست بالراجي وصالا إنما
لا تقابل فرط وجدي بالقلا
فالذي صور هذا الحسن لم
يقض بالقتل لمن هام جزا
يا حمامات شجاني نوحها
ففؤادي بين أضلاعي نزا
رددي لحنك نبك إنما
لست مثلي تعرفين ما البكا
يا نسيما هزني شوقا لمن
ترك الأشجان عندي ونأى
أنت في قلبي أشعلت الجوى
فضلوعي جمرها ذاكي اللظى
وقال في ألثغ
روحي فدا من قال لي
عبدك فأمر «سيدي»
ما أنت عبد أنت من
بيتي علا وسؤدد
وأمك الشمس وإن
تعرف «بخال» أسود
وأنت حر الطبع حر
الروح حر الجسد
وأنت عطر الزهر در
البحر ذوب العسجد
وأنت بدر التم يج
لى لي من ذا المرصد
وفوق نعليك بقايا
من ثنايا الفرقد
فلا تدر وجهك عني
للنجوم السجد
أنا لا أطلب نيلا
غير تقبيل اليد
لا أقول ذلك الثغر
ولا الخد الندي
عشت روضا لفؤادي
ولظى للحسد
كتاب الحبيب
وافى كتاب الحبيب
أهلا بناء قريب
ألفاظه الدر شهد
لثغره ذي الغروب
شربت منه رحيقا
كحسنه المسكوب
قبلته بجفوني
ألصقته بجنوبي
ضممته لفؤادي
عسى يخف لهيبي
نشقت منه عبيرا
أربي على كل طيب
لمست منه حريرا
كالكف منها الخضيب
يا من لديك فؤادي
سعدا له من غريب
هذا خيالك يخزي
في البعد شمس الغروب
فأطلعي فجر وصل
بوجنتيك مشوب
طال البعاد فعودي
وبادري واستجيبي
يا لائمي لا تلمني
فما الهوى بعجيب
كم من محب مشوق
بكى نوى محبوب
كوثر ممنوع
أذنت لشمس جمالها بطلوع
بعد الصدود وبعد طول ولوعي
فأخذت حين رأيتها وضممتها
ولو استطعت مزجتها بضلوعي
قبلتها وبكيت حتى خلتني
أطفأت جمرة خدها بدموعي
ولو انها لم تمتنع وتعطفت
لوردت أحلى كوثر ممنوع
يا مليكي
يا مليكي الذي أخاف وأرجو
وحبيبي الذي بروحي أفدي
ما تبدلت من هواك بديلا
آخر الدهر لا وحقك عندي
بل رضاك الذي أحب وأهوى
وهواك الذي أسر وأبدي
فأجزني الرضاء من بعد سخط
وأثبني الوصال من بعد صد
لزمان خلا بقربك شوقي
ولعهد مضى بوصلك وجدي
معبد الطهر
كفى بالهوى للصب عونا على الهدى
إذا كان ممن يتقي الله في الحب
فما الحسن إلا معبد الطهر والتقى
لمن كان ذا عين ومن كان ذا قلب
ولم يصبني حسن إذا لم يكن له
عفاف بلى إن العفاف هو المصبي
ولي سكن حلو الحديث بعيده
عن اللغو بعد الأنبياء عن الكذب
كأن ثناياه إذا افتر ضاحكا
لآلئ عقد أو صغار من الشهب
دعا للهوى فانقادت الناس نزعا
إلى حسنه من غير رسل ولا كتب
الولاء
قد لمسنا اللقاء كفا وكفا
هل لمسنا الولاء نفسا ونفسا
أنا أغلي قلبي على الناس في الح
ب ولكن أبيعه فيك بخسا
فتقبل قلبي إذا كان طهرا
وتبرأ منه إذا كان رجسا
إن وجدي عليك في البعد والقر
ب مذيب وإنما أتأسى
حتى الرسائل
حتى الرسائل لا تجود بها
يا شد ما لاقيت من دهري
إن كنت بالهجران قاتلني
فالآن قبل تصرم العمر
لم يبق من جسدي جفاك سوى
قلب يذوب وعبرة تجري
متى
أما كفي البعد حتى تمنع الكتبا
متى ترى لي حقا عندها وجبا
إني أرى سببا للبعد أعرفه
ولا أرى لتمادي هجرها سببا
ولو كتبت لها الأشواق أيسرها
تأجج الحبر والقرطاس والتهبا
الحياة حياتي
امض في الهجر فالحياة حياتي
كل ما أتقي على النفس آت
لا رأتني عيناك للهجر أهلا
إن تكرهت فيك طعم الممات
إن دار السلام أولى بنفسي
منك دار الشقاء والحسرات
ما روينا من الثرى بالذي عش
نا به وارتوى من العبرات
فيك أصبحت أسأل الله أن يق
ضي عشقا على يديك حياتي
وبك استسلم الفؤاد لباري
ك ولذت عبادتي وصلاتي
محنة الأدب
يا عين هذا فؤادي بات محترقا
فأسعديني بمنهل ومنسكب
هامت بخديه روحي فهي سابحة
ما بين نهرين من ماء ومن لهب
يا حسن ذاك اللمى لو كنت ألثمه
يا ساعة الموت شوقا للمى اقتربي
هذا هو الحسن إلا أنه بشر
وذا هو الشعر لولا محنة الأدب
تعالى الصانع
لي حبيب لورآه الحسن في
حلة من نوره الضافي ركع
نام عن ظلمة يأسى شخصه
فسرى الطيف على نور الطمع
نمت الريح عليه فشدت
ووشى القمري فيه فسجع
قال قل للعاشقين إنه
أنزل البدر إليكم وطلع
وتعالى بجناح من سنا
في سماء الحسن عني وارتفع
ما خدود الورد في الروض ضحى
ما رآها نرجس الروض امتقع
أو قوام البان من خمر الصبا
كلما أنهضه الروض وقع
منه أبهى منظرا في ناظري
فتعالى صانع فيما صنع
عقوبة الحجاب
ها قد حجبت عن الحبيب لشقوتي
وأديل من مرحي وفرط عرامي
وأخف من بعد الحبيب عقوبة
عنقي أمد بها لحد حسامي
بعد الغياب
حبيبي قد عاد بعد الغياب
وأنعم بالوصل بعد اجتناب
فزين لنا مجلسا يا غلا
م وهيئ لنا خلوة للعتاب
ولا تبق في الروض من زهرة
ولا وردة غضة كالشهاب
وقل للقيان يحيينه
بأنغام أعوادهن العذاب
ودعني أرنو إلى وجهه
كأني أقرأ آي الكتاب
لأدخل من وصله جنة
بما كنت من هجره في عذاب
وفي الغد للصيد نغدو معا
على صهوات الجياد العراب
نروع الجآذر أترابه
وسرب المها بمهاة كعاب
ونفضح أغصان بان النقا
بغضن له من حرير نقاب
وأقرن بين مواعيدها
وكم أخلفتني وبين السراب
عهد ذميم
قربت وليت القرب منك يدوم
وبنت وعهد البين فيك ذميم
كأنك بدر في سماء محبتي
تنير وباقي من أحب نجوم
يا مليكي
يا مليكي ومن لديه فؤادي
ورشادي ومن إليه حنيني
أنا عبد معذب القلب دامي ال
طرف خافي الصبر بادي الشجون
فارض عني ولا تبعني عظاما
هبك قد بعتني فمن يشتريني
أنت شبه الحبيب يا بدر لولا
أنه فاق في ضياء الجبين
وابتساماته وعينيه والجي
د ودر بثغره مكنون
أنت شبه الحبيب يا غصن لولا
هو يمتاز في اعتدال ولين
وأريج ورونق وبهاء
وانعطاف وهزة وسكون
صد عني معذبي حين غالوا
في قلاهم وأرجفوا بجنوني
ليس ما بي هو الجنون ولكن
غمرة بعد غمرة تعتريني
لولا الجلال
يا فاتنا حور الجنان وفاتن ال
ولدان والأقمار والأنوار
إن كان ذاب عقيق ثغرك رقة
فلكم أذاب عقيق دمع جاري
لم يخلق الرحمن أفتن منظرا
من ورد روضة خدك المعطار
لولا الجلال لروض خدك حارس
لقطفت منه نوادي الأزهار
لولا مهابة خالقي لشهدت أن
ك أنت آخر قدرة الأقدار •••
لو أن لي في الملك حكما نافذا
لجعلت دارك كعبة الزوار
وفرضت حج حماك خمسا في النها
ر على الحسان الخرد الأبكار
وأمرت بالتسبيح فيه ملائك الأ
فلاك في الآصال والأسحار
وجعلت أبراج الكواكب موطئا
لك في بروج كواكب الأشعار
عهد الصبا
سلام على عهد الصبا والجآذر
بمصر وفينان من العيش ناضر
زمان نهاري للمدارس شطره
وباقيه لهو في رياض الأزاهر
مكبا على درسي فإن عن شادن
غسلت بآماقي سطور دفاتري
يتيمة حسن
فيا رب إن أعطيتني فيتيمة
يتيمة حسن لا يتيمة مولد
منعمة حمراء من غير «أحمر»
مهذبة كحلاء من غير إثمد
تاجر الكتب
قد أتاهم تاجر الكتب
سائلا عن قصة عجب
من كتاب الحب عربها
غادة من أجمل العرب
كم لديها نسخة بقيت
أشتريها فهي من أربي
عامليني إنني ثقة
وكثير المال والنشب
النحيلة
أي فرق لو ترفع الحجب عنكم
بين هذي وحور دار السلام
بين أهل السماء والأرض سر
يتجلى في لطف هذا القوام
ملك؟ ليس للملائك ظل
بشر؟ كيف نورت في الظلام؟
أنت بين الإنسان والملك الطا
هر بين الأرواح والأجسام
جاز لي في هواك كل اعتقاد
لم يجز في سوى الهوى والهيام
الأسيرة
في الحسن أضحت نظيره
ما إن لها من نظيره
للظبية الجيد منها
والوجه شمس منيره
أسيرة هي لكن
قلبي أسير الأسيره
يا ويلهم، روعوها
ظلما بقتل العشيره
وزوجوها حسينا
وذاك أخزى الجريره
فإنه لخبيث
وإنها لغريره
وإنه لوضيع
وإنها لأميره
وإنه لعجوز
وإنها لصغيره
فروحها من حسين
لربها مستجيره
غلب الهوى
حتام أكتم حبه وأداري
غلب الهوى وتهتكت أسراري
فلئن صبرت فما التصبر همة
وإذا بكيت فما البكاء بعار
ما ضاع نهر مدامع يجري مع الأ
نهار في قمر مع الأقمار
ما عاب ثغرك أن تدافع لفظه
متسابقا كالخيل في مضمار
ثغر تزاحمت الحروف لرشفه
كالنحل حام على جنى النوار
شقاء
مررت على دار الحبيب مسلما
وقد غاب عنها بدرها ويغيب
فلا هي ردت للمشوق تحية
ولا القلب إلا أن ترد يطيب
يحاول أهل الأرض فيها سعادة
وليس لهم غير الشقاء نصيب
أدرها
ما على ناظريك من تثريب
يا مغيرا على فؤاد حريب
فأدرها صفراء فهي دوائي
من جراح الهوى وأنت طبيبي
كدموع المحب في رقة الطب
ع وفي اللطف مثل روح الحبيب
أنا والشمس في هواك سواء
ما ترانا نصفر عند المغيب؟
يعيش المئزر
صاحت وقد حال العواذل بيننا
آها ليسمع عاشق ما تضمر
وأتت فراشي تستجير من الجوى
وبمئزري التحفت «يعيش المئزر»
آليت أعرف ريحها في مضجعي
حتى يواريني التراب الأغبر
يدا بيد
ما ضرني بعد كل الناس وهو معي
في الروض نمشي على مهل يدا بيد
لا تنظروا راحتي اليمنى براحته
بل انظروا كفي اليسرى على كبدي
توبوا ولا تعذلوا ذا لوعة أبدا
لا ذقتم حر نار الحب والكمد
خير صاحب
أنت أحلى في العين من سنة النو
م وأشهى من صافيات الكؤوس
وفؤادي كما عهدت عفيف
وضميري خلو من التدليس
فإذا رمت صاحبا وجليسا
فأنا خير صاحب وجليس
واحذر الكاذبين لا تصطحبهم
وتبرأ من كل وغد خسيس
وإذا صغت فيك معنى نفيسا
فبخديك كل معنى نفيس
أنت أندى خدا من الزهر الغ
ض وأبهى من ساطعات الشموس
مثل هذا الجمال للوصف والتش
بيب يحلو لا عطر بعد عروس
تلاعب بالنفوس
حرام فيك ذلي أم حلال
ودل منك هجري أم ملال
وأنت حكمت بالإعدام شوقا
على المفتون أم حكم الجمال
تلاعب بالنفوس فأنت طفل
وإن باتت تهيبك الرجال
طلعت إلى سماء الحسن حتى
تمنى بعض رفعتك الهلال
تعال
صاح إذا ما خف وطأ الثرى
وآثرت شمس الأصيل الرواح
ولبس الغرب على صدره
من عسجد الشمس المذاب وشاح
ومال بالأغصان نفح الصبا
فضاع عطر الزهر منها وفاح
فزر محبا متعبا إن رأت
عيناه ذا الوجه الوضيء استراح
خالفني الغيث وخالفته
لولا اتفقنا في الندى والسماح
تهمي دموعي إن سناك اختفى
والغيث يهمي إن سنا البرق لاح
تعال إني راصد كواكبي
مساء يومي لن ترى لي براح
وا رحمتاه
من لسهدي ومن لدمعي المراق
في هوى أغيد شهي العناق
ليت أن العذول أدخل قلبي
بين نيران لوعتي واحتراقي
يتكوى بناره ثم أسقي
ه بعيني من حميم المآقي
ما كفاه بنا النوى قد أظلت
نا فوا رحمتاه للعشاق
وصل مؤبد
نأى شخصه عني فقربه الكرى
وأمسى يناغيني وفي يده يدي
فمن مبلغ عني بزورته النوى
ومن مخبر عني بلقياه حسدي
فيا أيها البدر الذي قربه المنى
ورؤيته الآمال كم أنت مبعدي
ويا من جرى ماء الجمال بخده
فديتك قد أوردتني شر مورد
لك الأمر فاحكم بالصدود وبالردى
على العبد أو فاحكم بوصل مؤبد
التهديد في العشق
أي معنى للصبر مني على الهج
ر ونفسي عزيزة لا تهون
أنثناء بعطفه أم تثن
وازورار بطرفه أو فتون
قد عداني هجرا وصدا وأخشى
أن قلبي لناظري لا يلين
فتراه عيناي عزا وزينا
ويراه الفؤاد ذلا يشين
فليصل أو فإن يوما سيأتي
وترى عينه الذي سيكون
البعد والصد
البعد يشغلني عن الصد
والصد أرفق بي من البعد
وقد هداني حسنها للضنى
فليته يهدى ولا يهدي
أفنت دموعي واصطباري وما
أبقت على عهدي ولا ودي
وجه الصبابة
وجه الصبابة فيك نور
وحديثهم حسد وزور
عجبا ألام على هوا
ك وأنت تعشقك البدور
قسما بجنة وجنة
وجد المحب بها سعير
وبقامة كالغصن لو
لا أن ملمسها حرير
ما الشمس مثلك في محا
سنها ولا الظبي الغرير
إن كان وجهك روضة
فدموع عيني الغدير
أو كان لحظك صارما
فحشى المحب له الجفير
أسعديه
هامت بخديه روحي فهي سابحة
ما بين نهرين، من ماء ومن لهب
يا عين، هذا فؤادي بات محترقا
فأسعديه بمنهل ومنسكب
يا حسن ذاك اللمى، لو كنت ألثمه
يا ساعة الموت شوقا للمى اقتربي
خير جليس
حاذر الغادرين لا تصطحبهم
وتبرأ من كل وغد خسيس
وإذا رمت صاحبا وجليسا
فأنا خير صاحب وجليس
وفؤادي كما عهدت عفيف
وضميري خلو من التدليس
وإذا صغت فيك معنى نفيسا
فبخديك كل معنى نفيس
أنت أندى خدا من الزهر الغ
ض وأبهى من ساطعات الشموس
أنت أحلى في العين من سنة النو
م وأشهى من صافيات الكؤوس
مثل هذا الجمال للوصف والتشب
يب يحلو، لا عطر بعد عروس
لا ثغر ولا قد
وبي ذات قد مائس ما أرقه
إذا لم يقم من دونه قلبها الصلد
تكاد ثغور الكهرباء لثغرها
إذا أوقدوا في خدرها النور تمتد
أظل وأمسي صاديا ذا خصاصة
ولا الثغر مقدور جناه ولا القد
بين الإنسان والملك
جاز لي في هواك كل اعتقاد
لم يجز في سوى الهوى والهيام
أنت بين الإنسان والملك الطا
هر، بين الأرواح والأجسام
وهي لا تأكل الطعام ولكن
تتغذى برشف ريق الغمام
ملك؟ ليس للملائك ظل
بشر؟ كيف نورت في الظلام
بين أهل السماء والأرض سر
يتجلى في لطف هذا القوام
أي فرق لو ترفع الحجب عنا
بين هذى وحور دار السلام؟
دار الحبيب
مررت على دار الحبيب مسلما
وقد غاب عنها بدرها ويغيب
فلا الدار ردت للمشوق تحية
ولا القلب إلا أن ترد يطيب
يحاول أهل الأرض فيها سعادة
وليس لهم غير الشقاء نصيب
الباب الثاني
في الشكوى والعتب
استقبال صدقي باشا
أهلا بناصية الرئيس ومرحبا
ماذا خبأت لنا من الأنباء
أرأيت أنا لا نفاوض دولة
يغضي مفاوضها على الأقذاء
أنويت أنا لا نعاهد أمة
يفضي معاهدها إلى الضراء
إن المحالفة التي تعنى بها
مصر هي التسليم للأعداء
والنيل لا يرضى سوى استقلاله
ثمنا لما ضحى من الأبناء
ويل الممالك من دسائس دولة
جبلت على التفريق والإيذاء
مصر على مصر تثور بريئة
والذنب للمندوب والوزراء
فاعمل لأمتك الكريمة علها
تنسى لعهدك مصرع الشهداء
فالحر يأنف أن يعيش مبغضا
فإذا ثوى أوفى لشر جزاء
واربأ بمجلسك المشكل عنوة
أن يملأ الوادي من الأشلاء
فبمصر شعب من دم العرب الألى
لبسوا الحياة على علا وإباء
الطلبة المفصولون
ملك الملوك لك الثناء الواجب
ولك الجلال المستفيض الغالب
وإزاء سطوتك «العميد» بعوضة
والجند نمل والملوك أرانب
ويود «جورج» أنه لك حاجب
لكن ليس لباب عدلك حاجب
وبك استعنت على العدا أرميهم
بيراعتي مستبسلا وأواثب
وأذود عن سوداننا وحياضنا
وبكامل استقلال مصر أطالب
وعلام أخشى الناس أنت تميتني
وتعيدني وعفوت لست تحاسب
وبك استجرت فلا يطالع ساحتي
إلا ضواحك من رضاك سواكب •••
إن التلاميذ الألى آثامهم
ذكرى «البلاء» لأذكياء كواكب
حب الديار فريضة عجبا لمن
يؤذي محب دياره ويعاقب
غير المليك قضى على آمالهم «ففؤاد» مصر أب شفيق حادب
غير الوزير جنى على تهذيبهم
إن الكبير عن الجناية ناكب
وسوى الرئيس يكوين سهما صائبا
يرمي به كبد البلاد الغاصب
يا رب أنت كسوت مصر محاسنا
أخذ الصبي بسحرها والشائب
فاغفر لهم عشق الجمال فإنهم
لبديع ما صنعت يداك أقارب
أمطر مواهبهم لعل بخصبها
يزهى الرجاء ويستعز الجانب
الفلاحون والأزمة وضرائب الأطيان
رب العوالم راحتاك مواهب
ومن استماح سواك فهو الخائب
أثرى بريتك الملوك وكلهم
طراق بابك راغب أو راهب
فأنل فإني في ثوابك طامع
وأقل فإني من عقابك هارب
والطف بزراع الكنانة إنهم
لجاءوا لحصنك والشقاء يحارب
أطياننا والرخص يصرع ريعها
فدحت ضرائبها فهن مصائب
بيعت مواشينا وقوت عيالنا
لجباتها نهبا وفاز الناهب
ومن المدير محاسب ومطالب
ومن الخفير مشاكس ومشاغب
أدرك برحمتك الحقول فإنه
قد قل في نثر السماد الراغب
إن أنت لم تلطف بنا لذنوبنا
وجرى بشقوتنا القضاء الغالب
فمن النصير لنا وأنت خذلتنا
ومن المجير لنا وأنت الطالب؟
قد جار حالبنا على أخلافنا
حتى امترى علق الكبود الحالب •••
يا رب حول ضفاف نيلك أمة
عرفت خطيئتها وشعب تائب
لذ الربا - وهو الحرام - جهالة
فقضى عليه دائنون أجانب
تمسي مصارفهم تلف رقابنا
حياتهن وإنهن عقارب
إن طالت اللأواء واستشرى الأذى
فليندب الوطن الكريم النادب
إلى الساسة الإنكليز
فيم التلكؤ، هل ينال ولاؤنا
قسرا، لتلك سياسة الإفلاس
إن الشعوب إذا قسا رواضها
شمست على الرواض والسواس
أضمنتم أن نستريح لمطلكم
أبدا، ونقنع بالأذى والياس
النيل غير معلق آماله
إلا بذمة مصطفى النحاس
فدعوا المطال فليس هذا وقته
وابنوا مواقفكم على آساس
الحرب كاشرة لكم عن نابها
والوقت جد حفيظة وحماس
ما في ربوع النيل إن أنصفتم
إلا موال للصديق مواسي
صاحب الجهاد
إلى المذنب البريء
توفيق أجر المحسنين مضاعف
والصبر أجمل زينة الأحرار
إن يسجنوك فإنما سجنوا العلى
والمجد من جزع مع الأشرار
لك أسوة برسول ربك يوسف
أتقى العباد وصفوة الأخيار
إن المعاهدة التي هي كيدهم
فشلت بأمر الواحد القهار
خير لنا أن يسكنوها عنوة
من أن نقرر نحن بيع الدار
لا والذي جعل السياسة فنهم
لا يرتضون بكل هذا العار
أيعاهدون حكومة عن أمة
شماء تؤثر غيرة الأحرار
لا يعدمون وسيلة أو حيلة
عذراء تدنيهم من الأوطار
وبها تلوح وجوههم وكأنها
بين البلاد قروح أهل النار
متحفظون على طرائق غدرهم
متلمسون مصارع الفجار
السيف والقلم المحراث
لا السيف في مصر يرضيني ولا القلم
كلاهما في يمين الحر منثلم
جردت سيفي وأقلامي وبي أمل
واليوم أغمدها يأسا وبي ألم
يريد بي الدهر لا تمت إرادته
ذلا وفقرا ويأبى العز والكرم
سأصرف العمر حرا لا يقيدني
إلا التقى والنهى والمجد والشمم
وأطلب المال لا زهوا ولا سرفا
فإنما هو في شرع الحجى ذمم
وخير ما يقتني المصري مزرعة
يشقى بها الفأس والمحراث والنعم •••
بالله يا سيف هل ضمت عليك يد
في الروع مثل يدي والهول يحتدم
وهل سواي فتى زانتك صحبته
يغشى بك الموت مختالا ويقتحم
ألست كنت ترى حق الرياسة لي
إن راح يخفق فوق الفيلق العلم
لكن للدهر جيشا من حوادثه
إذا رآني ولى وهو منهزم •••
ويا يراعة إن الصمت من ذهب
لا يسمعون وفي آذانهم صمم
قد يسجن البلبل الغريد في قفص
وينعب البوم في الآفاق والرخم •••
لله بهجة حقلي ما يماثله
في حسنه السيف مصقولا عليه دم
ويا سطورا بمحراثي أدبجها
لا يستقل بها القرطاس والقلم
تفتح الزهر منها عن مباسمه
فظل يرتع فيها مقلة وفم
هذا هو الخير معسولا موارده
هذا هو العيش إلا أنه حلم
لا أسامحه
قسم الحظوظ مدبر الأمر
رب الرخاء وخالق العسر
فإذا رأيت الروض أخلفها
وبل وبل جوانب القفر
والروض لا نامت ولا قعدت
والقفر لم يركب ولم يسر
وجهلت ما شاءته حكمته
فاعلم بأنك قاصر الفكر •••
وإذا رأيت الوقف صادرني
مالي وقصر نحسه عمري
فاعلم بأني لا أسامحه
ما عشت في الدنيا وفي الحشر
تعسا لتلك الحرب كم تركت
هما وكم أخنت على وفر
دعت الغلاء فهزني أمل
للكسب من قطن ومن بر
فأخذت أعمر كل مزرعة
للوقف قد وقفت على الشر
الأجر أضعاف مضاعفة
والأرض من ملح ومن صخر
أكل البلى منها وأتلفها
نوم الوزير ويقظة الوزر
ومدللون على مقاعدهم
يترقبون نهاية الشهر •••
ولقد سعيت فلم أذر بلدا
إلا أضقت بذرعه صدري
متغلغلا في الأرض مضطربا
في الشام في السودان في مصر
أسرى وعين الفهد تكلؤني
وأنام بين الليث والنمر
وضربت في الآفاق متجرا
وجمعت بين الشهد والمر
وزرعت حتى لم أجد شجرا
في البر أزرعه أو البحر •••
أمشي ونار القيظ تلفحني
اختال بين الجسر والنهر
لا صارمي أغنى ولا قلمي
ورماني المحراث بالنكر
وأشد ما لاقيت من نكد
ورأيت من تعس ومن ضر
حكم الغريب علي في بلدي
وتصرف الأعداء في أمري
شكوى الضباط
أهلا بناظرنا الوزير
ومهندس النيل الشهير
من روض مصر إلى علا
ه تشير بالورق النضير
النحس أدبر والأسى
والسعد أقبل والحبور
لما طلعت على جنو
دك طلعة البدر المنير
لله مصر وجيش مص
ر وتاج مصر والسرير
جيش على البأساء وال
ضراء والبلوى صبور
أقدامه ثبتت على الأي
ام وهي به تمور
نحن الذين عرفتهم
في كل طاحنة تدور
ومواقع كالمسك في الآف
اق ضاع لها عبير
ولقد سئمنا صحبة الأي
ام والعيش المرير
أصلح مدارسنا وعلم
نا فإن العلم نور
وارفع وظائفنا فإن
الفقر داعية الشرور
وانظر لقانون المعا
ش فإنه الجد العثور
هل بعد ستين يطي
ب العيش أو ترجى الأمور
لا خير في ذاك المعا
ش لغير سكان القبور •••
واسلم ودم للجيش تخ
دمك المعالي والدهور
بجميل رأيك نهتدي
وبنور وجهك نستنير
في المعرض
عرضوا صناعتهم على الأوطان
في معرض الحرمان والخسران
ظنوا الجزيرة أصبحت دار العلى
وهي الجزيرة دار بنت الحان
هجروا المصانع عطلوا أعمالهم
وتحملوا في النقل كل هوان
وتخيروا من فنهم وتأنقوا
وأتوا بأبدع ما رأت عينان
من عارضين لمعرضين كأنهم
خصمان في العلياء يختصمان
يا أيها العمد الذين إذا دعوا
من ظالم لإقامة الأوثان
كان الجواب صليل أبيض ناطق
من فضة أو أصفر رنان
هلا اشتريتم من بني أوطانكم
فخرا يدوم لكم على الأزمان
حاكوا لكم حلل النعيم وزركشوا
أغلى الدمقس بأروع الألوان
وأسرة مصقولة ونمارق
مبثوثة ومقاعد وأواني
إن الشهامة والمروءة والندى
في مصر ألفاظ لغير معاني
طال عتابي
سهادك مطويا على كامن الهم
أمض من الشكوى إلى صامت النجم
فبت يا أخا الأحزان للنجم شاكيا
وإن لم يكن رد سوى شهب الرجم
سقت قلبي الأحداث ناقع همها
فلو جسه آس تدفق بالسم
وطال عتابي لليالي كأنما
أشير إلى عمي وأعرب في عجم
وبين ثنايا النفس هم كتمته
عن الناس أحقابا على مضض الكتم
ألاحظه بين الظبا إن تألقت
وأسمعه من بين قعقعة اللجم
وإني لمدفوع الفؤاد على الردى
أكاد أجيل العزم في ساحة الحزم
حليم على رغم الجراءة صابر
إذا كان محمود العواقب في الحلم
حمول من الأحباب أن يتعنتوا
مكبل ما بين اللهي عن الشتم
وإني لركاب الصعاب وضارب
بآمال هذي النفس في طرق النجم
تحمل نفسي جسمها كل همها
وليست تبالي أن يعاجل بالهدم
خطو مقيد
أوذيت من سيف أصاحب مغمد
وغرقت في بحر الشقاء المزبد
ويئست من أمسي الذي ضيعته
وعرفت في يومي الذي ينوي غدي
ويهون الأحداث علمي أنني
غاد وأن الهم غير مخلد •••
رأت المطالب من شبابي عزمة
تجري على عنق الزمان الأصيد
والغاب أطرق من مهابة وحدتي
إطراق رأس الراهب المتعبد
وترى المهامه كل ليل صورتي
فتظن وجهي ثانيا للفرقد
وترى النعام يؤم سيفي مثلما
أم الفراش لهيب جزل موقد
وترى أسود الغاب مني هلعا
هلع الجآذر في العرين المؤسد •••
فمتى يسالمني الزمان وصرفه
سلم اللئام وحرب كل ممجد
ومتى أجر من الرماح ذوابلا
لدنا كأعطاف الرشيق الأملد
ومتى أقود من المذاكي ضمرا
في لون خد الغادة المتورد
هل تنكر الغارات أني حميها
والخيل أني مهمز المتبلد
وكأنما الطعن الدراك بلبتي
قبل أرددها بصفحة أغيد •••
ولقد بلوت هوى الصحاب فلم أجد
ودا لهم ورأيت ما لم أحمد
والجود يشهد والمروءة أنني
أولي أخي نفسي وما ملكت يدي
لو كنت تعجم في الشدائد صعدتي
وتهزها في وجه خطب يعتدي
لعجمت صلبا لا يلين لغامز
وهززت أنفذ من نيوب الأسود
لكنها الأيام تعكس مطلبي
لا يبلغ الغايات خطو مقيد
الأزمة ورواتب الموظفين
يا رب زراع الكنانة أرهقوا
و«أبو السباع» مباعد ومقارب
أيموت فلاح البلاد بدائه
ولدى «أبقراط» الزمان تجارب
خفض فرائض رافعيه إلى السها
بنضارنا فالأمر جد حازب
خمسون تجزئ للوزير ونصفها
يرضى المدير وعشر ذاك الكاتب
ثقلت وظائفهم على أعناقنا
والعسر دان والرخاء مجانب
أجيوبنا ترنو لفلس زائف
ولجيبه المعمور ذاك الراتب
ويظل عمدة قريتينا جائعا
ويروح يعبث بالكباب الحاجب
سامح «أبا الأشبال» لهجة شاعر
بلسان فلاح الحقول يعاتب
من لي بتغريد الهزار وإنما
أنا فوق أطلال الديار النادب
هل يرجعون
سرح لحاظك في جمال الوادي
وانظر إلى الأهرام كالأطواد
أبنات أم الدهر ما صنع البلى
بملوك مصر بناتك الأمجاد
أبقيت من أجسادهم شجنا لنا
هل يرجعون لهذه الأجساد
يا ليتهم بعثوا كما زعموا ولم
يلدوا الذين أرى من الأولاد
إن يسكنوها بعدهم فدموعها
نيل ولون الأرض ثوب حداد
عجبا هزلت بمصر مطعمة الورى
وظمئت بين تزاحم الوراد
وشقيت في هذا النعيم بأهله
لتخاذل ما بينهم وتعادي
فأنا الحزين وإن أقمت بجنة
وأنا الغريب وإن سكنت بلادي
شاعر الحمية
هل من الحق أن تصادرني الأو
قاف مالي وطارفي وتليدي
وتريني النجوم في الظهر حمرا
كجراحي في الحرب حرب الحدود
وأنا فارس الطليعة في الجي
ش وحمال خافقات البنود
أو من العدل أن يهون صغاري
بعد عز وبعد عيش رغيد
وأنا شاعر الحمية في الشر
ق ونار على العدو اللدود
وإلى الله لا إلى الناس أشكو
ما ألاقي من عاثرات الجدود
كان شقيا
كنت في المهد شقيا
يا علي يا بنيا
لست أغني عنك مما
قدر الرحمن شيا
ليت لي منك على القر
ب أنيسا ونجيا
فاطو حجب البين وان
ظر لي من البعد مليا
تجد القلب جريحا
تجد الدمع سريا
أو أشر لي بيد الأب
رار إذ لا زلت عيا
عن هموم بت فيها
وأنا بت خليا
يا زماني لا تسؤه
لا ولا تحسن إليا
فهو لما يجن ذنبا
وأنا الذنب عليا
لست أرضى
لست أرضى منك مهما
قلت غير الاعتذار
غبت عني ليلة البي
ن ولم تحفظ جواري
كنت أرجو نظرة أن
في بها هم القطار
فتخلفت ولم تح
فل بشوقي وادكاري
وتلفت ورائي
لا أرى غير غباري
ليتك استأذنت مني
يا كثير الازورار
يا ضعيف الود يا سا
حب أذيال الفخار
أنت أدرى إن تكن عن
ي غنيا بافتقاري
فاتق الله وقدم
لي جميل الاعتذار
الحب الكريم
لقد غلب الحب الكريم على عتبي
كما غلبت شمس النهار على الشهب
وجئتكم أسقي غراس ودادكم
بدمعي وأجني الذل من شجر الحب
فإن غيركم عد العتاب محبة
فعدوه لي ذنبا ولا تغفروا ذنبي
فإني لظمآن لهجر يزيدني
ولوعا ويذكي جمرة الوجد في قلبي
إذا صح عزم المرء في الحب وانتهى
به الوجد كان البعد أشبه بالقرب
فإن سركم أني دعوتكم ولم
تجيبوا فلا في الخصب أدعوا ولا الجدب
فنفسي إذا همت برشد ترومه
تجد فتكفيني مجاملة الصحب
وفي بسطة كفي من الترب للسها
وفي خطوة رجلي من القطب للقطب
حظ عاثر
يؤرقني أني سخي ومعدم
أبيت أراعي النجم والناس نوم
وما هذه الشهب الزواهي سبائك ال
نضار ولا نهر المجرة منجم
ولكنه ليل براني من السرى
وخان فلحظي من جناحيه أسهم
يكاد يذوب الليل خزيا إذا التقى
بلحظي ونار في حواشيه تضرم
وما لي ألوم الليل والجد عاثر
ألا إن جدي من دجى الليل ألوم
نأت عني الأوطان حتى جهلتها
وحتى كأني في رباها توهم
علا وجلال
أفي كل يوم للعتاب مجال
وللقلب والعينين فيك جدال
فأما فؤادي فهو مرتع حبكم
وفيه معين للهوى وظلال
وماذا تراه العين ماذا يريبها
وغاية هجران الحبيب دلال
ولو أنه دل لغواني حملته
فكيف ومن شاءوا الدلال رجال
بنفسي من أوقفت نفسي لحبه
وفي له ذل وفيه ملال
أحاشيك من عتب الصديق ولومه
إذا لم يرق خمر الوفاء بزال
لئن خابت الآمال وهي ضئيلة
فكيف وآمالي علا وجلال
فمن شاء سعيا للمكارم والعلا
فإن سبيل المكرمات خلال
طريق العيش
شدوا على جيش العلوم بحملة
حتى يذل لواؤها ويسلما
هذا طريق العيش من بعد الردى
هذا سبيل الرشد من بعد العمى
كم من بليد الذهن فينا جامد
يقضي الزمان تحيرا وتوهما
فيخال أن النيل وهو حياته
يأتيه من بعض الجنان من السما
ويظن تلك النيرات دراهما
والبدر في حجم الرغيف إذا نما
هذا الجمود بعينه وبذاته
هذا الشقاء إذا تدفق وارتمى
جمرة عتب
سأضرم في صدر المودة جمرة
من العتب لا تحني عليها الأضالع
أعض به قلب الإخاء وأتقي
بحديه عني هجركم وأقارع
فما أنا إن أغضيتم طرف ودكم
بباك ولا تنبو بجنبي المضاجع
فلست إذا حملتك الود كارها
بحامله إلا وخدي ضارع
سأصدف عنكم مثلما قد صدفتم
ويصنع بي حبي الذي هو صانع
نوائب تتحكم
أثلاثة الأصوات نلتك بعدما
عذل العذول ولام فيك اللوم
هل جئت تأكيد اليمين بشقوتي
أم أنت من أملي طلاق مبرم
قالوا تنازل آثمين فمنجد
يهذي بذلك في البلاد ومتهم
ما إن تنازل إنما نزلت به
كبرى بنات الدهر هزءا تبسم
شغلته داهمة الخطوب وذاده
عن أن ينوب نوائب تتحكم
جرائم الطيران
كنا نهلل يوم طار الطائر
بشرا ولم نفطن لما هو صائر
ونقول إن العلم فاز وأهله
فالريح أضحت للبخار تظاهر
فإذا العلوم وأهلهن مصائد
وإذا الفنون حبائل وكبائر
وإذا السماء صواعق وإذا البحا
ر معاطب وإذا البلاد مجازر
يا قاذفون النار فوق رؤوسنا
مهلا فللضعفاء رب ناصر
لا تحسبونا في الأذى أكفاءكم
فبمصر شعب مستكين صابر
في ذمة الله الذين أصبتم
ولنار نقمته الأثيم الفاجر
كساد القطن
أهل مصر لا تزرعوا القطن إلا
لحنوط ما دام هذا الكساد
إيه يا قطن إن زرعت بمصر
بعد هذا فلا غذاك السماد
أهبوطا من السماء إلى الأر
ض فماذا بزارعيك يراد
يا مصر
يا مصر ما لك ما ملكت أضاعه
قوم تناسوا غيرة الأحرار
ناموا عن الملك الجليل فأوقظوا
بعد القليل فأدخلوا في النار
وغدوا تقلبهم على جمر الغضا
أيدي العدا وأكف الاستعمار
خفت أغضب
يا صديقي وأنت أكرمك الله
خدين الهدى قرين السداد
هل هداك الذي إليك هداني
للذي قد أردته من مراد
أم تطوحت في الدلال على الغي
ب عصي العنان جم العناد
خفت أني والله أغضب حتى
أضرم النار عاتبا في المداد
كنت غرا
أفي كل يوم منك صد وجفوة
وحقد تواريه وغيظ تواربه
لقد كان ظني أن مثلك عدتي
لخصم أعاديه ودهر أواثبه
أيخذلني من كان لي خير ناصر
ويعلنني بالحرب من لا أحاربه
لقد كنت غرا في زماني الذي مضى
ولكنني قد أدبتني تجاربه
اصبر قليلا
الله قد قسم الحظو
ظ كما علمت وقدرا
والله قدم ما يشا
ء لمن يشاء وأخرا
فاصبر قليلا إنني
أنهاك ألا تصبرا
فلأمطرنك ديمة
ولأوردنك كوثرا
فعساه يفرجها الذي
أعطي هرقل وقيصرا
ويجيء عن بخل الزما
ن سماحه مستغفرا
المتحكمون
إن الذين تحكموا في أمرنا
من قومنا شر من الأضداد
نعموا بأموال البلاد وشايعوا
أعداءها فهم ألد أعادي
سنوا قوانين الشقاء وأرهفوا
أقلامهم لقطيعة وفساد
صريع اليأس
أرانا على ذل بنا في تفرق
وقد ملئ الأعداء من جهلنا كبرا
أبيت صريع اليأس في كل ليلة
يخيل لي أن لا أرى بعدها فجرا
إذا أنا لم أطبق على الغمض من قذى
بعيني أجفاني فيا لائمي عذرا
تضيق صدور الراسيات لما أرى
فليس عجيبا أن أضيق به صدرا
شيخ الظالمين
يقول حذار شيخ الظالمينا
تلوم الدهر أو تشكو السنينا
وهبهم يحكمون الناس ظلما
ولايرضون غير البغي دينا
فهل يتحكمون على دموعي
أيرضي الله خير الحاكمينا
سأبكي تاج مصر وجيش مصر
وعز ملوك مصر الفاتحينا
بنهر من غزير الدمع هام
بوادر فيضه تجري السفينا
قسط الوقف
فيا رب قسط الوقف بغيا أظلني
وأنت بوفري يا مليكي أعلم
لك الطول عني فاقضه متفضلا
لغيرك لا أشكو ولا أتظلم
أيهتف بالشكوى لغيرك مؤمن
ويلجأ في البلوى لغيرك مسلم؟
ودعاني
حسامي يراعي ودعاني وأحسنا
وداعي فإني كنت خير خليل
برغم فؤادي والعلى اعتضت عنكما
من الحقل والمحراث شر بديل
وما زالت الأيام تعكس مطلبي
وتدلي بحبل في الشقاء طويل
فلا تنسيا ودي الذي قد عرفتما
ولا تذكرا عهدي بغير جميل
يا إلهي
يا إلهي وخالقي ورجائي
ومعيني في شدتي ورخائي
صار نزرا من الأنام ضيوفي
وكثيرا من الورى غرمائي
عهود خوادع
أجدي إذا منيت نفسي بحظوة
لدى الغيد خانتني العهود الخوادع
أهجرا ورأسي أسود اللون حالك
فكيف ورأسي أبيض اللون ناصع
إنه لخصام
ماذا دلالك إنه لخصام
وعلى الولاء تحية وسلام
أقنعت مني بالعتاب ودونه
لك في الفؤاد محلة ومقام
أأشد منك القوس يجنح سهمها
والحادثات لها علي زحام
دعنا من العلات إن سماعها
يؤذي المروءة فالكرام كرام
كم تجافي
كم ذا تجافي مخلصا
لك لست متهما لديه
ومتى يلين جناب من
لي شافع مني إليه
الله فيمن تشتهي
عيناه يوم يراك «بيه»
المحب العاتب
هلا يجود ولو بوعد كاذب
هذا الحبيب علي المحب العاتب
ومتى تهز رياح عتبي عطفه
هز المهند في يمين الضارب
يا من تربع في أريكة حسنه
متحجبا عني بألفي حاجب
أين المودة غضة أزهارها
والحب يملأ كأس خمر الشارب
لا بد من هزل العتاب وجده
حتى تحقق في رضاك رغائبي
نفس ومثلك ليس يعدم رقة
كربي فقد ضاقت علي مذاهبي
أعضل الداء
من كان يبكي لأموات تضمنهم
لحد فإني علي الأحياء بكاء
علي بني مصر من ذلوا وبعضهم
لبعضهم في قيود الذل أعداء
أبكى ودمعي مردود علي كما
يبكي العليل إذا ما أعضل الداء
شجر القطيعة
إن يغرسوا شجر القطيعة بيننا
يجنوا الثمار أسنة ونصولا
لاتخرج الأحقاد من أكبادهم
حتى تغادر في السيوف فلولا
إلى الله أشكو
إلي الله أشكو النفس إن فجاجها
عثار وما فيها لمعتبر فضل
تخوض بي الآفات حتى زهدتها
وحتى تفرى من نواجذها العقل
يكلفني الشكوى
تكلفني الشكوى من الله لم أكن
لأشكوه فاعذلني كما شئت واعتب
سأحمل في الله الملامة والأذى
وأشكره مستبشرا غير مغضب
إذا أنت لم تحمل سوى اللوم صارما
ضربت به وجه الكريم المهذب
وتالله ما أمسكت فضلي دناءة
ولا المطل من ديني ولا الشح مذهبي
وما شيمتي إلا المروءة والندى
ولكنها الأيام تعكس مطلبي
جيش النوب
أنا لولا الله لم أث
بت لجيش النوب
داحرا صفوفه
بساعدي ومنكبي
فيا صروف الدهر يا خي
ل الملمات اركبي
أنا لا أرجع عن تا
ج العلي والروح بي
أعشق العلياء أف
ديها بأمي وأبي
خاب ظني
يا صديقي وسيدي ورجائي
ونصيري ومن عليه اعتمادي
هبك ظلما صرمت حبل ولائي
راضيا لي بوحدة وانفراد
كيف ترضى بقطع أحرف ود
قد غدت من هواك أقصى مرادي
إن يكن ذا قلى فيا سوء حظي
خاب ظني وضاع حسن اعتقادي
طرف العناية
طرف العناية ساهر لا يغفل
نم أيها المتوجع المتململ
وإذا الحكومة لم تسعك بعدلها
فالله أرحم من قصدت وأعدل
سنت لنا القانون أنقذ بعضنا
والبعض تسرقه العقود وتقتل
فكأننا حقلان هذا ممرع
يزهى بنضرته وذلك ممحل
والظلم أرحم في اعتقادي شاملا
من رحمة وعدالة لا تشمل
لبست الأسى
لبست الأسى لما خلعت شبيبتي
وآليت ألا ألبس الدهر غاليا
وبدلت الدنيا نهاري ليلة
بما أطلعت في عارضي الدراريا
وأصبح لون العيش أسود حالكا
بما بات لون الشعر أبيض زاهيا
نبأ رائع
هل جاءك النبأ الذي قد راعني
وأظنه من أكذب الأنباء
ذموا بياني جاهلين وإنما
خير الثناء مذمة الجهلاء
لم يقصدوا إنكار فضلي إنما
نظروا إلي بمقلة عمياء
ساعة اللهو
ساعة اللهو لا تعد من العم
ر وتمضي عجلى ويبقى الشقاء
فاركبوا زورقا معي أو سفينا
إنما النيل بهجة ورواء
نجتلي حسنه وتطرد عنا
ما نلاقي سماؤه الزرقاء
قد وفى النيل وانتشى العام حتى
قام يشدو الغنى ويزهي الرخاء
فاستحار الطيور للنيل مدح
وازدهار الربى عليه ثناء
الباب الثالث
في الإخوانيات
لست منهم
تخرص فيك الكاشحون ورجموا
فظنوك منهم لست والله منهم
كأنك في عين العداة مهابة
سليل لظى أو سمهري مقوم
كأن الذي بين الأنامل عندما
تمد جراحات وكفك مرهم
كأنك برج في السماء وهذه ال
علامات بدر لاح فيك وأنجم
ونقع تلاقى الدان فيه كأنما ال
قيامة قامت والنجوم تحطم
هزرت له نفسا تفل غروبها
ظبا الموت حد الدهر فيها مثلم
ويوم يريك الخيل بالخيل ترتمي
كأن صروحا أو جبالا تهدم
تخال دوي المتريوز وناره
رعودا تلاها عارض متهزم
وقفت كأن البيض حولك روضة
بها الطعن ورد زاهر يتبسم
يروح إلى أعدائك الموت ضاحكا
ويرتد عنك الموت يبكي ويلطم •••
وكم ليلة ألقى الكرى عن جفونه
وآلى ثلاثا أنها لا تهوم
سريت على مثل الظلام إلى العدا
وعندك أولى الخيل بالليل أدهم
إذا ما رآه البرق يسترق الدجى
يشير إليه باللحاظ ويبسم
تقصر كف الراح عن زهو عطفه
وتنقطع الأوتار عما يحمحم
كسته عيون الغانيات سوادها
فعين له ترنو وقلب يتيم
تردى دما حتى كأن شرارة
رمتها على الأعداء منه جهنم •••
فذا يا علي الشعر إني أصونه
عن الناس إلا من أحب وأكرم
فإني لفي أهل المعالي مقدم
كما أنا في أهل المعاني مقدم
جزيتك حق الود إن كان جازيا
سوابغ سرد المجد فيهن محكم
تفل شباة النقد في يوم عرضها
وإن جال فيها قاطع الحد لهذم
فقل للألى راموا مكاني لأنني
فصيح إذا أعربت في القول أعجموا
وراءكم هذا جريء مقدم
وحسبكم ما تجهلون ويعلم
يهب لأبكار المعاني مبكرا
ويسري وأنتم غافلون ونوم
معان إذا أفرغن في نفس سامع
ينال الحشى منها ويرتشف الدم
يغرد في الروض الهزار ترنما
وناعبة الغربان لا تترنم
أستاذي الأديب
نزعت عن التغرل والنسيب
وملت عن الحبيبة والحبيب
وخالفت الهوى وأطلعت رشدي
وتبت عن المعاصي والذنوب
أغار الغانيات على شبابي
وكاد يفوتني منه نصيبي
فهل علم الحسان اليوم أني
نزلت عن الشبيبة للمشيب
إذا ما شعرة ضحكت بفودي
فلا يغني بكاي ولا نحيبي
لئن أمست بي الأيام تجري
على الدنيا إلى شأو قريب
فإني قد قنعت من الليالي
بإخلاصي لأستاذي الأديب
بإخلاصي لفاضل ذي الأيادي
وذي العزمات والرأي النجيب
أخ يرعى ودادي حين أدنو
ويحفظ حين أنأى للمغيب
إذا نظر استقر اللحظ منه
على سبل الضمائر والغيوب
إذا ما جرت الخيل العوالي
إلى يوم من الهيجا عصيب
وضرست الجليد بخنصريه
مغاداة الحروب من الحروب
وأظلمت المنايا وادلهمت
فثوب الصبر منشق الجيوب
أضاف البيض والسمر العوالي
لساحات من العزم الصليب
وسار على ملاقاة المنايا
مسير الذعر في قلب المريب
شجاع غير أن له أناة
نفت عن بأسه كل العيوب
جميل غير أن به شحوبا
وكل الحسن في هذا الشحوب
كريم الجد محسود السجايا
مصفى المجد كالذهب الرغيب
آية الجدوى
ظنوا الكواكب فيك من أشعاري
إذ شبهوا بك نير الأقمار
لو كن منها ما غربن أوافلا
أو كان مثلك ما ارتضى بسرار
أو للغزالة نور طلعة فاضل
لم يبد وجه الليل بعد نهار
أو سار في الأفلاك بعض قصائدي
لغرقتم في لجة الأنوار
ما زلت أشدو في الزمان مغردا
حتى حسبت صروفه أوتاري
من كل بيت لم يسر في عرضها
إلا لحتف الكوكب السيار
وأنا الذي أحمي اللئام مدائحي
ولو انهم سبحوا ببحر نضار
وأصون عن عجم الملوك عرابها
كرما وأصرفها عن الأغرار
ورفعت عن همم الجوائز قدرها
فسمت على الدينار والقنطار
فبنات شعري لا يكون مهورها
إلا كنوز مودة الأخيار •••
ولقد بليت من الزمان بفتية
صاحبتهم أعراضهم من قار
لم يصدقوا في ودهم وصدقتهم
والصدق أول زينة الأحرار
حتى تخذتك يا محمد صاحبا
فمحوت آية ليلهم بنهار
وصدقتني في الود في زمن به
خبر الصداقة أكذب الأخبار
وجريت بي شوطا تعلمني العلى
متقدما وأنا على الآثار
حتى بدوت على الثريا واقفا
وأنا على قمر الزمان الساري
ورفعت عن قدر الزمان مكانتي
وجريت بي في حلبة الأقدار
يا سائلي عن فاضل وخلاقه
هلا سألت هواطل الأمطار
هو آية الجدوى ومعجزة العلا
وعجيبة الأيام والأمصار
وأبو شموس البيض يسطع نورها
في ليل نقع الجحفل الجرار
وسع الخلائق والزمان عجاجه
فالدهر تحت جناحه متواري
وتصافحت فيه الصفاح وقبلت
فيه الأسنة وجنة الأعمار
والخيل فيه ترنحت أعطافها
كترنح الفقراء في الأذكار
كست الدماء نحورها وصدورها
فكأنما لبست مدارع نار •••
فإليك يا رجل الحفاظ قصيدة
كترنم الأطيار في الأسحار
واشدد يدي بحبل ودك وادخر
أدبي ليومي سؤدد وفخار
تقطف ثمار الحمد من أفنانها
وتجد ثناء ضاحك النوار
وإذا تباعدت المناسب بيننا
فقد اقتربنا في نهى ووقار
لو كنت روضا كنت ماء جاريا
أو كنت ماء كنت صرف عقار
أنفاس حمدي مثل أنفاس الصبا
وعلاك مثل حديقة الأزهار
يا أيها الخل
أيسوغ في شرع المود
ة والمحبة يا أديب
إني أسائل عنك في
كسلا وأنت هنا قريب
وأبيت أسأل عنك في ال
خرطوم من لا يستجيب
ويهب من كسلا النسي
م وليس في ردنيه طيب
كانت تهيمني الصبا
فغدت تهيمني الجنوب
يا أيها الخل الذي
هانت علي به الخطوب
أنا مخلص لله في
ك فلا أضل ولا أحوب
فأحب منك الفضل إن
الفضل يعشقه اللبيب
وأحب أنشق من أري
جك ما يلذ وما يطيب
وأحب أشرب من حدي
ثك ما أكاد به أغيب
وكأن وجهك فيه س
ر منه تنكشف الغيوب
فأظل أرمقه ولا
أدري أأخطئ أم أصيب
وإذا بعثت بنظرة
ودعتها إذ لا تووب
وكأن لحظك فيه نا
ر مهجتي فيها تذوب
ولكم دعوت إلى المتا
ب اللحظ لكن لا يتوب
إني خلقت كذا ولا
يزري علي ولا يعيب
الدنيا طريق
الله يعلم يا صديق
إني لهجرك لا أطيق
فابعث إلي رسالة
أطفئ بها نار الحريق
ما لي أحب ولا تح
ب وأستفيق ولا تفيق
سافرت لم تعلم بما
لاقيت من هم وضيق
يا ليت يوم رحلت ع
ني كنت عبدك في الطريق
فاجز المودة صاحبا
يخفي لك الود الوثيق
فلقد ترى مني أخا
كالسيف في الخطب الطروق
يجلو الإخاء بنية
كالشمس في رأد الشروق
وصداقة خطافة ال
أنوار تحسبها البروق
نفسي كنفس الليث غض
بانا لدى هضم الحقوق
فوق المجرة للعدو
وتحت أقدام الصديق
أنا في المحامد ضارب الأ
عراق لست بها لصيق
وأرى الصحاب بفضلهم
لا بالملازم والفريق
فاذكر أخا لك ليس ين
سى فهو بالذكري حقيق
أو ما ترى الأعمار كالأ
سفار والدنيا طريق
وإذا سكرت اليوم من يح
يا إلى أن تستفيق
فانظر إلي كما نظر
ت إليك بالنظر الدقيق
تشهد ضميري صافيا
كزجاجة الماء الصفيق
تجد الوداد منورا
والصدق منشور العبيق
بنت الحكيم
وداد لها المحبة والوداد
فأعيننا وأنفسنا مهاد
هنيئا يا أبا البدرين شمس
لها بمطالع السعد اتقاد
وعاش ثلاثة لولا اعتقادي
لكان الشرك نعم الاعتقاد
ويا بنت الحكيم إليك نصحا
تهذبه الروية والسداد
خذي في ساحة الأقلام شوطا
فشأو الفضل تدركه الجياد
وذودي النوم عن جفنيك كدحا
فمهر خرائد الشرف السهاد
لو ان المجد اصبح جسم حي
ومات لكان قاتله الرقاد
وكم بين المحابر من أبي
تقاد له الملوك ولا يقاد
تحاذره الجيوش مدرعات
وليس سوى اليراع له عتاد
وكم بين الدفاتر من غني
عن الدنيا وثروته المداد
فسودي كل آنسة بفضل
فمثلك من يسود ولا يساد
وجدي في سبيل أب كريم
إذا تتلى مناقبه تعاد
وحين الله يرزق منك نسلا
فأنت لصرح مجدهم عماد
فربيهم فهم في الأرض سفر
وليس لهم سوى التعليم زاد
ولا تأتي الذيول وقصريها
فقدر الثوب ينقص إذ يزاد
وتلوين الوجوه تجنبيه
ولا تغررك زينب أو سعاد
فما جيد يزيفه بياض
وما طرف يموهه سواد
ولا تسعي لحادثة ألمت
ببعض الناس ملبسها الحداد
فكل الناس يبلى بعد حين
ولا يبقى النبات ولا الجماد
هبوا لي بيانكم
يا صديقي وسيدي ورجائي
وسميري ومؤنسي ومعيني
كم علاكم لمدحكم تدعوني
وقصوري بتركه يغريني
فهبوا لي بيانكم فهو لا
شك إلى وصف ذاتكم يهديني
أو أعيروا بنانكم لي يوما
فأوافيكم بدر ثمين
لست ممن يخون عهد محب
صادق أو يضيع ود أمين
لا سقى الله أرض كل لئيم
لا رعى الله عهد كل خؤون
رب صد يكون عن فرط حب
كصدودي وعن ولاء متين
البيان المعوذ
وهل تنفع الذكرى إذا كان دونكم
سباسب يوجى الظن فيها ويحتذي
تظل عليها القاطرات حوانقا
يعالجن منها كل فج ومنفذ
وكنت أذود النفس عنك لأنها
ترى في التداني منك كل التلذذ
وكانت ترى الأشواق عندي همة
لقد أخذت من همتي كل مأخذ
سلام على ناديك في كل محفل
تكون به رب البيان المعوذ
سلام على ناديك في كل خطبة
تغير الحلى من لؤلؤ وزمرذ
سيف مستعار
أحافظ هل ترى زندي متينا
إذا جاذبتني حبل القوافي
أم الأقلام تضحك من بناني
كضحك الأقوياء من الضعاف
أيحفظ عهده قلمي فإني
أظن السيف ليس يفي لواف
يعاديني وسيف مستعار
يعادي الأكرمين ولا يصافي
ولي صهر إليك من القوافي
وقربى من سخائك والعفاف
مناسب هن في العلياء أندى
على الأكباد من برد النطاف
ولي قلب يطير إليك حبا
وأضلعه القوادم والخوافي
ذكرى خدمة أخوية
وإني لمهد من وفى لي مدائحي
ولي قلم عن معرض الذام صافح
ولي صاحب يدعى لبيبا وسيدا
يجود به شعري وتسمو المدائح
رثى لي من نار الصبابة والأسى
وصدري بهم الشوق والوجد طافح
وقرب ما أرجو ولولا وفاؤه
لناحت على ميت الغرام النوائح
أخ كالجبال الراسيات رزانة
إذا دهمته الطارقات الفوادح
له قدحات في الخطوب برأيه
لوامع تخبو عندهن القرائح
يذكرني عهد الجآذر وجهه
على أن فيه للأسود ملامح
ولو كانت السحب الرواء جنانه
لما زعزعتهن الرياح البوارح
أين اليراع؟
أين اليراع وأين الطرس يا أدب
فقد ثملت وقلبي هزه الطرب
أهنئ «الفاضل» المحبوب من سجدت
له المناصل والأقلام والرتب
وليت لي قطرة من بحر منطقه
أصوغ من درها العقد الذي يجب
يا رتبة «الصاغ» قد أدركت منزلة
رفيعة قصرت عن نيلها الشهب
غدوت أرفع ما تسمو له همم
وبت غاية ما يرجى له طلب
ويا أخا الحزم والإقدام من شهدت
له الأعاجم وازدانت به العرب
إن لم تنل كل ما ترجو فما ابتعدت
عنك الأماني إلا وهي تقترب
فاطلب فذا البدر لا ينفك عن طلب
وانصب فكل علاء أصله النصب
أهلا وسهلا
عندما تخرج المصري «عبد الحليم أفندي حلمي المصري» - رحمه الله تعالى - من المدرسة الحربية، وألحق ضابطا بالجيش، ووصل إلى حلفا، استقبله هناك صاحب الديوان عن أدباء الجيش، وقال حين رآه مرتجلا يهنئه ويحييه:
أهلا بشاعر جيشنا (المص
ري) وأبلغ شاعر
أهلا بأفصح خاطب
أو ناظم أو ناثر
أنشرت «بارودينا»
في ذا الشباب الناضر
وأعدت «حافظنا» لنا
يزهى بحسن باهر
خذ راية الشعراء في
جيش العزيز وسافر
فلك الزعامة باليرا
ع وبالحسام الباتر
فأجاب المصري مرتجلا:
دب الهوى في مهجتي
والعجز أمسك خاطري
يا شاعر البلد الأمي
ن اقبل تحية شاعر
إمرة الشعر
ورث الجيش إمرة الشعر ما أق
صى أميرا إلا وأدنى أميرا
وكأن اليراع أقسم أن يب
قى مدى الدهر للحسام ظهيرا
كان «محمود» في سماء القوافي
عارضا ممطرا وبدرا منيرا
وأتى بالقريض «حافظ» للجي
ش وقد كان هاديا وبشيرا
فتر الوحي بعده وصبرنا
لليالي وكان «حلمي» صغيرا
فاحمل السيف واليراع وشيد
حسبا باذخا وملكا كبيرا
لو أقامت ألفاظ شعرك في الج
و لكانت أهلة وبدورا
فاطرد الشمس من سماء علاها
واملأ الكون من ذكائك نورا
الجاش
وسائل الجاش عني فهو يعرفني
وجأشه من فعالي ملؤه وهل
كم حال دون طريد لي أواثبه
فخضته وظلام الليل منسدل
ما زلت أشوي عليه الوحش أطعمه
حتى تساوى لدي الشبل والحمل
أيام لا خل في غير الحسام ولا
صديق يسعد إلا الصبر والأمل
والأرض كالموج والأجمال سابحة
يهوي بها الوهد أو يعلو بها الجبل
ما زلت أعلو بركبي كل مشرفة
حتى تمشت على أعناقها الإبل
إن السرى أقسمت ألا تصاحبني
ملت ودادي وبي من ودها ملل
شقيقي
محمد هل كل الأشقاء مثله
لأجزيهم خيرا بما أنا مادحه
رآني يغزوني من الوقف مارد
أدافعه عن حوزتي وأكافحه
فأقبل غيثا ما دعوت سماءه
لوكف ولكن فجرته نوافحه
وكان أبي أخلى مكانا من العلى
خصيبا مراعيه كثيرا منائحه
فإن يك ولى موسم الورد أحمد
فإن ابن أمي عطره وروائحه
طربت إليك
طربت إليك وذو الوجد يطرب
فشوقي يملي علي وأكتب
وليس عجيبا نزوع فؤادي
إليك ولكن صبري أعجب
فلم أر مثلك بين الورى
أخا صالحا وخليلا مهذب
أخذت كتابك أكرم به
فعبر عن كل نبل وأعرب
عليك سلامي لا النفس تسلو
قديم هواك ولا القلب قلب
فإن تك هاجرت عن موطن
فقبلك هاجر طه ليثرب
وإن تك غربت عن مشرق
وألقيت نفسك في كل مطلب
فشمس النهار كذاك تيس
ر عن الشرق مهد سناها لتغرب
ويا ربما بعد الأقربو
ن فكان البعيد من الناس أقرب
وأوصي بك الله نعم الكفي
ل تعرف إليه ومنه تقرب
أوتيت سؤلك
سلام لقد أوتيت سؤلك فاقتبل
مع الرفد أجر الصابر المتجمل
ولولا قصور في يدي عن المنى
لوافاك مني سيب معطاء مجزل
وعدتك مني ديمة ذا رذاذها
ويأتيك غيث مسبل بعد مسبل
فلا تتهمني في الإخاء ولا تقل
معابا ومهما شئت من صالح قل
ذاكر دروسك
يا ذا الجمال وذا الكمال تحية
يهدى إليك مع النسائم طيبها
ذاكر دروسك فالمدارس علة
حفظ الدروس دواؤها وطبيبها
وإذا مسالك ما تروم توعرت
سهلت ولان على قواك صليبها
ونفوس أهل العزم تدأب للعلى
حتى يذل لعزمها مطلوبها
وانقد صحابك فالخلائق جمة
يخفى عليك نبيلها ومعيبها
سترى مصاحبة الصحاب نقيصة
فتعافها وتعيبهم وتعيبها
والحي يطلب خيره من شره
ولكل نفس في الشقاء نصيبها
إن اللبيب إذا الحياة تبسمت
يبكي دما فتريبه ويريبها
الباب الرابع
في أغراض مختلفة
أنفس الأعلاق
عذلوا وما عرفوا الذي أنا لاق
إن العواذل آفة العشاق
هل بعد مصر ونيلها وبهائها
حسن يهيج كوامن الأشواق
ولقد منحت النيل صفو مودتي
ووفيت للسلطان بالميثاق
وأتيت أعرب عن ولائي ناشرا
رايات إخلاصي على الآفاق
ملك كريم الراحتين موفق
سمح الضريبة كامل الأخلاق
نم يا محمد ملء جفنك واسترح
فالملك للأحفاد بعدك باق
والأمر قام بعبئه متيقظ
متحبب للخلق والخلاق
قد قمت بالأمر الجليل موفقا
ترمي الحوادث دوننا وتلاقي
وجلست فوق مكين عرشك حافظا
من إرث جدك أنفس الأعلاق
وفتحت باعك بالمروءة والندى
والبذل في المعروف والإنفاق
إن ابن إسماعيل لا عجب إذا
فاضت يداه بواسع الأرزاق
جنة وحرير
جرى الأمر يسرا واستراح ضمير
وأقبل منها بالوصال بشير
هناء تقبلناه من كرم الهوى
علينا وأنس شامل وحبور
هل العيش إلا أن يواصل هاجر
ويعطف مزور الجناب نفور
إذا زار سرى عن مشوق همومه
وإن غاب ضاقت بالقلوب صدور
يقولون من تلك التي قد أحبها
ومصر لعمري جنة وحرير
إذا انساب في أرجائها النيل أينعت
فيرتد عنها الطرف وهو حسير
سهول كما يرضى الثراء خصيبة
وملك كما شاء النعيم كبير
سلوني عن عزم الرئيس وحزمه
فإني بأخلاق الملوك خبير
فلو وزنوا بالراسيات وقاره
مضى راجحا رشدي وطاش ثبير
تربعت في دست الرياسة راسخا
وحولك تيجان الملوك تطير
وما الليث ليث الغاب يحمي عرينه
له وثبات حوله وزئير
بأثبت جأشا منك حين تحوطنا
وللخطب نار حولنا وزفير
وما أسلمتنا الكارثات لنكبة
ومنك لنا في المعضلات ظهير
بيمنك تنجاب الهموم وتنجلي
ويشرق من ليل الحوادث نور
آمال كبار
إلى الإسكندرية يا قطار
فلي في الرمل آمال كبار
هنالك كعبة للمجد يسعى
لها «ومحمد» حي يزار
وزير عهدنا فيه سعيد
كعهد الروض طالعها القطار
همت عدلا سماء النيل حتى
أقام الخصب وانهمر اليسار
وسار إلى الأمام بنا زمان
قريب الخطو مسلكه عثار
فروض العلم ضاحكة الأقاخي
تطالعها من الديم الغزار
وساح الأمن آنسة النواحي
تساوى الليل فيها والنهار
ولا ضوضاء تصدعنا بمصر
أبيد الجهر وانقطع السرار
وراح الشعب يستبق المعالي
على هدي وأنت له المنار
أرقت وذاد عيني عن كراها
حشا قلقت وقلب مستطار
وجسم في سبيل المجد عان
بنفس لا يقر لها قرار
وقد هبت تجادلني فتاة
طوال ذيول حجتها قصار
تقول أبالرحيل هممت هلا
أمضتك الموامي والقفار؟
زمان تغوص في لجج المنايا
مخاطرة إذا انعقد الغبار
وكم أحرزت مالا أو عقارا
فقلت لها وما يغني العقار؟
إذا أثرى الفتى عرضا ودينا
فليس عليه في الإملاق عار
أفي الإسكندرية تعذليني
فكيف إذا تعرضت البحار
إذا امتلأت فجاج السعي مني
فأهون ما خلا مني الديار
فما بالبيض في الأغماد قطع
ولا للزند لولا القدح نار
ذريني والخطوب فإن عزمي
له في ذمة العلياء ثار
فليس يهاب صرف الدهر بأسي
صروف الدهر أكبرها الصغار
إذا كانت حياتي من سعير
فأيسر ما يكايدني الشرار
خدمت حكومة السودان حتى
بليت وفل حدي والغرار
فصبرا للخطوب فرب خطب
طغى فلوى بشدته اصطبار
فليس يضام في القطرين حر
له من ناظر النظار جار
رعى حق النهى فهمت علينا
غيوث لهي بوادرها انهمار
ومد ظلال سرحته علينا
فرحنا والنعيم لنا شعار
لقد أكرمت (حافظنا) فبتنا
أسارى حيث لذ لنا الإسار
وزنت بصدر (مطران) وساما
كما بالمعصم ازدان السوار
وها أنا ذا بلغتك مستثيبا
وبين جوانحي همم حرار
فإن أمطرتني استحييت روضا
لها أرج بذكرك وازدهار
وأشهد أن عصرك عصر خير
يحق على العصور له الفخار
لعل لنا سعدا
شفاء الضنى من لوعة وصدود
قريب لو ان القصر غير بعيد
أأسكن حلفا حين حلوان دارها
ألا إن هذا الرأي غير سديد
نظمت على تاج الهوى يوم بيننا
من الدمع سمطي لؤلؤ وفريد
ورحت بقلب هائم في جمالها
وراحت بخد ناعم وبجيد
لعل لنا سعدا بمصر بقربها
فقد علقت آمالنا بسعيد
بمستقبل الآمال في بهو جاهه
بطاقات بشر طارف وتليد
وموحي إلى العلياء من لطف أمره
أن استقبلي من زارنا بقصيد
فإن لم يشفعهم إلينا بيانهم
فما كل راج أمنا بلبيد
شمائل مطبوع على المجد والعلى
وآداب مبد في السماح معيد
ومثلك من أعطى المؤمل سؤله
وأربى على آماله بمزيد
إبلال الزعيم
يا سعد مصر مريضة
فانهض فأنت حياتها
طف بالبلاد فإنها
لمشوقة جناتها
بل اشتياق النيل تص
لحك الكنانة ذاتها
وترد عزمك والقوى
مشحوذة نفحاتها
مصر العروس ونيلها
باهي الحلى مرآتها
طبعت على إفرنده
فتانة قسماتها
رقاصة أغصانها
ضحاكة ربواتها •••
قم يا زعيم فداك مص
ر حماتها وسراتها
بي لا بك الشكوى التي
قد زال عنك أذاتها
رأت الوفود فيممت
دار الرئيس بناتها
وفدت ولكن لا يطو
ل على الولاء ثباتها
يا سعد مصر غريقة
وعلى يديك نجاتها
يا كريم الجدود
يا ابن بنت الرسول وابن الإمام
أنا جار وعز جار الكرام
كان لي حرمة قديما ولا زا
لت صلاتي مرعية وذمامي
جد بصفح إليك أذنبت يع
فو الله عني مخففا آلامي
أنت أهل السماح والعفو إن
كنت شقيا عظيمة آثامي
أنا باك وخائف وحزين
وضعيف القوى وواهي العظام
وكثير العدا قليل الموالي
طائشات إذا رميت سهامي
يا كريم الجدود من صلب عدنا
ن المصفى وسبط خير الأنام
وابن من دوخ الكتائب في الدي
ن المفدى سيف الإله المحامي
أنا منكم وإن تناءيت عنكم
ولديكم قلبي وفيكم هيامي
وهواكم وحبكم لي دين
وصلاتي عليكم وسلامي
فضائح التمدين
قام اللصوص ليحرسوا أوطاننا
ولقد يكون اللص عين الحارس
وليلبسونا حلة من نسجهم
مسمومة تفري أديم اللابس
وليرفعوا قصر الحضارة باذخا
كالطود في طلل الخراب الدارس
لكن أبى صرح الحضارة أنه
يبنى بأوصال الضعيف البائس
ما بال عصر النور أمسى عندهم
يجري على أثر الظلام الدامس
ماذا جناه الطفل تبقر بطنه
في مهده بيد الشجاع الفارس!
ماذا جناه الشيخ يمشي واهنا
مستسلما للقتل مشية يائس
كم غادة عصف الرصاص بقدها
عصف السموم بغصن بان مائس
كانت تغير البدر في أفلاكه
بمقبل عذب وطرف ناعس
كم مرضع كانت تعز رضيعها
حتى تخاف عليه لمسة لامس
أوصت به القرصان حين أصابها
من جيشهم وبل الرصاص الكانس
فتعاهدوه بطعنة من طاعن
في صدره أو وطأة من دائس
فبكى لها وبكت له وكلاهما
قد فارق الدنيا بوجه عابس •••
يا معتدون على الفضيلة أبشروا
بخراب موطنكم وجد تاعس
واستقبلوا فتح الفتوح بظالع
من أمركم وبطالع متقاعس
لا العلم يأمركم تريقون الدما
وتروعون فؤاد سرب آنس
كلا ولا دين المسيح وإنما
تحت الأضالع كل صخر يابس •••
لن تجتنوا غير الدمار فإنما
تجنى الثمار بقدر غرس الغارس
ضاقت بكم أرض اللصوص ومحلها
وانتابكم برد الجبال القارس
فظننتم الأسياف نارا تصطلى
قد تحرق النيران كف القابس
فردوا حروبا يستطير لهيبها
ويشق فيها النقع أنف العاطس
واستهدفوا للكارثات تنوبكم
واستقبلوا وفد البلاء الكابس •••
ما بالهم غنموا الهزيمة بعدما
ذاقوا نزال مهاجمين أحامس
لزموا سفينهم حيال مظفر
كالليث راع فؤاد ظبي كانس
ومشى «كنيفا» هامسا من رعبه
في جيشه «أمرا» بقتل الهامس
حتى لقد زعموا التفكر منكرا
في شرع «كانيفا» وهجس الهاجس •••
يستقبلون مع الصباح كتائبا
تردي إليهم بالردى المتجانس
من راشق برصاصه أكبادهم
أو ضارب بحسامه أو داعس
حتى إذا دخل الظلام وعددوا
قتلاهم عد الشحيح الباخس
لبسوا الحداد وأظلمت ألوانهم
ودجت فباتوا في ثلاث حنادس
الله حسبك
الله حسبك أمة الطليان
ماذا جنيت على بني الإنسان
كان السلام على الأنام مخيما
فحجلت فيها حجلة الغربان «ڨيزوف» علمها الشرور بناره
فطغت وثارت ثورة البركان
ويلمها من أمة مجنونة
نسيت فضائحها مع الحبشان
غنم النجاشي جيشها وسلاحها
فأتت تغير على بني عثمان
الخائضين النار خلف طريدهم
في يوم كل كريهة وطعان
إن كان قد أنساك طيشك بطشهم
هلا ذكرت مصارع اليونان •••
يا شرق إن الغرب فيك لطامع
فالبس دروع العلم والعرفان
أوما تعلمنا مناهضة العدا
وقتالهم من أمة اليابان
ظمئ الثرى لدم العدا وتعطشت
بيض الظبا وعوامل المران
وتبرجت حور الجنان لسابق
بجياده في ذلك الميدان •••
أبناء مصر ولا أخاف عليكم
في ظل «لندن» غارة القرصان
لا تنفروا لتعاونوا جيرانكم
فطريقكم للحرب غير أمان
كيف النزال ولا سلاح لديكم
غير العصي بنادق العميان
ماذا يكون إذا المدافع أرعدت
وتلبدت آفاقها بدخان
والترك مشغولون عن أضيافهم
بالنائبات وقلة الأعوان
والبحر بر والسفائن مدنه
والجو غص بفرقة الطيران
فتبرعوا يا أهل مصر بمالكم
وذروا القتال فليس في الإمكان
لم تجمعوا خمسين ألفا كلكم
وسخا بها علج من الطليان
لا تفخروا بالجود ظلما بعدها
لا تجمعوا بخلا إلى بهتان
تهنئة بنصر
بسالة الأسد لا تدعو إلى العجب
حيا الإله وجوه الترك والعرب
قد حققوا فيهم آمال أمتهم
لا شك أنتم بنو آبائنا النجب
العدل وجهتكم والصبر حليتكم
والنصر هجمتكم كشافة الكرب
لقد أعدتم لنا التاريخ شاهدنا
على المعالي بضرب ساطع اللهب
وسطرت بدم القرصان بيضكم
شرح العويص الذي نتلوه في الكتب
فليس يعجزنا فهم الذي حفظت
لنا التواريخ من مجد ومن حسب •••
سر يا كتابي من حلفا بتهنئتي
إلى طرابلس وانزل ساحة الغلب
أبلغ سلامي لجند الله منتصرا
على العدو ومغبوطا على السلب
وقل لهم راية الشرق العظيم بكم
أعزها الله تستعدي على النوب
فعززوها كما كانت أوائلنا
تعزها قبلنا في سالف الحقب •••
لله در بني الطليان ما صنعوا
غير الجميل بذاك الطيش والصخب
قد أغرق البحر منهم ما نوى هربا
وأحرق البر من لم يرض بالهرب
فالنسر يتبع منهم كل منعفر
والحوت يطلب منهم كل منقلب
والبيض تقطفهم والنار تحصدهم
والخيل تقلبهم رأسا على عقب •••
لله در السنوسي من أخي ثقة
عند الشدائد طلاع مع النوب
رأى الهلال تكاد السحب تحجمه
فهب في الخيل إعصارا على السحب
فشتت الغيم عن وجه الهلال كما
تشتت النوم من عيني شج وصب
يا أمة الترك بل يا مشرقان معا
من ساكن قلبه منا ومضطرب
لا تعجزوا عن عدو لا يضارعنا
في الفضل والدين والأخلاق والحسب
وجاهدوهم وجدوا في طلابهم
قد نال آماله من جد في الطلب
إلى الترك والعرب
لم يبق في قوس التصبر منزع
فإلى طرابلس الطريق أو اربعوا
عار بني عثمان ترك تراثكم
نهبا على أعدائكم يتوزع
عار عليكم بيع ملك جدودكم
بيعا يثلم عرشكم ويضيع
إن الممالك لا تباع وتشترى
بالمال لكن بالصوارم تمنع
آباؤكم لم يعرفوا سوقا لها
غير المنايا والأسنة شرع
أنتم أسود الغاب في يوم الوغى
شهدت لبأسكم الخلائق أجمع
لكم الجيوش تموج في آذيها ال
دنيا ويلحظها الزمان فيخشع •••
يا أهل مصر تداركوا جيرانكم
قبل الفوات وبالجميل تبرعوا
أرضيتم أن يأكلوا من جوعهم
رملا وأنتم المناعم رتع
أيسركم أن يستبيح حريمهم
قوم طغام في الجهالة أوضعوا
إخوانكم في مأزق يدعونكم
ولقد سمعتم ما لكم لم تسرعوا
يا معشر الأعراب هذا عرضكم
فليدفع الأتراك عنه وتدفعوا
فتناصروا في كل خير تنصروا
وتجمعوا من كل صوب واجمعوا
للملك رب عادل
عدوك أشقى منك بالغدر والختل
فللملك رب قائم فيه بالعدل
أفي كل عام رنة خلف ضائع
من المجد في غيث من الدمع منهل
أعيد وأرواح تسيل بريئة
على شفرات البيض في الحزن والسهل
ألا إن يوم العيد يوم يريحنا
من العيش في دار المهانة والذل •••
يقولون هذا عصر نور مبارك
وما هو إلا نار أحقادهم تغلي
يرومون عنا حجب نور هلالنا
لنفزع في ليل الخطوب من الظل
وهل إن يغب نور الهلال يروقنا
على الأرض حسن يبهج العين أو يسلي
سيبقى على الدنيا الهلال ونوره
إلى يوم بعث الناس والكتب والرسل
أيها الشاعر
أيها الشاعر مهلا
إنما تطلب غيا
نظمك الأشعار درا
ليس يغني عنك شيا
تارة تغضب هندا
تارة تظلم ميا
فاذكر الله وسبحه
وكن عبدا تقيا
فلعل الله يوما
يجتبي منك وليا
أو يرقيك مكانا
في المحبين عليا
كن له في السر والجه
ر صفيا ونجيا
واسأل الله وعش عن
خلقه العمر غنيا
قدرك أعظم
على روحك ابن المصطفى ألف رحمة
وألف صلاة ما تنفس مسلم
تمنيت لو أهديت بابك طاقة
من المدح إلا أن قدرك أعظم
نهضة مصر
طأطئي يا ممالك الأرض هاما
فأبو هول نهضة النيل قاما
مد كفيه للوثوب وأعلى
هامة تملأ القلوب اعتزاما
بعدما نام من قرون عقودا
هب يرعى بأيده الأهراما
اليوم عيدك
زين الطهارة والعفاف سلام
حيا ثراك العاطر الإسلام
وعلى الشهيد ووالديك وجدهم
صلوات ربي ما استنار ظلام
اليوم عيدك تزدهي أعلامه
حليت بكم وازدانت الأعلام
لما نزلت بمصر بورك حولها
وأقام فيها زمزم ومقام
لي حين زرتك خائفا متبركا
أمن وركن منك ليس يرام
أرأيت والإسلام قل حماته
ما خبأت لشعوبه الأيام
النيل روضتك الشذية حصنه
واد شذاه ثراك ليس يضام
راية الدين
لا زلت خافقة يا راية الدين
وامتد ظلك فوق الهند والصين
وطال عمر أمير المؤمنين لنا
خليفة الله سلطان السلاطين
منحت شعبك يا عبد الحميد يدا
أسمى من الكبر في شم العرانين
ما زلت ترفع أعلام الفخار لنا
بين الممالك من حين إلى حين
بالحلم آنا وبالإحسان آونة
وتارة بظبا البيض الميامين
إن آيس الغرب دين أنت حارسه
فإنه درة في جوف تنين
تقول بين العدا علما بمكرهم
وأنت كالسيف ذو بأس وذو لين «لو يشربون دمي لم يرو شاربهم
ولا دماؤهم جمعا ترويني»
هاتها
خيريتي سجد الجمال لذاتها
والحسن كل الحسن في قسماتها
والله أعطاني البهاء متمما
في شكلها والسحر في نظراتها
عامان هذا الجمر في وجناتها
أذكى وذاك النور في مشكاتها
قلبي ووجنتها سهيل مسائها
وضياء غرتها ذكاء غداتها
مرجان يحملها ويمشي تائها
مما كست عطفيه من آياتها
طلعت طلوع البدر من ظلمائه
ليلا علي فقلت ويحك هاتها
وأخذتها فشممتها وضممتها
ولثمتها وسكرت من رشفاتها
حباك القريض
حباك القريض الذي قد براك
فسبحه واحمد لما قد حباك
وأعطاك فوق الثرى فكرة
تناغي بها في السماء السماك
وأكبرتني في عيون الورى
وما كنت أكبر لولا نداك
وشمس تطالعني بالسنى
وروض بما حملت من نثاك
وأم يساعفني درها
تدافع باسمك عني الهلاك
وذو حنق أيد مشفق
يعارك عني العوادي عراك
فيا ضعفنا في أكف البلى
ويا بطشنا حين نأبى هداك
الحب غير الحب
يا قينة الأيكة بي
لا تهزئي لا تكذبي
ما للحمام والهوى
يا لاقطات العشب
الحب غير الحب يا
ورقاء فارعي واشربي
لولا الهوى لم أرع ل
ليل سوام الشهب
مدامعي تعجبني
ويزدهيني طربي
فتعبي في راحتي
وراحتي في تعبي
يا ليل ما أبهاك في
عيني وما أحفاك بي
هل النجوم في الدجي
سبائك من ذهب
أم درر ينظمها «حافظ» عهد الأدب
المحسن ابن المحسن
ين الطيب ابن الطيب
من نظمه ونثره
كالروض غب السحب
يا رب هب لي قطرة
من غيثه المنسكب
هذا الجلال
ما كنت أوثر أن أعيش
لكي أرى هذا «الجلال»
يرنو لمكتبه ومن
صبه ويبسم في دلال
لو أن شومينا وبلقي
سا ويوسف ذا الجمال
جمعوا معا في حلت
يه ومصطفى باشا كمال
ما زاد عما فيه من
عجب وتيه واختيال
الطرد المتأخر
أي البريدين أحرى أن أطالبه
بالطرد من منكما المستأسد الضاري
أشكو إلى الله خرقا في بريدكم
كالقبر غيب فيه طرد أسفاري
إني لأرجو زمان العيس يرجع لي
إن كان هذا زمان الماء والنار
قد أوشك الشهر يمضي والبريد على
مهل يجاذب ردفا كالنقا الهاري
قد جئت أطلب يا أهل البريد هدى
فإن ضللت فياللخزي والعار
Неизвестная страница