Discussions on Creed in Surah Az-Zumar
مباحث العقيدة في سورة الزمر
Издатель
مكتبة الرشد،الرياض،المملكة العربية السعودية
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤١٥هـ/١٩٩٥م
Жанры
والقول بإثبات هذه الحكمة ليس هو قول المعتزلة ومن وافقهم من الشيعة١ فقط بل هو قول جماهير طوائف المسلمين من أهل التفسير والفقه والحديث والتصوف والكلام وغيرهم فأئمة الفقهاء متفقون على إثبات الحكمة والمصالح في أحكامه الشرعية وإنما تنازع في ذلك طائفة من نفاة القدر وغير نفاته، وكذلك ما في خلقه من المنافع والحكم والمصالح لعباده معلوم" أ. هـ ٢.
وقد أنكر - سبحانه - على من نسب إلى حكمته التسوية بين المختلفين فقال تعالى: ﴿أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ﴾ ٣.
وقال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾ ٤.
هاتان الآيتان: دلتا على أن التسوية بين المختلفين حكم سيء ينزه - الباري جل وعلا - عنه ولم ينكره - تعالى - من جهة أنه لا يكون، وإنما أنكره من جهة قبحه في نفسه، وأنه حكم سيء يتعالى ويتنزه عنه لمنافاته لحكمته وغناه وكماله، ووقوع أفعاله كلها على السداد والصواب والحكمة، فلا يليق به أن يجعل البر كالفاجر، ولا المحسن كالمسيء، ولا المؤمن كالمفسد في الأرض فدل على أن هذا قبيح في نفسه - تعالى الله - عن فعله، ومن هذا أيضًا: إنكاره - سبحانه - على من جوز أن يترك عباده سدى فلا يأمرهم ولا ينهاهم، ولا يثيبهم، ولا يعاقبهم، وإن هذا الحسبان باطل، والله متعال عنه لمنافاته لحكمته، وكماله كما قال تعالى: ﴿أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً﴾ ٥
١- الشيعة: هم الذين شايعوا عليًا ﵁ على الخصوص، وقالوا بإمامته وخلافته نصًا ووصية، إما جليًا، وإما خفيًا، واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج من أولاده، وإن خرجت فبظلم يكون من غيره، أو بتقية من عندهم، وقالوا: ليست الإمامة قضية مصلحية تناط باختيار العامة وينتصب الإمام بنصبهم بل هي قضية أصولية ... وهم فرق متعددة بعضهم يميل في الأصول إلى الإعتزال، وبعضهم إلى السنة وبعضهم إلى التشبيه. انظر: "الملل والنحل" ١/١٤٦، وانظر: "مقالات الإسلاميين" ١/٦٥ وما بعدها. ٢- منهاج السنة النبوية ١/٣٤ - ٣٥، وانظر: الرسالة الثامنة "الإرادة والأمر ضمن مجموعة الرسائل الكبرى" ١/٣٣١ - ٣٣٢. ٣- سورة ص، آية: ٢٨. ٤- سورة الجاثية، آية: ٢١. ٥- سورة القيامة، آية: ٣٦.
1 / 83