Discussions on Creed in Surah Az-Zumar
مباحث العقيدة في سورة الزمر
Издатель
مكتبة الرشد،الرياض،المملكة العربية السعودية
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤١٥هـ/١٩٩٥م
Жанры
وقال أبو الحسن الأشعري١: بعد أن ساق كلامًا كثيرًا يريد منه إثبات أن الله - تعالى - مستو على عرشه فوق سمواته قال ﵀: "ورأينا المسلمين جميعًا يرفعون أيديهم إذا دعوا نحو السماء لأن الله ﷿ مستو على العرش الذي هو فوق السموات فلولا أن الله ﷿ على العرش لم يرفعوا أيديهم نحو العرش كما لا يحطونها إذا دعوا إلى الأرض"٢.
وأما دلالة العقل على ذلك فنقول: إن العقل قد دل على أن الله عال على جميع خلقه من وجو:
أحدها: العلم البديهي القاطع بأن كل موجودين، إما أن يكون أحدهما ساريًا في الآخر قائمًا به كالصفات، وإما أن يكون قائمًا بنفسه بائنًا من الآخر.
الثاني: أنه - تعالى - لما خلق العالم فإما أن يكون خلقه في ذاته أو خارجًا عن ذاته والأول باطل.
أما أولًا: فبالاتفاق، وأما ثانيًا: فلأنه يلزم أن يكون محلًا للخسائس، والقاذورات - تعالى الله - عن ذلك علوًا كبيرًا.
والثاني: يقتضي كون العالم واقعًا خارج ذاته، فيكون منفصلًا فتعينت المباينة لأن القول بأنه غير متصل بالعالم، وغير منفصل عنه غير معقول.
الثالث: أن كونه - تعالى - لا داخل العالم ولا خارجه يقتضي نفي وجوده بالكلية لأنه غير معقول فيكون موجودًا، إما داخله وإما خارجه، والأول باطل، فتعيّن الثاني فلزمت المباينة٣.
وللجهمية في إنكارهم صفات الله ﷿ وقولهم أن الله ﷿ في كل
_________
١- هو: أبو الحسن الأشعري علي بن إسماعيل بن إسحاق من نسل الصحابي أبي موسى الأشعري. كان من الأئمة المجتهدين. ولد في البصرة سنة ستين ومائتين، وتوفي سنة أربع وعشرين وثلاثمائة هجرية. انظر ترجمته في: "طبقات الشافعية ٣/٣٤٧، البداية والنهاية ١١/٢١٠، اللباب ١/٦٤، شجرة النور الزكية في طبقات المالكية ص٧٩".
٢- الإبانة في أصول الديانة ص٣٠ـ٣١.
٣- شرح الطحاوية ص٣٢٥.
1 / 44