Discussions on Creed in Surah Az-Zumar
مباحث العقيدة في سورة الزمر
Издатель
مكتبة الرشد،الرياض،المملكة العربية السعودية
Издание
الأولى
Год публикации
١٤١٥هـ/١٩٩٥م
Жанры
وقال تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾ .
فهاتان الآيتان من السورة فيهما بيان أن الخوف لا يكون إلا من الله - تعالى - لأنه وحده القادر على جلب النفع للعبد، ودفع الضر عنه، أما غيره فلا يملك من ذلك شيئًا فقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ هذه الآية بينت أن الرسول ﷺ مأمور أن يخاف عذاب يوم عظيم إن هو عصى الله - تعالى - فيما أمره به من إخلاص العبادة والطاعة له - وحده - لا شريك له وكون الرسول ﷺ يخاف عذاب يوم عظيم الذي هو يوم القيامة ذلك اليوم الذي يعظم هوله ويشتد خطره لهو من أبلغ الزجر لغيره، إذ غيره ﷺ يجب أن يعظم خوفه من باب أولى لأنه - تعالى - قد أخبرنا في محكم كتابه أنه قد غفر لنبيه ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
قال تعالى: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّر﴾ ١.
وقد ذكر القرطبي: في تفسيره عن سعيد بن المسيب وأبي حمزة ٢ الثمالي "أن هذه الآية ناسخة لقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ فكان هذا الخطاب موجهًا للرسول ﷺ من قبل أن يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر"٣.
وأما قوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾ الآية.
ففيها إخبار من الله - جل وعلا - بأنه الكافي لعبده العابد له وحده لا شريك إذا صدق في التوكل عليه ﷾ وفيها أيضًا: بيان أن المشركين كانوا يخوفون الرسول ﷺ بما يعبدون من دون الله من الأوثان والآلهة الباطلة أن تصيبه بأذى لأنه أعلن البراءة منها وعاب عبادتهم إياها وتوجيههم العبادة لمن ليس له حق فيها وجهلوا أنه ﷺ قد أوى إلى ركن شديد، وعلم بأنها لا تقدر على شيء من تلك المزاعم التي اختلقوها وهي زعمهم بأن آلهتهم ستصيبه بأذى، أو تخبِّله إلى غير ذلك من المزاعم التي نسبوها إليها، ولكنه ﷺ تصدى لها وبين بطلان عبادتهم لها حتى أرسى قواعد العقيدة الصحيحة، وبين
١- سورة الفتح آية: ٢.
٢- اسمه ثابت بن دينار الثمالي الأزدي بالولاء المتوفى سنة خمسين ومائة هجرية.
٣- الجامع لأحكام القرآن ١٥/٢٤٢.
1 / 217