Исследования в литературных и социальных течениях
دراسات في المذاهب الأدبية والاجتماعية
Жанры
والوهم أو الخداع
Make-believe
كما يفرق بين الفن الذي يعتمد على هذا، والفن الذي يعتمد على ذاك.
فالفن الخادع هو الفن الذي يرضي شهوة من الشهوات يفقدها الإنسان في عالم الحس، فيموهها على نفسه في عالم الأحلام.
أما الخيال فإنه يجري عمله كما تجري الحواس وظائفها دون تعمد للخداع وإرضاء الشهوات، وإن جاء منه عفوا ما يخدع أو ما يرضي شهوة المتخيلين.
ويمتاز فن الخيال على فن الخداع بأنه فن لا يتوخى التسلية ولا إثارة الإحساس، بل يعمد إلى الأشياء التي يحسها الناس إحساسا مبهما أو مضطربا فيجلوها لهم، ويرفعها أمامهم من قرارتها الغامضة إلى وضح الوعي والتصور المبين، ولا معنى في مذهب كولنجود لقول القائلين بالفن للفن، على اعتبار أن الفن صناعة أو صياغة منفصلة عن الموضوع، ولكن «الفن للفن» في رأيه معناه أن الفن لموضوعه، وأن موضوعه هو ما تقدمت الإشارة إليه من تجلية الخيال والشعور.
وتنتهي بنا هذه الرحلة السريعة بين القديم والحديث إلى خلاصة نجعلها في هذه الحقيقة، وهي أننا نرتقي في تقدير الفن كلما ارتقينا في تقدير الحس والبداهة وفي العلم بوظيفة الخيال، فليس الفن مقيدا بالحس والمدركات الحسية، وليس الخيال خداعا منعزلا عن حقائق الأشياء، بل هو وظيفة مبدعة تنفذ من أسرار الخلق إلى الصميم.
ونعود إلى أفلاطون لنقتبس منه أمثولة تنفعنا في تقريب وظيفة الفن على هذا الاعتبار، فأفلاطون يقول إن الإله السرمدي شاءت له نعمته أن يتفضل على المخلوقات بنوع من البقاء يناسبها؛ لأنه هو الباقي الذي لا يزول، وليس من المعقول أن يخلع عليها نعمة البقاء الأبدي؛ لأن بقاء الأبد لا يخلع ولا ينتقل من خالق إلى مخلوق، فوهب لها بقاء الزمان تحاكي به بقاء الله، وهو غاية ما تسمو إليه من دوام.
وعلى هذا النحو يمكننا أن نقول إن الخالق السرمدي - جلت قدرته - قد شاءت له نعمته أن يتفضل على العباد بنوع من قدرة الخلق تناسبها، وتدخل في مستطاعها، فوهب لها الفن تخلق به بدائعها وتصور به آمالها، فهو غاية ما تسمو إليه من خلق وإبداع، وهو قبس في الإنسان من قدرة الله، أو كما قلنا من قصيدة في ديواننا الأول:
الشعر من نفس الرحمن مقتبس
Неизвестная страница