Исследования в литературных и социальных течениях
دراسات في المذاهب الأدبية والاجتماعية
Жанры
ومن هذا الاتجاه المطرد يبدو لنا جليا واضحا أن الأدب العربي يتقدم في وجهة الاستقلال بجملة معانيه بالنسبة إلى الفرد وبالنسبة إلى الأمة، وأن العلامة المحققة لهذا الاتجاه هي الابتعاد يوما فيوما عن التقليد، والاقتراب يوما فيوما من التعبير المطبوع الذي لا يقوم على المحاكاة ولا على النقل بغير تصرف فيه.
ففي الشعر يتقدم الشعراء سريعا من شعر النماذج العامة إلى شعر التعبير عن الشخصية المستقلة.
وفي النثر على اختلاف موضوعاته يكثر التأليف ويزيد عدد الكتب المؤلفة على عدد الكتب المترجمة في أكثر تلك الموضوعات، وذلك فيما عدا موضوعات الثقافة العلمية التي يكثر فيها النقل لتزويد البرامج المدرسية بمادتها الصالحة للتعليم.
ونحن نعني بشعر النماذج؛ ذلك الشعر الذي يصف نموذجا من الناس كما يكون في الجماعة العامة، ولا ينفذ من وراء النموذج إلى أفراد الناس «شخصية شخصية» مستقلة بطابعها عن سائر الشخصيات الإنسانية.
فإذا تغزل مائة شاعر في معشوقاتهم، فالمحاسن المحبوبة في جميع هؤلاء المعشوقات واحدة لا تنويع فيها، من صفات الطلعة والعين والأنف والثغر والقامة الهيفاء والخصر النحيل ... إلى صفات الدلال، والتيه، والهجر، والمطل بالمواعيد.
وإذا امتدح شعراء العصر جميعا وزراء العصر جميعا، فليس أمامنا غير وزير واحد تتكرر شمائله وأعماله في كل قصيدة بمختلف العبارات والأساليب.
تغير ذلك كله رويدا رويدا في مدى هذه السنين من عهد الثورة العرابية وما قبله بقليل، وظهر بعده الشعر الذي يقوله «شخص» له شعوره المستقل وتقديره الخاص لمعاني المديح، والذي يقال في معشوق له صفاته وملامحه وعاداته وأحاديثه التي تروى بلفظها الشعري في أبيات القصيد، أو الذي يقال في ممدوح مميز بطابعه الحي الذي لا يختلط بغيره من الممدوحين.
وسرى هذا الاستقلال سريانه السريع في منظومات الغناء من القصائد الفصحى أو الأزجال والمواويل.
فالأغنية اليوم تعبر عن علاقة حاصلة أو عن واقعة محدودة، ولا ترسل إرسالا في قالبها الموروث بنغماتها أو بمضمونها المكرر المطروق.
وظفر المسرح بنصيبه من هذا التطور في الروايات المسرحية، وأكثرها ينظم لإحياء «الشخصيات» التاريخية بصورتها التي يخرجها الشاعر من القالب العتيق إلى عالم الحياة بين الأحياء.
Неизвестная страница