Западные философские исследования
دراسات فلسفية (الجزء الثاني): في الفلسفة الغربية الحديثة والمعاصرة
Жанры
التمييز بين المسيحية والوثنية:
المسيح هو الذاتية القادرة، القلب الذي تم خلاصه من قوانين الطبيعية، العاطفة التي تستبعد العالم كي لا تستبقي إلا ذاتها، تحقيق كل رغبات القلب، الصعود السماوي للخيال، عيد بعث القلب. المسيح إذن هو الذي يميز بين المسيحية والوثنية. في المسيحية لا يركز الإنسان إلا على نفسه وبالتالي يشعر أنه موجود لا حدود له، الذات والموضوع، في حين أن القدماء قد جعلوا الموضوع ضد الذات. المسيحيون أحرار أمام الطبيعة ولكن حريتهم ليست حرية العقل بل حرية العاطفة والخيال، حرية المعجزة. المسيحيون يحتقرون العالم ولا يعتبرون إلا الفرد في حين تضع الوثنية الإنسان مع الطبيعة، وتعتبر الإنسان الفرد في علاقته مع الجماعة. الله هو قصور الجنس (المنطقي) واعتباره شخصا في المسيحية، وهو الشامل في الوثنية. يجعل المسيحيون العقل فرديا خالصا ويجعله الوثنيون شاملا. لم تدرك المسيحية الأجناس والأنواع، ويبدو ذلك في فكرة الخطيئة في كل إنسان. لقد جعلت المسيحية الإنسان إله الإنسان. (16)
المعنى المسيحي للرهبنة الإرادية ولحياة الرهبنة:
مع اختفاء فكرة الجنس أو النوع من المسيحية فإنها لا تحتوي في داخلها على مقومات الحضارة ما دام الله هو الفرد، هو الإنسان، والله لكل إنسان على انفراد. الله هو الذاتية المطلقة، الذاتية فوق العالم، منفصلة عنه، متحررة من المادة التي تجردت من حياة الأجناس وبالتالي من التميز بالأجناس والأنواع. غاية المسيحي الأساسية هي القطيعة الأساسية، هي القطيعة مع العالم والمادة وحياة النوع. وتتحقق هذه الغاية على نحو حسي في حياة الرهبنة. وإنه لخداع نفسي أن يرغب الإنسان في أن يحيا حياة الرهبنة. ولم تصدر الرهبنة عن الشرق وحده لأنها تنشأ من الروح ومن طبيعة الغرب بوجه عام. تنبع الرهبنة من الاعتقاد المسيحي الضروري بالسماء الذي تعده المسيحية للإنسانية. فحيث تكون حياة السماء حقيقة تكون حياة الأرض كذبا. وحيث يكون الخيال وجودا يصبح الواقع عدما. تفقد هذه الدنيا قيمتها من أجل السماء، والإيمان بقيمة السماء هو إعدام لقيمة الأرض. لقد فهم القديس أنطونيوس وحده عبارة المسيح «إذا أردت أن تكون كاملا، اذهب وبع كل ما تملك وأعطه للفقراء فسيكون لديك كنز في السماء ثم تعال واتبعني.» وهذه حرية وهم وخداع. يقدس المسيحيون مبدأ العذرية والحمل العذري كمبدأ للخلاص، كمبدأ للعالم الجديد، العالم المسيحي. فإذا قيل: الحياة ازدواج، وقد أمر الدين بالتكاثر ، وبأن ما ربطه الله في السماء لا يمكن حله في الأرض، وبالتواصي بالتزاوج في العهد القديم قيل: الله ذاتي شخصي، والحب كذلك. وهو حب غيور يرفض المشاركة مع آخر. حب الله حب حقيقي وحرفي وشخصي ووحيد. أما حب المرأة فزنا للروح. إن من يهتم بامرأة لا يهتم إلا بأمرها ومن ليس له امرأة يهتم بالله كما يقول بولس. يفكر المتزوج في إدخال السرور على زوجته أما العازب فإنه يفكر في إدخال السرور على الله. فكما أن المسيحي ليس في حاجة إلى حضارة فإنه ليس في حاجة إلى حب. الحب الجنسي حب خادع، حب دنيوي يطرد من السماء، ومن يطرد من السماء يطرد ماهيته الحقيقية. في السماء أفراد بلا جنس، أفراد خلص، ذاتية مطلقة. والحياة الحقة هي الحياة السماوية. (17)
السماء المسيحية أو الخلود الشخصي:
إن حياة العذرية وحياة الزهد بوجه عام هي الطريق المباشر إلى حياة الخلود السماوي. فالسماء هي الحياة الذاتية على الإطلاق والخارقة للعادة مع التحرر من الجنس والنوع. التمييز بين الجنسين خداع لأن الفرد موجود لا جنسي. الخلود هو الإيمان بالشخصية بلا حدود. الله هو السماء الروحي، والسماء هو الله الحي. الله هو السماء الذي لم يتطور، والسماء هو الله المتطور. الله هو مملكة السموات ولكنه في المستقبل هو السماء الذي هو الله. الله هنا في الوجود ولكنه في المستقبل هو المجرد، فالمستقبل هو ملخص السماء. الله هو تصور الجنس (المنطقي) الذي لم ينفرد ولم يتحقق إلا هناك. الله هو الماهية السماوية الخالصة الحرة، هو تصور الماهية للحياة السماوية، هو الحياة المطلقة التي يتم التفكير فيها كسماء، فلا يوجد فرق بين الله والسماء. الله هو وجودي الدفين اليقيني، ذاتية الذوات، شخصية الشخصيات، أن أقيم مستقبلي على حاضري، وأن أحول الفعل إلى مفعول. الله هو الوجود الذي يقابل عواطفي ورغباتي. الله هو القوة التي بها يحقق الإنسان سعادته الأبدية. وعقيدة الخلود هي آخر عقيدة في الدين. إن لم أكن خالدا لما كان الله هو الله ولما كان هناك خلود ، وما كان هناك إله. الخلود إذن حقيقة تحليلية تتضمن حقائق أولية أخرى. لو آمنت بالله لامتلكت الخلود أيضا. ويتطلب الاعتقاد بالسماء المدح والذم، الثواب والعقاب؛ لأنه ذو طبيعة نقدية. الجنة للمسيحيين دون المسلمين، وللمؤمنين دون الكفار، وللأخيار دون الأشرار. ليست الحياة الأخرى إلا حياة الانسجام مع العاطفة، حياة يمحي فيها الشقاق، ويعيش فيها الإنسان في تآلف ووئام مع نفسه. لقد كان الإيمان بالعالم الآخر عند الشعوب البدائية هو إيمان مباشر بالدنيا دون تجريد وعمومية، دون قطع معها. لا فرق إذن بين معتقد المسيحيين ومعتقد البدائيين إلا في أن الأولين ذوو حضارة والآخرين بلا حضارة، أي في درجة التجريد والعمومية. وكما أن الله ليس إلا ماهية الإنسان بعد أن يتم تطهيره من تحديدات الإنسان الفردي سواء من الفكر أو من العاطفة، كذلك فالآخرة ليست إلا الدنيا بعد تحريرها وتخليصها من حدودها. فإذا ما انفصل الإنسان عن ماهيته فإنه سرعان ما يعود إليها. الاعتقاد بالآخرة هو اعتقاد بحرية الذاتية، بخصوص حدودها في الطبيعة، وهي في الحقيقة إيمان الإنسان بذاته. الإيمان بالله هو إيمان الإنسان بماهيته الحقيقية المطلقة بعد أن نقذفها خارج العالم ونجعلها خارقة للطبيعة وفوق طاقة الإنسان. الإنسان هو بداية الدين، والإنسان هو النقطة المتوسطة فيه، والإنسان هو غاية الدين ونهايته.
وهكذا ينتهي فيورباخ من هذا الوصف الصحيح للدين على أنه أنثروبولوجيا، أي وضع الإنسان قبل أن يصفه وهو مغترب زائف في ثيولوجيا الدين.
ثالثا: الجوهر الزائف، أي ثيولوجيا
الدين
يبين فيورباخ في القسم الثاني تناقضات اللاهوت أي الثيولوجيا، مبينا أن الثيولوجيا هي تزييف للأنثروبولوجيا وأن ثيولوجيا الدين هي اغتراب لأنثروبولوجيا الدين. ويكشف عن جوهر الدين، ويبين التناقضات اللاهوتية في إثبات وجود الله وفي وصف ماهيته وفي التصورات الفلسفية لله، وفي التثليث وفي الوحي وفي الطقوس وفي الإيمان والحب وفي الإنسان بوجه عام. ويكشف عن هذه التناقضات لا على نحو جدلي كما هو الحال عند هيجل، بل يكشف عنها في الزمان وفي حياة الإنسان وفي شعور الإنسان. وحل هذه التناقضات بإرجاعها إلى مصادرها الأولية في أنثروبولوجيا الدين أي بالقضاء على الزيف والعود إلى الصحيح. (1)
Неизвестная страница