Западные философские исследования
دراسات فلسفية (الجزء الثاني): في الفلسفة الغربية الحديثة والمعاصرة
Жанры
إن نظرية الطبيعة الأبدية في الله، هذه الخيالات الكونية اللاهوتية التي وضعها جاكوب بوهمه والتي أعاد شلنج صياغتها جديرة بالتحليل النقدي. الله روح خالص، وعي واضح بذاته، شخصية خلقية. وعلى الضد من ذلك الطبيعة مختلطة غامضة لا خلقية أو غير خلقية، ولكن من التناقض صدور غير الخالص من الخالص، والغموض من الوضوح؛ وبالتالي فإن النظرية مادية مغلفة بالتصوف. في هذه النظرية الثنائية في الله يكون الموضوع الحقيقي مرضيا
والموضوع المتخيل هو اللاهوت أي أن الباثولوجيا النفسية تحولت إلى ثيولوجيا. فتاريخ المرض الإنساني هو تاريخ المرض الإلهي، وكلاهما مجموعة من الأمراض النفسية والعقلية. وهي نفس الأفكار المختلطة التي تحدث عنها ليبنتز والمأخوذة من جاكوب بوهمه والتي حاول شلنج تحديثها فتعالى عليها. كان بوهمه متدينا ولكن الطبيعة كما وصفها العصر الحديث في مذهب اسبينوزا وفي المادية والتجريبية استولت على شلنج فحاول تفسير الطبيعة على نحو طبيعي . لقد أغنت الطبيعة العواطف الدينية، فالله غني كالأرض، وكل ما في الله في الأرض، وكل ما في الأرض في الله. لقد تصور شلنج العلاقة بينهما عكسية، وهي عند بوهمه طردية. (لقد أرادت نظرية الطبيعة في الله تأسيس التأليه من خلال المذهب الطبيعي، فكل ما يمجده الإنسان ويعظمه هو الله، وما يلومه ويحتقره لا يكون إلها. الدين حكم شعوري أو لا شعوري، والحكم يعبر عن موقف. الوجود الإلهي ما هو إلا ماهية الإنسان بعد أن تحولت بموت التجريد، روح الإنسان، روح الإنسان المنفصل. في الدين يتحرر الإنسان من حدود الحياة، يترك ما يقهره وما يخدمه وما يؤثر عليه أثرا سيئا. لا يشعر الإنسان بالسعادة إلا في الدين، بعبقريته يوم الأحد!) (وحيث تنتهي الطبيعة يبدأ الله لأن الله هو الحد النهائي للتجريد؛ ونتيجة لذلك فكل محاولة لتأسيس شخص الله بواسطة الطبيعة فإنها تتأسس على خلط فاسد وسيئ بين الدين والفلسفة عن لا وعي وعن غياب كلي للنقد. فيما يتعلق بنشأة الله الشخصي في شخص الله يحتفل الإنسان بغياب تحديداته الخاصة الخارجة على الطبيعة والمستقلة عنه، ولكن الذي تصور الله كجوهر مثل اسبينوزا سيرفض الله الشخصي أي الله الموضوعي، في مقابل الله الذاتي؛ لذلك كان جاكوبي على حق في اعتبار الله شخصيا، ولكن شلنج يدخل بدهاء وخبث الطبيعة في الله الشخصي الذي تكون ماهيته هي الشخصية المتحررة التي انفصلت وتم إنقاذها من حدود الطبيعة وبالتالي في التناقض. فإذا كان شلنج قد أراد تفادي الخلق بالتوحيد بين الله والطبيعة فإنه لم يسلم من التناقض والخلط، ونقصه التحليل النفسي والتمييز بين ما هو مرضي وما هو صحيح.) (9)
سر العناية والخلق من عدم:
الخلق هي كلمة الله المنطوقة. والكلمة الخالقة هي الكلمة الداخلية المتماثلة مع الفكر. والنطق فعل إرادة؛ وبالتالي فالخلق نتيجة الإرادة، ولكنها ليست إرادة العقل بل إرادة الخيال، الإرادة الذاتية اللامحدودة. وقمة مبدأ الذاتية هي نظرية الخلق من عدم. وكذلك لا تعني نظرية قدم العالم أكثر من جوهرية المادة، وتعني أيضا الخلق من عدم ، عدم العدم. وكل شيء يبدأ ينتهي كذلك، فبداية الشيء تضع أيضا على مستوى التصور نهايته. بداية العالم هي أيضا بداية نهايته، بمجرد الحصول عليه يتم فقده، أوجدته الإرادة ثم أعدمته. إن وجود العالم وجود زمني مؤقت بلا ضمان أو قيمة. صحيح أن الخلق من عدم تعبير عن القدرة المطلقة، ولكن القدرة المطلقة من خصائص الذاتية التي تتخلص من كل التحديدات الموضوعية ثم تحتفل بهذا التحرر، فتعمل على هواها، طليقة من كل قيد. لقد تحولت الذاتية مع الفعل الحر إلى موجود أسمى كمبدأ قادر قدرة مطلقة للعالم. الخلق من عدم نوع من المعجزة. وكما أن الخلق من عدم مشابه للمعجزة فإنه أيضا مشابه للعناية لأن العناية مشابهة للمعجزة. إن برهان العناية هي المعجزة. والإيمان بالعناية هو إيمان بالقدرة المطلقة التي تعدم أمامها كل قوة أخرى. المعجزة خلق من عدم في حين أن إنتاج الخمر عمل طبيعي. في المعجزة تتأكد العناية ويظهر الله فيها خوارق العادات
Thaumaturge
كما يخرج الساحر الحمامة من كمه أو الموسى من فمه، ولكن العناية في علاقة مع الإنسان، وتقوم بأشياء للإنسان، ولأجله ولتحقيق ما يريده يتم خرق قوانين الطبيعة. المعجزات لا تحدث للجماد أو للحيوان. والله ينقذ كل البشر وبخاصة المؤمنين. العناية تفوق إنساني، تعبر عن قيمة الإنسان وميزته على سائر الموجودات، تنقذه من ارتباطات العالم القاهرة. العناية اعتقاد الإنسان بقيمته على سائر الموجودات الأخرى. الإيمان بالعناية مثل الإيمان بالخلود. هو غرور لأن الله يعتني بي، ويهتم بشأني. مصلحتي هي مصلحة الله وإرادتي إرادته، وغايتي غايته. فحب الله لي ليس إلا حبي لذاتي المؤلهة تعبيرا عن أنانيتي. ثم نقول: إن من ينكر العناية ينكر الله! إن الإيمان بالله هو الإيمان بالكرامة الإنسانية، الإيمان بالمدلول الإلهي لجوهر الإنسان. كل شيء يوجد للإنسان ولا يوجد في ذاته. الله هو الإنسان من أجل الإنسان. إن الإنسان هو غاية الخلق وأساسه. ونحن لا نثبت إلا ذاتنا (لقد حاولت وحدة الوجود التوحيد بين الإنسان والطبيعة وكلما تشخصت فيه عزلته عنها. الخلق علاقة خارجية بين الله والعالم في حين أنه علاقة داخلية بين الذات والموضوع. إن خالق العالم هو الإنسان بوعيه بالعالم، بعمله وإرادته. لا يمكن استنباط الشخصية من الله إن لم تكن فيه من قبل، إن لم يكن الله هو الوجود الذاتي الشخصي). (10)
دلالة الخلق في اليهودية:
عقيدة الخلق لها جذورها في اليهودية وهي من عقائدها الأساسية، ولكن أساسها ليس هي الذاتية بقدر ما هي الأنانية. لقد خلقت الطبيعة من أجل المصلحة، وأصبحت الطبيعة خاضعة للإرادة من أجل المنفعة. لم يصل الوثنيون إلى تصوير الخالق بالرغم من دهشتهم أمام جمال العالم. ظهرت الطبيعة لديهم غاية في ذاتها، ولم تنفصل فكرة الله عن فكرة الطبيعة في وعيهم بالعالم. يتولد العالم ولكنه غير مخلوق. فالحدس النظري في أصله حدس جمالي، والجمال هنا هي الفلسفة الأولى. وكما يقول أنكساجوراس: لقد ولد الإنسان كي يتأمل العالم. والموقف النظري هو التجانس مع العالم والتآلف معه، ولكن لما كانت الذاتية تحتوي على خيال حسي فقد تم تصور الطبيعة خادمة للمصالح الأنانية والتعبير النظري عن هذه الرؤية الأنانية العملية القائلة بأن الطبيعة في ذاتها ولذاتها ليست إلا عدما، فالطبيعة أو العالم مصنوع، إنتاج الإرادة.
المنفعة هي الأساس الأقصى في اليهودية. إن الإيمان بالعناية والإيمان بالمعجزة يقومان أيضا على المصلحة الشخصية، فلا توجد معجزة مضادة لمن يؤمن بها. أصبحت الطبيعة موضوعا للحكم الحر وللفعل الأناني الذي يصدق عليها: تحول الماء إلى جامد، والتراب إلى قمل، والعصا إلى ثعبان، والنهر إلى دم، والحجر إلى ماء، والشمس تقف أو تسير إلى الخلف، كل ذلك يحدث لمصلحة إسرائيل بإمرة «ياهوه» الذي لا يهتم إلا بإسرائيل، أنانية مشخصنة لشعب إسرائيل مستبعدة كل الشعوب الأخرى مع التعصب المطلق لإله إسرائيل. وبينما كان اليونان يدركون الطبيعة بحسهم النظري ويسمعون أنغاما سماوية في حركة الكواكب، لم يتعامل الإسرائيليون مع الطبيعة إلا بحسهم المعوي أي ببطونهم، ولم يدركوا الله إلا بمتعتهم بأكل المن. بينما كان اليوناني يدرس الإنسانيات، الفنون الحرة وعلى رأسها الفلسفة، كان الإسرائيلي يعكف على دراسة الطعام لاهوتيا «بين المساءين يجوز أكل اللحم، وفي الصباح تشبع بالخبز وتعلم أنني الرب إلهك.» ويدعو يعقوب أنه إذا ما حرسه الله وهو في الطريق، وإذا ما أعطاه خبزا ليأكل ولباسا ليلبس، وإذا ما أوصله سالما لأبيه إذن يكون الله ربه. الطعام أهم عمل ديني في اليهودية، وبالطعام يحتفل الإسرائيلي بفعل الخلق «ورأى الإسرائيليون الله، وبعد ذلك أكلوا وشربوا.» وهم على هذا الحال حتى الآن، يعطيهم الله المنفعة، ويتمثلون الأنانية في ثوبها الديني. الله هو الأنانية التي لا تسمح بفناء عبادها. الأنانية في جوهرها توحيد، الواحد الأنا، الإنسان حول الإنسان. لا ينشأ الفن إلا في كنف تعدد الآلهة لأن تعدد الآلهة ضد الأنانية. الطبيعة عند العبرانيين نتيجة لكلمة تسلطية، لأمر مطلق، ولقرار سحري. كل ذلك ضد العقل، وهدم له، وضياع للنظر. أما قدم العالم عند الفلاسفة الوثنيين فيعني أن الطبيعة لها مدلول نظري لأنهم يتأملون الطبيعة ولا ينتفعون منها كما يفعل المسيحيون المعاصرون الذين يأخذون الطبيعة موضوعا لأبحاثهم. إن عبادة الطبيعة هي صورة لتأمل الطبيعة وكلاهما لا ينفصلان، فدراسة الطبيعة عبادة الطبيعة. الوثنية بداية البدائية الطبيعية وبالتالي فالخلق من عدم ليس موضوعا للفلسفة لأنه يقضي على التأمل من أساسه بالإضافة إلى أنها نظرية غير متسقة مع نفسها من الناحية النظرية، وتؤكد المنفعة والأنانية، ولا تحتوي إلا على أمر، ليست موضوعا للتأمل بل موضوع للمنفعة واللذة. هي فارغة بالنسبة للفلسفة التأملية. وخطؤها في أنها ترى الله هو الأول، والإنسان هو الثاني فتغلب الوضع الطبيعي للأشياء. في حين أن الإنسان هو الأول، وماهية الإنسان التي تتموضع أي الله هو الثاني.
يخلق الإنسان الله على صورته ومثاله بغير إرادته وعلى غير وعي منه، ثم يخلق الله الإنسان على صورته ومثاله بإرادته وبوعي منه. قوانين الطبيعة هي قوانين الله لمصلحة بني إسرائيل، والأرض تدور حول التوراة عند فيلون. لقد أعطى الله لموسى قدرة على الطبيعة من أجل الخلاص العام لبني إسرائيل. هو نار الغضب والانتقام المدمر، الله هو الإسرائيلي بقوة الطبيعة في قوة الله أي بقوة الله أي بقوة أناه ووعيه بذاته. الله هو الذات، أنا إسرائيل. الله خلاصنا، الله قوتنا، الله يطيع البطل يشوع لأن الله يحارب مع إسرائيل. فالله إله محارب. أما الله العام، إله يونس فلم يكن يعبر عن دين إسرائيل. (11)
Неизвестная страница