Западные философские исследования
دراسات فلسفية (الجزء الثاني): في الفلسفة الغربية الحديثة والمعاصرة
Жанры
4
وماتت الفلسفة لدينا لأنه ليس لدينا وعي بالتاريخ، ولا نعرف في أي مرحلة من التاريخ نحن نعيش؟ نقوم بأدوار أجيال مضت فتنشأ الحركة السلفية أو نقوم بأدوار أجيال قادمة فتنشأ لدينا الاتجاهات الماركسية والعلمية والعلمانية. أو لا نقوم بأي دور في الحاضر فتنشأ حالة اللامبالاة دون أن ندري أننا في مرحلة خروج من التقاليد إلى التحرر، ومن التراث إلى التجديد، ومن الماضي إلى الحاضر، وبالتالي يستلزم ذلك القيام بدور التنوير من أجل نهضة شاملة.
وعلى العكس من ذلك، تحيا الفلسفة بدخولها في معارك التاريخ وباستثمارها رصيد الفكر الإنساني، وإنجازات الروح البشري. وهنا تبدو أهمية أرسطو مؤرخا وأولويته على سقراط وأفلاطون، فعن طريق أرسطو بعث التاريخ، تاريخ الفكر اليوناني، فلم يكن أرسطو يبدأ أية مشكلة دون عرض آراء السابقين عليه، وقبل أن يبدأ برأيه الخاص، فأمكن رؤية جدلية الموضوع واحتمالاته المختلفة. ولما كانت كتابة التاريخ نذيرا بنهاية مرحلة وبداية أخرى كما هو الحال عند أرسطو وابن خلدون وتوينبي، فقد كان أرسطو ينبئ بنهاية الفكر اليوناني. وبفضل أوزب
Eusèbe «في تاريخ الكنيسة» في القرن الثاني أمكن معرفة وعي الجماعة المسيحية الأولى وتطور العقائد وتدوين النصوص الدينية. كما عرض أوغسطين في القرن الرابع لتاريخ النبوة في «مدينة الله» مبينا مراحل تقدم الوعي الإنساني واضعا بذلك أسس فلسفة التاريخ. كما قام يواكيم الفيوري في القرن الثاني عشر محولا التثليث، الآب والابن والروح القدس، من العلاقة الرأسية إلى العلاقة الأفقية. فوضع فلسفة لتاريخ الإنسانية، مرحلة السلطة ومرحلة المعارضة ثم مرحلة استقلال الوعي الإنساني، فخرج التاريخ من العقيدة والوعي من الروح.
5
وقد حييت الفلسفة بشكل واضح في العصور الحديثة خاصة ابتداء من القرن الثامن عشر بعد اكتشاف فلسفة التاريخ والوعي بالتاريخ ابتداء من فيكو وكوندرسيه وترجو وفولتير وروسو حيث ارتبطت الفلسفة بالتاريخ. وحين أصبح التاريخ موضوع الفلسفة المفضل، وحين تحددت خصائص الفكر الفلسفي طبقا للمرحلة التاريخية التي يمر بها، تحولت العناية الإلهية إلى قانون للتقدم، وأصبحت الفلسفة هي المعبرة عن هذا التقدم، وقد ظهر ذلك بوضوح في حركة التنوير في ألمانيا عند لسنج وهردر وكانط. وقد ازدهرت الفلسفة بصورة أوضح عند هيجل؛ فهو الذي فلسف التاريخ وأرخ الفلسفة، وجعل للفكر مسارا في التاريخ، وجعل التاريخ تحققا للفكرة، فوحد بين الفلسفة والتاريخ، فالوعي تاريخ الوعي، والمنطق تاريخ المنطق، والفلسفة تاريخ الفلسفة، والجمال تاريخ الجمال، والدين تاريخ الدين، والسياسة تاريخ السياسة، والتاريخ تاريخ الحضارات البشرية. كما ظهر ذلك أيضا عند ماركس، وأهمية التحليل التاريخي للواقع الاجتماعي، واستمر عند الماركسيين المعاصرين مثل لوكاتش في «التاريخ والوعي الطبقي».
6
وازدهرت الفلسفة أخيرا في نهاية الوعي الأوروبي في الفلسفة المعاصرة على يد هوسرل وبرجسون ودلتاي وفلاسفة الوعي التاريخي. فالفينومينولوجيا اكتمال للوعي الأوروبي وتاريخ له في الوقت نفسه. وقد فعل هوسرل ما فعله أرسطو من قبل في نهاية الفلسفة اليونانية بعرضه لتطور الموضوع ثم اكتماله. وتحتوي كثير من المؤلفات على عرض لجدلية الموضوع قبل بنائه، فالتاريخ جزء من الموضوع، والموضوع يعيش في التاريخ له حياة في الماضي والحاضر. وإكمال الموضوع في الحاضر هو الذي يكشف عن ماضيه في التاريخ. وقد سمى برجسون ذلك «الحركة الارتدادية للحقيقي»
Le Mouvement retrograde du vrai
أو «ترائي الحاضر في الماضي»
Неизвестная страница