Исследования о Мукарриме Ибн Хальдуна
دراسات عن مقدمة ابن خلدون
Жанры
وفي الأخير يلاحظ مونتسكيو أن أهل الجبال يكونون أكثر تمسكا بالحرية من أهل السهول، ويعلل ذلك بقوله: السبب الأصلي في ذلك هو أن الجبال تكون أقل خصوبة من السهول بوجه عام، كما أن الدفاع عنها يكون أسهل بكثير من الدفاع عن السهول. •••
هذه هي الخطوط الأساسية للآراء والنظريات التي سردها مونتسكيو في «روح القوانين» حول مسألة «تأثير الإقليم والأرض في طبائع الأمم، ونظم السياسة ووقائع التاريخ».
يلاحظ أنه يغالي في تقدير هذا التأثير مغالاة شديدة، ويبدي كثيرا من الآراء والنظريات التي لا تستند إلى أسس علمية صحيحة، وإن ظهرت في الوهلة الأولى لامعة وأخاذة، تنم عن طرافة في التفكير وبراعة في التعليل.
لقد بذل مؤلف روح القوانين جهودا فكرية بارعة؛ لأجل تعليل الكثير من طبائع الأمم ووقائع التاريخ بتأثير «درجة الحرارة والعرض الجغرافي» بوجه خاص، ولكنه خالف كثيرا من الحقائق الثابتة خلال هذه التعليلات.
إن مخالفة هذه النظريات للحقائق الثابتة كانت لفتت أنظار البعض من معاصريه، وحملتهم على انتقاده من هذه الوجهة انتقادا عنيفا، وكان «فولتير» الشهير من جملة هؤلاء المنتقدين.
وقد رد المشار إليه على ما ذهب إليه مونتسكيو من «أن الأمم الشمالية تكون شجاعة ومحاربة؛ ولذلك تتغلب على الأمم الجنوبية التي تكون جبانة ومسالمة»، بذكر بعض الوقائع التاريخية التي تشهد على عكس ذلك، فقال: «إن العرب فتحوا خلال ثمانين عاما بلادا أوسع بكثير من التي دخلت تحت حكم الإمبراطورية الرومانية في أوج عظمتها، كما أن الرومان أنفسهم تغلبوا على عدة أقوام من سكنة البلاد الشمالية، وفي التاريخ القريب تغلب جيش صغير من الإسبان الجنوبيين على جيش كبير من الألمان الشماليين.»
كما أنه رد على نظرية «تأثير خصوبة الأرض في تقرير نظام الحكم» قائلا: «إن تاريخ اليونان يشهد - في حقيقة الحال - على عكس ما ذهب إليه مونتسكيو تماما؛ لأن أثينا تنتج الآن القطن والحرير والزيت والجلود، مع أنها تئن تحت نير الاستعباد، في حين أن إسبارطة لا تنتج شيئا. فلا مجال للشك في أن أثينا كانت أغنى من إسبارطة بكثير في قديم الزمان أيضا. إن تعليل نظام الحكم بكون الأرض خصبة أو قاحلة، لا يقوم على أي أساس واقعي؛ فإن السويد - مثلا - ظلت مدة طويلة تحت نير الحكومة الاستبدادية، في حين أن بولندا أرستقراطية على الرغم من خصوبة أراضيها.»
أنا لا أرى لزوما لاستعراض جميع الانتقادات المحقة التي كانت وجهت إلى آراء مونتسكيو هذه في زمانه، غير أني أرى من الضروري أن أشير إلى حكم العلم الحاضر على هذه الآراء.
لقد حدد مونتكسيو مفهوم «الإقليم» بحدود ضيقة؛ لأنه حصره في شدة الحرارة والبرودة تقريبا، كما أنه بالغ مبالغة كبيرة جدا في تأثير ذلك في أحوال الأمم، وقد فاته أن الإنسان يقاوم تأثير الحرارة والبرودة ب «تكيف فسلجي طبيعي » من جهة، و«تكيف اجتماعي اصطناعي» من جهة أخرى. فإن النوع الأول من التكيف يتم بردود الأفعال الحياتية - بتقلص أو انبساط الأوعية الدموية المحيطة، وبتزايد أو تناقص الإفرازات العرقية - تبعا لحالة الحرارة الخارجية، وأما النوع الثاني من التكيف فيحدث بتنويع وتنظيم الأغذية والملابس والمساكن، حسب مقتضيات الحرارة.
فقد أخطأ مونتسكيو خطأ عظيما عندما سهى عن ملاحظة الحقائق الراهنة، وتوسع كل هذا التوسع في تقدير مبلغ تأثير الحرارة في طبائع الأفراد والجماعات، وأوصل المغالاة في هذا المضمار إلى حد الادعاء بأن «النظم الاجتماعية والسياسية، والنزعات الدينية والمذهبية، وكثيرا من الأمور الأخلاقية» أيضا تتبع الإقليم بوجه عام، ودرجة الحرارة والبرودة بوجه خاص.
Неизвестная страница