Исследования о Мукарриме Ибн Хальдуна
دراسات عن مقدمة ابن خلدون
Жанры
وعلى هذه الصورة وحدها نستطيع أن نصل إلى حكم علمي تحليلي، في أمر المفاضلة بين العلم الجديد وبين المقدمة، على الرغم من اختلاف ساحات البحث ومواد التفكير في كل منهما.
2 (1)
إن أبرز المسائل التي اشترك في بحثها الكتابان هي مسألة العمالقة.
من المعلوم أن ضخامة جثة الإنسان الأول وطول قامته، كانت من الاعتقادات المنتشرة بين الناس من قديم الزمان.
ابن خلدون لا يصدق الروايات التي تحوم حول العمالقة، ويفندها بصراحة وشدة في عدة فصول من المقدمة. إنه يعتبر هذه الروايات من «الأوهام العريقة في الكذب»، ويشرح أسباب تولد هذه الأوهام؛ إن مثار هذه الأوهام هو ملاحظة المباني الكبيرة، والهياكل الضخمة التي تركها لنا الأولو. لقد أعجب الناس بعظمة تلك الهياكل وضخامتها، وظنوا أن سبب هذه الضخامة هو ضخامة جثة بناتها، في حين أن السبب الحقيقي ما هو إلا عظمة الدول التي شيدت تلك الهياكل، وكثرة الأيدي التي استخدمتها، وقوة الآلات والمخال التي استعملتها في هذا السبيل.
في حين أن فيكو صدق رواية العمالقة على علاتها، ولم يكتف بتصديقها فحسب، بل اهتم بها اهتماما كبيرا، وبنى عليها قسما كبيرا من آرائه ونظرياته. إنه اعتبر «وجود العمالقة» من الأمور التي يجب التسليم بها، ومن الحقائق الأولية التي لا بد من أخذها بنظر الاعتبار، عند البحث في سير التاريخ ونشوء المجتمعات البشرية؛ ولذلك كرر اسم العمالقة وقصص العمالقة عشرات المرات في الفصول المختلفة من «العلم الجديد». (2)
والمسألة الثانية التي نجدها مشتركة بين الكتابين هي مسألة علاقة الاجتماع بالدين:
ابن خلدون يعتبر الإنسان مدنيا بالطبع، ويقول إن الاجتماع الإنساني ضروري، ولا يشترك في الرأي مع القائلين بأن الاجتماع لا يقوم إلا بالدين.
إنه يشير في المقدمة الأولى من الباب الأول إلى آراء بعض الفلاسفة الذين «يحاولون إثبات النبوة بالدليل العقلي»، فيقولون لا بد للبشر من الحكم الوازع ، ثم يقولون: «وذلك الحكم يكون بشرع مفروض من عند الله يأتي به واحد من البشر، وأنه لا بد أن يكون متميزا عنهم بما يودع الله فيه من خواص هدايته؛ ليقع التسليم له، والقبول منه، حتى يتم الحكم فيهم وعليهم من غير إنكار ولا تزييف.» ولكنه يفند هذه الآراء قائلا: «هذه القضية للحكماء غير برهانية كما تراه؛ إذ الوجود وحياة البشر قد تتم من دون ذلك، بما يفرضه الحاكم لنفسه، أو بالعصبية التي يقتدر بها على قهرهم وحملهم على جادته» (ص43-44).
يكرر ابن خلدون رأيه في هذا الصدد في الفصل الذي يقرر «أن العمران البشري لا بد له من سياسة ينتظم بها أمره»، إذ يقول: «إن الاجتماع للبشر ضروري، وهو معنى العمران الذي نتكلم فيه»، «لا بد لهم في الاجتماع من وازع وحاكم يرجعون إليه، وحكمه فيهم تارة يكون مستندا إلى شرع منزل من عند الله، يوجب انقيادهم إليه إيمانهم بالثواب والعقاب عليه الذي جاء به مبلغه، وتارة إلى سياسة عقلية، يوجب انقيادهم إليها ما يتوقعونه من ثواب ذلك الحاكم» (ص303).
Неизвестная страница