Дин
الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
Жанры
في وصفهم لتلك القبائل.
ولنجاوز الآن هذه الملاحظات العامة لننظر في أسس النظرية نفسها:
يقول صاحب النظرية: إنه ينبغي أن ندرس الظاهرة الدينية في أقدم عصورها، وأقربها إلى عهد نشأتها. ويقرر أن نظام القبائل والعشائر أقدم وجودا من نظام الأسر، وأن قبائل أستراليا الوسطى تمثل أقدم الأطوار المعروفة للقبائل، فهي أحق بأن يقع عليها الاختيار للبحث والدرس.
أما المقدمة الأولى فإنها وإن كانت مبدأ سليما في الجملة، لمن يعنيه تكملة بحث المسألة من وجهتها التاريخية البحتة، إلا أن اتخاذ نتيجة البحث قاعدة عامة تعرف منها حقيقة الدين من حيث هو، يعد عملا مجافيا لقانون المنطق السليم، أفيحق لنا أن نحدد حقيقة الإنسانية من النظر في أول أطوار الجنين، أو وهو بعد في الأدوار التي تمر بها سائر الكائنات الحية، قبل أن تتميز أجهزته الخاصة، وتتعين وظائف أعضائه، وقبل أن يحيا حياة مستقلة، وقبل أن تستيقظ فيه ملكات الفهم والبيان وغيرها؟ إن تحديد الدين بذلك المعنى الغامض الذي يتلجلج في صدر الإنسان في طور طفولته - وهو بعد لا يستبين حقيقة شعوره، ولا أهداف أعماله - فساد في المنهج لا يقل عن تعريف الإنسان بالجنين.
ولقد أصاب هوفدنج إذ يقول: «إنه ليس من المستطاع دائما أن نستقي معلومات كافية عن الطبيعة الحقيقية لكائن ما، من مجرد النظر في أصل تكوينه؛ فإن التغييرات والنظم التي تحدث له في أثناء نموه، قد تبرز فيه صفات وخصائص ما كنا نرى منها أدنى أثر في بدايته، إن الطبيعة الحقيقية لكائن ما، إنما تتكون من قانون تطوره منذ نشأته الأولى إلى صورته النهائية.»
20
وأما المقدمة الثانية - وهي أن نظام القبيلة يمثل طورا تاريخيا أقدم من نظام الأسرة - فهي دعوى لا تزال يعوزها الدليل، بل تقوم بعض الأدلة الأثرية والتاريخية على عكسها؛ فالآثار الباقية من عهد القبائل الآرية والسامية يتبين منها أنها كانت قائمة على النظام الأسري، الذي تتضامن فيه أفراد الأسرة في الحقوق والواجبات، والذي يتمتع فيه الأب بأوسع السلطات على أعضاء أسرته، وإذا قرأنا الأوصاف التي ذكرها «أرسطو»
Aristote
و«هوميروس»
Homere
Неизвестная страница