Религия человека
دين الإنسان: بحث في ماهية الدين ومنشأ الدافع الديني
Жанры
بقي عالم الذرة عالما افتراضيا منذ أن طرح بعض فلاسفة الإغريق، وبعض حكماء الشرق، تصورهم لبنية المادة على أنها مكونة من ذرات متراصة متماثلة هي اللبنات الأولى، أو الوحدات الأساسية، التي لا يمكن تجزئتها إلى وحدات أصغر. ولم يتحول الافتراض إلى واقع تجريبي حتى القرن التاسع عشر، عندما بدأ الفيزيائيون يلاحظون آثار ونتائج الظاهرة الذرية. وأكثر من ذلك؛ فقد لاحظ الفيزيائيون في الوقت نفسه أن هذه الذرات ليست الوحدات الصغرى النهائية المكونة للمادة، وإنما هي تتألف بدورها من وحدات أصغر منها هي البروتون والنيترون والإلكترون، فدعوا مكونات الذرة هذه بالجسيمات الأولية، اعتقادا منهم بأنها اللبنات الأساسية التي تؤلف الذرة وبالتالي المادة برمتها. ومع اكتشاف الذرة ومكوناتها، اكتشف الفيزيائيون عدم صلاحية كل المفاهيم التقليدية التي تعودوا استخدامها لوصف الموضوعات الطبيعية، مثل الموضع المكاني (=
) والسرعة (=
Velocity ) واللون والحجم وما إليها، والتي غدت غير دقيقة بل وإشكالية أيضا، إذا أتينا لاستخدامها في عالم الجسيمات الدقيقة. ولكي نفهم هذه النقلة الحاسمة في تصور وفهم طبيعة المادة ، لا بد لنا من إجراء مقارنة سريعة بين مقتربات الفيزياء النيوتونية ومقتربات الفيزياء الحديثة الكوانتية.
تتمثل المساهمة الكبرى لإسحاق نيوتن في تاريخ العلم باكتشافه قوانين الحركة وقانون التثاقل (= الجاذبية). فوفق قانونه الأول للحركة، إذا تحرك جسم ما على خط مستقيم، فإنه سوف يستمر في التحرك على مساره إلى ما لا نهاية، إلى أن تتسلط عليه قوة خارجية تحد من حركته أو تحرفه عن مساره. ووفق قانونه الثاني، فإن كل فعل يقابله رد فعل مساو له في الشدة ومعاكس في الاتجاه. أما في التثاقل، فإن الأجسام جميعها تتبادل ما دعاه نيوتن بالتأثير عن بعد وفق قوة تثاقل تفعل بينها. وهذه القوة هي التي تشد التفاحة الناضجة نحو الأرض، وهي التي تحفظ أيضا القمر في مداره حول الأرض والكواكب في مساراتها حول الشمس.
تصف قوانين الحركة عند نيوتن ما الذي يحصل لجسم ما وهو في حالة الحركة؛ فنحن نستطيع إذا عرفنا قوانين الحركة أن نتنبأ بمستقبل الجسم المتحرك إذا توافرت لدينا معلومات دقيقة عن أحواله الابتدائية، مثل سرعته الابتدائية واتجاهه الأصلي ... إلخ. وكلما تزودنا بمعلومات ابتدائية أكثر عددا وأكثر دقة، كلما كانت تنبؤاتنا بالأحوال المقبلة أكثر صوابا ودقة أيضا. وأكثر من ذلك، فإن المعلومات الحالية عن جسم متحرك ما، من شأنها أن تكشف لنا عن أوضاعه الماضية أيضا. فإذا عرفنا الموضع الحالي للأرض بالنسبة إلى الشمس والقمر، وعرفنا سرعة دورانها حول نفسها وحول الشمس، فإننا نستطيع التنبؤ بالكسوفات المقبلة للشمس، ونستطيع أيضا معرفة كسوفاتها الماضيات. فمن حيث المبدأ، تعتقد الفيزياء النيوتونية بقدرتها على التنبؤ الدقيق والكامل بوقوع أية حادثة فيزيائية، إذا توفرت لدى الباحث المعلومات الكافية حولها. إلا أن ما يمنع من تحقيق مثل هذه التنبؤات الدقيقة والكاملة لكل الحوادث، هو الكمية الكبيرة من المعلومات اللازمة أحيانا بخصوص حادثة ما، وتداخل هذه المعلومات. ولنأخذ مثالا على ذلك حالة بسيطة تتعلق بارتداد كرة عن حائط وسقوطها بزاوية معينة في موضع معين، إن التنبؤ بمسار هذه الكرة قبل اصطدامها، ونقطة الاصطدام، ثم ارتدادها ونقطة سقوطها على الأرض، يتطلب تحصيل معلومات كاملة عن شكل وحجم ومرونة الكرة، وعن سرعتها الابتدائية وزاوية قذفها، وعن كثافة وضغط ورطوبة وحرارة الهواء، وعن سرعة الريح وزاوية تأثيره على المقذوف، وعن صلابة الحائط، وما إلى ذلك. فإذا تضمنت الحادثة الواحدة أكثر من عنصر، زاد حجم المعلومات وتعقدت الرابطة بينها إلى درجة قصوى. ومع ذلك، فإن إمكانية التنبؤ الدقيق والكامل تبقى قائمة، ولو نظريا، حتى في أعقد الحالات. وقد بلغت هذه القناعة عند نيوتن حدا من الرسوخ، دفع به إلى القول بأنه لو قيض لنا معرفة كل المعلومات الابتدائية المتعلقة بلحظة نشوء الكون، وكنا قادرين على معالجتها بكفاية تامة، لاستطعنا التنبؤ بكل الأحداث التي تعرض لها الكون في الماضي وبما ينتظره في المستقبل.
تقود هذه الرؤيا النيوتونية إلى تصور حتمي جبري للكون؛ فكل ما جرى ويجري وسوف يجري، قد تم تقريره في مطلع الأزمان، وما الكون إلا آلة جبارة تعمل بدقة وفق العوامل الأولى التي أطلقت حركتها، ووفق قوانين دقيقة تنطبق على الأجسام الأرضية والأجسام السماوية معا، وذلك بضم مبدأ التثاقل إلى مبادئ الحركة. ولكي يختبر نيوتن صحة اشتمال قوانينه، التي استنبطها من ملاحظة حركة الأجسام من حوله، على حركة الأجرام السماوية البعيدة، قام بحساب حركة القمر وبعض الأجرام الأخرى في المجموعة الشمسية، باستخدام معادلاته في الحركة العادية، ثم قارن الأرقام التي توصل إليها بالأرقام المتحصلة لدى علماء الفلك، فجاءت النتائج متطابقة كل التطابق. وبذلك ألغى نيوتن، وبضربة واحدة، الفاصل التقليدي القديم بين الأجسام الأرضية والأجسام السماوية، فكلا النوعين يخضع للقوانين نفسها. فكان هذا أول توحيد من نوعه بين السماء والأرض، قائم على ملاحظة علمية مبرهن عليها تجريبيا ورياضيا.
على عكس الفيزياء التقليدية، فنحن في ميكانيك الكم لا نستطيع، من حيث المبدأ، أن نعرف ما يكفي عن الوضع الراهن لعناصر الحادثة الفيزيائية، لنستطيع التنبؤ بأوضاعها المستقبلية، حتى لو توفرت لدينا أفضل معدات القياس. والمسألة هنا لا تتعلق بحجم هذه المهمة وصعوبتها، كما هو الحال في الفيزياء النيوتونية، بل استحالتها؛ ذلك أن طبيعة المادة في العالم الصغري تجعلها عصية على أساليب الفيزياء المعتادة في توقع المسار المقبل للحدث. ولنضرب مثالا على ذلك، حادثة تقليدية في العالم الكبري وأخرى كمومية في العالم الصغري.
إذا أقلعت طائرة من المطار ب في طريقها إلى المطار ج، بسرعة ثابتة مقدارها 800كم في الساعة، فإننا نستطيع في أية لحظة معرفة مكانها على الطريق المؤدي إلى مطار الهبوط ج، طالما أننا نملك معلومات عن سرعتها ووجهتها، فنقول إن الطائرة ستكون بعد ساعتين في س على مسافة 1600كم من مطار الانطلاق. أما في العالم الكمومي، فإن التجارب على الجسيمات الدقيقة قد برهنت عدم قدرتنا على معرفة سرعة جسيم ما وموضعه في آن واحد؛ ففي الوقت الذي نستطيع به ضبط سرعة الجسيم، فإننا نفقد تماما موضعه، وعندما نستطيع تحديد موضعه نفقد سرعته، وهذا ما يعرف بمبدأ الريبة أو اللاتعيين
2
The Uncertainity Principle
Неизвестная страница