Религия человека
دين الإنسان: بحث في ماهية الدين ومنشأ الدافع الديني
Жанры
9
إن الحقائق التي توضحت أمام البوذا قد قادته بعيدا عن المعتقدات الهندوسية. وأولى الحقائق التي قادت إلى تكوين المعتقد والسلوك البوذي، تدور حول كلمة سنسكريتية هي
Duhkha ، التي تترجم عادة بالألم أو الشقاء. هذا الشقاء هو الذي يميز حياة الإنسان في العالم، والذي كرس البوذا حياته وأرسى تعاليمه من أجل شفاء البشرية منه؛ فالولادة ألم، والمرض ألم، والفراق عمن نحب ألم، والشيخوخة ألم، والموت ألم، كل وجود الإنسان قائم على الشقاء والألم، وإلى جانب هذا الألم تقوم حياة الإنسان في هذا العالم على أمرين آخرين؛ هما «اللاثبات»
Anitya
و«اللانفس»
Anatman . فكلما حاول الإنسان فهم العالم أحس بجريانه وتبدله ولا ديمومته، وكلما تأمل في نفسه لم يستطع العثور على جوهر لهذه النفس. وفكرة اللانفس هنا هي في الواقع من أدق أفكار البوذية، ويمكن شرحها على الوجه الآتي: إذا كانت الهندوسية الكلاسيكية ترى في كل فرد جوهرا ثابتا هو
Atman ، النفس التي هي قبس من براهمان، وأن هذه النفس أو الجوهر هي التي تنتقل من جسد إلى آخر حاملة معها أعمالها السابقة (كارما)، إلى حين فلاحها في تحقيق الانعتاق (
Moksha )، فإن البوذية لا ترى في الفرد إلا تجمعا مؤقتا لعدد من المسببات التي يدعوه اجتماعها إلى الوجود في هذا العالم لمدة ما، والتي تجعله يشعر بأناه وشخصيته المتميزة. وهذه الشخصية تستمر بفعل الذاكرة التي تحفظها من الولادة إلى الممات، أما عند الموت فإن المسببات التي دعت إلى تكوين الشخصية تتحلل ويتحلل معها الفرد تماما، ولا يبقى منه سوى أعماله التي يحملها شخص آخر يتكون بالطريقة نفسها.
10
من هنا لا يمكن القول بأن الفرد يفنى تماما، ولا يمكن القول بأنه يستمر. فالأعمال باقية، وسلسلة التناسخات التي تمر عبرها هذه الأعمال، يمكن تشبيهها بسجل مفتوح تزيد عناصره أو تنقص، دونما حامل شخصي ذي جوهر ثابت ينقلها، وذلك إلى أن تحل ساعة النيرفانا والانطفاء الكامل.
Неизвестная страница