Дамаск: город магии и поэзии
دمشق مدينة السحر والشعر
Жанры
وأخذت المفاوضات بين البلدان العربية تدور حول تأليف وحدة من مصر والشام والعراق وجزيرة العرب، وإذا تمت هذه الأمنية التي تحرص على تحقيقها دمشق حرصا كبيرا، تصبح العاصمة الثانية لهذه الوحدة بعد القاهرة لتوسطها بين الأقطار العربية.
عمران دمشق
لم تبق الأيام في دمشق من عاديات الأمم البائدة قبل الإسلام سوى مصالح قليلة دائرة يستدل منها على مبلغ عنايتها بالعمران، لا جرم أن دولة الرومان التي طال عمرها في هذه الديار كان لها ممن تسخرهم من الأسرى والأرقاء في إنشاء مصانعها ما لم تكد تصل إليه دولة قبلها ولا بعدها، وعلى هذا الأساس كان حالها في كل قطر استصفته وكل بلد نزلته. ومن آثارها هنا الشارع الأعظم ويدعى المستقيم، كان ممتدا من الباب الشرقي إلى باب الجابية، أي من الشرق إلى الغرب، وطوله 1600 متر، وفيه طريق للركبان وآخر للمشاة، وقد طمر اليوم بما قام عليه من الأنقاض العظيمة، وما برحت بعض عمده مدفونة على أمتار من سطح الأرض تعلوها الدور والحوانيت، ولا يظهر منه إلا الباب الشمالي من الباب الشرقي، وقسم من الباب الأوسط الكبير، أما باب الجابية فبقي جزء صغير منه.
ومن أعظم آثار الرومان اثنان وخمسون حصنا وقلعة أقاموها بين دمشق وتدمر إلى الفرات؛ لتقف حاميتها على الدوام دون تسرب أهل البادية إلى المعمور من دمشق وأرباضها. وكذلك ما شادوه من حصون على الطريق الممتد بين بصرى قصبة إقليم حوران ودمشق عاصمة القطر الشامي؛ ليأمنوا عيث البادية أيضا.
ومن آثار الرومان قلعة دمشق في غربها، سماها العرب «الأسد الرابض»، وتعاورها بعض الفاتحين الترميم في أدوار كثيرة، ولا تزال بعض جدرانها قائمة، وأكثرها خراب، وقد اتخذها كثير من ملوك الطوائف ونور الدين وأخلافه دار إمارة، وجاءت بعض العصور وهي أشبه بمدينة فيها جميع المرافق، وأقيم فيها جامع بخطبة. ومن آثار القدماء سور البلد، وهذا أيضا جار عليه الدهر، فنقض مرات ورمم مرات في الدول الإسلامية، وهناك بقايا أنقاض بيعة اسمها كنيسة حنانيا، يرد عهد بنائها إلى القرن الرابع للمسيح، إلى غير ذلك من الأحجار والتماثيل المهشمة وقليل منها السالم، وقد رم العرب بعض ما عور من المصانع القديمة، وما أفرطوا في تشييد البناء العظيم؛ لأن الإسلام حظر السخرة، وعاديات القدماء كانت من عمل الرقيق والأسرى، وربما اختار العرب لأول أمرهم البناء بالمدر أي باللبن والطين، ثم تحول البناء إلى الحجر في بعض السنين، وكانوا يؤثرون البناء بالطين والخشب؛ لأنه أدنى إلى السلامة عند حدوث الزلازل من أبنية الحجر.
بنى معاوية قصر الإمارة جنوب المسجد الأموي، وسمي بالخضراء لقبة خضراء قامت عليه، قيل إنه أنفق عليه ثمانية عشر حملا من الذهب، وبنى الأمويون بيوتهم في جوار الجامع، وكان لمعظمهم قصور في الغوطة، ومنهم من كان يؤثر نزول البادية لئلا يخمل أبناؤهم بعيش الحاضرة.
وجاء الخليفة الوليد بن عبد الملك وكان مولعا بالعمران، فبنى الجامع الأموي، وصالح النصارى على النصف الذي كان أبقاه لهم الفاتحون، وعوضهم عن نصفه أربعين ألف دينار، وكان بدمشق خمس عشرة كنيسة للنصارى صولحوا عليها. قال المؤرخون: وهدم المسلمون واليهود جميع ما جددت النصارى في تربيع الجامع الأموي من المذابح والأبنية والحنايا، حتى بقي عرصة مربعة، ثم شرع ببنائه بفكرة جيدة على الصفة الحسنة الأنيقة التي لم يشهد قبلها مثلها.
وذكر المؤرخون أن الوليد أتى الصناع والمهندسين من الروم، أي من الروم الوطنيين، وبناه على أعمدة من الرخام طبقتين، الطبقة التحتانية أعمدة كبار، والتي فوقها صغار، في خلالها صورة كل مدينة وشجرة في الدنيا معمولة بالفسيفساء بالذهب والخضرة والصفرة، وكان ابتداء عمارته في أواخر سنة ست وثمانين، وتكامل في عشر سنين، وقبل أن يكون بيعة للنصارى كان معبدا للصابئة والكلدان والسريان واليهود.
الجامع الأموي.
وكان طول الحرم الأصلي من الشرق إلى الغرب 1300 قدم، وعرضه من الشمال إلى الجنوب 1000 قدم، فهو ربع مساحة دمشق في تلك الأيام، أنفق الوليد على تشييده وتزيينه خراج الشام سنتين، وقيل أكثر من ذلك، وكان خراجها ألف ألف دينار ومائتي ألف دينار كل سنة، فجاء أجمل جامع في الإسلام يليق بعاصمة الخلافة الإسلامية، وبقي على جماله إلى سنة 461ه أيام ذهبت محاسنه في الحريق الذي وقع في دولة الفاطميين، وقد حرق ست مرات في عصور مختلفة، وكان آخر حريق أصابه في سنة 1310ه، فأعيد إلى ما كان عليه كما كان يعاد في كل حريق، وأصيب غير مرة بزلازل فتفطرت بعض أركانه وشراريفه ومآذنه الثلاث.
Неизвестная страница