209

الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم

الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم

Издатель

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Номер издания

الأولى

Год публикации

١٤٣٠ هـ

Место издания

المملكة العربية السعودية

Жанры

غالبًا عليه. (١)
وتأوله السندي: بأنَّ المراد أَنَّ أجر إعتاقه قليل، وذلك لأن الغالب عليه الشر عادة، فالإحسان إليه قليل الأجر، كالإحسان إلى غير أهله. (٢)
المبحث الخامس: الترجيح:
التحقيق أنه لا يصح في المسألة إلا حديث أبي هريرة ﵁، أَنَّ النبي ﷺ قال: "وَلَدُ الزِّنَا شَرُّ الثَّلَاثَةِ"، وأما بَقيَّة الأحاديث فلا يصح منها شيء، وقد بينت في أول المسألة ما فيها من علل.
والذي يظهر لي في معنى حديث أبي هريرة: أَنَّ ولد الزنا هو شر الثلاثة شؤمًا بالزنا، وأنَّ معنى قوله ﷺ: "شر الثلاثة" أي: أشد الثلاثة تضررًا بالزنا، وذلك لأن الأبوين إذا تابا وسترا على أنفسهما فقد اندفعت عنهما مَعَرَّةُ الزنا، فلا يَعْلَم أحدٌ بحالهما، وأما الابن فلا يزال شؤم الزنا يلاحقه طيلة حياته، فهو معروف بين الناس بأنه ولد زنا، ولا يستطيع بحال أنْ يتخلص من ذلك، ومن هذا الباب أصبح شر الثلاثة، أي شر الثلاثة شؤمًا بالزنا، وهذا المعنى لا يلزم منه أنْ يكون ابن الزنا ملومًا بزنا أبويه، أو أنه يُعاقب على ذلك، بل هو بريء كل البراءة من إثم أبويه، وإذا كان صالحًا لم يلحقه من شؤم الزنا إلا وصفه به، ولا يلحقه من إثم أبويه شيء.
وقد جاء في السنة إطلاق الشر على الضرر، وإنْ لم يكن الموصوف به آثمًا أو مُلامًا عليه، فعن عبد الله بن مسعود ﵁ قال: "كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي غَارٍ، وَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ: (وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا (١» [المرسلات: ١] فَنَحْنُ نَأْخُذُهَا مِنْ فِيهِ رَطْبَةً، إِذْ خَرَجَتْ عَلَيْنَا حَيَّةٌ فَقَالَ: اقْتُلُوهَا، فَابْتَدَرْنَاهَا لِنَقْتُلَهَا، فَسَبَقَتْنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: وَقَاهَا اللَّهُ شَرَّكُمْ، كَمَا وَقَاكُمْ شَرَّهَا". (٣)

(١) مشكل الآثار، للطحاوي (١/ ٣٧٧).
(٢) شرح سنن ابن ماجة، للسندي (٣/ ٢١١).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب الحج، حديث (١٨٣٠)، ومسلم في =

1 / 216