Дху Нурайн Усман ибн Аффан

Аббас Махмуд Аль-Аккад d. 1383 AH
77

Дху Нурайн Усман ибн Аффан

ذو النورين عثمان بن عفان

Жанры

وقضى للخليفة الثالث، باتساع دولته ودرء الأعداء عنها، أن يتولى أصعب خلافة في صدر الإسلام.

كانت ثورة الفرس والروم والخزر والترك أول صدمة تلقاها، وأكبر بها من صدمة يتلقاها صاحب دولة في أول حكمه، ولكنه ظفر بها وجاوزها بالدولة سليمة منيعة؛ فأسلمه الظفر إلى الصدمة الكبرى، وهي صدمة الزلازل النفسية التي امتحن بها رعاياه في بحبوحة السلم والرخاء، وكانت كلها طورا جديدا في حياة أولئك الرعايا: فلا هم رعايا خلافة، ولا هم رعايا مملكة، متراوحين هنا تارة، وهناك تارة أخرى، بين بين، على غير نظام متبع في حالة واحدة أو في الحالتين.

وقد أتينا من قبل على فارق بين الخليفة والملك في محاسبة النفس على شئون الرعية، ونأتي الآن على الفارق الأصيل أو الفارق الشامل بين النظامين، وهو الفارق بين الثقة التي لا تحتاج إلى حماية وبين السلطة التي تحمي نفسها.

فالخليفة يعمل ما يشاء في ظل الثقة به والاطمئنان إليه، يعمل اليوم ما ينقضه غدا ولا ملامة عليه، ما دام عمله اليوم والأمس لغيره لا لنفسه، وللمصلحة العظمى التي لا يناله منها نصيب غير نصيبه المقدور، وقد يرضى هو لنفسه بأقل من ذلك النصيب.

رعية تثق بخليفتها وخليفة يثق برعيته، ولكنه لا يبالي ألا يثقوا به إن كان على طمأنينة بينه وبين ضميره وبينه وبين الله على السنة الإلهية التي يعلمها من أحكام دينه.

أما الملك فالسلطة هي قوامه عند ذويه سواء نعموا بالثقة طواعية أم خذلتهم هذه الثقة عن إكراه وكراهية.

وقد وصلت الخلافة إلى عثمان وهو أحوج ما يكون إلى هذه الثقة، وهي أعصى ما تكون عليه.

سبقه بالحذر من علية الناس خليفتان بلغت ثقة العلية والدهماء بهما غاية مبلغها، فأبو بكر كان يحذر الدنيا على أولئك العلية، وعمر كان يسلمهم منها ما يأمن عاقبته عليهم، ولا يقدرون على مخالفته؛ لأنهم لا يشكون فيه ولا الشك فيه مقبول منهم إذا هم قبلوه.

أما هؤلاء العلية فهم في خلافة عثمان منافسون ونظراء، وخلافته بينهم على شرط معرض في كل لحظة للتأويل والحساب العسير.

وأما سواد الناس فقد شغلوا أولا ثم فرغوا من الشغل للبطالة والملاحاة وكأنهم ورثوا من بيزنطية سلطانها ومعه محاك الجدل البيزنطي الذي تضرب به الأمثال، ولا يؤمن سواد الناس مع البطالة والفراغ للقيل والقال.

Неизвестная страница