Дху Нурайн Усман ибн Аффан

Аббас Махмуд Аль-Аккад d. 1383 AH
46

Дху Нурайн Усман ибн Аффан

ذو النورين عثمان بن عفان

Жанры

وهذه هي إحدى النقائض الكبرى التي تأصلت في عهد هذا الخليفة الشهيد.

ونقيضة أخرى من نقائض عهده تعود إلى مزيته العظمى في إسلامه قبل عامة قومه.

فهذه المزية العظمى، ما معناها إذا نحن عبرنا عنها بعبارة أخرى لا تخرج عنها في لبابها وقشورها؟

معناها القريب البسيط أن قومه تأخروا في الإسلام، وأنه كان مسلما من صفوة المسلمين؛ إذ كان قومه عامة على لدد الكفر وإسرار العداوة بينهم وبين النبي وصحبه الأبرار، وكان منهم من يعوذون به وهم كافرون أو مرتدون؛ فيبدو ذلك نكيرا منفردا بين جلة الصحابة؛ لأنه كان وحده منفردا بالمزية التي لم ينفردوا بها مثله، وهي سبقه إلى الإسلام بين أسرة مصرة على المكابرة والعداء.

ولقد كان العربي يلوذ بالعربي وهما في المعسكرين المتناجزين، وكان عثمان مسلما يوم أوفده النبي إلى مكة وتلقاه أهلها بالأذى فتصدى لنصرته بعض أبناء عمومته المشركين، ومضى ذلك في حينه ولم يلتفت إليه ملتفت في ذلك الحين؛ لأنه لم يكن بدعا من عادات القوم قبل الإسلام ولا بعده، وكان مشركو مكة يهابون المساس بصاحب الدعوة نفسه؛ لعلمهم أن عشيرته تغضب له إذا جد الجد وأصابه المكروه في سبيل الدين.

فلما انتهى أمر الشرك، وانتهى عرفه وعاداته، وبقيت مفاخر الإسلام وسوابقه أصبحت المزية العظمى نقيضة من جانبها الآخر، وبغير هذا الجانب الآخر لم تكن مزية على الإطلاق.

يحضرنا في هذا الصدد مثل يستوحيه الذهن قسرا في موقعه من هذه السيرة، وهو مثل الرؤيا التي فسرها المنجمون للملك تفسيرا قضى عليهم بالعقاب، ثم فسرها له غيرهم تفسيرا أغدق عليهم النعمة والثواب، ولا فرق بين التفسيرين في المدلول.

قال له المنجمون أولا: إن الرؤيا مشئومة؛ لأنها تريهم أعزاءه يهلكون واحدا بعد واحد، ثم لا يلبث الملك أن يهلك على آثارهم.

ثم قال له المنجمون آخرا: إنها لرؤيا سعيدة تبشره بالعمر الطويل، وإنه لأطول عمرا من قومه أجمعين.

والتفسيران واحد في المدلول، ولكن الأول يسخط ويسوء، والثاني يرضي ويسر، ولا فارق بينهما في غير التعبير.

Неизвестная страница