الكبار ، والحساب ، والمهندسين ، والأطباء ، والصيادنة ، والفلكيين ، والأمراء ، والقواد ، وأرباب الصنائع من البنائين والمعماريين وكبار التجار والممولين ونحوهم ، فكان تركيزه على الطبقة المثقفة بمنظاره هو ، وهم رواة الحديث والفقهاء والقضاة وبعض الشعراء والمتأدبين إضافة إلى الخلفاء وبعض المشهورين من أرباب السياسة ، فاجتهد أن يذكر في كتابه كل محدث حدث ببغداد مهما ضعف شأنه وقل خطره ، لم يترك من ذلك أحدا وقف عليه ، بل وجدنا تراجم لا يعرف عنها شيء سوى ورودها في إسناد رواية ، أو ذكرت في معجم لأحد الشيوخ مثل أبي القاسم ابن الثلاج أو ابن جميع الصيداوي ، أو مما أخبر به أحد شيوخه ممن اتصلوا بهم ، ولم يجد المصنف في كثير من هذه التراجم مادة يذكرها سوى هذا النزر اليسير ، في الوقت الذي أهمل فيه ذكر تراجم خطيرة لغير أمثال هؤلاء أو قصر فيها تقصيرا بينا.
أما إدخال المصنف لتراجم أهل المناطق المجاورة لبغداد في الخطة العامة للكتاب فهو صنيع لم أفهمه جيدا ، ولم أجد له مبررا سوى توسيع الدائرة والاستكثار ، فإن قال قائل : إنه افترض أن أمثال هؤلاء لا بد أن يكونوا قدموا بغداد يوما ما لقربهم منها ، فهو مردود بذكره بعض من لم يدركوا بناء بغداد من الصحابة والتابعين ، من مثل أولئك الذين قدموا مع علي بن أبي طالب رضياللهعنه إلى النهروان ومروا بالمدائن وغيرها ، بله ذكره الصحابة الذين نزلوا المدائن ، وهي تبعد عن بغداد أكثر من خمسة وعشرين كيلوا مترا ، فكأنه استخسر أن يخلو هذا الكتاب الوسيع من ذكر الصحابة الكرام الذين هم صفوة الخلق بعد الأنبياء والمرسلين. أما سامرا فتبعد عن بغداد قرابة المئة وعشرين كيلو مترا ، ومثلها الأنبار والقرى المصاقبة لهما. فهذا في رأينا شيء خارج عن نطاق الموضوع الذي يتناوله الكتاب ، لكنه رأي ارتآه المصنف ، وهو المسؤول عنه ، مع تقصيره في ذكر رجالات بغداد وعلمائها من خارج الوسط الديني والأدبي والسياسي.
Страница 42