كل لذة لا تسيء إلى الآخرين نعمة؛ فإن أساءت إليهم فهي نقمة.
يجد كثير من الناس لذة في أن يغتابوا غيرهم، مع أن الله، جل وعلا، شبه الغيبة بأكل لحم الميت.
نحن نصحو على لذة وننام على لذة؛ فليتنا نشكر المولى على هاتين اللذتين.
ما ألذ الماء وهو يجري في مجراه. إنه يطفئ ظمأك، ويغسل يديك ووجهك وملابسك، ويمضي في طريقه ليعطي غيرك بعض لذاته. إنه لا يتوقف أبدا عن منح الناس كل ما عنده من نعم ولذات.
لذيذة هي النار؛ تعطيك الشعور بلذة الدفء شتاء ، ولكنها تحرقك صيفا لتثبت لك أن اللذات سلاح ذو حدين.
لذيذة هي السحابة وهي معلقة في الفضاء تهديك الأمطار، وتمتع منك الأنظار والأبصار.
حقا، ما ألذ قلمي؛ إنه يطيعني ولا يتعبني. آمره فيأتمر طائعا، ألقي به فيتقبل السقطة في خشوع وأدب. إنني لأجد لذة كبرى في أن أداعبه؛ لأنه يعرف كيف يداعب أناملي ويداعب قرائي.
ما ألذ أن أنشغل عن الناس بالكتابة. إنه يبعدني عن إيذائها إياي، كما يبعدهم عن إيذائي إياهم. يسعدهم انشغالي عنهم بقراءة ما أكتبه من أجلهم. إنها لذة مزدوجة تفوق الوصف لمن يعرف أن للذة معاني سامية.
لذيذة هي الشجاعة الأدبية؛ فهي ترفع رأس صاحبها، وتمنع عنه الظلم والضيم والاستغلال؛ فالشجاع أدبيا يبين للمخطئ وللظالم ظلمه، وللمستغل استغلاله، لا يخشى في الحق لومة لائم، ولا يسكت على ما يخالف ضميره. وقد ضرب لنا مصطفى كامل أروع مثل في الشجاعة الأدبية عندما لقنه ضابط مدرسته أن يقول للخديو: أنا عبدك مصطفى. إذ رد عليه بقوله: لست عبدا لأحد.
كم هي لذيذة ثلاجتي؛ تمدني بالماء المثلج صيفا، وتحفظ أطعمتي من الفساد، ثم هي لا تعاكسني ولا تشاكسني. أمدها بكل شيء فتأخذ راضية في غير ما تبرم، ثم أسلبها ما أخذته مني فتعيده إلي سليما كاملا غير منقوص دون أن تغضب أو تحنق، وهذا من كرم أخلاقها وسمو محتدها.
Неизвестная страница