وقالوا فيمن يَخْزى من ذكر آبائه: فمن ذلك أن رجلًا سئل عن نسبه، فقال: أنا ابن أخت فلان، فقال أعرابي: الناس ينتسبون طولًا وأنت تنتسب عرضًا.
ومن محاسنهم فيمن لا يعتدُّ بأبيه: قول الأخطل:
وإذا وَضَعْتَ أباكَ في ميزانِهم ... رَجَحوا وشَالَ أبوكَ في الميزانِ
شال الميزان: ارتفعت إحدى كفتيه، ويقال: شال أبوك في الميزان، وهو مثل في المفاخرة يقال: فاخرته فشال ميزانه: أي فخرته بآبائي وغلبته وقال بعض شعراء أصفهان:
تَبَجّحَ بالكتابةِ كُلُّ وَغْدٍ ... فقُبْحًا للكتابةِ والعِمَالَهْ
أرَى الآباَء نِسْبَتُهم جميعًا ... إلى الأبناءِ من فرطِ النذالَهْ
وقالوا في الابن يجاري أباه: العصا من العُصَيّة و: هل تلد الحيّة إلى حُيَيّة. وقال شاعر:
وإنَّ أحَقَّ الناسِ أنْ لا تلومَهُ ... على الشَّرِّ مَنْ لم يفْعَلِ الخيْرَ والِدُهْ
إذا المَرْءُ ألفَى والِدَيهْ كِليْهِما ... على اللُّؤْمِ فَاعْذِرْهُ إذا خابَ رَائِدُهْ
وقالت الخنساء - وقيل لها: ما مدحتِ أخاكِ حتّى هجوتِ أباكِ! فقالت:
جارَى أباه فأقبلا وَهُما ... يتَعاوَرانِ مُلاَءةَ الحُضْرِ
حتّى إذا نَزَتِ القُلوبُ وقد ... لُزَّتْ هُناكَ العُذْرُ بالعُذْرِ
وعَلا هُتافُ النَّاس أيُّهما ... قالَ المُجيب هناك: لا أدري
1 / 59