أقربائه على الرغم من عدائهم، فيقولون - والقائل محمد بن عبد الله الأزدي - صحابي جليل - وهذه الأبيات في الحماسة -:
ولا أدْفَعُ ابنَ العَمِّ يَمْشي على شَفًا ... وإن بَلَغَتْني مِن أذَاهُ الجنَادِعُ
ولكن أُواسِيهِ وأنسَى ذُنُوبَه ... لِتَرْجِعَهُ يومًا إليَّ الرَّواجِعُ
وحَسْبُك مِن ذُلٍّ وسوءِ صنيعةٍ ... مناواةُ ذي القُربى وإن قيل قاطِعُ
الشفا: حرف الشيء وحدُّه، مثل الشفير، وقد أشفى على الهلاك: أشرف والجنادع في الأصل - كما قال أبو حنيفة الدينوري -: الجنادب الصغيرة، وجنادب الضب: دواب أصغر من القردان تكون عند جُحره، فإذا بدت هي عُلِم أن الضبَّ خارجٌ فيقال حينئذ: بدت جنادِعُه، ثم قيل لأوائل الشر: بدت جنادِعُه، يقول الشاعر: لا أدفعه يمشي على حد الهلاك وإن بالغ في الإساءة، والمناواة: المعاداة، وأصله الهمز يقال: ناوأه مناوأة: أي عاداه، وقوله: وإن قيل قاطع: يريد: وإن قيل في ذي القربى إنه قاطع لرحمه فلا يحملنك ذلك على مناوأته، وقال الفضل بن العباس ابن عتبة بن أبي لهب:
مَهْلًا بَنْي عمِّنا مهْلًا موَالينا ... لا تنْبِشُوا بَيْنَنَا ما كان مَدْفونا
لا تَطْمَعُوا أَنْ تُهِينُونا ونُكْرِمَكُمْ ... وَأَنْ نَكُفَّ الأذى عنكم وتُؤْذُونا
مهْلًا بني عمِّنا مِنْ نَحْتِ أَثْلَتِنا ... سِيرُوا رُوَيْدًا كما كُنْتُمْ تسيرونا
اللهُ يعْلَمُ أَنَّا لا نُحِبُّكُمُ ... ولا نَلومُكُمُ إنْ لم تُحبّونا
كلٌّ له نِيَّةٌ في بُغْضِ صاحبِه ... بنعمةِ اللهِ نَقْليكمْ وتَقْلونا
مهلًا: يريد: رفقًا وسكونًا لا تعجلوا، ويريد ببني عمه: بني أمية، وقد كان في صدورهم أحقاد، وقوله لا تنبشوا: يريد لا تستخرجوا ما كان بيننا
1 / 44