صلاحُ أمْرِكَ للأخلاقِ مَرْجِعُهُ ... فقَوِّمِ النفسَ بالأخلاقِ تَسْتَقِمِ
والنفْسُ مِن خيْرِها في خيرِ عافيةٍ ... والنفسُ من شرِّها في مَرْتَعٍ وَخِمِ
المبتسم: يريد الابتسام، أو موضع الابتسام، وهو الثغر. والرقشاء من الحيّات: المنقطة بالسواد والبياض. وأذى الرقشاء: سُمُّها. والثرم: كسر السن من أصلها. والجنى: ما يُجنى من الشجرة ويقطف من ثمرها، يقول في هذا البيت: إن سعادة الدنيا وشقاءها بمنزلة سواء، وكلاهما ألم غير أن أحد الألمين ينزل بساحة النفس سافرًا غير متنكر - وهو جنايتها أي آلامها - والآخر - وهو جناها أي لذاتها - يتسرب إليها من أبواب غفلتها فيتجمل ويخلب حتى ينال منها، إذ أن من ورائه السمّ ناقعًا، فمثلهما في ذلك مثل الموت بالفحم والموت بالزهر، كلاهما موت، وإن كان هذا من أثر الاختناق بأرج الزهر، وذاك من دخن الفحم. والمرتع: من رتعت الماشية: أكلت ما شاءت، والمرتع: مكان الرتوع، والوخم: الرديء الوبيء.
وقال المعري:
وَلْتَفْعِلِ النَّفسُ الجميلَ لأنَّهُ ... خيْرٌ وَأَحْسَنُ لا لأجْلِ ثَوابِها
يقول المعري: إن فعل كل ما هو جميل خير وأحسن من فعل ما ليس بجميل، ولو لم يجن المرء من وراء الجميل وفعله إلا أنه خير وأحسن وأسمى وأرفع؛ لكان في ذلك الغناء كله، أما فعل الجميل ونصب عين فاعله ذلك الثواب الذي سيجازى به، فإن هذا إسفاف بالإنسانية إلى الحضيض الأوهد، ويعد من الأعمال التي يرفعها الله إلى أسفل، وجملة القول: إنه غير لائق بالكمال والمثل الأعلى، أليس من كان هذا شأنهم إنما يتاجرون الله
الذي يعلم السر وأخفى، والذي هو جميل يحب الجمال! وسترى في باب التقوى
1 / 5