Декарт: очень короткое введение
ديكارت: مقدمة قصيرة جدا
Жанры
شكل 1-1: نقش لصورة ديكارت من لوحة أصلية لفرانس هالز.
1
لم يكن ديكارت المؤيد الأول أو الأوحد للفيزياء الهندسية؛ فقد كان جاليليو صاحب المنهج العام فيها، لكنه كان في رأي ديكارت يفتقر إلى الدقة الكافية. قال ديكارت متحدثا عن جاليليو في خطاب يرجع تاريخه لأكتوبر 1638: «لقد بنى بلا أساس، ودون أن يضع بعين الاعتبار العلة الرئيسية للطبيعة، لم يسع إلا وراء أسباب بعض الظواهر بعينها» (2 : 380). درست ميتافيزيقا ديكارت العلة الرئيسية للطبيعة وهي الرب، فيما انتهت فيزياء ديكارت إلى علل ظواهر الطبيعة الأعم - كالتسارع وتشوه الأجسام جراء الاصطدام - واقترحت فرضيات لعلل ظواهر أخرى كثيرة.
وكان ديكارت معنيا بتبني شكل من أشكال التفسير بعيد كل البعد عن تفسير البديهة والفيزياء التقليدية من حيث إنه لم يكن مهتما، شأنهما، بالمظاهر التي تبدو عليها الأشياء المادية للحواس البشرية. لقد قامت فيزياء ديكارت على الحقائق الرياضية المتعلقة بالأشياء المادية، حقائق عن الحجم والشكل والتكوين والسرعة، حقائق يمكن أن يستوعبها عقل يتمتع بحس/خبرة مختلفة عن حواسنا وخبراتنا، أو عقل لا يتمتع بحس/خبرة على الإطلاق. وقد قام بالتعامل مع الحقائق الأخرى الخاصة بالأشياء المادية، كتمتعها بلون ورائحة - وهي الحقائق النسبية للقوى الحسية للبشر - بشكل مختلف. فقد وصفها ديكارت في سياق الإطار المفضل لأحجام الأشياء المادية وأشكالها وسرعاتها، وأثرها على أعضاء الحس، وأثمر وصفه عن نظرية ميزت بين الخصائص التي تتمتع بها الأشياء المادية حقا وبديهيا، كالشكل والحجم، والخصائص التي بدا ظاهريا فحسب أنها تتمتع بها، لا سيما اللون والرائحة وغيرها من الصفات المحسوسة.
للتمييز بين الإدراك الحسي للعالم المادي والإدراك الرياضي الأكثر صرامة، ألزم ديكارت نفسه بوجهة النظر التي مفادها: أن الإدراك الرياضي هو الأكثر موضوعية بين الاثنين. والتزم غيره من المؤمنين بالعلم الجديد بالشيء نفسه، وحاولوا أحيانا الإيحاء بتفوق الإدراك الرياضي زاعمين أنه أقرب لإدراك الرب، لكن ديكارت استطاع أن يتجاوز هذا الحديث الغامض عن المنظور الرباني، وبين الفارق بين الإدراكين الحسي والرياضي للعالم المادي، وأثبت أن الأول عرضة باستمرار للشك، بينما الثاني لا يشوبه الشك قط، واقترح طريقة يستطيع من خلالها عزل نفسه عن الإدراك الحسي وتبني الإدراك الأكثر موضوعية.
وإذ شرع في وضع تلك الطريقة موضع التنفيذ، حصل ديكارت على نتائج مبهرة في عدة فروع من العلوم الطبيعية، إضافة إلى الرياضيات البحتة، وتمكن علماء آخرون، مثل فرانسيس بيكون وجاليليو، من مضاهاة إنجاز ديكارت جزئيا وحسب. فرغم أن بيكون ابتكر طريقة لتجاوز قيود البديهة والفيزياء التقليدية، لم تكن شكوكه في العالم الحسي عميقة كشكوك ديكارت. ومرة أخرى، بينما أفسح بيكون المجال لإدراك أكثر موضوعية للطبيعة لم يحدده باعتباره إدراكا رياضيا أصلا. وفي حين قدم لنا جاليليو هذا التمييز، فإنه لم يكن يملك نظرية حقيقية لتفسير مناسبة المنهج الرياضي لتفسير العالم المادي. وقدمت لنا الميتافيزيقا الديكارتية النظرية المفقودة، وأفادت بأن العقل البشري خلقه الرب كي يتمتع باليقين القاطع بخصوص الأشياء المادية عندما يدركها رياضيا؛ وأوضحت أن الرب لديه القدرة على خلق كل ما يمكننا إدراكه على نحو يقيني، وأن الرب أيضا كريم جدا؛ إذ أجاز للعقل البشري أن يقع في الخطأ عندما يدرك على نحو يقيني الطبيعة الرياضية للمادة.
لم يصغ هذا التفسير لبيان كيف أن المادة والرياضيات خلقا بعضهما لبعض بشكل من المرجح أن نراه مألوفا أو جذابا، ولم يكن الهدف أصلا إقناعنا بأن الفيزياء الرياضية قابلة للتطبيق. إن النجاح المدوي للفيزياء الرياضية بوصفها أداة للقياس والتنبؤ والتحكم منذ القرن السابع عشر جعل من أي نظرية تثبت صلاحية الفيزياء الرياضية محض تكرار وتقليد، لكن صياغة نظرية ديكارت ساعدت على تمهيد الطريق أمام بعض الأبحاث المبكرة التي حققت إنجازات بررت ثقتنا بالعلم المادي الحديث.
تلفت النظرية الميتافيزيقية لديكارت الآن الأنظار أكثر من نظريته الخاصة بالفيزياء الرياضية؛ وذلك لأن أكثر فرضياته تميزا في العلوم الفيزيائية بدأت تذوي بحلول فرضيات أخرى تفوقت عليها في غضون عقود قليلة من وفاته. ورغم ذلك، فقد شغلت الأبحاث التي أنتجت تلك الفرضيات وعملية جمعها تقريبا معظم الفترة المثمرة من حياة ديكارت. وغلبت المسائل العلمية لا الفلسفية على عمل ديكارت. وقد واجهها بإدراك قوي بالقواسم المشتركة فيما بينها، وأفكار محددة عن الترتيب الذي يتعين التعاطي معها به، واقتناع داخلي بأنه يستطيع شخصيا أن يعثر على إجابات لأغلبها.
هوامش
الفصل الثاني
Неизвестная страница