Декарт: очень короткое введение
ديكارت: مقدمة قصيرة جدا
Жанры
إن التوازي بين معالجة ديكارت لمفاهيمنا عن العقل والجسد يتسع وصولا إلى الطريقة التي يوزع بها تعليقاته عنهما في مؤلفه «تأملات في الفلسفة الأولى». يحتوي التأمل الثاني على تعليقات حول العقل أو الشيء المفكر، ويحتوي أيضا على تعليقات عن الشيء المادي وهو الجسد. ويؤكد التأمل السادس بقدر كبير الأفكار الأولى لديكارت عن الذي ينسب إليه بوصفه عقلا، ويؤكد أيضا على بعض تعميماته المبدئية عن المادة.
ومن بين هذه التعميمات التي استلهمها من تأملاته في طبيعة قطعة من الشمع (7 : 30) هي أن المرء لا يستطيع أن يحدد شيئا بعينه استنادا للأشكال التي يبدو بها للحواس. فالمادة المستخلصة حديثا من قرص العسل لها مذاق ورائحة وملمس مميز، وما إلى ذلك من الصفات المميزة. ولكن، إذا تعرض القرص للنار، يفقد كل هذه الأشكال ويتخذ أشكالا أخرى. وإذا اعتمدت هويته على الأشكال، فسيكون شيئا قبل التعرض للنار، وشيئا آخر تماما بعد التعرض لها، لكنه هو الشيء نفسه طوال الوقت. إذن ما نوع الشيء الذي يبقى رغم تغير أشكاله المدركة بالحواس؟ ربما أنه جسد وحسب، شيء ممتد مكانيا ومرن (قادر على تغيير شكله)، وقابل للتغير (عرضة لاتخاذ أشكال مختلفة). وإن صح ذلك، فإن ما يحدد هويته ليس ما تلاحظه الحواس، بل ما يستوعبه العقل باعتباره منتميا إلى الجسد؛ ولذا فإن الأشكال المدركة بالحواس ليست مفتاحا لطبيعة الشمع أو، إن شئنا التوسع، حتى مفتاحا لطبيعة أي شيء مادي.
النتيجة الأساسية المتعلقة بالأشياء المادية والمستخلصة في التأمل الثاني سلبية. وتبدأ الخيوط الأولى لوجهة نظر إيجابية في الاتضاح في التأمل الثالث؛ ففي هذا التأمل، وتحديدا في معرض المحاجة الرئيسية لوجود الرب، يبحث ديكارت محتوى عدد من الأفكار المختلفة التي لديه، فيتناول فكرة الأشياء الملموسة ويقول: إنه يلاحظ:
أن الأشياء التي أدركها بوضوح وتمايز شديدين فيها قليلة العدد جدا. وتتكون القائمة من الحجم أو الامتداد طولا وعرضا وعمقا، والشكل الذي يعتبر نتيجة لحدود هذا الامتداد؛ والموضع الذي يمثل العلاقة بين عدة عناصر تمتلك شكلا؛ والحركة أو التغير في الموضع؛ وربما أضيف إلى تلك القائمة المادة والزمن والعدد . (7 : 43)
في هذه المرحلة من محاجة ديكارت التي يضع فيها هذه القائمة، فإن حقيقة أن شيئا ما يدرك بوضوح وتمايز ليست بعد سببا كافيا للظن بأنه صحيح أو حقيقي. ولا يملك ديكارت أساسا متينا إلا في التأمل الخامس للزعم بأن «الشكل والعدد والحركة وما إلى ذلك» حقيقية لكونها مدركة بوضوح وتمايز (7 : 63-64). وحتى هذه النتيجة لا ترقى لما يرسيه التأمل السادس؛ ألا وهو أن ثمة بالفعل أشياء مادية لها حجم وحركة وعدد وما إلى ذلك مستقلة عن الفكر.
إن المحاجة المؤيدة لوجود أشياء مادية (7 : 78-80) تجريدية جدا، ومن الصعب عرضها في إيجاز. وهي كالتالي: الأشياء المدركة بوضوح وتمايز باعتبارها أشياء مختلفة «تكون» قابلة للانفصال عن بعضها - بقوة الرب غير المحدودة، فيمكنني بوضوح وتمايز أن أدرك نفسي منفصلا عن كل شيء خلا الفكر؛ ولذا فإنني مادة مفكرة. والتأمل في أوضاع نفسي باعتباري مادة مفكرة يكشف عن أن ثمة ملكة سلبية بداخلي (الإدراك) لتلقي الأفكار، لكن الملكة السلبية ستكون خاملة لو لم تكن هناك ملكة أخرى نشطة تحث الأولى على العمل. والملكة النشطة، أيا كانت، ليست ضرورية بالنسبة لي كشيء مفكر؛ فلو كانت ضرورية، لكانت ملكة نشطة أمتلكها، وسترتبط حينئذ بإرادتي، ولكن يستحيل أن ترتبط الملكة النشطة بإرادتي؛ لأن الأفكار الحسية تنتج في الغالب على غير رغبتي. علاوة على ذلك، الملكة النشطة لا تفترض وجود الفكر مسبقا، وأية ملكة نشطة أمتلكها ستفترض ذلك مسبقا: ستكون جميع أفعالي الإرادية واعية، وهذا يعني أنني أمتلك أفكارا عنها؛ ولذلك فلا بد أن الملكة النشطة توجد في مادة أخرى مختلفة عني.
ويمكن استنتاج ماهية هذه المادة من معطيات الملكة النشطة؛ أي الأفكار الكائنة في خيالي. لا بد أن لهذه الأفكار وجودا موضوعيا، ولا مراء أن لها عللا ذات وجود شكلي أكبر أو مساو. والعلل الوحيدة التي تستوفي هذا الشرط هي المادة الجسدية، والمادة العقلية، والرب. لم يهبنا الرب قدرة إدراك المادة العقلية أو الرب باعتبار أي منهما علة أفكارنا الفورية، لكننا في الواقع نميل بشدة إلى الإيمان بأن الأجساد تنتج الصور، وإذا لم تكن علتها الأجساد، فمن الممكن أن ننخدع بما لا يسعنا الحيلولة دون التفكير فيه، والرب لم يخلقنا بحيث يجعلنا عرضة لمثل هذا النوع من الزلل؛ ولذا لا بد أن علل الصور تنتمي إلى فئة المادة الجسدية. ومن ثم فإن الأجساد موجودة.
يستنبط ديكارت «وجود» الأجساد من وجود الصور الحسية، لكنه يحذر من التوصل لاستنتاجات عن «طبيعة» الأجساد من محتوى الصور الحسية. عندما يقول إنه من اعتبارات خاصة بمصدر هذه الصور «نستخلص أن الأشياء الملموسة موجودة»، فإنه يضيف:
إنها قد لا توجد بطريقة تناظر تماما إدراكي الحسي لها، ذلك أن استيعاب الحواس في حالات كثيرة غامض وملتبس جدا، لكن على الأقل تمتلك [الأشياء الملموسة] جميع الخصائص التي أفهمها بوضوح وتمايز؛ أي جميع الخصائص، بالنظر إليها عموما، المشمولة في مضمون الرياضيات البحتة. (7 : 80)
ويعني ديكارت «بمضمون الرياضيات البحتة» «الكمية المتصلة» للهندسة والقيم العددية للمتغيرات والثوابت في الجبر. هذه السمات الهندسية والعددية للأجساد هي السمات التي تمتلكها تلك الأجساد بمعزل عنا. والخصائص الأخرى التي تبدو متأصلة في الأجساد، كاللون ودرجة الحرارة والملمس المحسوس والصوت، ما هي إلا آثار معقدة للخصائص الكمية للأجساد - الأجساد الخارجية وأجسادنا - المنطبعة بطرق معينة في عقولنا.
Неизвестная страница