180

Защита Сунны и ответ на подозрения ориенталистов

دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين ط مجمع البحوث

Издатель

مجمع البحوث الإسلامية

Издание

الثانية

Год публикации

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٥ م.

Место издания

القاهرة

Жанры

على ذلك وقد عرض لها المؤلف [ص ١٩٢] وإن كان حَرَّفَهَا وَبَدَّلَهَا، والروايات الصحيحة تدل على أن أبا هريرة كان معارضًا لبني أمية، وَمُنَدِّدًا بِوُلاَّتِهِمْ السُّفَهَاءِ روى الإمام البخاري في " صحيحه " عن عمرو بن يحيى بن سعيد، قال: أخبرني جَدِّي قال: «كنت جالسا مع أبي هريرة في مسجد النَّبِي ﷺ بالمدينة ومعنا مروان فقال أبو هريرة: سمعت الصادق المصدوق يقول: «هَلاَكُ أُمَّتِي عَلَى يَدَيْ غِلْمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ» وفي رواية: «غِلْمَةٍ سُفَهَاء». فقال أبو هريرة: «لَوْ شِئْتَ أَنْ أُسَمِّيَهُمْ بَنِي فُلاَنٍ، وَ[بَنِي] فُلاَنٍ لَفَعَلْتُ».
وكان ذلك كما قال الحافظ في " الفتح " في زمن معاوية، فهل يصح في المعقول أن من يقول: هذا يكون مُتَشَيِّعًا لبني أمية؟؟
٢ - وأصرح من ذلك في الدلالة على شجاعته وجرأته في الحق وتنديده ببني أمية ما رواه ابْنُ أَبِي شَيْبَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَفَعَهُ:
«أَعُوذ بِاَللَّهِ مِنْ إِمَارَة الصِّبْيَان، قَالُوا وَمَا إِمَارَة الصِّبْيَان؟ قَالَ: إِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ هَلَكْتُمْ - أَيْ فِي دِينكُمْ - وَإِنْ عَصَيْتُمُوهُمْ أَهْلَكُوكُمْ .. أَيْ فِي دُنْيَاكُمْ بِإِزْهَاقِ النَّفْس أَوْ بِإِذْهَابِ الْمَال أَوْ بِهِمَا» بل روى ابْنُ أَبِي شَيْبَة أيضًا: «أَنَّ أَبَا هُرَيْرَة كَانَ يَمْشِي فِي السُّوق وَيَقُول: اللَّهُمَّ لاَ تُدْرِكنِي سَنَةَ سِتِّينَ وَلاَ إِمَارَةَ الصِّبْيَان» يريد يزيد بن معاوية فقد تولى سَنَةَ ستين ونحن نعلم ما فعله معاوية كي يجعل ولاية العهد لابنه، فهل يعقل أن يكون من يقول هذا القول متشيعًا لبني أمية ولا سيما معاوية؟؟ وإذا كان مروان أو غيره كانوا ينيبونه في غيبتهم، فليس ذلك لتملقه أو تشيعه لهم وإنما ذلك كان لفضله ومنزلته، وليس أدل على هذا من القصة التي رواها ابن سعد (١) بسنده عن الوليد بن رباح قال: سمعت أبا هريرة يقول لمروان: «وَاللَّهِ مَا أَنْتَ بوالٍ، وَإِنَّ الوَالِيَ لَغَيْرُكَ فَدَعْهُ - يعني حين أرادوا أن يدفنوا الحسن مع جده رَسُولُ اللهِ ﷺ، وَلَكِنَّكَ تَدَخَّلُ فِيمَا لاَ يَعْنِيكَ، إِنَّمَا تُرِيدُ بِهَذَا إِرْضَاءَ مَنْ هُوَ غَائِبٌ عَنْكَ» - يَعْنِي مُعَاوِيَةَ -
فأقبل عليه مروان مغضبًا فقال: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ إِنَّ النَّاسَ قَدْ قَالُوا: إِنَّك أَكْثَرْتَ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى

(١) " البداية والنهاية ": ٨/ ١٠٨، و" الإصابة ": ٤، ترجمة أبي هريرة.

1 / 179