فلما علم الغز بذلك وقع عندهم أعظم موقع فقدموا خيلا قريب المائتين إلى قرية ذات القليب رتبة، فقصدهم الأمير عماد الدين بعسكره بعد استقرارهم فوقع القتال بينهم من خارج القرية، فلما التقت الخيل وتناوشت للطراد ووقع الرمي بالنبل وبالنشاب واختلفت الرماح، حملت أفراس من كبار الشرف والعرب وقربت رايات الأمير فطعنتهم بالرماح حتى أدخلتهم القرية. وكان للشيخين علوان بن مفضل بن أبي رازح الحبشي، وعلي بن قطران الجنبي في ذلك اليوم موقف عظيم، وترجل بعض أهل الخيل وتسوروا عليهم في حيطان القرية، وابشر الأمير بالنصر والظفر ولم يبق إلا دخول القرية، خافوا الغارة من محطة الغز، وقد جاءهم من أخبرهم بخروج جند منها، فرجعوا عنهم بعد الأمر العظيم. وطالت(1) الحرب بين الأمير الناصر لدين الله وفليت رئيس العجم، ووقعت بينهم مواطن كثيرة وملاحم جسيمة أحصيت نيفا وثلاثين وقعة، كانت الطائلة فيها للأمير الناصر، واستشهد كثير من المسلمين والمجاهدين، ((2)وقتل الشريف علي بن معتق بن محمد الحمزي، وكان سبب قتله أن أميرا من أمراء الغز يقال له قيصر خرج من المحطة في خيل يترسمون(3) الأعلاف، فنزل الشيخ مخلص الدين جابر بن مقبل في خيل حتى ضرب لهم كمينا في قاع زفد، فلما توسطهم، خرج الشيخ ومن معه عليهم، وكانت خيل الغز كثيرة ولم يكن مع الشيخ إلا قلة، فصدموهم برؤس الخيل، فأعطاهم الله عليهم الظفر، فأخذوا أحمالهم وأثقالهم، وقتل من الغز ثلاثة.
Страница 173