Умейядская династия в Сирии
الدولة الأموية في الشام
Жанры
وساعد ابن الزبير على نشر دعوته ضعف الحامية الأموية في الحجاز، وتعدد الولاة الذين تقلبوا في إدارته لأمد قصير، فلم يتح لهم الحظ درس الأحوال الحجازية درسا دقيقا، وكان بعضهم ضعفاء الإرادة لم يجربهم الدهر ولم تحنكهم الأيام، فارتكبوا أغلاطا فادحة كبدت الأمويين كثيرا من الدماء، نستنتج هذا من دفاع عمرو بن سعيد أمير الحجاز عن نفسه يوم اتهم بسوء الإدارة، قال: «إن جل أهل مكة وأهل المدينة قد كانوا مالوا إليه - ابن الزبير - وحووه وأعطوه الرضا، ودعا بعضهم بعضا سرا وعلانية، ولم يكن معي جند أقوى بهم عليه لو ناهضته، وقد كان يحذرني ويتحرز مني، وكنت أرفق به وأداريه لأستمكر منه فأثب عليه، مع أني قد ضيقت عليه ومنعته في أشياء كثيرة لو تركته وإياها ما كانت له إلا معونة، وجعلت على مكة وطرقها وشعابها رجالا لا يدعون أحدا يدخلها حتى يكتبوا إلي باسمه واسم أبيه ومن أي بلاد الله هو، وما جاء به وما يريد، فإن كان من أصحابه أو ممن أرى أنه يريده رددته صاغرا، وإن كان ممن لا أتهم أخليت سبيله.»
5
ويصف الطبري أحد الولاة وهو عثمان بن محمد بن أبي سفيان بقوله: «فتقدم فتى غر حدث غمر لم يجرب الأمور ولم يحنكه السن ولم تضرسه التجارب، وكان لا يكاد ينظر في شيء من سلطانه ولا عمله.»
6 (1-4) السبب الرابع: فقر الحجازيين واغتصاب الأمويين لأملاكهم وأراضيهم
لا ريب أن لاقتصاديات الأمة الشأن الأكبر في مجاري حياتها السياسية، فإن كانت المشاريع التجارية والزراعية والمعدنية وغيرها سائرة سيرا حسنا يضمن لأهلها ربحا جزيلا تظل تلك الأمة ناعمة البال قريرة العين لا تفكر في الثورة ولا في العصيان، ولو درسنا طبيعة الوسط الحجازي لوجدناها فقيرة قاحلة إلا فيما ينتجه نخيلها من التمور التي يصدرونها للخارج فيعيشون عليها، وكان معاوية يسعى لإضعاف الحجاز وتقوية الشام، فلم يبذل للحجازيين في العطاء فأجبروا على بيع أملاكهم فاشتراها منهم بأبخس الأثمان، فلما قام ابن الزبير عاضدوه آملين أن ينصفهم ويرد عليهم أموالهم وأملاكهم.
أما قلب الثورة الخفاق وعصبها النابض فكانت المدينة، ويقص علينا ابن قتيبة كيفية تألمهم من اغتصاب معاوية لأموالهم فيقول: «... وأقبل ابن ميثاء - قيم أملاك معاوية - بسراح له من الحرة يريد الأموال التي كانت لمعاوية، فمنع منها وأزاحه أهل المدينة عنها، وكانت أموالا اكتسبها معاوية ونخيلا يجد منها مائة ألف وسق وستين ألفا، ودخل نفر من قريش والأنصار على عثمان بن محمد - والي المدينة - فكلموه فيها فقالوا: قد علمت أن هذه الأموال كلها لنا، وأن معاوية آثر علينا في عطائنا، ولم يعطنا قط درهما فما فوقه، حتى مضنا الزمان ونالتنا المجاعة فاشتراها منا بجزء من مائة من ثمنها، فأغلظ لهم عثمان في القول وأغلظوا له، فقال لهم: لأكتبن إلى أمير المؤمنين بسوء رأيكم وما أنتم عليه من كمون الأضغان القديمة والأحقاد التي لم تزل في صدوركم، فافترقوا على موجدة، ثم اجتمع رأيهم على منع ابن ميثاء القيم عليها.»
7
اغتصب معاوية أموال أهل المدينة وضيق على الحجازيين الخناق، وضربهم في صميم اقتصادياتهم كي لا تقوم لهم قائمة، أما يزيد فجرى على عكس سياسة أبيه فغمرهم بعطاياه وأكرم زعماءهم وأحسن إلى فقراءهم ووعدهم بإجراء العطاء عليهم مضاعفا إن هم أخلدوا إلى السكينة وارتاحوا إلى الحكم الأموي، ولم يكن لابن الزبير تجاه هذه المواعيد إلا أن يسرف الإسراف الكلي في ذم يزيد وانتقاده الانتقاد المرير، ومع أن الخليفة في دمشق أكرم وفادة الوفود الحجازية فهو لم يظهر أمامهم بمظهر الرجل المتحفظ في سلوكه الخاص وآدابه الشخصية، فشرب الخمر وعزف بالطنابير وجالس القيان والفتيان، وراح يلهو متنعما لا يعبأ بالتقاليد التي سنها القوم، فغضبوا وقالوا: هو ذا رجل يحطم تعاليمنا ويقوض أركان ديننا، وانتشرت الدعوة ضد الأمويين المغتصبين لأموال الأمة المعرضين عن الكتاب الكريم والسنة الشريفة والشريعة المطهرة السمحاء، وهاك الدليل على سياسة الكرم التي امتاز بها يزيد واستهتاره الذي وصفناه: قال ابن قتيبة: «فإن أقروا بالطاعة ونزعوا من غيهم فلهم علي عهد الله وميثاقه أن لهم عطاءين في كل عام، ما لا أفعله بأحد من الناس طول حياتي، عطاء في الشتاء وعطاء في الصيف، ولهم علي عهد أن أجعل الحنطة عندهم كسعر الحنطة عندنا ... والعطاء الذي يذكرون أنه احتبس عنهم في زمان معاوية فهو علي أن أخرجه لهم وافرا كاملا.»
8
وروى الطبري: «قدم وفد من أهل المدينة فيهم عبد الله بن حنظلة الغسيل الأنصاري ورجال كثير من أشراف المدينة على يزيد بن معاوية، فأكرمهم وأحسن إليهم وأعظم جوائزهم، فلما قدم أولئك النفر الوفد المدينة قاموا فيها فأظهروا شتم يزيد وقالوا: إنا قدمنا من عند رجل ليس له دين، يشرب ويعزف بالطنابير ويضرب عنده القيان ويلعب بالكلاب ويسامر الخراب والفتيان، وإنا نشهدكم أنا قد خلعناه فتابعهم الناس.»
Неизвестная страница