Умейядская династия в Сирии

Анис Закария Нусули d. 1357 AH
150

Умейядская династия в Сирии

الدولة الأموية في الشام

Жанры

وكان يزيد الأول مهندسا، فأصلح مجاري الأنهار لينتفع بها الأهلون، وشاد السكان المباني على جانبي نهر تورا حتى دعاه القلقشندي بنيل دمشق، وتجد الناس منتزهاتها بالقرب منه وهو أشبه شيء بالزمردة الخضراء لالتفاف الأشجار عليه، والحقيقة أن هذه الأنهار ينتفع بها الدمشقيون وأهل الغوطة فيتوزع منها الماء إلى البساتين والمزارع من المواصي، ويدخل من بعدها إلى البلد في القنى، ثم يتفرق إلى البرك والحمامات، ويجري في الشوارع والسقايات.

19 (ه) رصافة الشام

نزع الخلفاء الأمويون إلى الترف والرفاهية والتمتع بملاذ الحياة الهادئة، فشاد هشام بن عبد الملك رصافة الشام، وهي في غربي الرقة وتبعد عنها نحوا من أربعة فراسخ، وكان ينزلها في الصيف فيضرب بها السرادقات، وإذا حل الطاعون في دمشق وفشا بها هرب منها وجعل الرصافة مكان إقامته، ويذكر المؤرخون أنها من عمل الغساسنة، فأتى هشام وعمر سورها وبنى بها قصوره، والغريب أنه ليس عندها نهر ولا عين جارية إنما يستقي أهلها من الصهاريج، وإذا فرغت هذه الصهاريج في مواسم الصيف الشديدة القيظ يرسل أغنياؤهم في طلب الماء من الفرات، قال ياقوت: «يمضي أحدهم إلى الفرات العصر فيجيء بالماء في غداة غد»،

20

ويدين سكان الرصافة بالنصرانية، أما معاشهم فتخفير القوافل وجلب المتاع وغزل الصوف ونسجه.

21

قلنا: إن هشاما كان يرتاد الرصافة لترويح الخاطر من عناء الأشغال وانتجاعا للصحة وهربا من الطاعون في بعض الأحيان، فقدمت عليه الوفود من الجهات لقضاء حاجاتها وأتت إليه أهل المظالم تطلب العدل والإنصاف من أرباب الجور والعسف، فأسس مجلسا للقضاء أدنى إليه الضعفاء والنساء واليتامى، وأقصى عنه المتنفذين والأقوياء، وقد طار صيت الرصافة فوصف لنا الكتاب والمتأدبون جمالها وأطنبوا في مديح هشام وعدالته.

فقال فيها أحد النبلاء من العراق: «قدمت على هشام وقد خرج منتدبا في قرابته وأهله وحشمه وحاشيته من أهله إلى بعض وادي الرصافة، فنزل في أرض قاع صحصح أفيح في عام قد بكر وسيمه - مطره - وقد ألبست الأرض أنواع زهرتها وأخرجت ألوان زينتها من نور ربيعها، فهي في أحسن منظر وأجمل مخبر، بصعيد كأن ترابه قطع الكافور، فلو أن قطعة دينار ألقيت فيه لم تثرب، وقد ضرب له سرادقات من حبرات اليمن مزرورة بالفضة والذهب، وضرب له فسطاطه في وسطه فيه أربعة أفرشة من خز أحمر مثلها مرافقها، وعليه دراعة خز أحمر وعمامة مثلها، وضربت حجر نسائه من وراء سرادقه، وعنده أشراف قريش وقد ضربت حجر بنيه وكتابه وحشمه بقرب فسطاطه.

وكان له موضع بالرصافة أفيح من الأرض يبرز فيه فتضرب له به السرادقات، فيكون فيه ستين ليلة بارزا للناس مباحا للخلق لا يفنى أيامه تلك إلا برد المظالم والأخذ على يد الظالم من جميع الناس وأطراف البلاد، ويصل إلى مخاطبته بذلك الموضع داعي السوام والأمة السوداء فمن دونهما، قد وكل رجالا أدباء عقلاء بإدناء الضعفاء والنساء واليتامى منه، وأمرهم بإقصاء أهل القوة والكفاية حتى يأتي على آخر ما يكون من أمره فيما دفع إليه، لا ينضم إليه رجل يريد الوصول إليه فينظروا أوضع منه إلا أدنوا الأوضع وأبعدوا الأرفع حتى ينظر في شأنه ويعرف أمره وينفذ فيه ما أمر، ولا يرفع إليه ضعيف ولا امرأة أمرا وظلامة على غطريف من الناس مرتفع القدر ... إلا أمر باقتضاء يمينه ... حتى لربما تمر به المرأة والرجل أو عابر سبيل لا حاجة له فيما مر به فيقال له: ما حاجتك؟ وما قصتك؟ وما ظلامتك؟ فيقول: إنما سلكت أريد موضع كذا أروم بلد كذا، فيقول له: لعلك ظلمك أحد من آل الخليفة تهاب أمره وتتوقع سطوته فذلك الذي منعك عن رفع ظلامتك إلى أمير المؤمنين؟ فيقول: لا والله لا أبغي إلا ما قلت، فيقال له: اذهب بسلام، حتى لربما أتت عليه تارات من الليل وساعات من النهار لا ينظر في شيء ولا يأتيه أحد في خصومة لاستغناء الناس عن المطالب وتعففا من المظالم ووقاية من سطواته وتخوفا من عقوبته، وقد وسع العباد أمنه وأشعرهم عدله وصارت البلاد المتنائية الشاسعة كدار واحدة ترجع إلى حاكم قاض يرقبه الناس في المواضع النائية عنه كما يرقبه من معه.»

22

Неизвестная страница