Исламское государство и неминуемое разрушение
الدولة الإسلامية والخراب العاجل
Жанры
إن ما يعرضه «أبو حطب» هو ضد المجتمع والدولة وليس ضد الحكومة، إنه ضد الأرض كلها، يريد تدمير المجتمع المصري لأنه لا يريد حسني مبارك! البنود التي طرحها تكاد تطابق في بعض جوانبها مع رؤية جماعة التكفير والهجرة للمجتمع. إن بنود الدكتور في النضال اللاعنيف لا تقيم عندنا إصلاحا بل تقيم خصومات وثارات ومواجهات وحرب أهلية، من أجل تغيير أشخاص الجالسين على الكراسي فقط، رغم أن الخلافة العباسية أزالت الخلافة الأموية، والخلافة العثمانية أزالت الجميع، ولم يحدث أن طرأ أي تحسن على أحوال المواطن ولا ظهر شيء عن حقوقه السياسية أو الإنسانية، فظل العبد عبدا والمولى مولى والحر حرا والعلج علجا واليمني يمنيا والقرشي قرشيا.
نتابع قراءة الموضوع إذ يقول سيادته: «يمكن القول بأن الاختلاف بين أشكال النضال هو في حقيقة الأمر اختلاف في تفسير مفهوم القوة (القدرة) حيث يرى أنصار النضال العنيف والمسلح القوة في صورتها الأولية والنمطية المتمثلة في الإيذاء المادي للخصم، وهو أمر لا يمكن معارضته ونحن نتحدث عن حق الأمة في الدفاع عن وطنها المحتل، كما هو الحال في العراق وفلسطين.» ها هو الرجل عاد إلى مقعده الوثير إلى زمن معنى القدرة البدائي معطيا الشرعية للمناضل العنيف، فلماذا كل وجع الدماغ في موضوع حمائمي المظهر يتحدث عن النضال اللاعنفي؟ وإذا كان قد جعل الحكومات في البلاد الإسلامية الحالية مساوية للاستعمار ويطالبنا النضال ضدها على الطريقة الغاندية، فما له لا يطبق ذات المبدأ على الاحتلالين الإسرائيلي لفلسطين والأمريكي للعراق؟ بالأخذ بمبدأ النضال اللاعنفي؟ وهو بالمقياس على كل الظروف سيكون هو الأجدى هنا والأكثر عائدية.
ثم وزيادة على ذلك أنه إذ يعرض لنا مفهوم اللاعنف كمخالف للعنف المسلح في صورته الأولية المتمثلة في إيذاء الخصم، فإن الأسلوب الذي عرضه علينا هو عنف لتدمير أسس المجتمع كله، يدمر المجتمع كله للتخلص من آفة إصابته. إن ما يعرضه سيادته سيؤدي بنا إلى هولوكوست وطني.
أما بشأن العراق وفلسطين، فلو كان الرجل صادقا حقا مع اللاعنف لتذكر أن عالم ما قبل الحرب الثانية غير عالم ما بعد الحرب الباردة، وأن عالم ما قبل سبتمبر 2001 هو غير ما بعده، فقد أصبح حق الدفاع عن الشعوب المحتلة إن وجدت، هو حق المجتمع الدولي، تقوم به هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، وقد تحررت دول عربية كثيرة عن هذا الطريق من اليمن إلى كل دول الخليج؛ خاصة وأن مشكلتي العراق وفلسطين لم تعودا محليتين، إنما اتخذتا بعدا دوليا.
ولتذكر أيضا أن محاولات مصر بجيشها وجيوش بعض الدول العربية مدعومة من الجامعة العربية، لم يتمكنوا من فرض إرادتهم فوق الإرادة الدولية. وفي النهاية تم حل معظم مشاكلنا عن طريق الهيئات الدولية، وفقا لرؤية المجتمع الدولي وليس طبقا لرؤية الدول العربية وجيوشها وجامعتها.
إن رؤية الدكتور أبي حطب في النضال اللاعنيف من أجل الاستيلاء على السلطة تقوم على توظيف قوى المجتمع كلها للتصدي للنظم الحاكمة بنفس الأساليب التي تواجه به قوى الاستعمار؛ فإذا كانت الحكومات تتصرف بأساليب غير صائبة وبها عيوب، فإن مواجهة ذلك يكون بالتقويم والعلاج وطرح الحلول البديلة، أما إذا كانت عيوب الحكومات في المنهج وأنها معيبة في أمانتها، وفي ولائها لشعبها ووطنها، فإن هذه تكون عيوبا قيمية اجتماعية هي بنت ثقافة المجتمع؛ ولذلك مهما قمنا باستبدال الحكومات فلن يتغير في الواقع شيء سوى خسائر تحدثها القلاقل الاجتماعية المصاحبة لذلك التغير. إذا كانت الحكومات فاسدة مستبدة، تفكر بطريقة تؤدي إلى خسائر وطنية في الأرض أو الكرامة والاقتصاد، فتلك أمراض نابعة من ثقافة تهيمن على المجتمع بأسره، بما فيه الحكومات وشعوبها، قيم مريضة ترفع الدين فوق الوطنية وتحكم الناس بأساليب بدائية، في مثل تلك الحال التي هي حالنا لا نكون في حاجة إلى النضال اللاعنيف الذي يقترحه أبو حطب؛ لأنه سيضيف هدما ودمارا إلى كيان ذلك المجتمع المريض ثقافيا ويعاني هو وحكومته ومثقفوه من ضحالة فكر، وعدم تحديد دقيق لمفاهيم الحريات والحقوق والمساواة، ويكون في العصيان المدني المطروح القضاء التام على هذا الكيان المعتل بألف علة. إنه بحاجة لإحلال ثقافة الحب محل ثقافة الكراهية؛ ثقافة الوطن محل ثقافة أمة لا إله إلا الله، ثقافة الحرية محل ثقافة العبودية، ثقافة المسلم المستنير المسالم مكان ثقافة الدم.
في مصر منذ سبعة آلاف عام، بلغ بها الاستقرار مبلغا كانت تسوده ثقافة التسامح والحب وكراهية القتل والتدمير، ينصح الفلاح ولده قائلا: «لا تغضب على ولدك ... لا تغضب على زرعك.» إنه النصح بعدم الانفعال الذي يضل بصاحبه السبيل، بعدم الغضب المؤدي للكراهية والخسائر. الزرع كالولد سواء بسواء في المعاملة، الغضب على الولد والزرع يدمر المجتمع؛ لذلك إذا جفت ساق النبتة وآلت إلى ذبول كان لا يغضب، فيقلعها من جذورها ويتخلص منها، إنما كان يدعمها بساق آخر سليم ويفسح لها التربة لتتنفس ويجبر جرحها ويغني لها أغاني الحب حتى تستقيم، فكانت ثقافة الحياة وليس ثقافة الموت، ثقافة الحب لا الكراهية، فأين مصر اليوم بعد إعادة فتحها بالمذهب الوهابي. إن ما يطرحه الدكتور من توظيف للنضال اللاعنيف لتغيير أنظمة الحكم هو نوع من الانقلاب تقوده الجماعات السرية التي ربما تنتهي إلى تغير شكل النظام مع بقاء الجوهر كما هو؛ فالنضال دون تقديم فكر جديد وفلسفة جديدة هو استبدال الخليفة بعبد الله بن محمد صاحب الزنج ليس أكثر، مع كل الخسائر المفترضة.
نقرأ المزيد لنفهم، يقول الدكتور: «إن السبب الرئيسي وراء العجز وسلبية بعض الشعوب، هو هذا الاعتقاد السائد بأن العنف هو الأسلوب الوحيد للمواجهة وهو أمر غير صحيح؛ فالعنف لم يعد خيارا مطروحا ولا مقبولا في رحلة بحث الشعوب عن لحظة خلاصها من أنظمتها السياسية المستبدة، وأصبح العنف واحدا فقط من خيارات كثيرة، ربما صارت أكثر فعالية وتأثيرا من الانقلابات والثورات.»
ها هو يعترف بهدوء لكن دون أن يشير لمن يمكنه دعم نضال الشعوب السلمي، هو يقول إن العنف لم يعد خيارا مطروحا ولا يقول لنا لماذا! الإجابة الواضحة أن الضمير العالمي الراقي بمؤسساته أصبح كاشفا له، إذا قارنه بغيره، ثم يقول: «فمساوئ استخدام العنف تتمثل في النقاط التالية: (1) تتفوق الأنظمة الدكتاتورية في مواجهة خيار العنف بل وفي توظيفه لصالحها. (2) تكلفة عالية على المستويين البشري والمادي. (3) خيار العنف يفقد الدعم والتعاطف الشعبي والدولي على المدى الطويل.» لهذا يطرح بديله «النضال اللاعنيف» منعا لهذه الخسائر التي يسببها النضال العنيف.
هذا الرجل من المتأسلمين لكنه يقر بتغير الواقع ويراه بعيون مادية بحتة، لا تنتظر ولا ترجو قرب وقوع أي معجزات أسطورية كما يفعل بعض المشايخ بانتظار الطير الأبابيل، ويوم يتكلم شجر الفرقد، وهو في حد ذاته أمر محمود، لكنه لا يرى أن الأنظمة الاستبدادية لا تقوم إلا في بيئة صالحة لها، تغذيها وترعاها وتنميها وتمنحها رحيق الحياة والاستمرارية، بدليل عدم ظهور هذه الأنظمة في بريطانيا أو أمريكا أو إسرائيل؛ فالنظام الاستبدادي لا يظهر ولا يوجد إلا في مجتمع قابل للاستبداد مؤمن بفلسفته. والحكمة القديمة تقول: «إن شعبا من الخراف يخلق حكاما من الذئاب»، فالنظم تفرزها حركة المجتمع وثقافته، ويقوم على هذه الثقافة المفكرون والفلاسفة، وعندنا يقوم عليها المشايخ والإخوان، يفكرون لنا بفكر ابن كثير وابن القيم وابن تيمية وبقية الأسماء اللوامع من موتى التاريخ، بثقافة تسوق الناس بالزواجير والسياط إلى جنة النعيم، مثل هذه الثقافة يمكنها اليوم أن تؤدي إلى اعتياد وجود المعتقلات والسحل والهتك وتدمير الناس بالشبهات؛ لأنها تقوم على عقائد في الضمائر تقبل دون أن تشعر بأي جزع بقطع اليد وجز الرقبة وتهشيم الرءوس رضخا بالحجارة وسوق النساء إلى أجنحة الحريم والأطفال إلى أسواق النخاسة، مثل هذه الثقافة لا تجعل المواطن يرى في المعتقل شيئا عجبا. مثل هذه الثقافة تجعل الأدنى يتماهى في نفسية العبد ويقبل بها، وتحول الوجهاء والمشايخ والسلاطين إلى سادة بالحق الإلهي في تقسيم الأرزاق وتحديد من يكون السيد ومن يكون العبد. إن ثقافة أول ما تعلم الطفل تعلمه آيات كيف يكفر عن ذنبه بعتق رقبة، تجعل وجود الرقبة اعتياديا في النفس والضمير.
Неизвестная страница