Удар по Александрии
ضرب الإسكندرية في ١١ يوليو
Жанры
بدأت الحروب الصليبية في القرن الثاني عشر، واشتهرت باسم الحروب الصليبية؛ لأن الداعين إليها نشروا دعوتهم باسم الدين واستنفروا أمم أوربة للاستيلاء على بيت المقدس وموطن ميلاد السيد المسيح، ولكنها في حقيقتها لم تكن دينية بحتا ولم تخل من بواعث سياسية واقتصادية لا علاقة لها بالدين ولا بالأماكن المقدسة.
ولهذا اتفق كثيرا أن جمهورية جنوا وجمهورية البندقية بذلتا المسعى الحثيث لتحويل زحف الجيوش الصليبية إلى القسطنطينية، وهي في أيدي العواهل المسيحيين ، وساعدتهما كنيسة رومة مرة بعد مرة في هذا المسعى المتواصل؛ لأنها كانت تشفق من نفوذ الكنيسة الشرقية وتبادلها «التحريم والحرمان» في عنف ولدد وخصومة تهون عندها جميع الخصومات. أما الجمهوريتان الإيطاليتان فكان همهما الأكبر تأمين المواصلات بين الشرق والغرب والاحتفاظ بطريق البحر الأبيض المتوسط؛ حذرا من تحول التجارة إلى البحار الغربية.
واتفق حينا أن أسقف فوقيس
استعدى السلطان بيازيد على مزاحميه من أساقفة اللاتين والإغريق، ودعاه إلى فتح المورة والاستيلاء عليها، كما اتفق من الجانب الآخر أن أذناب الدولة الفاطمية كتبوا إلى الصليبيين في إيطاليا الجنوبية يستعدونهم ليدفعوا بهم سلطان صلاح الدين.
وقد كانت الشعوب الأوروبية ولا ريب تهتم بالحروب الصليبية لأسباب دينية، ولولا ذلك لما سمح الآباء والأمهات بتجريد حملة من ثلاثين ألف طفل دون الخامسة عشرة (سنة 1212)؛ لاعتقادهم أن براءة الطفولة خليقة أن تنال من الله ما لا يناله الكبار الغارقون في الخطايا والذنوب. ولكن نظرة واحدة إلى أخبار الزمن وحوادثه السياسية تبدي لنا بواعث كثيرة إلى جانب البواعث الدينية، كان لها شأن عظيم في تجريد تلك الحملات ومواصلة الإمداد لها مائتي سنة أو تزيد.
مثال ذلك حالة إنجلترا في ذلك العصر، وهي لا تنتهي من نزاع الكنيسة حتى تدخل في نزاع بين النبلاء والملك ومصالحة بينهم على شروط الوثيقة الدستورية التي اشتهرت باسم الوثيقة الكبرى
Magna Carte .
ومثال ذلك طموح فرنسا إلى استبقاء لقب الدولة الرومانية المقدسة والتذرع بذلك إلى ضم الأقطار التي كانت مضمومة من قبل إلى الدولة الرومانية، ويقترن بهذا كله خلاف البابوات والملوك على فرض الضرائب ونقل الكنيسة من رومة إلى الأرض الفرنسية.
وقد كان معظم الحملة في الحروب الصليبية موجها إلى البلاد المصرية؛ لأنها كانت يومئذ أقوى الدول الإسلامية وكانت بيت المقدس تتبعها في كثير من الأوقات، ولكن العالم الشرقي كان قد تجاوب بأنباء هذه الحرب، وكانت هذه الأنباء باعثا من البواعث القوية لاستقدام الترك العثمانيين إلى آسيا الصغرى، فروسيا الجنوبية، فالأقطار التي كانت جيوش الصليبين تتجمع عندها في أوربة الوسطى، ولم تزل جيوش العثمانيين تطرق أبواب بودا وفيينا حتى هدأت الحروب الصليبية والحروب العثمانية بعض الشيء في أوائل القرن الخامس عشر، واستولى الترك على القسطنطينية (سنة 1453)، ثم تحولت حملاتهم إلى الأقطار الآسيوية وفتحوا مصر بعد ذلك بنيف وستين سنة (سنة 1517).
وانقضى نحو قرنين بعد قيام الدولة العثمانية في القسطنطينية وأمم أوربة مشغولة بالأحداث الجسام التي تعاقبت عليها خلال تلك الفترة، ومنها دعوة الإصلاح الديني وكشف أمريكا ونهضة الأمم الناشئة وحروب إنجلترا وفرنسا وإسبانيا وظهور الدولة الروسية في أوربة الشرقية، فلم تجد متسعا من الوقت ولا من الوسيلة للبحث في الشئون الشرقية إلى أواخر القرن السابع عشر، ثم تنبهت إلى النزاع بين روسيا الناشئة والدولة العلية الشائخة، فكان هذا التنبه العام فاتحة المسألة التي عرفت باسم المسألة الشرقية.
Неизвестная страница