Удар по Александрии
ضرب الإسكندرية في ١١ يوليو
Жанры
ورأى الفرس أنها نافعة لهم لتيسير الاتصال بين بلادهم ووادي النيل؛ فعمل دارا على حفرها وتعميقها، وتركها قبل أن يفرغ من فتحها فظلت مهملة من القرن السادس قبل الميلاد إلى القرن الثالث قبله؛ إذ تم فتحها في عهد بطليموس الثاني، ولم ينتفع بها بعد أيامه لتتابع الفتن والمخاوف، إلى أن فتح العرب مصر فجددوها لنقل الميرة إلى الحجاز في عام المجاعة. وظلت صالحة للملاحة إلى أوائل أيام العباسيين، وفي سنة (770م) أمر «أبو جعفر المنصور» بردمها منعا لنقل الأزواد منها إلى الثائرين عليه في الحجاز.
ومضى عليها مردومة مهملة أكثر من عشرة قرون، وطريق التجارة بين وادي النيل والبحر الأحمر لا تنقطع في هذه الأثناء ولا سيما أيام الحروب والقلاقل، بين مصر والشام؛ فانتظمت في هذه الأثناء طريق قنا والقصير وطريق أسوان وعيذاب، واستمرت هذه «المواصلات» في أحرج الأوقات.
وكانت هذه الطرق تنتظم أحيانا وتختل أحيانا أخرى، والتجارة الشرقية تنتقل على الدوام من الخليج الفارسي إلى الشام أو إلى مصر، فيجني منها الولاة على الشام ومصر مكوسا مضاعفة. وينقلها البندقيون إلى القارة الأوروبية فيزيدون أثمانها أضعافا على أضعاف. ولم تكن بضائع الشرق كلها من قبيل البذخ والزينة أو الكماليات التي يطلبها الموسرون والمترفون، بل كان منها - كالتوابل والأفاديه - ما هو ضروري لحفظ اللحوم في الشتاء حين تشح الزروع والضروع ولا يجد الفقراء ولا الأغنياء طعاما غير اللحوم المحفوظة والبقول، ومن هذه البقول ما يحمل إلى القارة الأوروبية من بلاد الشرق والجنوب.
لهذا أحس الأوروبيون بالمغالاة في المكوس والأرباح، وقيل: إن طمع الملوك والأمراء الغربيين في حصة من هذه الثروة كان في مقدمة الدوافع التي جنحت بهم إلى الإصغاء للدعاة الصليبيين، ولا شك أن هذا الطمع كان أحد الدوافع - بل ربما كان الدافع الوحيد - إلى اجتهاد البرتغاليين في البحث عن طريق للتجارة الشرقية غير طريق مصر والشام، وإلى اجتهاد الكشافين في مغامرات السياحة آملين من ثم أن يصلوا غربا إلى الشرق بعد أن تعلموا من العرب أن الأرض كرة وأن التوجه إلى المغرب يؤدي إلى البلاد الهندية من طريق «بحر الظلمات».
وقد انقسمت الدول الأوروبية شطرين في هذه النزعة؛ فكانت الدول القريبة من المحيط الأطلسي تحارب كل محاولة يراد بها تقريب المسافات من ناحية برزخ السويس، وكانت البندقية وجنوا تسعيان إلى استئناف سير القوافل من البلاد المصرية خاصة، واقترحت البندقية فعلا فتح البرزخ وألحت في هذا الاقتراح بعد اشتباكها في حروبها مع الدولة العثمانية وتعويلها على الطرق المصرية دون غيرها، ولولا هذه الحروب المتتابعة لسبقت الأمم إلى فتح القناة. وقد خطر لفرنسي هو «المركيز دار جنسون» أن يعلن الدعوة إلى فتحها باسم الدين لخير جميع المسيحيين، فأعلنها في عهد لويس الخامس عشر، ولم يفلح في اجتذاب الأسماع إليها.
إلا أن الرحالة من أمم الغرب قد توافقت خواطرهم على الاتجاه إلى المحيط الأطلسي جنوبا أو غربا، فكشف «دياز» البرتغالي طريق أفريقية الجنوبية في سنة 1486، وكشف «كولمبس» أمريكا بعد ذلك ببضع سنوات، ووصل «دي جاما» إلى الهند من طريق رأس الرجاء بعد ذلك بأربع سنوات. وجرت هذه الكشوف إلى وقائع بحرية بين البرتغاليين والمماليك المصريين انتصر فيها المماليك ثم انهزموا في أوائل القرن السادس عشر (1509) فيئسوا من طريق تجديد التجارة كما كانت قبل حقبة يسيرة، وساءت أحوالهم وقلت مواردهم واشتبكت بينهم الحروب والفتن مما زادهم خسارا على خسار، وأطمع الدول الغربية في انتزاع البلاد من أيديهم. ودخلت قناة السويس لأول مرة في ألاعيب السياسة الدولية على يد فيلسوف من فلاسفة الألمان أحس الخطر على بلاده من مطامع «لويس الرابع عشر» فأراد أن يحول مطامعه من القارة الأوروبية إلى القارة الأفريقية؛ هذا الفيلسوف هو جو تفريد ولهلم «ليبنتز» (1646-1716) صاحب الرسالة المشهورة عن «البعثة المصرية» وسفير حكومته زمنا في بلاط باريس، لكن هذه المغامرة قد ادخرت في الغيب لمغامر أوربة الأول في القرن الثامن عشر «نابليون بونابرت»، فلم تتحرك حكومة باريس لحشد الجيوش إلى مصر إلا في عهد ذلك المغامر الكبير.
جاء نابليون إلى مصر ومعه بعثة من العلماء والمهندسين وفي ذهنه مشروع وصل البحرين، إما من طريق النيل كما كانا متصلين في عهد الفراعنة، أو بحفر قناة السويس إلى موقع يقابلها على البحر الأبيض المتوسط. ولكن ضخامة النفقات التي قدرت لإنجاز المشروع أقعدته عن العمل، وانصرف عنه كل الانصراف كما قيل؛ لأن مهندسه «لابير
Lapere » توهم أن البحرين لا يستويان وأن بينهما فرقا يقرب من ثلاثين قدما. فكان هذا مع ضخامة النفقات سبب انصراف نابليون عن تنفيذ المشروع كما وعد حكومته، وقد خامر بعض الظنون أن حسبة «لابير» مصطنعة لتعجيز المحاولين ريثما يتيسر تدبير النفقات، ودعا إلى احتمال هذا الظن أن «التوصيلة» المطلوبة، كانت ميسورة بمد فرع النيل كما كان في العهد القديم لولا عقبة النفقات.
على أن خطأ الموازنة بين مستوى البحرين لم يلبث أن ظهر للفرنسيين أنفسهم عندما تولى البحث جماعة السيمونيين
Simonians ، وهم أنصار الوحدة الإنسانية والتقريب بين أجزاء العالم. وتعاقبت بحوث العلماء في هذا الموضوع نحو خمسين سنة بعد الحملة الفرنسية، وممن اشتغل به لجنة من الإنجليز (1846) كان بين أعضائها «جورج ستيفنسن»
Неизвестная страница