Шесть степеней: наука о связном веке
الدرجات الست وأسرار الشبكات: علم لعصر متشابك
Жанры
من هذا الكتاب، ألا وهو أن القوة الحقيقية لا تكمن في تجنب الفشل فحسب، بل أيضا في النجاة منه بأقل قدر ممكن من الخسائر التالية، ونظرا لأن الشبكات متعددة المستويات تعكس هذه السمة المتمثلة في ضرب عصفورين بحجر واحد، نسميها بالشبكات «ذات القوة المفرطة».
قد تبدو القوة المفرطة أروع من أن تكون حقيقة، لكنها في الواقع منطقية تماما، ويكمن السر وراء تطور هذا المفهوم في أن إمكانيات حل المشكلات المعتادة والاستثنائية مرتبطة بعضها ببعض ارتباطا قويا. يؤدي الغموض المعتاد - أي الشك بشأن ما ستفرضه عليك الحياة غدا - إلى عملية حل المشكلات المعتادة، وتحث هذه العملية بدورها على إنشاء روابط تجاوز للتخفيف من الازدحام المحلي، وهو ما يولد بدوره ازدحاما للمعلومات في نقاط التلاقي الرئيسية، وعند إعادة توزيع المعلومات على جميع مستويات المؤسسة، تتكون روابط التجاوز على جميع المستويات أيضا، وما إن تظهر هذه الروابط متعددة المستويات للوجود حتى تتمتع بميزة إضافية، وهي الحفاظ على الاتصال الدائم للشبكة، حتى في حالات الفشل الذريع، فتكون المرونة في مواجهة الصدمات الخارجية نتيجة غير متعمدة لآليات التكيف المحلية التي يستخدمها الأفراد بصفة دائمة.
بناء على ما سبق، يمكن اعتبار التعافي من الكوارث بمنزلة نشاط لحل المشكلات، لكنه أكثر إثارة من النوع المعتاد الذي تضطر الشركات لمواجهته كل يوم، لكنه لا يختلف عنه في جوهره، ومن ثم فإن القوة المفرطة لا تتعدى في الحقيقة كونها تكيفا مع الغموض في جميع صوره. يكون الغموض معتادا في بعض الأحيان، وفي أحيان أخرى متطرفا؛ كأزمة تويوتا-آيسين، لكن في جميع الحالات، يواجه الأفراد مشكلة غير مألوفة يتحتم عليهم حلها سريعا. وآليات التكيف العامة التي تنجح مع مشكلة ما عادة ما تنجح مع غيرها، وهكذا يمثل كل من الابتكار وتصحيح الأخطاء والتعافي من الكوارث صورا للاستجابة نفسها حيال الغموض.
بالنظر للتعافي المفاجئ الذي شهدته مجموعة تويوتا من هذا المنظور، نجد أن هذا التعافي، حتى وإن لم يكن مخططا له، ليس مفاجئا على الإطلاق. وجد بعض الأفراد أنفسهم فجأة في مواجهة موقف لم يرد بمخيلتهم أبدا، ولم يتوقعوا على الأرجح حله، لكن في ظل عدم وجود أي خيار سوى التعامل مع الواقع المتغير تغيرا بالغا، تمكنوا من حله على أي حال، ومن ثم عكسوا بشكل جمعي قدرة مؤسسية لم يدركوا أبدا أنهم يتمتعون بها. كانت لديهم هذه القدرة بالفعل، بيد أنها لم تظهر في الأحوال العادية. كان أداء العاملين في مجموعة تويوتا متميزا في وجه أزمة كبرى، لكنه لم يكن سحريا، فلم تكن الأزمة التي واجهوها سوى صورة مكثفة لاستجاباتهم المعتادة للمشكلات اليومية لا أكثر.
في التحليل النهائي لا يزال الغموض ذا طبيعة مبهمة، لكن صار بالإمكان الآن تعريفه وفهمه؛ فمن ناحية، يعد الغموض البيئي المزمن مصدرا للكثير من المشكلات التي تواجهها الشركات، الأمر الذي يؤدي دائما إلى اضطراب الأعمال الروتينية المعروفة ويجعل الحلول الحالية عتيقة لا قيمة لها، وعلى الجانب الآخر، ومن خلال جعل عملية حل المشكلات نفسها نشاطا معتادا، ودفع الشركات لإقامة هياكل قادرة على معالجة كميات ضخمة من المعلومات دون تعطل - يمثل الغموض المعتاد صديقا حميما للشركات؛ فعن طريق التكيف مع الغموض اليومي، تطور الشركة قدرتها على إنقاذ نفسها في حال وقوع كارثة غير متوقعة. تحقق عملية حل المشكلات المعتادة كلا من توزيع عبء معالجة المعلومات على الأفراد بجميع أنحاء المؤسسة، وتهيئة الظروف التي يمكن حل المشكلات الاستثنائية في ظلها .
لا تزال «الآلية» المحددة التي تولد بها استجابة الشركة للغموض المعتاد القوة المفرطة لغزا غامضا، لكنها تحمل تشابها قويا مع السمة التي تتمتع بها الشبكات؛ سمة القابلية للبحث، التي تناولناها في الفصل
الخامس . والآلية، وفقا لما نفهمه، أشبه بما يأتي: تحاول الشركات اتباع مبادئ التسلسل الهرمي في تصميم هيكلها من أجل حل مشكلة التحكم، لكن في البيئات التي يكتنفها الغموض يؤدي ازدحام المعلومات المرتبط بأنشطة حل المشكلات إلى إثقال كاهل الأفراد، وبخاصة من يحتلون المراكز العليا في التسلسل الهرمي، ويكون رد فعل هؤلاء الأفراد على المستوى المحلي هو توجيه مرءوسيهم لحل المشكلات بأنفسهم عن طريق إجراء أبحاث موجهة.
يعتمد المرءوسون، نظرا لافتقارهم إلى دليل مركزي للمعرفة والموارد المؤسسية، على ما لديهم من معارف غير رسميين داخل الشركة (أو ربما في شركات أخرى) لتحديد أماكن المعلومات ذات الصلة، وكما سبق أن أوضحنا في الفصل
الخامس ، تتسم استراتيجية البحث الاجتماعي هذه بالفعالية؛ فيتمتع الباحثون بالقدرة على النجاح مع أنهم قد لا يكونون على وعي بالأسباب والكيفية التي ينجح من خلالها ما يتبعونه من أساليب، وبذلك تتغير كل من بنية الهيكل الهرمي ووظيفته؛ فبدلا من مكافأة الأداء الإنتاجي فحسب، تكافئ سلسلة الأوامر الآن الأداء البحثي كذلك، فلا يمتلك الأفراد القدرة على تحديد أماكن المعلومات ذات الصلة فحسب (قدرة خفية)، بل أيضا الحافز لفعل ذلك. ومن النتائج المباشرة لذلك ابتعاد البنية الداخلية للشركة عن التسلسل الهرمي الخالص بفضل الروابط الجديدة التي تتكون وتتعزز على مدار الكثير من عمليات البحث المتكررة.
تكون هذه العملية في حالة توازن في الشبكة متعددة المستويات، وذلك لسبب بسيط، وهو أن الازدحام الفردي - ومن ثم الضغط لإنشاء اتصالات جديدة - لا يقل إلا عند اتصال الشبكة عبر العديد من المستويات، ومثلما أوضحنا في الفصل
Неизвестная страница