قالوا، ﴿إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فاضلونا السبيلا﴾، بكونهم سببا لذلك.
أمّا قوله، "لو كان الله هو الذي قَدًّم لهم الشرَّ، لما قال ذلك"؛ قلنا: لو كان هو الذي قَدَّم لهم الشرَّ كسبًا، أو خلقًا؟ الأول مُسلَّمٌ؛ والثاني ممنوعٌ. بل هو قدَّمَه لهم تقديرًا وخلقًا، وأَجراه على جوارحهم اجتِراحًا وكسبًا. ثمّ إِنّه سبحانه ما قال ذلك، بل حكاه عمّن قاله من الكفّار ولا شكّ أنّ الكفّار خَفيَ عنهم وجهُ استدراجِ الله لهم وتزيينه لكفرِهم؛ فظنُّوا كما ظننتم ظنَّ الجهّال أنّ الساداتِ والكبراءَ هم الذين خَلَقوا الضلالَ. والاحتجاج إِنما يصحّ بكلام الله، أو بما أقرّ عليه. وهذا كاملا الكفّار. ولم يُعلَم أنّه أقرَّهم عليه.
قوله: "فالكبراء أَضلُّوهم دون الله". قلنا: أضلّوهم بالتَسبُّب والكسب، لا بالإِيجاد والخلق.
قوله: "بل قال: ﴿إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفروا﴾. قلنا: قد سبق معنى "هَدَيناه"؛ والمراد الإِرشاد المجرَّد، لا الإرشاد الكامل، ولا خلق الهدايةِ في الناس. إِذ لو كان كذلك، لوجبَت هدايتُه، واستحال انقسامُه إِلى شاكرٍ وكفورٍ.
قوله: ﴿ومن شكر فإنما يشكر لنفسه﴾. قلنا: المراد "من شكر، ففائدة شكر عائدةٌ إِلى نفسه"؛ كقوله، ﴿من عمل صالحا فلنفسه﴾، و﴿إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم﴾. والله سبحانه هو الذي خلق فيه الشكرَ بواسطة الدَّاعي، ثم أثابه عليه تفضُّلا، لسبق العناية له بالسعادة؛ والكافر بخلاف ذلك.
قوله: ﴿وأضل فرعونقومه وما هدى﴾، ﴿وما أضلنا إلا المجرمون﴾، و﴿أضلهم