وما هذا سبيله يطرح لئلا يلزم منه المفسدة. وهذا ظاهر، فإن العاقل إذا أراد سلوك طريق يستوي فيه احتمال السلامة والهلاك وجب عليه الكف عن سلوكها.
اعترضوا على هذا بستة أسئلة:
أحدها: لا نسلم أن الفطر متردد بين الحظر والإباحة. قولكم: (يجوز أن يكون هذا اليوم من رمضان، وأن يكون من شعبان) مسلم، ولكن الحظر لا ينبني على هذا، إنما الحظر ما أوجب الإثم، والإثم يكون مع ارتكاب المحظور مع العلم بأنه محظور، والمفطر في هذا اليوم لا يعلم أنه من رمضان فلا يلحقه إثم، كما لو شرب خمرا ظنه شرابا مباحا.
الثاني: سلمنا أنه متردد بينهما، ولكن: تردد على السواء، أو جانب الإباحة أرجح؟ إن قلتم: (على السواء) فممنوع، وإن قلتم: (جانب الإباحة أرجح) فمسلم. ولكن لم قلتم بوجوب الصوم في هذه الحالة؟.
وبيانه: أن كون هذا اليوم من شعبان أرجح بدليل الحكم المعنى:
أما الحكم:
فإنا أجمعنا أنه لو شد برؤية الهلال فاسق أو مجهول الحال لم تقبل شهادته، وكذلك لو تقاعد الجماعة عن ترائي الهلال لم يجب الصوم، ولا يتعلق بذلك اليوم حلول دين ولا الطلاق المعلق برمضان.
وأما المعنى:
فهو أن الأصل في الشهور: التمام، والنقصان على خلاف الأصل. فإذا ترجح احتمال الإباحة كان العمل به أولى.
الثالث: سلمنا أن الاحتمالين متساويان، ولكن: من كل وجه، أو من الوجه الذي ذكرتم؟ الأول: ممنوع، والثاني: مسلم.
Страница 70