قيل له : فينبغي أن يكون ذلك الغير المفعول فيه العرض هو المتكلم بالقرآن ، وهذا أيضا دليل على بطلان قول من ذهب إلى أنه عرض ، ولا يصح أن يكون المتكلم من فعل الكلام ، لأنه لا يخلو فعله في نفسه أو في غيره أو لا في مكان ، فمحال أن يفعله في نفسه ، لأن ذلك يؤدي إلى كونه ذاته محلا للحوادث .
وكذلك إن فعله في غيره ، كان ذلك الغير متكلما به ، وإن فعله لا في مكان استحال ذلك ، لأجل أن الصفات لا يصح فعلها لا في مكان ، لأن ذلك يؤدي إلى قيامها بأنفسها ) .
الجواب :
قوله ( لا يخلو أن يكون جسما أو عرضا أو جوهرا ، ولو كان جسما لكان قائما بنفسه ومتحملا للصفات ) فصحيح .
وأما قوله : ( وجاز عليه الكلام ) ، فدعوى ليس تحتها برهان ، فليس كل جسم يتكلم ويحكم ، فكان يجيء من هذا كون القرآن متكلما بقرآن آخر وكذلك نقول في القرآن الثاني والثالث إلى غير نهاية ، ويلزمه في جميع خلق الله مثل هذا ، ولو كانت الأرض جسما ، لكانت قائمة بنفسها ومحتملة للصفات ، وجاز عليها الكلام ، فيجيء من هذا كون الأرض متكلمة بكلام ، وللكلام كلام إلى غير نهاية .
وقوله : ( والذي يدل على أنه ليس بعرض ما أقمناه من الدليل ، أن العرض ومن حله العرض محدثان ، والله لا يصح كونه محدثا ) . فدلنا نحن أيضا على حدوثه أن العرض ومن حله محدثان فعلمناه أنه محدث ، إذ هو عرض واحد في الجسم .
وقوله : ( والله تعالى لا يصح كونه محدثا ) . فعلى قوله : إن القرآن هو الله . فلذلك لا يصح كونه محدثا .
قال عبد الوهاب : ( فإن قيل : هو عرض فعله الله تعالى في غيره ، وذلك لا يؤدي إلى حدوثه تعالى.
Страница 80