Далалат Шакль
دلالة الشكل: دراسة في الإستطيقا الشكلية وقراءة في كتاب الفن
Жанры
infer
عندئذ على العالم المعتاد أو «نشيده»
construct ، إن حواسنا لا تعمل في واقع الأمر بمعزل عن بقية جهازنا العصبي؛ فنحن نرى الكلب بالفعل لأن «الإدراك الحسي»
perception
غير مقتصر على التسجيل الفوتوغرافي، بل يتضمن أيضا كل قدراتنا التمييزية والتصنيفية، ليست عيوني هي التي ترى بل «أنا» الذي يرى، مستخدما العينين بالإضافة إلى المخ، وقد جرت العادة على أن يدخر مصطلح «الإدراك الحسي» لمعنى الرؤية الذكية والسمع الذكي ... إلخ، الإحساس إذن هو عامل واحد، وواحد فقط، من عوامل الإدراك الحسي.
وفي مجال سيكولوجيا الإدراك بينت مدرسة الجشطلت أن الظواهر السيكولوجية، من إدراك حسي وسلوك ... إلخ، لا يمكن أن تفهم إلا كأشكال كلية لها الصدارة على أجزائها وليست مجرد مجموع غفل لها، أشكال تعمل لحسابها وينبغي أن تدرس في ذاتها وليس بتحليلها إلى أجزائها المكونة، فنحن ندرك اللحن الموسيقي على سبيل المثال كشكل كلي لا كنغمات متراصة، وبميسورنا أن نميز اللحن نفسه لو أعيد على سمعنا ألف مرة معزوفا بآلات أخرى وبسرعات مختلفة أو مؤدى بصوت بشري أو مكتوبا بمفتاح جديد ومطمورا في تنويعات متعددة، ذلك أننا ندركه في جميع الأحوال كشكل كلي يتجاوز أجزاءه ولا يمكن رده إلى مكوناته دون أن نسلبه جوهره الحقيقي وكنهه الأصيل، والتعلم أيضا لم يعد مجرد ارتباط آلي أعجم بين منبهات واستجابات كما تبشر السلوكية، بل هو إعادة بناء وتنظيم للموقف ككل، يمثل «التبصر»
insight
ملمحها الحاسم، ولم تعد فسيولوجيا الدماغ قائمة على لحاء مخي ثابت مستقر، بل هي عملية دينامية تقوم على التساوق والتجاوب، ويمثل لحاء المخ فيها ذلك المكان الذي تتفاعل فيه المنبهات الواردة في حقل من القوى.
كان أصحاب التجريبية الساذجة يظنون أن ما يجعل العلم علما هو أن العلماء - على عكس الفلاسفة التأمليين الكسالى - يلاحظون الطبيعة ويجمعون ملاحظاتهم ليكونوا بها صورة صادقة للأشياء؛ مركبا من كل الحقائق وليس من شيء غير الحقائق، والمشكلة الكامنة في هذه النظرة هي أن هناك ما لا نهاية له من الملاحظات التي يمكن أن نقوم بها ونسجلها، الأمر الذي يجعل الوصف الصادق للطبيعة طويلا لا آخر له، ومضجرا كدليل التليفون، فبإمكان المرء أن يشرع مثلا في وصف هيئة كل خبة رمل على شاطئ معين، ولكن لا أحد، ولا بيكون نفسه زعيم التجريبيين، يمكن أن يتصور كيف تكون مهمة العلم إذا سار بهذه الطريقة.
ورغم ذلك فقد كان على العلماء أنفسهم أن ينفقوا زمنا (وكذلك مراقبو العلم من الفلاسفة) حتى يدركوا بوضوح أن الملاحظة لكي تكون ذات معنى يجب أن تسترشد بنظرية، وقد ظل كثير من الناس يصرون على أن الملاحظات يجب دائما أن تأتي أولا، وبعدها وبناء عليها يمكن للنظريات أن تنشأ، ولكن ما يحدث في عامة الأحوال هو أن نظرية ما هي التي تخبر العالم على وجه التحديد أي الملاحظات هي الجديرة بأن يقوم بها، أضف إلى ذلك بطبيعة الحال أن النظرية تمد العالم أيضا بالمفردات اللغوية التي يصف بها ملاحظاته، فللأشياء والأحداث والمواقف التجريبية وما شابه، ما لا ينتهي من الخواص القابلة للملاحظة والوصف، إن النظريات هي التي تحدد للعالم أي هذه الخواص هي التي تعنيه وتتصل بموضوعه خلال وحدة محددة من العمل العلمي.
Неизвестная страница