عظيمًا ومكنهم منه ومن الناس. لكن حصل تفريط في هذه النعمة العظيمة.
والدرعية اليوم من تدبر حالها وحللها: عرف أن ما جاءهم إلا ذنوبهم. فاعتبروا يا أولي الأبصار (١) .
وغني عن القول أن هذا الرصد التأريخي، لا يعني بأي حال الاستهانة بالدور الذي لعبته الخلافة العثمانية في جمع شمل المسلمين وحمايتهم من هجمات الصليبيين وأطماع المستعمرين، وما تحقق في وقتهم من انتصارات وفتوح شاسعة، وطرق الأبواب الجديدة في سبيل توسيع رقعة الإسلام.
لكن في الوقت نفسه، لا يمكن أيضًا أن ينسينا ما فعلته هذه الخلافة في أيامها الأخيرة بالأمة الإسلامية، باسم الإسلام وتحت مظلته. وما أسدت في شيخوختها من أياد سوداء، ومواقف مخزية بشعة. فتحولت من خلافة إسلامية إلى خلافة من نوع آخر، يحكمها الماسون ويسيرها التعصب والحمية الجاهلية (٢) . ولم يعد لها من اسمها أي نصيب يذكر، غير التسلط والاستغلال وهدر جميع فرص التقدم. بل أصبحت وكرًا تحاك فيه المؤامرات ضد الشعوب المسلمة المستضعفة، وسادنًا مخلصًا لكل بدعة وخرافة تلفظها العقول.
***
_________
(١) " الدرر السنية" (١١/٤٧)، وإلى هذا يشير أيضًا: ابن بشر في "عنوان المجد" (١/٢٧٧)، والحازمي في " الرسائل" (٩٩، ١٢٥، ١٣٧) .
(٢) ولا زالت بقايا هذه الدولة ترزح تحت عدوان هؤلاء، وتتجرع مرارة التخريب والإفساد.
1 / 9