Даъвӣ Ихам аль-Идтираб ‘ан Аят аль-Китаб
دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية
Издатель
مكتبة ابن تيمية - القاهرة
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م
Место издания
توزيع
Жанры
وَالْجَوَابُ ظَاهِرٌ، وَهُوَ أَنَّ مَعْنَى وَصْفِهِمْ بِالذِّلَّةِ هُوَ قِلَّةُ عَدَدِهِمْ وَعُدَدِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ،
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ نَزَلَ فِي غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ وَهِيَ غَزْوَةُ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ قَوِيَتْ شَوْكَةُ الْمُسْلِمِينَ وَكَثُرَ عَدَدُهُمْ وَعِدَدُهُمْ مَعَ أَنَّ الْعِزَّةَ وَالذِّلَّةَ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِاعْتِبَارٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ الذِّلَّةَ بِاعْتِبَارِ حَالِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قِلَّةِ الْعَدَدِ وَالْعُدَدِ، وَالْعِزَّةَ بِاعْتِبَارِ نَصْرِ اللَّهِ وَتَأْيِيدِهِ كَمَا يُشِيرُ إِلَى هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ [٨ \ ٢٦] .
وَقَوْلُهُ: وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ [٣ \ ١٢٣]، فَإِنَّ زَمَانَ الْحَالِ هُوَ زَمَانُ عَامِلِهَا، فَزَمَانُ النَّصْرِ هُوَ زَمَانُ كَوْنِهِمْ أَذِلَّةً، فَظَهَرَ أَنَّ وَصْفَ الذِّلَّةِ بِاعْتِبَارٍ، وَوَصْفَ النَّصْرِ وَالْعِزَّةِ بِاعْتِبَارٍ آخَرَ، فَانْفَكَّتِ الْجِهَةُ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ.
هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَدَدَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يَوْمَ بَدْرٍ مِنْ ثَلَاثَةِ آلَافٍ إِلَى خَمْسَةِ آلَافٍ، وَقَدْ ذَكَرَ تَعَالَى فِي سُورَةِ «الْأَنْفَالِ» أَنَّ هَذَا الْمَدَدَ أَلْفٌ بِقَوْلِهِ: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ [٨ ٩] .
وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا مِنْ وَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّهُ وَعَدَهُمْ بِأَلْفٍ أَوَّلًا ثُمَّ صَارَتْ ثَلَاثَةَ آلَافٍ ثُمَّ صَارَتْ خَمْسَةً، كَمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ آيَةَ «الْأَنْفَالِ» لَمْ تَقْتَصِرْ عَلَى الْأَلْفِ بَلْ أَشَارَتْ إِلَى الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي «آلِ عِمْرَانَ» وَلَا سِيَّمَا فِي قِرَاءَةِ نَافِعٍ: «بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدَفِينَ» [٨ \ ٩]، بِفَتْحِ الدَّالِ عَلَى صِيغَةِ الْمَفْعُولِ لِأَنَّ مَعْنَى «مُرْدَفِينَ» مَتْبُوعِينَ بِغَيْرِهِمْ، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ.
وَأَمَّا عَلَى مَنْ قَالَ: إِنَّ الْمَدَدَ الْمَذْكُورَ فِي «آلِ عِمْرَانَ» فِي يَوْمِ أُحُدٍ،
1 / 53