Дадаизм и сюрреализм: очень короткое введение
الدادائية والسريالية: مقدمة قصيرة جدا
Жанры
تبدو الصورة وثيقة فوتوغرافية عارضة وجامدة، لكنها محاطة بقصائد للشاعر السريالي بنجامين بيريه، تسخر واحدة منها من «مؤتمر شيكاجو القرباني» الذي «يسارع فيه الجميع نحو الفضلات الإلهية والبصاق المقدس.» والجلي أن الصورة، بدلا من أن تكون لقطة عابرة، تمثل مشهدا مفصلا الغرض منه تعزيز الرسالة التجديفية للقصيدة. والحقيقة أنها تسجل ضربا من «الحدث الأدائي»؛ فمن الواضح أن ثمة صديقا لبيريه على مقربة منه لتصوير تصرفه.
وهذا مثال جيد على الطريقة التي يتم بها توظيف التصوير الفوتوغرافي في المجلات السريالية. كانت الدوريات الرئيسية المعنية هي: «الثورة السريالية» (1924-1929)، و«السريالية في خدمة الثورة» (1930-1933)، و«المينوتور» (1933-1939)، وإن كنت سأشير كذلك طوال هذا الكتاب إلى دورية «وثائق» (1929-1930) التي تعد لسان السرياليين المنشقين الذين أحاطوا بجورج باتاي. ترواحت ضروب الصور الفوتوغرافية التي وظفتها تلك الدوريات ما بين الصور الفوتوغرافية المظهرة في الاستوديو، التي يلتقطها مصورون سرياليون أمثال مان راي أو جيه-إيه بويفارد، والصور المستولى عليها ببساطة من مصادر أخرى. كانت هذه الصور توضع في سياق المقالات العلمية، والمقالات الأدبية، وروايات الأحلام، وما إلى ذلك، وكثيرا ما كانت تتنافس على نيل الاهتمام مع النسخ المطابقة للأصل من اللوحات السريالية. وكان تصميم المجلات أكثر جدية من الدوريات الدادائية مثل دورية بيكابيا «391» التي جربت بحرية العديد من الخطوط الطباعية. والواقع أن النموذج الذي احتذت به دورية «الثورة» هو دورية «الطبيعة»، وهي دورية علمية جادة بالقرن التاسع عشر.
لقد أعلن السرياليون باستخدامهم أسلوبا تقديميا «جافا» جعل أغراضا كالصور الفوتوغرافية تظهر كأنها وثائق أو أدلة مادية؛ عن التزامهم بمشروع استقصائي، ومحاولة منظمة للتمحيص في حظ الإنسان في مواجهة «مبدأ الواقع»؛ ولذا ينبغي أن تفهم الدوريات باعتبارها المكامن المميزة للأيديولوجية السريالية.
شكل 2-5: غلاف دورية «الثورة السريالية»، العدد الأول (1924).
في حالة صورة بيريه، من الواضح أن الصورة ارتبطت بمناوأة السرياليين الشديدة للكاثوليكية؛ فكثير منهم نشأ بحسب تعاليم الدين، وعلاوة على معارضة نزعته الأخلاقية، فقد أصيبوا بالفزع بسبب الحلف الذي تشكل في أوائل العشرينيات بين أحزاب اليمين السياسي والمؤسسات الكاثوليكية في فرنسا، بداية تحت مظلة حكومة «كتلة وطنية»، ومن بعدها - تحديدا منذ عام 1924 - تحت لواء حلف حاكم بين الراديكاليين والاشتراكيين. ومما أثار حنقهم أكثر من غيره التوجه المؤيد للكاثوليكية بين المفكرين الفرنسيين في منتصف عشرينيات القرن العشرين، وفيهم رموز أمثال جان كوكتو. وموقفهم من هذا التوجه مسجل في صورة على غلاف عدد يونيو 1926 من دورية «الثورة السريالية»، وفيها يتجلى جمع من الناس يتطلعون إلى السماء، وسميت ب «الهدايات الأخيرة». والواقع أن الصورة اقتبست من مصور مغمور آنذاك ومشهور حاليا يدعى يوجين أتجيت، وهو متخصص في السجلات الوثائقية لباريس، «اكتشفه» مان راي في كبره إذ كان يعيش على مقربة منه. وكانت صورة أتجيت التي التقطت عام 1912 ببساطة سجلا لخسوف، لكن السرياليين، كما هي عادتهم، أعادوا استثمار الصورة بمعانيهم الخاصة.
من الواضح أن التصوير الفوتوغرافي أسلوب وظفه السرياليون للتشديد على رسائل سياسية أو اجتماعية، وهناك حالة لافتة للنظر تحديدا أعيد فيها تخصيص صورة، ولكنها لم تكن حتى من مصدر معلوم؛ فكانت الصورة تتألف ببساطة من صورتين فوتوغرافيتين مجهولتين للشقيقتين بابين تسميان «قبل» و«بعد»، وأعيد نشرهما في دورية «السريالية في خدمة الثورة» في مايو 1933.
لقد ارتكبت الشقيقتان واحدة من أبشع الجرائم التي وقعت في أوائل الثلاثينيات بباريس وأكثرها إثارة للجدل، وقد سرد نص نشر في الدورية السريالية نفسها، وتحديدا في قسم مخصص ل «القصص الإخبارية» أو الأخبار الغريبة، كيف نمت لدى هاتين الشابتين البرجوازيتين بشكل لا يداخله شك - بعد أن أودعتهما أمهما للخدمة ببيت من البيوت المحترمة بمدينة لومان - كراهية شديدة لربتي عملهما، فانتهى بهما الأمر إلى قتلهما بدقة طقسية؛ حيث اقتلعتا أعينهما وهشمتا رأسيهما.
شكل 2-6: «الشقيقتان بابين: قبل وبعد»، من دورية «السريالية في خدمة الثورة»، العدد الخامس، (مايو 1933).
على مستوى واحد، ناظرت الصورة المزدوجة للشقيقتين - التي سجلت تحولا مذهلا في ملامحهما - افتنان السرياليين ب «الجمال الاختلاجي»؛ وهو ضرب من الصدمات الفعلية فيما يتعلق بالظواهر البصرية الاستثنائية. وعلى الرغم من ذلك، تعاطف السرياليون أيضا مع ردة الفعل العنيفة تجاه الاسترقاق الممثل في الفعل الذي أقدمت عليه الشقيقتان. وإذ آمن السرياليون بأن الأخلاق المقبولة عادة ما تساعد في التستر على الجبن الأخلاقي، فقد وقروا المجرمين في حالات أخرى؛ ففي العدد الأول نفسه من دورية «الثورة السريالية»، على سبيل المثال، وضعوا لقطات فوتوغرافية مقربة لأنفسهم حول صورة لجيرمين بريتون، اللاسلطوية التي اغتالت ماريوس بلاتو، قائد إحدى المنظمات اليمينية المتطرفة. وبهذا استدعت صورة الشقيقتين بابين نطاقا كاملا من المشاغل السريالية (وكذلك الدادائية) المرتكزة حول العلاقات بين الإجرام والأخلاق.
وإذ استخدم السرياليون الصور، إلى جوار النصوص، في دورياتهم، فقد أقاموا علاقة معقدة وساخرة بقضايا عصرهم، ويعزز ذلك بقدر أكبر النقطة التي مفادها أن السريالية - وبقدر أكبر حتى من الدادائية - كانت منشغلة بالحياة بأبعادها العامة والأخلاقية، بالقدر الذي انشغلت فيه بالجماليات؛ ولكن لم ير الدادائيون والسرياليون اهتماماتهم الاجتماعية محصورة فحسب في البعد «الرسمي» للحياة العامة. وكما تجلى لنا من اهتمام السرياليين بالشقيقتين بابين، أو عبث الدادائيين الساخر بالتجارة، كانت هناك رغبة في الانخراط في الطيف الكامل للمعرفة والتمثيلات الاجتماعية. وعلى الرغم من أن أغلب الدادائيين والسرياليين انتسبوا إلى الطبقة الوسطى، فقد كان لديهم افتنان شديد بثقافة العامة، أو بما يشتهر في فرنسا باسم «الشعبي».
Неизвестная страница