Дадаизм и сюрреализм: очень короткое введение
الدادائية والسريالية: مقدمة قصيرة جدا
Жанры
في عام 1941، ترك بريتون وفنانون أمثال ماسون وإرنست، فرنسا التي احتلتها ألمانيا عبر مارسيليا، على الرغم من أن بعض حلفائه القدامى مثل إيلوار اختاروا البقاء في باريس. اتضح أن منفى بريتون كان حافزا من عدة أوجه؛ فمن ناحية، أتاحت له زيارته إلى جزيرة مارتينيك، في طريقه إلى الولايات المتحدة، فرصة التعرف إلى حركة «الزنوجة» التي كانت لبناتها تتشكل في المستعمرات الفرنسية، وأتاحت له بشكل أكثر تحديدا أن يلتقي بالشاعر إيمي سيزير؛ ومن ثم، أمست السريالية حقا لغة للمهمشين ثقافيا. ومن ناحية أخرى، كان وجود بريتون في نيويورك من عام 1942 وحتى نهاية الحرب، يعني إرساء أسس استجابة أمريكية للسريالية، على الرغم من حقيقة أن بريتون نفسه ظل فرنسيا بشكل واضح، ورفض أن يتعلم الإنجليزية.
قبل الحرب، انحصر تبني أمريكا للسريالية في أحداث منفصلة، مثل أعمال جوزيف كورنيل الذي أنتج لوحة موحية بشكل شعري في صناديق خشبية مفتوحة من الأمام، بداية من أواخر الثلاثينيات وما بعدها. ومع وجود بريتون والكثير من الرسامين الرواد في الولايات المتحدة، بدأت السريالية الآن تصب في الرسم التجريدي الذي كان سائدا في نيويورك، وبدأ العديد من الرسامين الأكبر سنا في نيويورك، وعلى رأسهم روبرتو ماتا المولود في شيلي وأرشيل جوركي الأرميني المنشأ، في أن يدمجوا عناصر من رسم السرياليين أمثال ميرو وماسون (على غرار استخدام الأشكال العضوية نصف المجردة) والعفوية في أعمالهم؛ وثبت في نهاية المطاف أن تلك التجارب محورية في تطور تنويعة جاكسون بولوك للتعبيرية التجريدية. ساد التجريد، الذي أكده الإيمان السريالي في إملاءات اللاوعي أو البدائي من الأشياء، فترة ما بعد الحرب العالمية مباشرة في الولايات المتحدة، ولكن بحلول الخمسينيات، بدأ الفنانون في إعادة اكتشاف تبعات الدادائية. آنذاك اعتبر دوشامب - الذي انتقل من فرنسا إلى نيويورك بعد بريتون، ولكن كان أثره في بداية الأمر أكثر «سرية» - شخصية بارزة وحاسمة، وبدا أن مفهومه المتعلق بالأغراض «الجاهزة الصنع»، واهتمامه بثقافة العامة، يتماشيان مع الوعي الأمريكي بقدر أكثر انسجاما بكثير، ويمثلان واحدة من نقاط المرجعية للفن الشعبي. وبالنظر إلى أن مفهوم الأغراض الجاهزة كان اختراعا خاصا بالدادائية، من السهل الزعم بأن الدادائية، لا السريالية، هي التي مهدت الطريق للفن فيما بعد عام 1945 في أمريكا.
عاد بريتون إلى فرنسا بعد الحرب، لكن السريالية لم يعد باستطاعتها فرض الهيمنة الفكرية التي كانت تتمتع بها في فترة من الفترات، وبدت الوجودية أكثر اتساقا مع الأزمنة المتغيرة. ويزعم أن السريالية لم تظهر مجددا كأثر ثقافي حتى الستينيات، ومرة أخرى كانت عناية الدادائية بالأعمال الفنية الجاهزة أو بعمليات التجميع، هي التي داعبت خيال أغلب الفنانين الفرنسيين المرموقين في الخمسينيات، أمثال إيف كلاين أو أرمان. لا شك أن السريالية كحركة استمرت حتى بعد وفاة بريتون عام 1966، وخرجت علينا بشكل دوري بطفرات دراماتيكية؛ ففي معرض إيروس الذي عقد في باريس عام 1959 على سبيل المثال، كان سقف النفق، المعروف باسم «مختلى العشاق»، «يتنفس» بفعل أنابيب هواء خفية. لكن الأدوات المميزة للحركة الآن يزعم أنها تكاد تميل إلى «الفن الهابط»، ولا تمت بصلة للمكانة التي كانت تحتلها من قبل. ولكن، من المفارقة أن أثرها أمسى نافذا في العالم ككل. وإذا كانت اتفقت في فترة من الفترات مع الشيوعية، فقد كانت تقنياتها الفنية الخاصة بالتجاور واضطراب التوجه محورية للاستراتيجيات الدعائية للرأسمالية المتأخرة.
الدادائية والسريالية
الغرض من ملخصات الدادائية والسريالية المذكورة أعلاه، هو تقديم «خريطة» للقارئ يمكن الرجوع إليها أثناء قراءته بقية الكتاب، والسرد الوارد هنا يستند إلى فكرة أن الدادائية والسريالية «مقترنتان» نوعا ما. لقد تكرر نموذج الدادائية-السريالية هذا على نحو متوقع في الثقافات الناطقة بالإنجليزية خلال القرن الماضي، وقد استخدم ليكون أساسا للدراسة التاريخية الكبيرة الأولى للحركتين الممثلة في معرض ألفريد بار، تحت عنوان «الفن الخيالي والدادائية والسريالية» بمتحف الفن الحديث، نيويورك، عام 1936. ولاحقا، استرشد بذلك النموذج كتاب مهم ألفه أمين آخر لمتحف الفن الحديث يدعى ويليام روبن بعنوان «فن الدادائية والسريالية» عام 1968. وتم ترسيخ ذلك النموذج بقدر أكبر في إعادة التقييم البحثية المهمة للحركتين المسماة «إعادة النظر في الدادائية والسريالية» بمعرض هايوورد، لندن عام 1978. ولكن، كيف تنسجم هاتان الحركتان معا بطبيعة الحال؟
قد يذهب البعض إلى أن «الدادائية والسريالية» كمفهوم مقترن ينم في حقيقته عن تحيز تاريخي للفرنسيين ، وحقيقة الأمر أنه من وجهة نظر أنصار الثقافة الألمانية الملتزمين، قد يبدو هذا المفهوم مضللا. وكما سنرى لاحقا، ربما تعد «التعبيرية والدادائية» وصفا تاريخيا صحيحا لأي شخص معني في المقام الأول بالثقافات الناطقة بالألمانية.
وللتصدي لهذا الاعتراض، علينا الإقرار بأن الحركتين كانتا دوليتين صراحة. وهناك شخصيات بعينها انتقلت حرفيا من الدادائية إلى السريالية، مثل بيكابيا وتزارا وإرنست وآرب، وتنقلت أيضا بحرية من ثقافة أوروبية إلى أخرى، وكانت ثنائية أو متعددة الألسنة. لأسباب سياسية، مقتت الدادائية والسريالية المشاعر القومية، ونزعتا إلى النظر إلى أنفسهما على اعتبار أنهما تخاطبان البشرية عموما، ولو أنه ينبغي ملاحظة أن الخطاب «التعميمي» للطليعية في أوائل القرن العشرين مشكوك فيه إلى حد كبير في أيامنا هذه، خاصة بسبب الاعتقاد بكون فرضيات أوروبية محددة «عالمية». ولكن، حقيقة الأمر أنه بسبب وجود نقلة واضحة وضوح الشمس - وإن كانت تدريجية - من الدادائية للسريالية حدثت في باريس؛ أمسى من المعتاد إنتاج نموذج للدادائية- السريالية استنادا لما حدث في باريس وحدها؛ حيث نشأت السريالية بشكل حتمي ك «مصير» للدادائية.
الواقع أن الدادائية لم تفض إلى أي شيء قريب من السريالية في ألمانيا نفسها؛ فتمشيا مع مدن ألمانية كبرى أخرى، كان هناك ميل نحو «الموضوعية الجديدة» في برلين وكولونيا في بداية العشرينيات. يمكننا أن نرى الفنان جورج جروتس قد استخدم عناصر من الواقعية المكثفة في الأعمال الدادائية الأخيرة، مثل «يوم رمادي» عام 1921؛ حيث نزع إلى هذا التوجه الجديد، لكن الموضوعية الجديدة لم تتقاطع مع السريالية إلا فيما ندر؛ فتوجهها خارجي لا «باطني» حيث تميل إلى السخرية الاجتماعية. والسمات التي تشترك فيها مع السريالية تتمثل في العناية بالواقعية المتصاعدة (استخدم النقاد الألمان اصطلاح «الواقعية السحرية»)، كما في أعمال بعينها لدالي وماجريت، وإعادة تقييم الرسم نفسه كنشاط. وإذا تعين علينا البحث عن شريك للدادائية في برلين، أو زيوريخ في هذا السياق، فسيتعين علينا أن نرتد على أعقابنا، إذا جاز التعبير، لا أن نمضي قدما وأن ندرس كيف تحالفت الدادائية عن قرب في هاتين المدينتين في بداية الأمر مع التعبيرية. باعتراف الجميع، كان هذا التحالف أغلب الظن سلبيا بالنسبة إلى كثير من أبناء برلين، لكن الأقنعة التعبيرية الأسلوب مثلا تجلت بشكل بارز في عروض دادائية زيوريخ، وعلى الرغم من أن عروض الأشعار المتزامنة وما شابهها بكباريه فولتير كانت إيذانا بانحراف واضح عن السوابق التعبيرية، فقد كانت عادة تلازم إنشادا للأغاني أو سردا للأشعار يستدعي الأسلوب الأقدم.
ثمة نقاط شبيهة متعلقة بالدادائية في نيويورك يمكن إثباتها؛ فقد استوعب الفنانون الأمريكيون أمثال مورتون شامبرج الأعمال الميكانيكية الساخرة لدوشامب وبيكابيا، إضافة إلى تقليد تصوير فوتوغرافي محلي مثله فنانون أمثال ألفريد شتيجليتس وبول ستراند احتفوا فيه عادة بالآلات. وأمست أيقنة الآلة عنصرا من عناصر الانطلاق باتجاه خلق فن «أمريكي» بشكل مميز بحلول العشرينيات، كما أمست توجها واقعيا أكثر صراحة بكثير نحو الآلات، كجزء من الاتجاه «التدقيقي» المزعوم الذي ساد في لوحات تشارلز شيلر مثلا، قبل أن يغادر دوشامب نيويورك عام 1923 بفترة طويلة.
ينبغي أن يكون واضحا من كل ما سبق أن «الدادائية والسريالية» ليست بأي حال من الأحوال تركيبة بديهية، لو وضعت التطورات في جميع المراكز المرتبطة بالدادائية في الاعتبار. وهي تشوه الدادائية إلى حد ما؛ فلو دققنا النظر إلى هذه التركيبة بوصفها بناء تأريخيا حتى، فلربما اعتبرت «الدادائية والسريالية» مبنية، مثلا، على معرض بار المذكور آنفا بمتحف الفن الحديث بنيويورك، أو نشر الدراسة المهمة للعالم الفرنسي ميشيل سانوليه المسماة «الدادائية في باريس»، التي ذهب فيها إلى أن السريالية هي الشكل الذي تبنته الدادائية في باريس. وكبديل لتلك الفكرة، يمكن أن ينظر إلى هذه التركيبة باعتبارها مبنية على عناصر جذب شخصية دولية مثل ماكس إرنست، الذي انتقل من كولونيا إلى باريس عام 1922، وربما أقام بذلك أقوى الجسور بين الدادائية الألمانية والسريالية الفرنسية.
Неизвестная страница