Дадаизм и сюрреализм: очень короткое введение
الدادائية والسريالية: مقدمة قصيرة جدا
Жанры
إن انجذاب دالي نحو السريالية في عام 1929 يثبت كيف نجحت الحركة في استقطاب مواهب جديدة. وفي الوقت نفسه، قدمت شخصيات بارزة بالفعل دعمها بين الحين والآخر؛ فقد سمح بيكاسو بنسخ العديد من الأعمال الحديثة في الدورية السريالية «ثورة السريالية» في منتصف عشرينيات القرن العشرين، دون أن ينضم رسميا للمجموعة قط، وأمست شخصيات بعينها دعامات أساسية للحركة، كالرسامين إرنست وإيف تانجي مثلا. ومن الدعامات الرئيسية للحركة أيضا المصور مان راي الذي أمسى المصور الرسمي إلى حد كبير للسريالية الرسمية، بعد أن كان مساعدا لدوشامب أيام دادائية نيويورك، بينما أنتج في الوقت نفسه «صوره الفوتوغرافية من دون كاميرا» (صورة تنتج من دون كاميرا عن طريق وضع جسم بشكل مباشر على ورق خاص وتعريضه للضوء)، ودراسته للعرايا في الاستوديو. حصل أشخاص آخرون على مباركة بريتون المتفاقم استبداده، بينما سقط آخرون من حساباته، واستبعد كثيرون سريعا لإخفاقهم في الوفاء بتوقعات النقاء المذهبي أو الأيديولوجي. كان العام 1929 حدا فاصلا في هذا الصدد؛ إذ استنكر بريتون علانية في «البيان العام الثاني» للسريالية شخصيات مثل: جورج ريبيمون-دوسينييه، وروبرت ديسنوس، وروجر فيتراك، وآندريه ماسون، وفيليب سوبو، وأنطونين أرتو، والكاتب المتمرس في علم الأعراق ميشيل ليريس؛ في أعقاب اجتماع خاص اتهموا فيه بالإخفاق في الالتزام ببروتوكولات الجماعة.
شكل 1-3: ماكس إرنست، «الرأفة/الثورة ليلا»، زيت على قماش، 1923، معرض تيت، لندن.
والواقع أن ثمة جفوة حدثت لبعض الوقت بين سرياليي «شارع فونتين»، الذين تمت تسميتهم بهذا الاسم تيمنا بالشارع الذي قطن فيه بريتون وعقد اجتماعات المجموعة فيه، وسرياليي «شارع بليمو»، الذين كان من بينهم ماسون وميرو وليريس وغيرهم. ولطالما أبعد ميل المجموعة الثانية لفلسفة نيتشه أفرادها عن بريتون، وعندما شرع جورج باتاي - الإثنوغرافي والكاتب الذي بزغ نجمه كمنافس فكري أساسي لبريتون في أواخر عشرينيات القرن العشرين - في التودد إليهم أساسا من خلال دوريته «وثائق»، أحس بريتون بالحاجة إلى التصرف بحسم، وكان بيانه العام الثاني يهدف في جزء منه إلى تقويض جاذبية جورج باتاي. من وجهة نظر باتاي، تعيب فكر بريتون فرضياته المثالية المسبقة. إن جماليات بريتون، التي كانت متجذرة في الجدلية الهيليجية، ارتدت دوما إلى فكرة الواقع الجديد الذي ينشأ نتيجة لتصادم صورتين متنافرتين، وكان التمثيل المقتبس كثيرا لتلك الظاهرة بالنسبة إلى السرياليين هو تشبيه لوتريامون الممتد «جميلة كفرصة لقاء عارض على طاولة تشريح لآلة حياكة ومظلة.» وفي مقابل مثل هذا الكشف الجمالي، أيد باتاي ما أسماه «مادية أساسية»، الذي بواسطته سعى الفن إلى مواجهة أحط جوانب البشرية أو أكثر تلك الجوانب بهيمية؛ ولذا مال الفنانون، أمثال ماسون، تعاطفا مع باتاي إلى إنتاج صور مجازية يمكن أن تبدو لبريتون مسيئة دون مبرر. وثمة هجوم مباشر بقدر أكبر نشره معسكر باتاي عام 1930 على هيئة منشور تحت عنوان «جثمان »، وقد تعرض بريتون، إذ تم تصويره على أنه مسيح شهيد، لسخرية شديدة من أحكامه الميالة للنقد واغتراره بذاته.
كان «البيان العام الثاني» لبريتون على أي حال بمثابة تحول في الاتجاه الفلسفي للسريالية؛ ففي السابق كان التركيز داخل الحركة ينزع إلى محتويات العقل، أو ما أسماه بريتون «النموذج الباطني»، أما الآن فقد تحول التركيز إلى التفاعل ما بين عالم الباطن والواقع الخارجي في علاقة جدلية. وقد كان لهذا التوجه الجديد تداعياته فيما يختص بالإنتاج البصري؛ فمن عدة طرق، استند صعود نجم دالي بسرعة البرق إلى إحياء «الرسم الحالم»، لكن دالي، الذي لطالما كان يحدد خيارات حياته المهنية على نحو استراتيجي، أحال ركيزة أعماله ببراعة وعبقرية بعيدا عن حلم اليقظة الباطني، وانتقل بها إلى ما وصفه ب «هذيان التفسير» الشبيه بجنون الاضطهاد بالنسبة إلى الواقع الخارجي. وفي الوقت نفسه، ظهرت طائفة حقيقية للغاية السريالية حوالي عام 1930، بقيادة دالي والفنانين السويسريي المولد ألبرتو جياكوميتي وميريت أوبنهايم؛ هناك كان التشديد على عثور الفنان على غرض في العالم الخارجي ينسجم مع المتطلبات اللاواعية، ومن ثم كانت إعادة العلاقات بين الواقع الداخلي والخارجي. وظهرت بالتزامن مع تلك الفرقة طائفة «اللقاء» التي ارتدت إلى الأيام الأولى للسريالية. وإذ يسيح السريالي الهائم على وجهه في باريس التي تكتنفها شبكة خفية من المعاني، فإنه يجعل نفسه متاحا لإملاءات «المصادفة الموضوعية»، وعلى الرغم من أن هذا الانشغال الجديد بالعالم الخارجي كان مخلصا للروح الطليعية الأساسية للسريالية، فإنه تجسد - بقدر أكبر من الحرفية - في السياسة.
السريالية: السياسة والنزعة الدولية
بدأ انشغال السرياليين بالسياسة في عام 1925، عندما عارضوا الحرب الفرنسية الاستعمارية في المغرب، وبحلول عام 1927 أفضت معارضتهم الشديدة ليس لحكومة اليمين الفرنسية فحسب، بل وللرأسمالية عموما؛ إلى انضمامهم إلى الحزب الشيوعي الفرنسي، ولكن ثبت لهم من البداية أنه من الصعب التوفيق بين ميولهم السياسية وغاياتهم الفنية. كيف للروح الجماعية السياسية، حسبما تساءل نقاد النزعة الباطنية أمثال بيار نافيل، أن تنسجم مع الفردية المتطرفة للشعر والفن السرياليين؟ هل ينبغي أن تسبق ثورة العقل الثورة الاجتماعية؟ أم العكس هو الصحيح ؟ بعد عمليات التطهير التي شهدتها جماعة بريتون عام 1929، والتي كانت عينها تستند جزئيا إلى المزاعم النسبية المتعلقة بتضامن الجماعة وفرديتها، أمست تلك الأسئلة تحديدا ملحة. لقد صار السرياليون الآن مجبرين على الاستجابة لمتطلبات نظام ستاليني جديد في روسيا، وتأزمت الأوضاع عام 1932 عندما تخلى لويس أراجون رسميا عن السريالية مفضلا عليها الحزب الشيوعي، وبمرور الوقت في ثلاثينيات القرن العشرين، أصبحت «الواقعية الاشتراكية» - وهو فن واقعي مقروء للعامة - الفن المعترف به رسميا لدى الشيوعية، وقد أدى التزام بريتون التروتسكي (نسبة إلى ليون تروتسكي) بثورة ثقافية-سياسية، إلى إبعاد السرياليين بشكل حاسم عن التقليد السوفيتي المتشدد.
بالرغم من هذا الاضطراب الأيديولوجي، استقطبت السريالية في الثلاثينيات عددا من الوافدين الجدد؛ كثير منهم كانوا نساء، بداية من الرسامة والكاتبة الإنجليزية ليونورا كارينجتون التي استكشفت أفكارا أسطورية على نطاق واسع، وانتهاء بالكاتبة والمصورة الفرنسية كلود كاهون التي أنتجت صورا ذاتية تتشكك بها في هويتها الجنسية. في سياق الفن السريالي الذكوري، كانت اليد العليا دوما للتعبير عن الرغبة الجنسية التي تم تصويرها عادة بطرق مغايرة للجنس، وشهدت ثلاثينيات القرن العشرين صعود نجم الأعمال المثيرة جنسيا للألماني هانز بيلمر. وثمة طائفة في السريالية التفت حول أعمال الروائي الإباحي الفرنسي ماركيز دو ساد بالقرن الثامن عشر، باعتباره رائدا للحرية، رخصت لخيالات عنيفة ومحرمة أخلاقيا.
شهدت السنوات التالية من الثلاثينيات انتشار السريالية، كمجموعة من المذاهب، في دول أوروبية أخرى وقارات أخرى أيضا. في العشرينيات، اجتذبت السريالية شخصيات بارزة من دول مثل إسبانيا وألمانيا وباريس، وبينما أمسى العالم أكثر اضطرابا من الناحية السياسية في الثلاثينيات - حيث تأثرت عدة دول بدرجات متفاوتة بالاستقطابات السياسية للشيوعية والفاشية - راقت مبادئ الحركة وقيمها لفنانين وكتاب يساريين ومناوئين للفاشية في مجموعة من السياقات الجديدة. من هذا الجانب، عادة ما حققت الحركة في أماكن أخرى قوة سياسية لم تستطع تحقيقها في فرنسا. تألفت المجموعة الفرعية الكبيرة الأولى في بلجيكا عام 1926 بمعرفة الكاتب بول نوج، وشملت فنانين أمثال إيه إل تي ميسينز ، ورينيه ماجريت، ولاحقا بول ديلفو والمصور الفوتوغرافي راءول أوباك، وبحلول منتصف الثلاثينيات، كانت السريالية قد أمسى لها موطئ قدم في شرق أوروبا. وكان الرومانيان فيكتور برونر وجاك هيرولد إضافتين عظيمتين لمجموعة باريس في أوائل الثلاثينيات، لكن الأهم تحديدا في تلك المرحلة كان تشكل مجموعة براغ في عام 1934، وأبرز رجالاتها كاريل تيج، ورسام الكولاج جيندريش ستيرسكي، والرسامان جوزيف سيما وتوين (ماري سيرنونوفا). وكانت علاقات الجماعتين، البلجيكية والتشيكوسلوفاكية، أكثر ودا بحزبيهما الشيوعيين الوطنيين من علاقاتهما بجماعة باريس.
في عام 1936، انعقد «المعرض الدولي للسريالية» المهم في لندن؛ حيث كان نقطة التقاء مجموعة متباينة من المواهب الإنجليزية، أمثال الكاتب ديفيد جاسكوين والرسامين رولاند بنروز وإيلين آجر، والمخرج همفري جينينجز. لقد وفرت المعارض الدولية الكبرى إلى حد كبير الموقع الرمزي للسريالية بحلول تلك الفترة، وكانت العروض الدراماتيكية دوما جانبا مميزا للسريالية (على سبيل المثال: أقيم عرض صغير، ولكنه مذهل، لبعض الأغراض بمعرض باريس لتشارلز راتون عام 1936)، ولكن العام 1938 شهد أقوى عروض السريالية وأكثرها صراحة على الإطلاق في «المعرض الدولي للسريالية»، الذي أقيم في معرض الفنون الجميلة في باريس؛ حيث تم تعليق سقف الغرفة بأكياس فحم محشوة بالصحف.
في العام نفسه، سافر بريتون إلى المكسيك ليوطد علاقاته الأيديولوجية بتروتسكي والرسام الجداري دييجو ريفيرا، وقد أرست تلك الزيارة أسس الوجود السريالي في أمريكا اللاتينية برعاية رموز كالمصور الفوتوغرافي مانويل ألفاريز برافو، والرسامة فريدا كاهلو، اللذين نالا حفاوة عظيمة باعتبارهما سرياليين، ولو أن كثيرا من أعمالهما تناولت التقاليد والمشاغل «المحلية». كان السرياليون دوما نهمين للارتباط ب «آخرين» على المستويين الثقافي والاجتماعي، ورأوا أن أعمالهم موازية لفن الجنون، وغالبا ما وضعوا أعمالهم في مكانة موازية لأغراض كالأقنعة المحيطية، وأحيانا ارتقى ذلك إلى استحواذ تعوزه الحساسية لأنماط للفهم متباينة تمام التباين، ولكن مع بداية الحرب العالمية الثانية والتشرذم الحتمي للنواة الباريسية للجماعة، اضطرت السريالية كظاهرة فرنسية الهوية إلى التأقلم مع معطيات ثقافية قهرية.
Неизвестная страница