أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ نُصَيْرٍ الْخَلَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنْ هِلَالِ بْنِ خَبَّابٍ أَبِي الْعَلَاءِ قَالَ: حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِذْ ذَكَرَ الْفِتْنَةَ، أَوْ ذُكِرَتْ عِنْدَهُ، فَقَالَ ﷺ: «إِذَا رَأَيْتُمُ النَّاسَ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ وَخَفَّتْ أَمَانَتُهُمْ وَكَانُوا هَكَذَا» وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، قَالَ: فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: كَيْفَ أَفْعَلُ عِنْدَ ذَلِكَ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ؟ فَقَالَ ﷺ: «الْزَمْ بَيْتَكَ وَأَمْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ وَخُذْ مَا تَعْرِفُ وَدَعْ مَا تُنْكِرُ وَعَلَيْكَ بِأَمْرِ الْخَاصَّةِ وَدَعْ عَنْكَ أَمْرَ الْعَامَّةِ» قَالَ الشَّيْخُ ﵁: قَدْ نَصَحَ ﷺ كَثِيرًا وَلَمْ يَأْلُ شَفَقَةً وَنُصْحًا وَكَانَ جَدِيرًا أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ وَبِهِ وَصَفَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ قَالَ ﷾ ﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَسَمَ لَهُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ أَمْرِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ إِلَى قِسْمَيْنِ اثْنَيْنِ فَقَالَ فِي الْأَوَّلِ وَهُوَ قِسْمُ أَمْرِ الدِّينِ «خُذْ مَا تَعْرِفُ» فَكَانَ هَذَا إِشَارَةً إِلَى مَعْهُودٍ تَعَارَفُوهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَكَانَ الَّذِي تَعَارَفُوهُ مَعْهُودًا مِنْ حُقُوقِ الْأَئِمَّةِ وَمُتَعَلِّقًا بِهِمْ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ: إِقَامَةَ الصَّلَاةِ خَلْفَهُمْ وَأَدَاءَ الزَّكَاةِ إِلَيْهِمْ وَجِهَادَ الْكُفَّارِ مَعَهُمْ، إِلَى مَا يُشْبِهُ هَذَا مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي يَلِيَهَا الْأُمَرَاءُ فَأَمَرَهُ بِطَاعَتِهِمْ فِيهَا ثُمَّ قَالَ: «وَدَعْ مَا تُنْكِرُ» وَهُوَ كُلُّ مَا حَدَثَ بَعْدَهُ مِنَ الْفِتَنِ وَنَشَبَ بَيْنَ بَعْضِ أَصْحَابِهِ مِنَ الْحُرُوبِ وَالتَّنَازُعِ فِي الْمُلْكِ يَقُولُ: إِذَا دَعَوْكَ إِلَى شَيْءٍ مِنْهَا فَدَعْهُمْ وَاعْتَزِلْهُمْ وَلَا تَكُنْ مَعَهُمْ. ثُمَّ قَسَمَ ﷺ لَهُ الْقِسْمَةَ الثَّانِيَةَ الَّتِي هِيَ قَسْمُ أَمْرِ دُنْيَاهُ فَقَالَ ﷺ: «عَلَيْكَ بِأَمْرِ الْخَاصَّةِ» وَهُوَ كُلُّ مَا يَخُصُّهُ وَيَعْنِيهِ وَيَخُصُّ كُلَّ إِنْسَانٍ فِي ذَاتِهِ مِنْ إِعَالَةِ أَهْلِهِ وَسِيَاسَةِ ذَوِيهِ وَالْقِيَامِ لَهُمْ وَالسَّعْيِ فِي مَصَالِحِهِمْ وَنَهَاهُ عَنِ التَّعَرُّضِ لِأَمْرِ الْعَامَّةِ وَالتَّعَاطِي لِسِيَاسَتِهِمْ وَالتَّرَأُّسِ عَلَيْهِمْ وَالتَّوَسُّطِ فِي أُمُورِهِمْ ⦗١٠⦘ فَقَالَ ﷺ: «دَعْ عَنْكَ أَمْرَ الْعَامَّةِ» فَقَدْ نَظَمَ ﷺ الطَّوِيلَ الْعُرَيْضَ مِنْ أَمْرِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ فِي الْقَصِيرِ الْوَجِيزِ مِنْ كَلَامِهِ
1 / 9