احْتَمَلَ وَإِنْ عَرْبَدْتُ عَلَيْهِ لَمْ يَغْضَبْ، فَقَالَ الرَّشِيدُ زَهَّدْتَنِي فِي النُّدَمَاءِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو سُلَيْمَانَ هَذَا مِنَ الْأَعْرَابِيِّ فِي وَزْنِ قَوْلِ بَعْضِهِمْ، وَقَدْ كَانَ لَزِمَ الْمَقَابِرَ فَكَانَ يَغْدُو إِلَيْهَا وَيَرُوحُ وَمَعَهُ دَفْتَرٌ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: لَمْ أَرْ أَسْلَمَ مِنْ وَحْدَةٍ وَلَا أَوْعَظَ مِنْ قَبْرٍ وَلَا جَلِيسًا أَمْتَعَ مِنْ دَفْتَرٍ. قَالَ: وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي نَمَطِ صَنِيعِ الْأَعْرَابِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ شَكْلِ مَا نَسْتَحْسِنُهُ، مَا أَنْشَدَنِيهِ بَعْضُ أَهْلِ الْأَدَبِ لِبَعْضِهِمْ:
[البحر البسيط]
لَمَّا رَأَيْتُ الزَّمَانَ نَكِسًا ... وَلَيْسَ بِالْحِكْمَةِ انْتِفَاعْ
كُلُّ رَئِيسٍ لَهُ مَلَاكٌ ... وَكُلُّ رَأْسٍ لَهُ صُدَاعْ
لَزِمْتُ بَيْتِي وَصُنْتُ عِرْضًا ... بِهِ عَنِ الذِّلَّةِ امْتِنَاعْ
أَشْرَبُ مِمَّا ادَّخَرْتُ رَاحًا ... لَهَا عَلَى رَاحَتِي شُعَاعْ
لِي مِنْ قَوَارِيرِهَا نَدَامَى ... وَمِنْ قَوَاقِيزِهَا سَمَاعْ
وَأَجْتَنِي مِنْ عُقُولِ قَوْمٍ ... قَدْ أَقْفَرَتْ مِنْهُمُ الْبِقَاعُ
وَنُسْخَةُ الشَّيْخِ وَمِمَّا يَقْرُبُ مِنْ هَذَا قَوْلُ بَعْضِهِمْ:
[البحر الطويل]
تَبَيَّنْ هَدَاكَ اللَّهُ وَابْتَغِ صَاحِبًا ... تَقِيًّا وَإِلَّا عِشْ وَصَاحِبُكَ الظِّلُّ
وَلِلْمُتَنَبِّي فِي هَذَا الْمَعْنَى:
[البحر الطويل]
أَجَلُّ مَكَانٍ رُمْتَهُ سَرْجُ سَابِحٍ ... وَخَيْرُ جَلِيسٍ فِي الزَّمَانِ كِتَابُ
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ نَافِعٍ الْخُزَاعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمِّي إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَزْرَقِيُّ قَالَ: " لَمَّا انْصَرَفَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ مِنَ الْحَكَمَيْنِ نَزَلَ مَكَّةَ فَبَنَى سَقِيفَةً مِنْ حِجَارَةٍ عَلَى فُوَّهَةِ شِعْبِ أَبِي الدُّبِّ وَهُنَاكَ مَقْبَرَةٌ فَقَالَ: «أُجَاوِرُ قَوْمًا لَا يَغْدِرُونَ» يَعْنِي أَهْلَ الْقُبُورِ قَالَ: أَبُو سُلَيْمَانَ فَأَمَّا نَهْي النَّبِيِّ ﷺ عَنِ الْهِجْرَةِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ فَإِنَّ الْعُزْلَةَ لَا تَجْرِي مُجْرَاهَا وَلَا تَدْخُلُ فِي مَعْنَاهَا إِنَّمَا الْمَكْرُوهُ مِنَ الْهِجْرَةِ مَا يَدْعُوكَ إِلَيْهِ عَتَبٌ أَوْ مَوْجِدَةٌ وَمَا قَصَدْتَ بِهِ إِلَّا يُحَاشُ لِأَخِيكَ
أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ نَافِعٍ الْخُزَاعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمِّي إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَزْرَقِيُّ قَالَ: " لَمَّا انْصَرَفَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ مِنَ الْحَكَمَيْنِ نَزَلَ مَكَّةَ فَبَنَى سَقِيفَةً مِنْ حِجَارَةٍ عَلَى فُوَّهَةِ شِعْبِ أَبِي الدُّبِّ وَهُنَاكَ مَقْبَرَةٌ فَقَالَ: «أُجَاوِرُ قَوْمًا لَا يَغْدِرُونَ» يَعْنِي أَهْلَ الْقُبُورِ قَالَ: أَبُو سُلَيْمَانَ فَأَمَّا نَهْي النَّبِيِّ ﷺ عَنِ الْهِجْرَةِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ فَإِنَّ الْعُزْلَةَ لَا تَجْرِي مُجْرَاهَا وَلَا تَدْخُلُ فِي مَعْنَاهَا إِنَّمَا الْمَكْرُوهُ مِنَ الْهِجْرَةِ مَا يَدْعُوكَ إِلَيْهِ عَتَبٌ أَوْ مَوْجِدَةٌ وَمَا قَصَدْتَ بِهِ إِلَّا يُحَاشُ لِأَخِيكَ
1 / 21