Куюн Тафасир
عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي
Жанры
[سورة البقرة (2): آية 229]
الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون (229)
قوله (الطلاق مرتان) نزل فيمن كان يطلق زوجته ثم يراجعها مرارا كثيرة مضارة للزوجة «1»، أي الطلاق الذي يملك فيه الزوج الرجعة مرتان، أي مرة بعد مرة وليس المراد الجمع بينهما فان راجعها بعد الرجعة الثانية (فإمساك) أي فالحكم أن يمسكها (بمعروف) أي بما عرف شرعا من الحقوق التي هي الإنفاق عليها وكسوتها وحسن معاشرتها وترك إيذائها، ولا يراجعها لقصد تطويل العدة عليها مضارة لها (أو تسريح بإحسان) أي أن يرسلها من غير قصد سوء بها، قوله (ولا يحل لكم) نزل في جميلة بنت عبد الله بن أبي وزوجها ثابت بن قيس كان يحبها وهي كانت تبغضه فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالت لا أنا ولا ثابت، وكان قد أعطاها حديقة فخلعت من زوجها على أن ترد إليه الحديقة فافتدت بها منه «2»، وهو أول خلع وقع في الإسلام، أي لا يباح لكم أيها الأزواج (أن تأخذوا مما آتيتموهن) أي أعطيتموهن من المهر (شيئا إلا أن يخافا) أي يظن الزوجان منكم أو يعلما «3» (ألا يقيما حدود الله) أي أن لا يحفظا أوامره ونواهيه المعروفة شرعا في حسن الصحة، قيل: محل «أن يخافا» نصب على الحال «4»، أي خائفين، والأصوب فيه أن يقدر المضاف أي إلا زمان خوفهما، ومحل أن لا يقيما) نصب على أنه مفعول «يخافا» (فإن خفتم ألا يقيما) أي إن علمتم أيها الأئمة والحكام أن لا يحفظ الزوجان (حدود الله) المعروفة في إصلاح الزوجية بينهما (فلا جناح) أي لا حرج (عليهما) أي على الزوج فيما أخذ ولا على الزوجية (فيما افتدت به) من المال إذا كان النشوز من قبل المرأة، لأنها ممنوعة عن إتلاف المال بغير حق، أما إذا كان النشوز من قبل الزوج لا يحل له أن يأخذ شيئا مما آتيها لقوله تعالى فلا تأخذوا منه شيئا «5»، ففيه إشعار لجواز الخلع (تلك) أي هذه المذكورات (حدود الله) أي أوامره ونواهية (فلا تعتدوها) أي لا تتجاوزوها «6» (ومن يتعد حدود الله) أي ومن يتجاوز «7» أحكام الله بترك امره ونهيه ولم يعمل بهما (فأولئك هم الظالمون) [229] أي الضارون بأنفسهم، يعني من تجاوز عن الطلاقين والإمساك بالمعروف والتسريح بالإحسان فقد ظلم نفسه واستحق العقوبة.
[سورة البقرة (2): آية 230]
فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون (230)
قوله (فإن طلقها) أي الطلقة الثالثة (فلا تحل) تلك المرأة (له) أي لزوجها (من بعد) أي بعد الطلقة الثالثة (حتى تنكح) أي حتى تتزوج تلك المرأة (زوجا غيره) أي بزوج آخر ويدخل بها وعرف الدخول بالسنة لحديث امرأة رفاعة، فانه طلقها ثلثا فتزوجها عبد الرحمن بن زبير، فأتت النبي عليه السلام، وقالت: طلقني عبد الرحمن فبت طلاقي، وإن ما معه هدبة الثوب، فقال عليه السلام لها: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟
قالت: نعم قال: ليس لك ذلك ما لم تذوقي من عسيلته ويذوق من عسيلتك «8» (فإن طلقها) أي الزوج الثاني (فلا جناح عليهما) أي على الزوج الأول والزوجة بعد انقضاء عدتها (أن يتراجعا) أي يرجع كل واحد منهما إلى صاحبه بتجديد النكاح (إن ظنا) أي علما أو غلب ظنهما (أن يقيما حدود الله) المعروفة في حق الصحبة بين
Страница 113