371

Куюн Тафасир

عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي

Жанры

ابن عباس ثابتة لمجيئها «1» عن كثير من الصحابة، فلا يجوز دفعها وإلا لرجع الطعن إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويجب للطاعن أن يطعن في فهم نفسه لا في الصحابة «2»، وقيل: هي التي تخرج وقتا بعد وقت إلى يوم القيامة «3» (وأشهدهم على أنفسهم) وهذا من باب التمثيل، لأنه تعالى نصب أدلة على وحدانيته، وشهدت بها عقولهم التي جعلها فيهم مميزة بين الضلال والهدى، فكأنه أشهدهم على أنفسهم باقرارهم وقال لهم (ألست بربكم) وكأنهم (قالوا بلى) أنت ربنا (شهدنا) على أنفسنا باقرارنا على وحدانيتك، وباب التمثيل واسع في كلام العرب وفي كلام الله ورسوله كثير لتصوير المعاني المبهمة، وأورد «بلى» دون «نعم» ليثبت إيمانهم بجوابهم، ولو قالوا في الجواب «نعم» لكفروا، ولأن «نعم» لتقرير ما سبق من النفي، و«بلى» إثبات لما بعد النفي كما قدرناه، قوله (أن تقولوا) بالياء والتاء «4» في محل النصب مفعول له لفعل محذوف، تقديره: فعلنا ذلك بهم من نصب الأدلة العقلية الشاهدة على صحة الشهادة والإقرار كراهة أن تقولوا (يوم القيامة إنا كنا عن هذا) الإقرار (غافلين) [172] لم ننبه، فلم يبق لهم حجة علينا.

[سورة الأعراف (7): آية 173]

أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون (173)

قوله (أو تقولوا) عطف على «أن تقولوا»، أي أو فعلنا ذلك بهم كراهة أن يقولوا (إنما أشرك آباؤنا من قبل) أي من قبلنا بنقض العهد (وكنا ذرية من بعدهم) لم نشعر ذلك، وإنما لزمهم الميثاق المأخوذ عليهم وهم في الأصلاب مع نسيانهم إياه لظهور الدلالة على الوحدانية فلم يبق لهم اعتذار بالنسيان وباشراك آبائهم وكونهم من بعدهم، لأنه لا يمكنهم بعد هذا الإقرار أن يقولوا ذلك ولا أن يقولوا (أفتهلكنا بما فعل المبطلون) [173] أي آباؤنا المعرضون عن الحق بالباطل، وهو الإشراك فلا عذر لهم حينئذ.

[سورة الأعراف (7): آية 174]

وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون (174)

(وكذلك) أي مثل ذلك البيان البليغ في أمر الميثاق (نفصل الآيات) أي نبينها لهم ليتعظوا بها (ولعلهم يرجعون) [174] أي وليرجعوا إلى الحق من الباطل بالتوبة.

[سورة الأعراف (7): آية 175]

واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين (175)

ثم أمر نبيه عليه السلام بقوله (واتل عليهم) أي اقرأ على اليهود إن لم يتوبوا بذكر الميثاق (نبأ الذي آتيناه آياتنا) أي أخبر خبر من أعطيناه علم التورية، وهو بلعم بن باعورا من علماء بني إسرائيل من الكنانيين، قيل: «هو الذي دعا على موسى، وكان مستجاب الدعوة، فانقلب دعاؤه عليه واستطال لسانه على صدره» «5» (فانسلخ) أي خرج (منها) أي من الآيات بكفره كما يخرج الحية من جلدها، يعني لم ينتفع بعلمه كالحية بجلدها (فأتبعه الشيطان) أي فصار الجن تابعا له وقرينه فغره (فكان من الغاوين) [175] أي فصار عالم الآيات من الضالين عن طريق الهدى، قيل: هذه الآية أشد آية على العلماء الذين لا يعملون بما يعلمون «6»، لأن علمهم يكون وبالا عليهم.

[سورة الأعراف (7): آية 176]

ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون (176)

ثم قال تعالى في شأن ذلك العالم (ولو شئنا لرفعناه بها) أي لعظمناه بالآيات واثبتناه في منازل الأبرار من العلماء، يعني لو لزم العمل بعلمه بالآيات بعد الإيمان ولم ينسلخ منها لرفعنا درجته في الدنيا والآخرة (ولكنه

Страница 92