Куюн Тафасир

Ахмед Сиваси d. 860 AH
158

Куюн Тафасир

عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي

Жанры

يحزنهم «1» ذلك ويسوء لهم «2» (وإن تصبكم سيئة) أي جدب وهزيمة كيوم أحد (يفرحوا بها) المعنى: أنكم اجتنبوا عن موالاة من هو بهذه الصفات لعدم النفع لكم منهم (وإن تصبروا) على عداوتهم ومشاق الدين (وتتقوا) الله في محارمه (لا يضركم) بضم الضاد والراء بالتشديد من الضرر، و«لا يضركم» بكسر الضاد وجزم الراء «3» من الضير، أي لا يخسركم (كيدهم شيئا) أي مكرهم شيئا من المكاره، وهو إرشاد من الله إلى الاستعانة بالصبر والتقوى على كيد الأعداء (إن الله بما يعملون محيط) [120] أي علمه بأعمالكم من الصبر والتقوى وغيرهما مدرك من كل جانب، والإحاطة إدراك الشيء بكماله، ولما جاء المشركون بأحد ونزلوا فيه لقتال المؤمنين شاوروا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخروج لقتالهم، فأشار بعض الصحابة بالخروج وأشار بعضهم بترك الخروج فخرج عليه السلام إليهم ونزل بالشعب «4» من أحد وجعل يقوم «5» أصحابه كالقدح كي لا يتقدم أحدهم ولا يتأخر، وجعل ظهر عسكره إلى أحد، ثم أمر على الرماة عبد الله بن جبير «6»، وقال: ادفعوهم عنا من ورائنا فنزل بهم ما نزل، فأخبر تعالى عنه لنبيه ليعرف منة الله عليه ويشكره ويصبر على ما يصيبه ويصيب المؤمنين من الأذى عن المشركين والمنافقين بقوله (وإذ غدوت) أي واذكر وقت خرجت «7» بالصباح (من أهلك) أي من عند أهلك من المدينة (تبوئ المؤمنين) أي تنزلهم وتهيئ لهم (مقاعد للقتال) أي مواطن يقفون فيها للمحاربة (والله سميع) لقولك وقولهم (عليم) [121] بنياتكم وأمر الكفار وأبدل من «إذ غدوت» (إذ همت طائفتان) أي قصدت جماعتان (منكم) أي من المؤمنين، وهما بنو سلمة من الخزرج وبنو حارثة من الأوس، كلاهما من الأنصار (أن تفشلا) أي أن تجبنا عن القتال خوفا وترجعا، وذلك لأنه عليه السلام كان قد خرج إلى أحد بألف، وقيل: بتسعمائة وخمسين رجلا «8»، وكان المشركون ثلثة آلاف، فلما بلغوا الشرط رجع عبد الله بن أبي سلول مع ثلثمائة من المنافقين ومن تابعهم فهمت الطائفتان من الأنصار أن يرجعوا معه، فحفظ الله قلوبهم وثبتهم فمضوا مع رسول الله، فأخبر عنه بقوله (والله وليهما) أي حافظ قلوبهما وناصرهما (وعلى الله فليتوكل المؤمنون) [122] وهو أمر بأن يتوكل المؤمن «9» عليه ويفوض أمره إليه، والفاء فيه لجواب الشرط المحذوف، أي إن صعب الأمر فتوكلوا أيها المؤمنون، ولما رجعوا إلى المدينة منهزمين من المشركين بمشية الله تعالى، وتقديره: نزل تذكيرا لهم بمنة الله السابقة عليهم في يوم بدر من الفتح والظفر مع كونهم في حال «10» قلة وذلة.

[سورة آل عمران (3): آية 123]

ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون (123)

(ولقد نصركم الله ببدر) موضع، فيه ماء لرجل اسمه بدر (وأنتم أذلة) أي جماعة قليلة، من الذلة لا من الذل، وهو الهوان لأن المسلمين كانوا ثالثمائة وثلثة عشر رجلا ببدر، والمشركون تسعمائة وخمسين رجلا من المقاتلة (فاتقوا الله) أي اخشوه واعرفوا حق نعمه «11» (لعلكم تشكرون) [123] أي لكي تشكروه ولا تكفروه.

[سورة آل عمران (3): الآيات 124 الى 126]

إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين (124) بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين (125) وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم (126)

قوله (إذ تقول) بدل ثان من «إذ غدوت»، أي اذكر يا محمد إذ تقول يوم بدر (للمؤمنين ألن يكفيكم أن

Страница 177