Куюн Тафасир
عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي
Жанры
الدواة «1» والقلم (فرهان) جمع رهن، وقرئ «رهن» «2» جمعه «3» أيضا، أي فالتوثق رهن (مقبوضة) أي مسلمة إلى المرتهن ولا بد من القبض خلافا لمالك، وإنما شرط السفر في الارتهان مع أن الارتهان لا يختص به سفر دون حضر، لأن السفر لما كان مظنة عدم الكتب والإشهاد أمر بالارتهان ليقوم مقامهما تأكيدا وتوثيقا لحفظ المال «4» (فإن أمن بعضكم بعضا) أي وثق طالب الحق على المطلوب، لأنه علمه أمينا فلم يطلب منه الرهن (فليؤد الذي اؤتمن أمانته) قرئ بسكون الهمز وضمه بمعنى واحد «5»، أي فليقض المطلوب الأمين ما في ذمته من الدين من غير رهن منه (وليتق الله ربه) في أداء الدين من غير مطل.
ثم خاطب الشهود بالتهديد من كتمان الشهادة بقوله (ولا تكتموا الشهادة) إذا دعيتم إلى الحاكم لأدائها على وجهها (ومن يكتمها فإنه آثم) أي فاجر (قلبه) وهو رفع ب «آثم» على الفاعلية، ويجوز كونه مبتدأ و«آثم» خبره، والجملة خبر «إن»، أسند ال «آثم» إلى القلب لما عرف أن إسناد الفعل إلى القلب أبلغ من إسناده إلى الجارحة التي تعمله به، وفيه إشارة إلى أن ذلك من معاظم الذنوب، لأن القلب أصل في أفعال الجوارح، ولأنه محل النيات، فيكون أقوى في الإثم، قيل: المراد به مسخ القلب «6»، عن ابن عباس رحمه الله: «أكبر الكبائر الشرك بالله وشهادة الزور وكتم الشهادة» «7» (والله بما تعملون عليم) [283] من إقامة الشهادة وكتمانها.
[سورة البقرة (2): آية 284]
لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير (284)
قوله (لله ما في السماوات وما في الأرض) أي له الملك كله فيهما وحكمه نافذ في أهلهما، فلا تعبدوا أحدا سواه ولا تعصوه فيما يأمركم وينهاكم، نزل لتأكيد تهديد عباده من العصيان «8» (وإن تبدوا) أي إن تظهروا (ما في أنفسكم) أي في قلوبكم (أو تخفوه) من المعصية ككتمان الشهادة وموالاة المشركين وغيرهما من المناهي (يحاسبكم به الله ) أي يجازيكم به، قيل: لما نزلت هذه الآية شق ذلك على المسلمين مشقة شديدة، وقالوا:
يا رسول الله! إنا لنحدث أنفسنا بالمعصية ولا نعمل بها فنزل قوله «9» «لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت» «10» فنسخت به «11»، قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله تجاوز عن أمتي ما وسوست به أنفسها ما لم يتكلموا أو يعملوا
Страница 139