32

О разрыве связей для размышлений о служении существ

قطع العلائق للتفكر في عبودية الخلائق

Издатель

مركز تأصيل علوم التنزيل للبحوث العلمية والدراسات القرآنية

Номер издания

الأولى

Год публикации

١٤٤٣ هـ

Место издания

القاهرة - مصر

Жанры

ثانيًا: السرُّ في تقديم العبادة على الاستعانة ذكر أهل العلم عدَّة حكم منها (^١): ١ - تَقْدِيمُ الْعِبَادَةِ عَلَى الِاسْتِعَانَةِ فِي الْفَاتِحَةِ مِنْ بَابِ تَقْدِيمِ الْغَايَاتِ عَلَى الْوَسَائِلِ، إِذِ الْعِبَادَةُ غَايَةُ الْعِبَادِ الَّتِي خُلِقُوا لَهَا، وَالِاسْتِعَانَةُ وَسِيلَةٌ إِلَيْهَا. ٢ - وَلِأَنَّ ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ مُتَعَلِّقٌ بِأُلُوهِيَّتِهِ وَاسْمِهِ (اللَّهِ)، ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ مُتَعَلِّقٌ بِرُبُوبِيَّتِهِ وَاسْمِهِ (الرَّبِّ)، فَقَدَّمَ ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ عَلَى إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ، كَمَا قَدَّمَ اسْمَ (اللَّهِ) عَلَى (الرَّبِّ) فِي أَوَّلِ الْسُورَةِ. ٣ - وَلِأَنَّ الْعِبَادَةَ الْمُطْلَقَةَ تَتَضَمَّنُ الِاسْتِعَانَةُ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ، فَكُلُّ عَابِدٍ لِلَّهِ عُبُودِيَّةً تَامَّةً مُسْتَعِينٌ بِهِ وَلَا يَنْعَكِسُ، لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَغْرَاضِ وَالشَّهَوَاتِ قَدْ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى شَهَوَاتِهِ، فَكَانَتِ الْعِبَادَةُ أَكْمَلَ وَأَتَمَّ. ٤ - وَلِأَنَّ الِاسْتِعَانَةَ جُزْءٌ مِنِ الْعِبَادَةِ مِنْ غَيْرٍ عَكْسٍ (^٢). ٥ - وَلِأَنَّ الِاسْتِعَانَةَ طَلَبٌ مِنْهُ، وَالْعِبَادَةَ طَلَبٌ لَهُ. ٦ - وَلِأَنَّ الْعِبَادَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا مِنْ مُخْلِصٍ، وَالِاسْتِعَانَةَ تَكُونُ مِنْ مُخْلِصٍ وَمِنْ غَيْرِ مُخْلِصٍ. ثالثًا: السرُّ في إعادة العامل (إيَّاك) وعدمِ الاكتفاء بالعطف التَّكرارُ يفيد التَّنْصيصَ على حصرِ الاستعانة به كذلك مثلَ العبادة، فلو اقتصرنا على ضمير واحد (إيَّاك نعبد ونستعين) لم يفهم حصر المستعان إنَّما حصْرُ المعبود فقط. ففِي إِعَادَةِ (إِيَّاكَ) مَرَّةً أُخْرَى دَلَالَةٌ عَلَى تَعَلُّقِ هَذِهِ الْأُمُورِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْفِعْلَيْنِ، فَفِي إِعَادَةِ الضَّمِيرِ مِنْ قُوَّةِ الِاقْتِضَاءِ لِذَلِكَ مَا لَيْسَ فِي حَذْفِهِ، فَإِذَا قُلْتَ لِمَلِكٍ مَثَلًا: (إِيَّاكَ أُحِبُّ، وَإِيَّاكَ أَخَافُ)، كَانَ فِيهِ مِنَ اخْتِصَاصِ الْحُبِّ وَالْخَوْفِ بِذَاتِهِ وَالِاهْتِمَامِ بِذِكْرِهِ،

(^١) مدارج السَّالكين (١/ ٩٧). (^٢) - قال شيخ الإسلام ﵀: (والتَّوَكُّل هُوَ الِاسْتِعَانَة وَهِي من عبَادَة الله لَكِن خصّت بِالذكر ليقصدها المتعبد بخصوصها فَإِنَّهَا هِيَ العون على سَائِر أَنْوَاع الْعِبَادَة إِذْ هُوَ سُبْحَانَهُ لَا يُعبد إِلَّا بمعونته). العبودية (٧٥).

1 / 30